التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:00:43 غرينتش


تاريخ الإضافة : 06.03.2010 14:39:23

هل ينتصر الرئيس للمجلس الدستوري أم لأغلبيته ؟

لم أكن أتوقع يوما من الأيام أن يسيل مداد قلمي ليكتب أن مجموعة من رجال هذا الوطن الأوفياء تسموا باسم الأغلبية قد سعوا بالفعل بالدفع بقانون لمكافحة الإرهاب والدفاع عنه من أجل اجتثاث هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا المسلم والمسالم ، فإذا بهم عن غير قصد يدفعهم الحنق والغضب على تلك الشرذمة المارقة من الدين مروق السهم من الرمية إلى أن يصبوا جام غضبهم على الأبرياء ، فيصيبوا قوما بجهالة ويخرقوا كل النظم المعمول بها في احترام خصوصيات الناس وحقهم في الدفاع عن أنفسهم وأعراضهم

وممتلكاتهم ، وهل تعي هذه
الأغلبية أنها قد تكون المتضرر الأكبر في حال تمرير هذا القانون ، لأن التاريخ سيكتب ودون أي رحمة أسماء أولئك الذين مرروا
هذا القانون فأهلكوا الحرث والنسل وأعاثوا في الأرض الفساد.

هل يمكن لعاقل أن يصوت لصالح قانون يقول له بلسان عربي مبين يمكن أن تحبس يا هذا بتهمة قد تكون بريئا منها لكن يمكننا أن نتحفظ عليك لمدة قد تصل أربع سنوات حبسااحتياطيا على ذمة التحقيق.

هل يمكن التصويت لقانون يسمح لضباط الشرطة القضائية المختصين بموجب أمر من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق، خلال تصرفهم بإنابة قضائية، القيام بتفتيش المنازل في حالة
الشك بوجود أدلة لها علاقة بمجموعة إرهابية ، وهل هناك منزل لا يشتبه في أنه تحت حجة ما قد يتحول بفعل بلاغ كاذب من خصم سياسي أواجتماعي أو تجاري إلى هدف يتم اقتحامه في ساعة
متأخرة من الليل لتهتك الأعراض ويداس على الخصوصية وتروع النساء والأطفال ، وهل هناك منزل لا توجد بداخله بعض الأغراض التي ربما تستعمل لغرض إرهابي.
هل يمكن لعاقل أن يدافع عن قانون يتجاوز كل الأعراف البشرية المعمول بها منذ فجر التاريخ وحتى اليوم ، والتي تجعل للقصر خصوصيتهم بحيث لا تسري عليهم أحكام الراشدين ،
ليشملهم هذا القانون تحت حجة محاربة الإرهاب بالحكم عليهم خروجا على أحكام القانون المتعلق بالحماية الجنائية للقصر.

هل تسمح الأغلبية لضباط الشرطة القضائية بموجب أمر من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق، خلال تصرفهم بإنابة قضائية، اعتراض المكالمات الهاتفية لهم والبرقيات الإليكترونيةالخاصة بأسرارهم وتعق كل بريد آخر للمشتبه فيهم أو لأي شخص على علاقة بهم ، وما الضامن أنهم لن يشملوا كل السكان طبقا لمقتضيات هذا القانون ، بناء على أنه ليس هناك من لا يشتبه في علاقته بالإرهاب أو له علاقة بمن له علاقة بالإرهاب.

ومن أين اكسبت الأغلبية محاضر الشرطة القضائية المتعلقة بقضايا الإرهاب القدسية والتنزيه بحيث لا يمكن الطعن فيها إلا في حالة تزوير المحررات، وما الغرض من هذا الإجراء إلا أن يكون القضاة ملزمين بالحكم دون إعادة التحقيق والتأكد من صحة المعلومات
التي قد تكون جهة ما عملت على تحريفها لحاجة في نفس يعقوب.

لا أعتقد أن هناك جهة ما من مصلحتها تمرير هذا القانون الجائر ، وأربأ بالأغلبية أن تدافع عن الباطل وأن تكون المعارضة أحرص منها على حرية المواطنين الذين صوتوا لها حتى
استحقت لقب الأغلبية .
وأنا هنا لست بصدد الخوض في مماحكات سياسية ، ولا الخوض في اتهام أي كان بأنه يقف وراء هذا القانون الذي سيحول موريتانيا إلى غابة من الوحوش الضارية لا بقاء فيها إلا لمن له مخالب يغرزها في خصمه استنادا على قانون الغاب ، قانون مكافحة الإرهاب .

وأي ذنب ذاك الذي اقترفه المجلس الدستوري حين أبدى اعتراضه على عشر مواد لا يمكن لأي مجلس يحترم نفسه حتى ولو كان أفراده من العامة الجاهلين بمقتضيات القانون والقضاء ، إجازته دون تعديلات قد تقلبه رأسا على عقب.

وأرجو من رئيس الجمهورية ألا يستمع لحجج المغرضين الذين لا هم لهم إلا مصالحهم الخاصة التي قد تحول مشروعه الإصلاحي إلى مجرد مداد على ورق ، وأن يدعو الحكومة فورا إلى إعادة النظر في قانون مكافحة الإرهاب حتى يكون سيفا مسلطا على رقاب الإرهابيين وترسا حاميا لحقوق المواطنين ، كما أرجوا ألا يكون المجلس الدستوري عرضة لكل من هب ودب ليكيل الإتهام له وينعته بنعوت لا تليق ويتهمه بتهم لا أساس لها من الصحة ، فالمجلس الدستوري قد نطق بلسان الأمة وأدى ما عليه ، ولم يبقى إلا ما على الحكومة والأغلبية فعله وهو تعديل المواد المعترض عليها حتى تتلاءم مع المطالب المشروعة والداعية إلى احترام حقوق الإنسان في العيش على أرضه معززا مكرما محفوظ الجانب مصان الكرامة ينعم بالأمن والعدل والأمان.
أوفى ولد عبد الله ولد أوفى
[email protected]


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!