التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:00:34 غرينتش


تاريخ الإضافة : 07.02.2010 15:50:34

ولد أعبيدي: يجب تكريس القانون الحديث بدل اعتماد النسخة المحلية من الفقه المالكي

مبادرة المقاومة من أجل الإنعتاق


لنتماسك
بعد ما يناهز الخمسين سنة من عمر الدولة الموريتانية والطبقة السياسية بمختلف خلفياتها القومية والإسلامية والليبرالية والاشتراكية تستغل مواقعها بصفة عامة للتعبير عن أنماط أو أشكال متعددة لغاية واحدة تهدف من ورائها إلى تقوية و استمرارية نظام اجتماعي عنصري و استعبادي ذات طابع مؤسساتي إقصائي.

ومع قلة الحركات والأحزاب السياسية الموريتانية التي كانت قد آلت على نفسها القيام بمهام النضال ضد أشكال العنصرية والعبودية اللتين ترزح تحت نيرهما مجموعات الأفارقة الموريتانيين وشريحة الحراطين (العبيد والعبيد السابقين في موريتانيا) الوافرة؛ ويسجل التاريخ السبق الذي قادته حركة الحر (منظمة تحرير وإنعتاق العبيد والعبيد السابقين في موريتانيا) إلى ذلك وحركة أفلام (جبهة تحرير أفارقة موريتانيا)، ومن بعد ذلك اضطلاع التحالف الشعبي التقدمي والتحالف من أجل العدالة والديمقراطية/حركة التجديد بدور ريادي في مجالات مناهضة وفضح تلك الممارسات.

إلا أن هذه التنظيمات وخلال هذه الآونة تشهد بعض الوهن إن لم نقل الشك في مآلات النضال وبخاصة لدى (حركة أفلام) وهو ما يتبدى أكثر لدى غريمها المراجع (التحالف من أجل العدالة والديمقراطية/ حركة التجديد) بالإضافة إلى باقي التنظيمات التي تعيش حاليا تصدعات داخلية ظاهرة تتزامن مع تدشينها لمرحلة من الغياب عن جبهات التنديد والمواجهة مع المؤسسة المجتمعية التقليدية و الوقوف ضد مختلف أشكال الاستعباد والتمييز المؤسسين إلى يومنا هذا للدولة الموريتانية ونعني بذلك (الحر والتحالف الشعبي التقدمي)، وهي سابقة أولى من نوعها سواء على نطاق الذود عن المبادئ والأفكار والتشبث بها رغم المحن والمضايقات أو المجاهرة بالرفض لكل الممارسات الآنف ذكرها والسارية طوال عمر الدولة الموريتانية.
إننا نأسف لهؤلاء حين ما عاد لهم من ذكر فاعل غير الاقتصار ومنذ فترة على مناوئة الانقلابات العسكرية التي جرت وكان آخرها إنقلاب الــ06 من أغسطس 2008 وتارة الخروج الجماهيري للتفاعل والتنديد ضد الإعتداءات الإسرائيلية على غزة خلال يناير 2009 وأخيرا تكريس خبراتها النضالية للتضامن مع ضحايا "حملة النظام ضد الفساد"، فنحن في هذه المبادرة بصفتنا سندا لمن لهم علينا أسبقية في النضال كما أن لهم يد لا تنسى عند جميع ضحايا الظلم في هذا البلد وعشاق الحرية والمساواة نوجه لهم نداء من اجل لفتة في هذا الظرف إلى القضية أو القضايا التي أسسوا على أساسها تنظيماتهم بدل انخراطهم في لعبة سياسية تملك المجموعة المتغلبة مفاتيحها كلية.
فنحن نعتبر أن هذا الانخراط اللامشروط بقضايا تخص القطبية المحتدمة بين المجموعة المتغلبة وهذا التضامن اللامحدود كان من الواجب توسيعه بصفة علنية ورسمية ليطال مضمونه الممارسات العنصرية البدائية الشائعة داخل الأوساط الاجتماعية والسياسية والثقافية والتمييز بشتى أشكاله وألوانه وعلى كامل أصعدة ومجالات الحياة؛ و باعتبار هاتين الظاهرتين الصارختين لا تزال ممارستها متفشية وبشكل ملموس داخل الوظيفة العمومية وأسلاك الدولة الموريتانية منذ النشأة وحتى يومنا هذا، كما كان يجدر بهم توسيع هذه النضالات و استثمار رصيدهم النضالي لحث طبقتنا السياسية لأجل المساهمة في المجهود الحقوقي الهادف إلى إيقاف الحملات الممنهجة على صعيد نزع الملكيات العقارية ذي الطابع العنصري والعبودي مع ضرورة أن تشمل أيضا هذه التنديدات الممارسات الاستعبادية الواسعة الانتشار، وما يصاحب تعاطي السلطات القضائية والإدارية مع القضايا معها من تمرير منهج الإفلات من العقوبة، وكان حريا بهذه النخبة السياسية إعادة الانتباه من جديد لما توفره السلطات الموريتانية للمجموعات القبلية والعشائرية المترفة والمؤسس نمط عيشها على الاستعباد والقهر والاستفراد بالمال العام.

