التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:21:39 غرينتش


تاريخ الإضافة : 06.03.2008 17:08:48

والليل إذ أدبر

كاتب المقال / السيد اعل ولد أصنيب

كاتب المقال / السيد اعل ولد أصنيب

إن التقاء رجال ونساء أوفياء للقضية الوطنية، ويحملون مشروعا سياسيا يتيح بديلا ذا مصداقية، يمكن – من الناحية النظرية- أن يقود إلي إرساء إطار للعمل المنظم .
وحينما يحدد هذا المشروع السياسي لنفسه أهدافا ذات أولوية، في سد الحاجيات الأساسية لمواطنيهم، ونشر العدالة الاجتماعية بينهم، وإعادة البلد إلي طريقة سير أفضل، يمكن عند ذالك القول إنهم أسسوا حزبا حقيقيا. وفي المقابل، إذا تجمعت قبائل من أجل تسيير الدولة، وحماية مصالحها الذاتية، فإنها تتحول- بكل بساطة- إلي” لويا جوركا " جديرة بأفغانستان العاجزة ديمقراطيا والمنتجة للانتماءات الضيقة الغابرة..
وحين تبرم مجموعة من الأشخاص عهدا من أجل نهب الدولة والتلاعب بقوانين الجمهورية، فإنها توصف- وفق الاصطلاح البوليسي- بأنها عصابة الجريمة الاقتصادية.
فأين موقع العهد الوطني للديمقراطية و التنمية )عادل( بين كل هذه الاحتمالات ؟
إن حزب”عادل" الذي أطلقناه مؤخرا، منذ بضعة أسابيع، يتشكل من طيف واسع بحجم طائر النورس.
فهناك، من بيننا، من يسعون لإعادة ممارسات النظام المخلوع يوم 3 أغسطس 2005، خاصة من يحنون لنظام ولد الطايع، الذين يريدون اختزال الدولة في مجرد إقطاع.. كبقرة لاتصلح لسوي أن تحلب، دون أي اهتمام حتى بصحتها أو بمصير عجولها. إنهم يحلمون بإمكانية تقاسم موارد البلد الشحيحة في ما بينهم، وإلا بإعادة تشغيل خشبة الأوراق المالية. وتدعي هذه الفئة أنه لايمكن تجاوزها في معاقلها الانتخابية.
وهنالك من يبحثون عن الاقتراب من السلطة، من أجل حماية أنفسهم، وضمان صعود مستواهم الاجتماعي.. وما أكثرهم..
هنالك من لا نراهم.. يجلسون مرتاحين خلف الستار، ويفعلون كل شيء لوأد أية إرادة التغيير، وشل نشاط دعاة التجديد.
وأخيرا هناك من راهنوا علي الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله، من اجل فتح الطريق لديمقراطية هادئة، حقيقية ومستديمة، ومدعومة بإضفاء الأخلاق الحميدة علي تسيير الشؤون العامة، ولو تطلب ذالك أن تأخذ هذه العملية وقتا.
غير أن أبطال” بقاء الوضع علي حاله″ دخلوا بوزن ثقيل، فسارت الأمور وفق أجندة خاصة ..
وفي مواجهة هؤلاء، يجب علينا، نحن مؤسسي ”العهد“ - بل و كافة الموريتانيين- الحريصين علي المصلحة العامة، عمل كل شيء لئلا يكون حزبنا عملاقا بأرجل من الخزف: حزبا يبدو بمظهر صلب؛ ولكنه ذو تكوين هش.. حزبنا جمهوريا ديمقراطيا اجتماعيا، في صيغة معادة، منشطا ومحفزا بفعل الحضور الساحق لرموزه داخل جميع مفاصل الدولة.

لقد عانت موريتانيا دائما من إفلاس نخبها ومن عدوانية مخربي مشاريع المجتمع. واليوم هي بحاجة للنصح، بالنظر إلي كثرة التحديات المرتبطة بتنامي غياب الأمن والارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية، وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن.. و البطالة التي تطال- بشكل متزايد – مختلف فئات الأطر، وفقدان المعالم والقيم في مجتمع يعيش تحولا كاملا..

وحده عهد وطني للديمقراطية والتنمية، متزن المكونات، يراعي التوازنات في داخله بين قوي التغيير، وقوي الخمول، يمكنه احتواء الأزمة متعددة الأشكال التي نعيشها في هذه الفترة من القحط. يشكل التمسك بسياسيين يعيشون خارج زمنهم، تعرض بعضهم لهزائم نكراء في معاقلهم الانتخابية المزعومة، تعنتا عقيما وارتهانا لمستقبل هذه التشكلة ، مع أنها ضرورية لرئيس الجمهورية لتضمن إنجاز مشروعه الطموح لموريتانيا ..
إن الوقائع – كما تمر أمام أعيننا- تهدد بإحداث حالات انسداد وإحباطات، تقود بدورها إلي حالات استياء، قد تتجلي بصورة عنيفة.
وقد يكون مثل هذا التصور مأساويا في الظرفية الراهنة.. لذا فمن الضروري بروز رؤية سياسية، وسلوك جديد لاتقاء الأسوأ.

ويصبح الحذر إلزاميا، لأن الموسوسين قد بدؤوا عملهم بالفعل. وهم يشعلون النار بأي وقود.. إنهم يحرضون بعضنا ضد بعضنا الآخر: العرب ضد الزنوج، المحاربون ضد الزوايا، الحرس القديم ضد الشباب..
والأدهى من ذالك ان الذين يوسوسون للنظام السابق يوهمون الرئيس سيدي أن خصوم ولد الطايع هم جميعا خصومه.
لكل هذه الأسباب، يجب أن لايكون التغيير الذي وعد به المرشح سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله ، مجرد مظهر: التغيير من أجل أن لايتغير شيء..
لقد آن لنا أن نردد معا قول الله تعالي:﴿ والليل إذا أدبر﴾..



Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!