التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:15:36 غرينتش


تاريخ الإضافة : 03.03.2010 18:56:30

أحمد ولد داداه: نعيش فترة غير واضحة المعالم غير واضحة الاتجاه

زعيم المعارضة  الموريتانية احمد ولد داداه

زعيم المعارضة الموريتانية احمد ولد داداه

يلقي السياسي المخضرم زعيم المعارضة الديمقراطية بوجهة نظره دون أن يكترث لأثرها، لا يهمه مدى التعاطف الذي تحظى به آراؤه لدى محدثيه بقدرما يهمه أن يرسل رسائله السياسية "إلى كل من يهمه الأمر". ما تزال صفة الرفض تطالع محدثه فهو يرفض التنازل عما يعتبره حقا، مقابل استعداد، مصرح به، للعودة "إلى الحق"، وهو يرفض الواقع القائم دون امتناع عن "التعامل معه" من منطلق الواقعية السياسية.. مرة أخرى يرفض أن يلعب دور المؤرخ بالحكم على الأنظمة التي عارضها وهو يرفض أن يكون "الطموح للسلطة عيبا", ويستمر الرفض بالزعيم المناضل حتى يرفض مجرد تذكر لقاءاته مع رئيس "السلطة القائمة في البلاد" كما يحب ان يسميه.
ينظر إلى موريتانيا بعقلية الستيني الذي عاصر ميلاد الدولة شابا مقبلا على الحياة (ولد سنة 1942)، وترقى في عليا مناصبها الاقتصادية والمالية قبل أن يغادرها بعد الانقلاب على أخيه الرئيس المؤسس.

يرد الرئيس أحمد ولد داداه رئيس تكتل القوى الديمقراطية على أسئلة راكمتها الأخبار عن السياسة الموريتانية وأوضاع البلد، بأريحية أصيلة، دون أن يقبل الانجرار إلى التجريح أو النيل ممن كانوا خصوما في السياسة.

عرفت موريتانيا أحمد ولد داداه سياسيا معارضا بعد عودته إليها مطلع تسعينيات القرن الماضي، فهو السياسي الموريتاني الوحيد ربما الذي عارض كل الأنظمة على مدى عشرين سنة الماضية، وما يزال في جعبته بعض من معارضة.
ما زال محافظا على منصبه زعيما للمعارضة (لكونه يقود الحزب المعارض الأكثر تمثيلا في البرلمان) رغم تراجعه إلى الموقع الثالث خلف رئيس البرلمان مسعود ولد بلخير خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت في الثامن عشر من يوليو 2009.
عند سؤاله عن المشاعر يتحدث بالأفكار مما يعني أنه يخوض السياسة بعقله. أحمد ولد داداه فتح للأخبار قلبه ومكتبه، بعد فترة من المطالبة، وأجاب على أسئلتها دون حرج فكانت هذه المقابلة.


الأخبار: نود أن نستمع إلى مجمل تقويمكم للأوضاع الحالية في البلاد؟
أحمد ولد داداه: البلاد يمكن القول بأنها بعد الانتخابات الماضية أو ما جرى قبل سنة لم تنتهج النهج المطلوب لحد الآن، فلم يتبلور بالنسبة للكثيرين الاتجاه السياسي الذي تسير عليه، هل هو اتجاه الديمقراطية أم اتجاه الدكتاتورية بمفهومها التقليدي، كما ظهرت في الساحة عدة أسئلة أولها ما هو توجه موريتانيا الإقليمي والدولي في الوقت الحالي، ما هي سياستها الاقتصادية، هل لها فعلا دور توجيهي وتأطيري ورقابي، هل هناك ليبرالية ثم ما هي قواعد هذه الليبرالية، وما هي علاقتها ومع من تكون هذه العلاقة، كذلك من الناحية الاجتماعية كثر التلويح بالإصلاح وبالتعاطف مع الفقراء والمستضعفين، لكنه لم يتبلور هو الآخر.الحقيقة أن الوقت يمضي من دون أن ينتظر أحدا أو يرحمه، والناس ينتظرون الإنجازات.الآن بعد سنة من حصول الانتخابات أو شبه الانتخابات، هذا هو ما يمكن أن أقوله هناك عدم استقرار في النفوس وعدم انطلاقة. وأيضا علاقاتنا الإقليمية مع الجيران توحي بوجود علاقة أحيانا غير ودية وأحيانا غير متوازنة بين الجيران هذا في معظم الحالات، وما أشعر به عموما أننا في مرحلة غير واضحة المعالم وغير واضحة الاتجاه، ويمكن تلخيص هذا كله بأن حالتنا متعثرة.


