التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:11:34 غرينتش


تاريخ الإضافة : 31.03.2010 12:17:16

العطش في نواكشوط: أزمة بعمر الدولة

على هذه الوسيلة التقليدية تعتمد الغالبية العظمى من الموريتانيين في شربهم (الأخبار إرشيف)

على هذه الوسيلة التقليدية تعتمد الغالبية العظمى من الموريتانيين في شربهم (الأخبار إرشيف)

يعاني عدد كبير من سكان نواكشوط كل صيف من صعوبة كبيرة في الحصول على مياه الشرب هذه الأيام بسبب النضوب المتكرر في شبكة الحنفيات العمومية التي تتزود منها عربات الحمير التي توفر المياه للسكان.
و حسب بعض التقديرات فإن ما يزيد على(75%) من منازل العاصمة تحصل على المياه عبر العربات التي تجرها الحمر الأهلية هذه الوسيلة البدائية التي تحصل بدورها على المياه من حنفيات عمومية معرضة للانقطاع بشكل دائم فضلا عن كونها بعيدة كل البعد عن المعايير الصحية.
أما عدد مشتركي الشركة الوطنية للمياه فهم قلة لا تتجاوز حوالي 25 ألف مشترك من ساكنة نواكشوط التي تزيد على المليون نسمة فهم من تتوفر منازلهم على الحنفيات

تاريخ المعاناة

لقد كان وقوع مدينة أنواكشوط في منطقة آفطوط الساحلي المعروفة بشدة الملوحة وندرة المياه مؤذنا بوجود أزمة مياه ولدت مع نشأة المدينة في هذه الصحراء القاحلة ومنذ وقت باكر ظل ملف المياه يطارد مختلف السلطات التي تعاقبت على الحكم في البلاد نتيجة لحساسيته من أجل وضع حل لأزمته فكان أن عرفت العقود الماضية جملة من المشاريع في هذا الصدد من أبرزها : :
1-"النطفية":وهي خزانات كبيرة اتخذت لتخزين مياه الأمطار للاستفادة منها في تزويد ساكنة العاصمة القليلة العدد آنذاك في بداية ستينيات القرن الماضي بمياه الشرب ولا تزال أطلال هذه النطفية موجودة في منطقة لكصر شرق"كارفور ولد أماه" أمام مستشفى الأمومة والطفولة الآن !!.
2- تحليه مياه المحيط:وقد أقيمت محطة لتحليه مياه البحر إلا أن ازدياد سكان المدينة والكلفة العالية دفعت السلطات إلى التفكير في حلول أخرى خاصة جلب المياه من بحيرة أترارزة العذبة الغنية بالمياه الجوفية التي لا تبعد سوى50 كيلو مترا عن العاصمة أو من نهر السينغال ضمن مشروع ضخم للتنمية المتعددة الأبعاد أطلق عليه فيما بعد أوائل السبعينيات مشروع آفطوط الساحلي!!.
3-حقل إديني: تم في الستينيات عن طريق المساعدة الصينية البدء في تزويد العاصمة بالمياه الجوفية من حقل إديني الواقع في منطقة لبيرات في قلب بحيرة اترارزة الممتدة جنوبا عبر إيكيدي الى نهر السينغال وشمالا تحت فيافي آوكار المقفرة حسب خبراء المياه.
و ظل حقل إديني على مدى العقود الماضية المزود الوحيد لسكان أنواكشوط بالمياه الصالحة للشرب (التي يقول عنها خبير مياه فرنسي :إنها من أجود المياه المعدنية في العالم وأن الموريتانيين جد سفهاء لأنهم يبذرون هذه المياه الجيدة في سقي المزارع والغسيل والاستعمالات المنزلية.) . ويتم تزويد العاصمة المياه عبر أنبوبين من الحجم الموسط, تم تشييد الأنبوب الأول الأكبر حجما خلال الستينيات بينما شيد الأنبوب الثاني منتصف ثمانينيات القرن الماضي بإنتاج يومي يقدر سابقا بحوالي 50 ألف متر مكعب يوميا ، ووصل بعد إكمال التوسعة الأخيرة السنة الماضية إلى ما يناهز 60 ألف متر مكعب يوميا في الوقت الحالي حسب المصادر شبه الرسمية, ويعتقد الخبراء في هذا المجال أن هذه الكمية يمكن أن تكفي نظريا سكان مدينة أنواكشوط الذين يزيدون على المليون نسمة لو تم حل معضل توزيع هذه الكمية على أحياء المدينة المترامية الأطراف والتي تزيد مساحتها عن 430 كيلومترا مربعا !!.
مشكلة توزيع
وبالإضافة للمشكل السابق تعاني نواكشوط من معضل توزيع متفاقم للمياه بسبب أن برجي المياه الموجودين فوق تلة لكصر عاجزان عن ضخ المياه إلى العديد من أحياء العاصمة بسبب وقوع الأحياء الجديدة فوق منسوب أعلى من البرجين مما يحد من تأثير الجاذبية الأرضية حجر الزاوية في توزيع المياه داخل المدن.

