التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:00:14 غرينتش


تاريخ الإضافة : 22.03.2010 12:37:42

حديث الاثنين: صحفيات

د.الحسين ولد مدو:نقيب الصحفيين الموريتانيين

د.الحسين ولد مدو:نقيب الصحفيين الموريتانيين

كلما حلت احتفالية العيد الدولي للمرأة تعود إلي الذاكرة مساءلة كل قطاع عن أحوال المرأة ،التي كرمها الله وغبنها عباد الله ، ويرجع التساؤل المزمن عن وسائل انصاف وترقية هذا الكائن البشري الذي يجر وراءه تاريخا من القهر والتهوين .

في الريف ، في الحضر، في مواقع ومراكز اتخاذ القرار ،كان الثابت دائما هو ملاحظة اقصاء المرأة والمتغير هو درجة الحضور .
ولعل استقراء وضع المرأة بمهنة الصحافة يحيل الي جملة مسلمات حقيقية تنطبع بطبيعة الممتهن ونوعية المهنة ، الأولى في هشاشته وضعفه والثانية في مصاعبها الفكرية والجسدية .

الصحافة مهنة المتاعب سمتها الحركية والإبداع والجرأة والانفتاح ، و في سياق يطبعه تكريس القيم التقليدية من حياء وخجل واحتشام تجد المرأة صعوبة في دخولها ، وحتي عندما تقرر دخولها تلوذ في الغالب بالصمت ، تعجل بالانسحاب او تتلبس بالثقافة اوالاسم المستعار ، وتعيش في انفصام مشهود يحول دون تفجير طاقاتها الخلاقة ، أوتتولي العمل الفني الخالص الذي يعايش صاحبه الآلات أكثر من البشر .

إننا نشهد تبعا لصعوبات التوفيق هذه تواتر ظاهرة تسرب الصحفيات ويبدو القطاع الخاص وسطا طاردا لهن يبدعن في بداياته ويتملصن في نهاياته ، وعلي الرغم من تولي بعض منهن مسؤوليات ريادية ضمن الصحافة الخاصة ( تحي بنت لحبيب ، السالكة بنت اسنيد ، هند بنت عينينا ، زينب بنت الجد فاطمة بنت عبد الوهاب ،حواء بنت ميلود )، غير أن حقيقة غياب المماسسة الفعلية بالقطاع الخاص تجعلهن غالبا يلتحقن بالقطاع العام او يتسربن الي قطاعات اخري تلائم وضعياتهن.

والحقيقة ان العلاقة بالمهنة في غياب المؤسسية تبدو قلقة ومتوترة حتي بالنسبة للصحفيين وتتعاظم القضية بالنسبة للنساء اللاتي يضعف غياب المؤسسية حظوظهن في المواصلة وتعمل طبيعتهن ونوعية القطاع بمتاعبه ومصاعبه وطبيعة العمل المطلوب في جرأته وحريته ومشاكسته علي تعقيد الأمر بالنسبة لكائن اجتماعي لما يعترف له المجتمع بالنفاذ الي الفضاءات المهنية الجديدة .

ولهذه الوضعية انعكاسات خطيرة سواء بالنسبة لقلة عدد النساء في الصحافة المستقلة او لتسرب أكثرية القلة منهن خارج القطاع ، اذ لا يجب أن يختزل الأمر في نهاية مؤسفة لقصة امرأة بمهنة أو حسن تخلص كائن بريء من مهنة متعبة ، بل إن غياب العنصر النسوي يؤثر أيما تأثير علي وضع وصورة المرأة في وسائل الإعلام التي تضطر لغياب الطاقم النسوي إلي تغييب المرأة ومواضيع المرأة من اهتماماتها او تناولها بشكل ناقص أو مشوه.
كما ان غياب المرأة في وسائل الإعلام كصحفية فاعلة يترتب عليه تلقائيا غيابها كموضوع إيمانا بترابطية المخرجات و المضامين الإعلامية مع القائمين علي هذه الوسائل .

ان من المتوجب حقيقة تشجيع نفاذ النساء إلي المجال الصحفي ليس فقط للدخول الي الصحافة الخاصة خصوصا وانما كذلك ضمان استمرارهن بها
ولعل الوعي بصعوبات القطاع الناشئ بات يؤسس بالنسبة للبعض شرعية التساؤل عن ما اذا كان إبعاد الصحفيات عن الحقل الصحفي الخاص باكراهاته يعتبر تمييزا ايجابيا بحقهن أم تأزيما لمشكلة ستلقي بتعقيداتها أكثر من مجال وضحاياها الاول هن النساء أنفسهن .

وبخلاف القطاع الخاص الذي لا يمكن ان نعد به خمس صحفيات الآن فقد شهد القطاع العمومي ظهور سيدات متميزات وفر لهن الطابع المؤسسي وطبيعة الخطاب الرسمي الأقل غيرية قدرا من الاستقرار : الناها ، السالكة ، ينصرها ، هند ، سكينه، لمينه، ، ركي، وواكبت الناها وأخواتها بامتياز مسيرة نشأة وسائل الاعلام الوطنية في مختلف محطاتها وكانت الرائدة الناها بشهادة مديريها وزملائها سيدة عصامية أحبت المهنة وتحولت الي صحفية مذيعة و استطاعت تجاوز التعثرات بسرعة وباتت بحكم التجربة والمراس المذيعة الاولي بالإذاعة الأولي ، حافظت علي وقارها وما اتخذت المهنة كوسيلة علاقات عامة ، كانت تمثل بحق الصحفية العصامية التي تؤدي عملها بمهنية وبتناغم بين واجباتها الاسرية لم تثنها صعوبة الريادة في عملها ولا تنكر الوطن لعطائها.

ولئن كان من المطلوب تشجيع العنصر النسوي علي الدخول والبقاء داخل المؤسسات الصحفية الخاصة وتحمل ضريبة التأسيس بشكل متواصل ،فان من الواجب أن تقابل بالتكريم المستحق الصحفيات الرائدات في المشهد الإعلامي انصافا لهن لرائدات وتحفيزا لغيرهن .


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!