الأخبار: يقول البعض إن النظام الحالي يتمتع بالاستقرار وأيضا بعوامل بقاء، كمعارضة هل هذا صحيح؟ و ما هي نقاط الضعف في النظام؟

أحمد ولد داداه: دائما أتمنى للبلاد الاستقرار لأنه الأفضل، فبدون الاستقرار يصعب بناء الدولة وانطلاق مشروع تنموي، ولكن ما يبدو لي، وما سمعته من الكثيرين هو أننا في حالة غير واضحة، وأيضا محاور العمل السياسي غير واضحة ونرجو أن تتضح فيما بعد.

الأخبار: بعد مؤتمركم الصحفي الأخير، الأغلبية قالت إنكم تتنكرون للإنجازات الكبرى وتمارسون المزايدة السياسية وخدمة الأجنبي وأن كثيرا من مطالبكم التاريخية تحققت، وبالتالي أصبحت معارضتكم عدمية ربما إشارة إلى الملف الإنساني أو العلاقة مع إسرائيل وأنكم لا تطمحون إلا إلى الوصول إلى السلطة مارأيك؟
أحمد ولد داداه: لقد بشرتموني بأن مطالبي كلها قد تحققت، لكني أؤكد لكم أنه لو كان هذا تقييمي للواقع لما بقيت في المعارضة، لقد بقيت منضويا في المناضلين الموريتانيين الذين يعرفون كيف يديرون مصالح البلد ويؤثرونها على أنفسهم، ثم إنه لا شك أن نضالهم جنب موريتانيا انزلاقات، بل ربما فتنا وحروبا أهلية لأنه عندما تنسد جميع المنافذ بالنسبة للحقوق وبالنسبة للعدل يخشى أن تحصل انفجارات أو انزلاقات، وأرى أن المعارضة طيلة عشرين سنة كان دورها قويا وخطها واضحا، حيث كان لصالح البلد، وجنبه الكثير من الانزلاقات التي لا تحمد عقباها.
أما أنني أطمح للسلطة فهذا ليس منكرا فأي سياسي ذو شان يطمح للسلطة، السؤال هو هل لديه برنامج يطبقه؟ هل ماضيه الشخصي يوحي بأنه إذا حصل على السلطة سيكون لصالح البلد؟ وهل البرنامج الذي يطبقه سيكون لصالح البلد، أما أن الشخص يطمح للسلطة فهذا لا معنى له، فعلا لا يوجد طالب عسكري إلا ويطمح في أن يكون جنرالا ولا سياسي إلا يطمح للسلطة، فمسار الإنسان في الماضي يؤخذ بعين الاعتبار فأنا تبوأت مناصب كثيرة منفعية ولو كنت أريد المال لكان بإمكاني أن أبقى في البنك الدولي مثلا، كما كنت مديرا لشركة سونمكس وكنت محافظا للبنك المركزي، ولم أهتم بجمع المال، ولا تحايلت على الأموال العمومية، ولا أظن أنني عملت شيئا على حساب مسؤوليتي أو المؤسسات التي كنت أديرها، وهذا هو المهم أما كوني أطمح للسلطة فهذا صحيح، ولكن من أجل برنامج من أجل مستقبل بلد أحبه وأومن به، وأظن أن هناك الكثير من العبقريات والمؤهلات التي لو وجدت المسؤوليات المناسبة لتغيرت الأمور بصورة ملحوظة ولصالح الجميع.

المولد
ولد أحمد ولد داداه في 7 أغسطس/ آب 1942 بمدينة بوتلميت.

الدراسة
حصل على ليسانس في الاقتصاد من جامعة السوربون في باريس سنة 1967،
ودبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد جامعة دكار، وهو يجيد اللغة العربية والفرنسية والإنجليزية.

