التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:14:30 غرينتش


تاريخ الإضافة : 04.04.2010 11:43:04

ولد محمدو للأخبار: طموح الناس اليوم أكبر من مجرد إذاعة المواطنة

الأخبار: تناولت وسائل الإعلام أخيرا مداخلة نقدية لكم في ملتقى الحوار القومي الأخير ما هي في رأيكم المراجعات المطلوبة من التيار القومي؟

عبد الله: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم حقيقة أنا حضرت الندوة التي أشرت إليها بدعوة من المركز العربي الإفريقي وهو مركز دأب على دعوتي للمناظرات والنقاشات التي ينظمها ، حضرت وكنت أعتقد أني مجرد رقم من الأرقام الموجودة لم آت من أجل رؤية محددة أو مشاركة في حوار محدد وإنما كالعادة آتي لمثل هذه الندوات لأستفيد وأستمع إلى آراء الآخرين.

ولكن الأخ محمد سالم رئيس المركز أصر على أن أعقب على مداخلات كان سبق وأن كلف إخوة له بإعدادها ؛ ما كان مني إلا أن عقبت وربما اطلعتم على ما قلته في بعض النقاط في عجالة. فهي كانت رؤية في الحقيقة أتمسك بها في كل الأشياء أنا لا أحب الجمود وأعتقد أن الفكر يحتاج دائما إلى تجديد.

أما ما يسمى المراجعات فالحقيقة أن الإنسان في حياته اليومية يحتاج إلى أن يراجع نفسه دائما أن يراجع تجربته وتعامله مع الآخرين، وتكون المراجعة أكثر إلحاحا عندما يتعلق الأمر بمنهج سياسي أو برنامج لحكم أو رؤية تترتب عليها أشياء ذات صلة بمصائر الناس وبمستقبلهم .

أعتقد أن المراجعات ضرورة وضرورة ملحة ليس فقط بالنسبة للقوميين ولكن بالنسبة لكل ذوي القناعات والرؤى والاستراتيجيات في هذا البلد ، نحن بحاجة إلى مراجعة كل شيء في هذا البلد.

الأخبار: لكن ما هي طبيعة هذه المراجعات التي ترى بأنها ضرورية للقوميين ومن أي نوع هي ؟

عبد الله: بصراحة أنا كنت منذ فترة طويلة - وهذا ليس موقفا جديدا - كنت حتى في الثمانينات أرى ضرورة مراجعة التيار القومي لنظرته إلى الدين؛ فالإسلام وحتى لا أقول الدين هو المكون الجوهري للشخصية المسلمة والعربية بشكل عام طبعا هناك عرب غير مسلمين والثقافة السائدة في البلاد العربية الإسلامية هي الثقافة الإسلامية العربية .

وكنت أرى أنه من الضروري وما زلت أرى أنه من الضروري مراجعة كل الإيديولوجيات وكل الأنماط السياسية التي يراد لها أن تحكم الإنسان المسلم حيث كان لأنه لا يمكن أن نتمادى في تنزيل أنماط وأنساق معينة من الحكم نشأت في ظروف مختلفة وفي سياق تاريخي مختلف ولشعوب مختلفة على إنزالها على مجتمع له محدداته وظروفه وضروراته وخصوصياته .

ولذلك نحن يجب أن نبيئ الإيديولوجيات والأنماط حتى تكون ملائمة لنا طبعا نحن نستفيد ويجب أن نستفيد من فكر الآخرين وأن نقتبس منه وننفتح عليه ولكن علينا أن نجعله ابن البيئة التي ننتمي إليها والمحيط الذي نحن فيه وأن لا يكون مجرد سلعة مستوردة قدت على شكل محدد وعلى قياس محدد نأخذها كما هي هذا لا يليق حتى في السلع والبضائع التجارية أحرى في أمور الثقافة والدين والسياسة.

