التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:00:31 غرينتش


تاريخ الإضافة : 08.02.2010 15:37:21

تقرير نقيب المحامين 2010 ينتقد وضعية القضاء في موريتانيا

نص التقرير:
يشكل التعامل مع القضاء اليوم بدون شك خطأ إستراتيجيا لا أنصح أي شخص بخوض مغامرته في أيامنا هذه.
وكان من الأفضل لحنفي والآخرين أن يأتوا قبل الآن (فعلى الرغم من انتقاداتنا نلاحظ، وبعد فوات الأوان، أن نظامنا القضائي لم يكن سيئا للغاية في السنوات الأخيرة) أو في وقت لاحق عندما يكون قضاتنا مثل القضاة السنغاليين منتظمين في نقابة قوية تحميهم وغير خاضعين للضغط ولا لسلاح مصاريف القضاء الجنائي ولا لشبح التحويل.
لقد امتاز الفصل الماضي بتراجع على مستوى القضاء ويبدو جليا أن الاتجاه يسير نحو الانخفاض.
1/ مكانة المحامي
نعيش في النظام القضائي الحالي تراجعا على نحو جائر أكثر فأكثر ومثيرا للقلق بشكل متزايد وعلى أساس تعسفي بشكل واضح.
ومع ذلك يعتبر دور المحامي واحدا من أسس النظام القضائي.
يعترف للمحامي اليوم بأنه واحد من أعوان القضاء بكل معنى الكلمة، حيث أن العون هو الذي يساعد ويقدم مساهمته. هكذا يساهم المحامي مساهمة كاملة في العملية القضائية التي يجب أن تؤدي، من حيث المبدأ، إلى إعادة الأمور إلى حالة من الانسجام بعد المحاكمة التي تستجيب للشعور بالعدالة الذي يعبر عنها المواطنون، كما يشارك المحامي في حسن سير المرفق العمومي المتمثل في القضاء.
قبل بضعة أيام قام رئيس المحكمة في الجلسة بتمزيق رسالة انتداب أحد المحامين بحجة أنها لم تقدم على ورقة رأسية مع أن القانون لا ينص على أي شكل معين والشخص المعني الذي حرم من محاميه، بهذه الذريعة، قد حوكم وحكم عليه بثلاث سنوات من الحبس النافذ.

