وسط قاعة الحالات المستعجلة داخل مركز الاستطباب الوطني تلاقي هذه السيدة العجوز آلام المرض بحضور أحد الأطباء المتدربين العاجز عن تقديم أي مساعدات طبية لها، بعد ما غاب الأطباء المختصون بفعل الإضراب الذي قام به عمال الصحة اليوم علي مستوي التراب الوطني وكان للمستشفي المركزي بنواكشوط النصيب الأوفر منه والتأثير الأبلغ علي المرضي وخاصة الأطفال والمسنين.

بوجه كالح وتشنج كبير يخرج أحمد عبد ولد أحمد من قسم الأطفال بالمستشفي المركزي بالعاصمة نواكشوط متوجها إلي منزله في حي لمغيطي بمقاطعة دار النعيم وهو يحمل طفله البالغ من العمر ثلاثة أشهر رفقة والدته التي لم تستطع الحديث إلي الإعلام بسبب الدموع التي تنهمر علي خديها جراء عدم تلقي طفلها الوحيد لأي عناية داخل أكبر المستشفيات الوطنية بالعاصمة الموريتانية نواكشوط."

ويقول أحمد عبد ولد أحمد "طفلي يعاني من مرض العمي الذي أصابه بعد ولادته بأسبوع واحد مما جعله بحاجة إلي الرعاية الطبية العاجلة بوصفه طفلا صغيرا ويمكن لبصره أن يرتد إليه إن هو تابع الفحوصات التي يقدمها له الطبيب".

ويضف ولد أحمد لقد قال لي الطبيب الذي أتابع معه أن ولدي بحاجة إلي عناية خاصة حتى يتمكن من استرجاع بصره، وأن علي أن لا أضيع أي موعد تلقاه الولد من الطبيب لكن الإضراب اليوم لم يترك لولدي فرصة الاستشفاء، وليس لنا إلا الصبر والتوكل علي الله والرجوع إلي المنزل".


ويقول ولد أحمد لموفد وكالة أنباء "الأخبار" المستقلة "أنا أحمل السلطات الموريتانية مسئولية غياب الأطباء فالدولة هي من يريد القضاء علي المواطنين وليس عمال الصحة الذين يعانون من الظلم ويذودون عن حقوقهم".

ودعا ولد أحمد جميع المواطنين علي مستوي التراب الوطني أن يقوموا بالعمل نفسه وأن يتظاهروا كالعمال من أجل حقوقهم في الصحة والتعليم وكل القطاعات التي تغيب خدماتها عن المواطنين بشكل مستمر".

عند بوابات أحد مراكز الحجز بالمستشفي المركزي بالعاصمة نواكشوط يجلس نزر قليل من المواطنين بعد أن استيقنوا أن الأطباء مضربون وهم ينتظرون أي تحرك رسمي لاحتواء الموقف الذي أضر بالمرضي كثيرا ـ حسب المواطن أحمدو ولد اجديدو ".

ويقول ولد اجديدو لموفد وكالة أنباء "الأخبار" المستقلة "لقد وصلت في وقت باكر إلي المستشفي الوطني لغرض الحجز لكنني فوجئت بغياب الأطباء والمعنيين بهذا الغرض، وأنا أجلس عند بوابة القسم مع عدد قليل ممن تبقي هنا في انتظار حل لقضية الإضراب".

ويقول زملاء ولد أجديدو لوكالة أنباء "الأخبار" المستقلة إنهم يرفضون المغادرة قبل أن يعرفوا ما ستقوم به السلطات الموريتانية من تحرك لاحتواء الإضراب الذي يهدد تواصله مرضي كثيرون".

ويستغرب هؤلاء عدم تحرك الجهات الرسمية في موريتانيا ومحاولتها لتسوية الملف مع العمال بدل السكوت علي معاناة المواطنين، وخاصة المرضي الذين لا حول لهم ولا قوة سوى الأنين من آلام المرض".

من جانبه قال حبيب الله ولد أحمد مسئول الإعلام في نقابة الممرضين والقابلات لموفد وكالة أنباء "الأخبار" المستقلة "إن هناك عدد كبير من الأقسام بمركز الاستطباب الوطني وهي خالية من الأطباء والممرضين بسبب الإضراب الذي دخل فيه عمال الصحة صباح اليوم الاثنين وهذه الأقسام هي:

ـ قسم الطب الباطني (الأذن ، الأنف، الحنجرة)
ـ قسم أمراض الجهاز الهضمي
ـ قسم الاستشارات الخارجية
ـ قسم الأشعة


وأضاف ولد أحمد الذي التقاه موفد وكالة أنباء "الأخبار" المستقلة داخل مركز الاستطباب الوطني إن هناك أقسام أخري داخل المستشفي مشلولة وهي:
ـ قسم الولادة
ـ قسم الحالات المستعجلة
ـ قسم الحجز
ـ قسم الجراحة
ـ قسم أمراض الأطفال
ـ قسم الكلي
ـ الأسنان

وقال ولد أحمد "إن نقابات الصحة أبقت علي المداومة في قسم الحالات المستعجلة والحجز الطبي والولادة والعناية المركزة وتصفية الكلي لأنها أمراض يحتاج المصابين بها إلي العناية، والنقابة تتمسك بوقوفها مع المواطن ومع جميع الحالات الإنسانية الطارئة التي يعانون منها ".

وقال ولد أحمد إن السلطات الموريتانية قامت بإيهام المواطنين أن نقابة الممرضين والقابلات لم تشارك في إضراب عمال الصحة وقامت بتقديم بعض القابلات اللواتي لا صلة لهن بالنقابة، لكن زيف هذا الادعاء يضيف ولد أحمدو ظهر جليا اليوم عندما لم يحضر أي من المنضوين تحت لواء النقابة".