الوظائف
تقلد عدة وظائف في موريتانيا وخارجها، منها:

مستشار اقتصادي ومالي للرئيس الموريتاني من 1967 إلى 1968.
أمين تنفيذي لمنظمة استثمار نهر السنغال من 1968 إلى 1971.
مدير عام شركة الاستيراد والتصدير (سونمكس) من 1971 إلى 1973.
محافظ البنك المركزي الموريتاني للفترة من 1973 إلى 1978.
وزير المالية والتجارة سنة 1978 قبل أن يطيح العسكر بحكومة أخيه المختار ولد داداه في يوليو/ تموز 1978.
استشاري مستقل ما بين 1983 و1986.
خبير في البنك الدولي، موفد كمستشار لحكومة وسط إفريقيا من سنة 1986 إلى أواخر سنة1991.
كما أسندت إليه وظائف أخرى هي:

رئيس الغرفة التجارية والصناعية في موريتانيا.
رئيس اللجنة الوطنية للصفقات وعضو اللجنة النقدية.
عضو في مجلس إدارة الشركة الوطنية للمناجم (سنيم).
عضو مجلس إدارة ميناء نواكشوط.
عضو مجلس إدارة اتحاد البنوك العربي الفرنسي.
أول رئيس للمركز الأفريقي للدراسات النقدية.
محافظ في صندوق النقد العربي.
محافظ في الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.
محافظ في البنك العربي للتنمية في أفريقيا.
محافظ في صندوق النقد الدولي.

الأخبار: هناك إلحاح من المعارضة على الحوار والإشراك في التسيير لماذا هذا الإلحاح؟
أحمد ولد داداه: أنا شخصيا من دعاة الحوار وليس الإشراك في التسيير، من أجل أن تكون هناك قيم وأهداف متفق عليها، ويعمل الجميع من أجلها، سواء في المعارضة أو السلطة، وأرى أنه بدون هذا الحوار وبدون أرضية مشتركة فإننا سننقص من فعالية البلد، وسنهدر طاقات كبيرة فكرية قد يكون البلد محتاجا إليها، فقضية "الإرهاب" على سبيل المثال قضية شائكة وينبغي أن نعرف أنها لا تمكن مواجهتها إلا بجبهة داخلية بالإضافة إلى تنسيق إقليمي قوي، وتنسيق دولي، وبدون هذا سنكون مثل من يرقم على الماء، وهذه الجبهة الداخلية لا تقتضي بالضرورة أن المعارضة تكون في الحكومة، ولكن هناك حزمة من المعايير والأهداف بدونها ستكون مقاومة الإرهاب بلا جدوائية، على سبيل المثال الإرهاب ينشأ ويترعرع على أرضية يسود فيها الظلم والغبن وعدم العدالة، ويسود فيها سوء التسيير، هذه حزمة المعايير والأهداف التي نطالب بها من أجل أن يكون اتفاقنا عليها، وتكون هذه السلطة لا تتجاوز فيها الحد، وتكون السلطة التي ستأتي غدا تعرف بأنها لا يمكن أن تتجاوز تلك المعايير، فهذا هو الذي يقوي اللحمة وهو الذي يجنبنا الانزلاقات والهزات التي تضر بها أحيانا، وهذا أيضا هو ما يجعلنا نواجه المحن والأوقات الصعبة، يقول أحدهم "صيفط البرانيين"، إن من المهم أن تكون هناك أشياء متفق عليها بين الموريتانيين وسبق وأن ناضلوا من أجلها منها الحوزة الترابية والسيادة الوطنية والأمن القومي بمختلف جوانبه الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومنها العدالة، والعدالة الاجتماعية، ومنها إطلاق الطاقات الموجودة في البلد وغيرها، يجب أن تكون محل إجماع ومحل ذود عنها. هذا فيما يتعلق بالجبهة الداخلية والخطوط الحمراء التي يجب ألا يتجاوزها أي مواطن صادق.
الأخبار: خلال برنامج تلفزيوني قبل يومين نائب من الأغلبية قال إن الأغلبية تريد الحوار والمعارضة ترفض؟
أحمد ولد داداه: على كل حال لا أريد المغالاة ولا أفهم ما الذي تعنيه "الأغلبية"، عموما نحن نريد الحوار مع السلطة بالرغم من أننا لا نرفض الحوار مع أغلبية السلطة، ولا نريد أن نتدخل في شؤونها ، لا يهمنا هل هم مختلفون أم على قلب رجل واحد فذلك شأنهم، فنحن حينما نطالب بالحوار فإنما نطالب به مع السلطة الحاكمة لأنها هي المسئولة عن شؤون البلاد، أنا لا أقول إن هناك حزبا مسئولا عن شؤون البلاد، هناك سلطة من أصل عسكري هي المسئولة عن شؤون البلاد وعليها أن تحاول إيجاد صيغة للتعامل وحل للمشاكل الموجودة بصورة حضارية، وهذا يمكن في المستقبل أن يتخذ أشكالا، فنحن لم نرفض الحوار، لكن معلوم ضرورة بأن السلطة ليست عند حزب معين.