وبالنسبة لغالبية سكان المدينة الذين يعتمدون على العربات للحصول على الماء فإنهم يقعون عرضة لارتفاع الأسعار لتصل إلى معدلات قياسية مثلما حدث في الشهر الماضي حين وصلت إلى أكثر من 1000 أوقية للبرميل الواحد.

هذه الأزمة دفعت الخبراء إلى الطلب من الدولة تزويد خزانات المياه المزودة للعربات بأجهزة ضخ تملأ البراميل بسرعة أكبر لزيادة وتسريع دوران هذه العربات داخل الأحياء السكنية , ناهيك عن بناء أبراج مياه جديدة فوق تلال (عرفات القمر الصناعي الفلوجه تل الزعتر تيارت الجديدة ),إضافة إلى تقوية الضخ في برجي لكصر لضمان انسيابية أكبر للمياه داخل أنابيب الشبكة التي يبلغ طول بعضها أحيانا حوالي 10 كيلومتر!!.
حلول في الطريق:
من المنتظر أن ينتهي خلال العام الجاري تزويد المدينة المياه انطلاقا من النهر ضمن ما باتت الحكومة تطلق عليه مشروع آفطوط الساحلي الذي سوف يزود أنواكشوط بحوالي 120 ألف متر مكعب يوميا في المرحلة الأولى و200 ألف متر مكعب في المرحلة الثانية .

ويرجو المواطنون أن يشكل هذا المشروع حلا جذريا لأزمة العطش المستفحل الذي يعاني منه أنواكشوط حاليا إذا ما تم التغلب على معضلة التوزيع عبر ربط جميع الأحياء بشبكة شركة المياه خاصة القضاء على الأحياء العشوائية كالكبات و الكزرات وتقوية الضخ غير أن البعض يطرح العديد من التساؤلات حول مدى سلامة ومطابقة مياه هذا المشروع للمواصفات الصحية المتعارف عليها , وخلوها من التلوث خاصة الأسمدة التي ربما تكون اختلطت بمياه النهر عبر مياه الصرف الزراعي و كذلك النفايات المنزلية ومخلفات صباغة الملابس إذا لم تتم المعالجة العلمية المناسبة لمياه آفطوط الساحلي خاصة أن النهر انخفض إيراده كثيرا بسبب الجفاف و بناء سد منتالي!!

وتطرح عدة خيارات للاستغلال المزدوج لهذا المشروع و بحيرة إديني ومن أهمها:
- تخصيص مياه حقل إديني لبعض المقاطعات وتخصيص آفطوط الساحلي لمقاطعات أخرى وهو رأي يوصف بأنه غير منصف وغير عملي .
- تعليب مياه إديني في قنينات وبيعها لأغراض الشرب والمطلوب في هذه الحالة من شركة المياه هو بيعها بأسعار في متناول أغلبية السكان الذين في جلهم فقراء .
- تخصيص مياه إديني المعدنية ذات النوعية الجيدة للشراب فقط بينما تخصص مياه آفطوط الساحلي الأقل جودة للاستعمالات المنزلية (التي تستهلك عادة حوالي80% من مياه المدن ) من غسيل واستحمام وأعمال تنظيف وري للمزروعات وسقي للحدائق على غرار ما تفعله العديد من الدول المتقدمة وبذلك نكون قد جمعنا بين الحسنين!!


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!