وقبل بضعة أيام كذلك طلب رئيس المحكمة في جلسة من محام يرتدي زيه أن يقدم له بطاقته المهنية بحضور بعض أعضاء مجلس هيئة المحامين.
منع بعض المحامين من دخول قصر العدالة ولا يزال بريد هيئة المحامين محظورا في كتابة النيابة العامة، الشيء الذي يشكل احتقارا لأبسط قواعد سير المرفق العام للقضاء.
وعلى الرغم من الأحكام الواضحة في قانون الإجراءات الجنائية، فإن المحامين الذين طالبوا مؤخرا، بشكل كتابي، زيارة موكليهم الموجودين رهن الحراسة النظرية لم يستحقوا ولو مجرد رد من وكيل الجمهورية. لم تعد حقوق الدفاع جزءا من مصطلحاتنا.
لقد انفصم التوازن الآن أكثر من أي وقت مضى بين الدفاع والادعاء.
من يؤمن بأننا لا نزال في الفترة التي يرافع فيها المحامون ويغيرون مجرى الأمور بفضل مواهبهم ؟
هل يوجد أحد لا يزال يؤمن بأن النيابة العامة ليست سوى طرفا في المحاكمة، تخسر هنا وتكسب هناك وتقدم حججها كباقي الأطراف الأخرى التي تخضع لنفس الصرامة في المحاكمة الجنائية؟ من الواضح، خلافا لكل منطق وخرقا لجميع النصوص أن النيابة هي التي تسير المحاكمة الجنائية.
2 / الضغط على القضاة وتحويل القضاء إلى أداة
يجب أولا أن نبدأ من الافتراض بأن لكل سلطة ميل طبيعي ودائم إلى توسيع صلاحياتها الخاصة على حساب صلاحيات السلطات الأخرى التشريعية والقضائية.
ويتطلب ضمان هذا التوازن يقظة دائمة.
إن فصل القضاء يعني ممارسة السلطة ويجب على القضاة أن لا يتأثروا في قراراتهم بمعايير لا علاقة لها بالتطبيق العادل للقانون. وفعلا في دولة القانون، تتمثل وظيفة القضاة الرئيسية، إن لم تكن الحصرية، في تطبيق قواعد عامة على حالات محددة. إن هذه الوظيفة أساسية وغير قابلة للتصرف. ويشكل المساس بها تدخلا غير مقبول في استقلالية الوظيفة القضائية.
وللأسف يواجه قضاتنا هذا التدخل يوميا الآن.
استدعي قاضي التحقيق في منتصف الليل لإصدار مذكرة إيداع وأصدرها.
استدعي رئيس غرفة الاتهام عند الساعة 8 مساء لتحويل مذكرة إيداع إلى مراقبة قضائية وقام بذلك.
طلب من الغرفة الجنائية بالمحكمة العليا عقد جلسة مستعجلة في قضية حنفي فنفذت ذلك فورا خارقة الأشكال الإجرائية التي يطلبها القانون في هذا المجال، حيث بتت، قبل أن يقدم الدفاع مذكرته في حين انه لا يزال في الآجال القانونية.
إن هذه مسألة خطيرة سيما وأن القاضي ملزم بموجب أحكام ديباجة قانون الإجراءات الجنائية أن يفرض مبدأ الحضورية.
إن محكمة الإحالة تندرج في منطق النيابة وعلى هذا الأساس تم تشكيلها بدون شك.
لم نسجل خلال الآونة الأخيرة قرارا قضائيا واحدا يخالف طلبات النيابة. إن مثل هذه المصادفات المتكررة تحمل على الاعتقاد بأن القانون لم يعد له معنى وأن النصوص قد فقدت بعدها وأن القاضي لا سلطة له.
ونشاهد على نحو متزايد حلول الأمر الأعلى الموجه إلى القاضي محل قناعة القاضي العميقة.
وكثيرة هي الأمثلة التي تجعلنا الآن نعتبر بأن الفترة التي كانت فيها القرارات النهائية الحاصلة على قوة الشيء المقضي تطبق تلقائيا قد انتهت، حيث يطبق قرار القضاء اليوم على التوالي فقط إذا قررت النيابة ذلك، وفي هذه الحالة فإن القضاء موجود هناك لوضع الشكليات وتسوية القرارات المتخذة خارج القضاء.
وتحمل جميع المؤشرات على الاعتقاد بأن القرارات تتم خارج القضاء سواء تلك المتعلقة بالمتابعة أو المتعلقة بإطلاق سراح حسب الاقتضاء وأن الآليات غير القضائية تظهر بشكل متزايد ومواز، أو بالأحرى كبديل للإجراءات القضائية.
وهذا أمر مثير للقلق.
3 / القمع الشامل
تؤكد عدة أمثلة في الأسابيع الأخيرة سياسة القمع الشامل، نذكر منها مثالا واحدا من بين عشرات، حيث حكم في انواذيبو على سيد فقير بسنتين من الحبس النافذ بسبب هاتف قديم من نوع نوكيا قيمته 9.000 أوقية.
ومن البديهي أن الفترة التي كانت تمنح فيها الحرية المؤقتة عند استيفاء الشروط ويطلق فيها السراح عند منح تلك الحرية قد صارت في خبر كان وكذا الفترة التي يطلق فيها سراح المدانين الذين قضوا مدة عقوبتهم كما يقتضيه القانون.
ومنذ بضعة أشهر انتهى الإفراج المشروط لأن التحرير نفسه لم يعد جزءا من قاموسنا.
لم يعد لافتراض البراءة وحقوق الدفاع معنى في نظامنا الظالم أكثر فأكثر وغير المنصف على نحو متزايد، في وقت يعترف فيه بحقوق الدفاع بوصفها واحدا من عناصر دولة القانون.
4 / السجن
لا أرى حتى الآن أي تحسن ملحوظ منذ تقريري الأخير حول سجن دار النعيم حيث مفارقة تتمثل في رنين الأصوات ولكن أيضا الصمت وخاصة النسيان العميق خاصة للأشخاص الذين زرتهم مؤخرا والذين ينتظرون قاضيا لن يذكر بهم أبدا أو ينتظرون ملفا ضائعا أو استئنافا لن يبت فيه أبدا وحبسا احتياطيا يمدد بفترة 3 أو 4 أو 6 سنوات أو حكم عليهم على عجل من دون دفاع أو ببساطة أولئك الذين انتهت مدة عقوبتهم.
5 / اختلال سير المرفق العام للقضاء
هناك نقطة توقف لا يتمكن أحد من فهمها: فالقضاة لم يعودوا يتقدمون في 31 ديسمبر ولم يعد للوزير سلطة على النيابة ولم يعد رئيس المحكمة العليا يترأس إلا جزءا منها والمفتشية طريحة الفراش، مرغمة على التقاعد المبكر. لقد بلغ الاختلال درجة لا يمكن معها الحكم بالعدل في هذه الظرفية.
إن هيئة المحامين التي يمكن أن تشكل عامل موازنة يعتبر مثيرة للشغب. بل تطلب الكثير وتطالب بالحكامة القضائية، إنها غير منضبطة وهي عبارة سمعتها في الآونة الأخيرة.
لكن هيئة المحامين قد اقتصرت على إدانة هذا التعسف الذي يسود تدريجيا في نظامنا القضائي والذي يقلص دور القاضي وبالتالي دور المحامي في الإجراءات القضائية إلى دور ممثل صامت، أي دور ثانوي.
حاولنا كل شيء: الدبلوماسية واليد الممدودة واللباقة والمرونة والصرامة والمواجهة، لا جدوى أمام التعسف الذي يسيطر ويسود وقد كنا واضحين في هذا المجال لا تنازلات تنتظر من قبلنا وحول كل شيء آخر نحن مرنون.
أعطي شهادتي كخاتمة: يتراجع القضاء بنسب مقلقة، حيث تدار المحاكمة الجنائية من قبل النيابة العامة التي تمثل السلطة التنفيذية، الشيئ الذي يجعلنا نخلص بوضوح إلى تحويل القضاء إلى أداة وغياب فصل حقيقي للسلطات في موريتانيا.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!