الأخبار: ذكرتم في مؤتمركم الصحفي أن الرئيس لم يلتق زعيم المعارضة وفق القانون منذ سنة، في حين ينص القانون على أنه يجب أن يكون هناك لقاء دوري من كل ثلاثة أشهر، الطرف الآخر يقول بأن المشكلة أنكم لم تعترفوا بالرئيس كيف تنظرون إلى هذه الاشكالية؟
أحمد ولد داداه: أنا لم أعترف بنتائج الانتخابات، ومع ذلك سجلت بيان المجلس الدستوري وقتها، وأيضا المعارضة كلها كانت لديها نفس النظرة، فالنتائج لم تعبر عن اختيار الشعب، ولكن نحن لم نقل إننا لن نتعامل مع هذا النظام، فهو اعترفنا به أو لم نعترف به أمر واقع، والواقعية تجعلنا نتعامل معه يوميا تلك قناعتنا قلناها وقتها مع أننا طلبنا التحقيق في نتائج الانتخابات، وكان هذا بسيطا جدا وسهل المنال، لكن هذا الطلب رفض، وفي المقولة الشعبية "الماه سارك ما تخلع الكصاصة". أما القول إنه لن يكون هناك حوار لأننا لم نعترف بالنتائج فهذا خيار، وهو الذي اختارته هذه السلطة على ما يبدو، وهو أمر من شأن الأنظمة الدكتاتورية مع من لم يكن معها، مع أن المسؤول عن البلد ينبغي أن يكون مسؤولا عن كل جوانبه، إنني بعيد من أن أكون مقتنعا بهذا الموقف الذي تعبر عنه السلطة بالقول وبالفعل، ونحن دائما مع الحوار ومع تجاوز ما أمكن من المطبات التي تمر بها البلاد ولكن كما يقول المثل "أيد وحد ماتصفك".

الأخبار: هل تتذكرون أول وآخر لقاء جمعكم مع ولد عبد العزيز هل يمكن أن تتحدثو عن بعض ما دار فيهما؟
أحمد ولد داداه: لا أتذكره.

الأخبار: في منسقية أحزاب المعارضة ماهي أولوياتكم الآن؟
أحمد ولد داداه: أولوياتنا أننا نمتلك عريضة مشتركة نتفق عليها، فأهدافنا ومبادئنا قصيرة الأمد وطويلة الأمد متفق عليها، وما يبقى هو تنظيم نضالنا وتنسيقه لكي نقرب ما أمكن هذه الأهداف، وهناك توجه عام لدى أحزاب المعارضة جيد، وهناك رغبة مشتركة من أجل تنسيق هذا العمل ودفعه، ومن أجل نقله من العاصمة إلى الداخل ليكون جميع الموريتانيين في جميع أرجاء البلاد على اطلاع بما يجري، وتبقى مسئولية تنشيط العمل وتنسيقه على مواقع المعارضة وأهدافها وحيثياتها ،وهذا ما نحن بصدده داخل المنسقية كمنظمة مشتركة.

