التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:00:01 غرينتش


تاريخ الإضافة : 26.03.2010 13:24:56

الخطاب الفقهي في موريتانيا و إعادة إنتاج الأنماط

د.محمد الحسن ولد أعبيدي

د.محمد الحسن ولد أعبيدي

الخطاب الفقهي السائد في مؤسساتنا التعليمية قديمها وحديثها وعند مرجعياتنا الدينية أئمة كانوا أو فقهاء أو شيوخ محاظر لم يعد باستطاعته بناء منظومة فقهية قادرة على فهم المفكر فيه في إطاره الزماني وبعده المكاني لأنه سجين قلاع نصوص مذهبية شيدت بأتربة و أحجار تلونت باختلاف الأعراق و أمزجة أجيالها، و الحقب ومتغيراتها و البيئات ومتطلبات التعامل معها.

ومع الزمن تحولت هذه القلاع مأوى لعجزة الفكر وقصّره، يعتاشون على سقطها وتسعفهم أثوابها في النوازل الملمة أوقات إنعاش مولى النعمة على موائده الدسمة مستشهدين بما عثروا عليه من نقول حفظت الشواهد و الفرائد وغرائب النوادر و الفوائد واستنسخت الأشكال والصور وقاست عليها الجديد بمالها من حدس وقافة وعلوم أثر يأخذها اللاحق عن السابق ويحتكر تعليمها له ولأبنائه حتى لا يسابق ويضايق ويسحب منها التفويض بإعادة إنتاج القوالب الفقهية الجاهزة في أمة قصية عن الإبداع عاجزة , يكفيها أن تظل في كل شؤونها مستهلكة و مستوردة لا موردة.

مثل هذه الظرفية أنتجت تراكما نصيا و أسهمت في تكوين عقلية تبعية أحادية تحلق خارج سربها و تعيش غير زمنها وتكرر الماضي في الحاضر دون أن تعي.

فلا مجال لأن نشحن ذاكرة ابن اليوم بمتون مؤلفة من أقوال و تفريعات واستنتاجات حول وقائع لم يعشها ولم يعش زمنها تتمنع لغتها ومصطلحاتها القاموسية و أساليبها التركيبية على القراءة المعمقة أحرى العادية.

ولو بعث أهلها الأصليون لما استطاعوا فهم أسلوبها ولعدلوا فيها وغيروا ورجعوا عن بعض ما أصدروا احتراما لخصوصية الزمن واختلاف الأعراف.

كل هذا يجعل الدعوة لإعادة قراءة المدونة الفقهية ومراجعتها واردة ولها مبرراتها.
ومن يطالع المتن الخليلي أو غيره من المتون المذهبية يجد الكثير من أحكامه مبناه العرف أو مصلحة رجحت عند أحد نقلة المدونة أو قول مرجوح أو متروك لعدم تقبل تواتر العمل عليه عن مالك ولعل هذا هو السبب في كثرة استعمال خليل لصيغ الخلاف و ألفاظه من نحو:أقوال قولان، تأو يلان وثالثها و رابعها وغير ذلك.

تضم المدونة الخليلية أحكاما لمسائل لم تعد مطروحة اليوم بحاجة لأن تراجع وتترك مكانها لقضايا أكثر إلحاحا.

وقد قامت مبادرات في منهجة المتون الفقهية و إخراجها في ثوب جديد لكنها ما زالت لحد الآن عاجزة عن أن تفي بحاجة المستهدفين بالخطاب الفقهي لمدونات تعيش واقعهم وتحّدثهم بالمصطلحات التي يألفون.

ونحن على يقين بأن رحم أمة الإسلام ما زال خصبا وسيخرج منه أمثال القرافي في التقعيد و الشاطبي في التقصيد والشيخ محمد المامي لتفقيه مرحلة الانتقال من البادية للحضر.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!