نرى أن النظام الحالي وهو يمثل الامتداد الأمين لسابقيه يسعى لتكريس نمط إقصائي مبني على التابوهات الاجتماعية ونظام الخطوط الحمراء حيال جميع أشكال العمل والتحليل الاجتماعي الرامي إلى إحداث التغيير الحقيقي والمنشود تسريع الحصول عليه بدون مساومة ضد المتشبثين بالعبودية والعنصرية والفوقية كنمط فريد للحكم، وليس هناك مؤشر يقدر مدى مساهمة التشكيلات السياسية والمنظمات المدنية غير ضرب هذه الحواجز والخطوط الحمراء من العمق وإلا فإنها ستبقى قابعة في لعب دور المشرع للديمقراطية المزيفة باعتباره مكملا لديكوراتها من أجل تبرير جميع أشكال الظلم والاستبداد القائم في هذا البلد.

و في هذا اليوم تقدم مبادرة المقاومة من أجل الإنعتاق لوسائل الإعلام وللرأيين الوطني والدولي عدة حالات خطيرة مرتبطة بالإنتهاكات المتواصلة لحقوق المواطنين، وتعشش على ملفاتها علامات أكيدة بحصول التمييز على أساس مجاميع الحيف التقليدية، وهو ما يتعلق بالحقوق الجوهرية للكائن البشري؛ ألا وهي تحقيق العدالة ونفاذ المتقاضين إلى نظام قضائي مدني وموحد وخال من تناقضات النصوص والقوانين وخاصة ما يتعلق منها بالمعاملات والعقوبات الجنائية ومدونة الأحوال الشخصية، وما يرتبط بذلك من أحكام ذات منشأ غير مدني كالجلد والحكم بالإعدام أو قطع اليد وكلها قد تدخل في دائرة ما يخص النسخة المحلية من الفقه المالكي المطوع من طرف نظام وعقل الفئة الواحدة.

ومن الشائع إنزال العقوبات على بعض السجناء كحد الجلد أو القصاص إلى غير ذلك من الأحكام التي تواصل السلطات القضائية الموريتانية النطق بها والنتيجة هي أن السجين يبقى داخل السجن دون تطبيق الحكم عليه أو حصوله على حكم بديل إذ أن القضاء يواصل سياسته التقليدية من حيث إنزال العقوبة على أساس الأحكام الشرعية دون تطبيقها، ومن خلال هذه السانحة فإن المبادرة من أجل الإنعتاق توجه نداء للأحزاب السياسية والمنظمات المدنية المستنيرة في هذا البلد لتكثف من مجهوداتها لأجل تكريس العمل بالقانون المدني الحديث في دوائر المحاكم الموريتانية بدل اعتماد النسخة المحلية من نصوص الفقه المالكي التي لا تزال رهينة من حيث التأويل والتفسير بيد المجموعات المتغلبة، ولأن النظام السياسي القائم ليس أهلا لتطبيق الشريعة الإسلامية التي ينبغي أن لا تستغل لمزايداته السياسية، كما أن الدول الأكثر حداثة في عصرنا الحالي قد خطت خطوات كبيرة في مجال تكريس مبدأ الفصل بين الدين والقضاء.

نواكشوط، في 06/02/2010


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!