الأخبار: تشهد الأحزاب المعارضة والمنسقية خفوتا في عملها خلال الأشهر الماضية لماذا؟
أحمد ولد داداه: أنا لا أقول ذلك فالعمل فيه ما هو ظاهر وفيه ما هو صامت ومستمر، وقد يكون أحيانا أهم بكثير من العمل الإعلامي ، نحن مثلا في التكتل أرسلنا بعثات إلى الداخل وشخصيات، واستقبلنا الكثيرين من مسؤولينا في الداخل، وهناك جريان للعمل بين عناصرنا في العمل وإن كنا نشعر بالتقصير فيما يتعلق بالداخل ونريد أن تكون هناك إرادة قوية، نتشارك ونتشاور بصفة أكثر بعضنا مع البعض، خاصة في المدن الكبرى والأرياف، ونرجو أن نضيق الهوة في هذا المجال.

الأخبار: ما الذي يعرقل عمل مؤسسة المعارضة حتى الآن: تشكيل الهياكل وانطلاقة جدية؟
أحمد ولد داداه: أشعر برغبة الجميع للحراك المنظم والممنهج، وأيضا هناك لجان تعمل مثل لجنة الإعلام والمنسقية العامة للمعرضة ، وهنا اسمحوا لي أن أشكر الرئيس مسعود ولد بلخير رئيس منسقية المعارضة على موقفه منها، وطبعا الأمور لابد لها من بداية ونحن بدأنا ونرجو أن نعطي نفسا جديدا ودفعا جديدا لهذه المؤسسة وأن يشمل البلاد والمواطنين في الخارج.
و نرجو لهذا المسار أن يتطور، هذه هي رغبة الجميع، وهذا توجهه كما يبدو وهذا هو اهتمامه، وأيضا اللجان تعمل وعندها برامج والعمل الصامت والدءوب هو الأساس.

الأخبار: يتجه النظام إلى عقد علاقات قوية مع ما يسمى بدول محور الممانعة كيف تنظرون إلى هذا الاتجاه؟
أحمد ولد داداه: نحن جزء من العالم الإسلامي ومن العالم العربي، وهذا شيء طبيعي، الغريب هو أنه مجال تساؤل، فنحن دولة إسلامية تسمى الجمهورية الإسلامية الموريتانية، ربما يكون حدث انزلاق حتى أصبح يسأل هل لدينا علاقات شبه طبيعية مع الدول العربية والإسلامية الشقيقة التي نحن منها وامتداد لها، فسوريا دولة عريقة وذات مبادئ، وفي مواجهة مع العدو وبالتالي مهمة جدا معنويا لأنها في خط المواجهة، وإيران دولة مسلمة وعريقة، وبالطبع موريتانيا ليست شيعية بمعناها السياسي، وإن كان جميع الموريتانيين يحبون الآل وحبهم من الإسلام، وفي الماضي أنجبت الكثير من المفكرين في الطب والفلسفة وجميع الميادين، وبالتالي لا غرابة أن تكون لنا معها علاقات، إن ما يخشى هو الاندفاع في خطها السياسي، فكل دولة تطبق سياستها، وكون إيران في مواجهة مع الدول الكبرى فهي أدرى بشعابها ولكن لا ضرورة ولا حكمة أن نرتمي في سياستها، فنحن أيضا دولة لنا معطياتنا وتموقعنا الإقليمي ومصالحنا، وحان أن تكون لنا علاقات مع جميع الدول دون أن نكون ذيلا أوتبعا لهذه الدول.

الأخبار: خضتم النضال ضد معاوية ولد الطايع، وساهم نضالكم في إسقاط ذلك النظام، كما عارضتم بقوة نظام سيدي ولد الشيخ عبد الله، وأنتم الآن في طليعة معارضي نظام محمد ولد عبد العزيز من خلال تجربتكم النضالية كيف تقيمون الأنظمة الثلاثة وهل مازلتم مقتنعين بالموقف الذي وقفتموه من سيدي ولد الشيخ عبد الله؟
أحمد ولد داداه: أنا لست مؤرخا إنما أمارس السياسة بمفهومها المؤسس على مصلحة البلد الحاضرة والمستقبلة، كانت مواقفي دائما تأتي بناء على تقييم لهذه المصلحة الآنية والمستقبلية، قد أخطأ وقد أصيب وهذا طبيعي، ولا أريد أن أسيء على من خرج من السلطة لا على معاوية ولا على سيدي؛ لأني لا أعتبر أن بيننا خلافا شخصيا، إنما هي تناقضات سياسية تنتهي مع نهاية هذه الأحكام أو التغيير في نهجها، لو تغيرت السياسة المنتهجة وظهر لي أن السياسة الجديدة صحيحة ما بقيت أنا في المعارضة، واعتقد أن أهم شيء في المواقف السياسية هو المثابرة، وأنا أرفض البقاء على الباطل فالرجوع إلى الحق حق، فكلما اقتنعت بأن شيئا يخدم البلد فسأسانده أو على الأقل لن أعارضه، لكن هذا التذبذب والترحل أرى أنه يسيء إلى الشخص نفسه وينقص من مصداقيته ويسيء إلى السياسة كنهج بلد، وترسيخ قيم، بما فيها الحريات العامة والمصلحة العامة والديمقراطية والقضاء العادل المستقل، والتسيير الراشد، ولذلك فإن المواقف التي أتخذ يخيل لي دائما أنها بنيت على هذه الأسس، كنت أتوقع أن يكون السؤال هل أنا معارض أبدي؟ على كل حال أرجو أن أعارض كلما أرى أنه يمس مصلحة البلد، سواء من ناحية المصالح أو القيم أو المصالح الدبلوماسية أو المصالح الأمنية أو المصالح الاقتصادية أو السياسية ، إلخ
وأحب أن أقول قبل أن أختم إنني قبل أن عارض سيدي ولد الشيخ عبد الله اعترفت بالنتائج رغم الملاحظات عليها وكان دائما بيننا حوار مستمر رغم عدم توافقنا، وبعد أن ترك السلطة لم أوجه له أي شيء، وكذلك معاوية ولد الطايع.

الأخبار:نريد استعراض شعوركم في لحظات ماضية:
3 غشت 2005 الانقلاب على ولد الطايع
25 مارس 2007 الانتخابات الرئاسية
6 غشت 2008 الانقلاب على سيدي ولد الشيخ عبد الله
18 يوليو 2009 الانتخابات الرئاسية الأخيرة؟
أحمد ولد داداه: أولا عفا الله عما سلف، انقلاب 2005 كان متوقعا، لأن الظروف لم تكن مستقرة، والكثير من الموريتانيين كانوا مرتاحين للتغيير.
أما انتخاب سيدي فأنا وإن كانت عندي مآخذ على الصيغة التي حصل بها والنواقص التي قلتها في وقتها، إلا أنني اعتبرت أن سيدي شخصية مدنية وأن انتخابه خروج من الدوامة العسكرية ولذلك هنأته واعترفت به.
أما الانقلاب الذي حصل عليه فأنا لحظتها كنت في تونس ولم يكن عندي عنه أي علم وهو قضية لا ناقة لي فيها ولا جمل.
أما الانتخابات الأخيرة فالحقيقة أنا دائما أطمح للنهوض بالديمقراطية في هذه البلاد وأتمنى لها الاستقرار من أجل صيغة حضارية مستقيمة للتعامل ليس فيها غابن ولامغبون، وأرى أنها إن وفقت لهذا النهج فالكثير من المواطنين سيجد ما يسره في البلاد، لأنها تمتلك طاقات بشرية وثروات كثيرة تمكنها من أن تلعب دورا كبيرا أهم من دورها الماضي ومن المكانة الصغيرة التي تتبوأها اليوم.
وطبعا شأني شأن من ينظر إلى فرص كبيرة تضيع، من يحب بلده ويطمح له بالخير هذا لن يسره بالتأكيد ، ولكن الأهم من كل هذا هو أن تكون هناك إرادة للشعب الموريتاني فيحترم له اختياره لمن شاء، وفي الحقيقة عندما يكون الشعب الموريتاني هو من يحسم الأمر فإنه إذا وقع خيار ليس في صالح البلد يمكن أن يغير في فرصة قادمة، هذا هو المهم بالنسبة لي.
وفي كثير من الأحيان تم منع الشعب الموريتاني من أخذه حقه بيده آنيا ومستقبلا، و هذا هو الذي تضيق به نفسي وأعرف أن الشعوب تمر بمحن لكنها تنتصر في النهاية، وهذا ما يطمئنني.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!