أعتقد إذن أن المراجعة الأولى بالنسبة للقوميين يجب أن تكون في الدين أما المراجعة الثانية فهي مهمة وفي مجال الديمقراطية ، مسألة الديمقراطية وأعني بالديمقراطية هنا الديمقراطية الداخلية أنا آخذ على كل التيارات السياسية وليس القوميين فقط غياب الممارسة الديمقراطية الحقيقية داخل التيارات والأحزاب نفسها ثم آخذ عليهم أيضا الحرص الكبير على أن تكون الديمقراطية كمنهج للحكم قاسما مشتركا وشرطا أساسيا للتعاون والتنسيق والتفاهم بين الأحزاب والتيارات.

ولذلك أنا أرى أن ثاني مراجعة هي في مجال الديمقراطية يجب أن تكون الديمقراطية هدفا يتفق عليه الجميع ويسعى الجميع لتحقيقه لأنه من دون الحرية لا يمكن أن تتحقق تنمية ولا أن يتحقق حتى بناء الدولة ، فالدولة لا يمكن أن تبنى من دون ديمقراطية؛إذن الديمقراطية مسألة مهمة وعلى كل التيارات أن تتوافق على هذه النقطة.

والباب الثالث ربما للمراجعة هو الابتعاد عن تأليه الأشخاص وهذا أشرت إليه في الندوة أيضا والابتعاد عن تأليه الايدولوجيا فالايدولوجيا في ذاتها ليست هدفا وحتى الديمقراطية ليست هدفا وحتى الفكر ليس هدفا في حد ذاته إنما الهدف من كل هذا هو الوصول إلى حالة تجعل الإنسان في أقصى درجات الكمال والرفاه والإنسانية والتقدم.

إذن عندما نجعل الايدولوجيا هدفا أو نجعل الشخص الزعيم القائد الملهم إلها معبودا حقيقة نكون جلسنا دون الآداب التي نريد تحقيقها ونكون في الحقيقة تحولنا من هدف إلى هدف آخر لا يمت بصلة للهدف الأصلي الذي هو البحث عن أفضل نمط ونسق للوصول بالإنسان إلى أعلى مراتب الكمال والازدهار والرفاهية .

ولذلك هذا الجانب يجب مراجعته وإنهاء التحجر في المجال الإيديولوجي، كل حزب وكل تيار بما لديه فرح لا يرى إلا ما بين يديه هو متصنم على أفكار تملى عليه إملاء وأحيانا تكون قد مضى على إملائها عشرات السنيين ولكنها تبقى عنده كأنها وحي منزل من السماء.

إن الايدولوجيا ليست وحيا منزلا من السماء والسياسة ليس فيها شيء منزل من السماء والأشخاص ليسوا معصومين نحن كمسلمين ليست عندنا العصمة إلا للنبي صلى الله عليه وسلم وليست عندنا عصمة للبشر الآخرين ودولتنا ليست تيوقراطية نحن نختلف عن الكنيسة ليست لنا دولة كهنوتية وليس لنا رئيس أو حاكم كهنوتي مقدس ، دولتنا في الإسلام ذات حكم مدني يتولاه أشخاص يخطئون ويصيبون لسنا مثل إخوتنا الشيعة الذين عندهم عصمة الإمام هذا ليس عندنا أبدا فلا عصمة لعالم ولا مفكر ولا إمام ولا رئيس إذن لا بد أن نقرب الفكر من الناس ونعرضه للنقد حتى يتطور ويصير في متناول الناس وينال مصداقية الناس ويكون ولاء الناس فعلا لهذا الفكر وأن لا يكون مجرد بضاعة مستوردة ومعلبة ومحجرة.

الأخبار:

أدرتم أهم تجربة إعلامية في المجال السمعي " إذاعة المواطنة" هل ما زلتم تنوون إعادة المشروع وهل ستنطلق الإذاعة أخيرا مع تحرير السمعي البصري؟

عبد الله: لا أعتقد أن إذاعة المواطنة بالصورة التي نشأت بها والظروف التي نشأت فيها يمكن أن تعود لأن الظروف مختلفة وحقيقة إذاعة المواطنة كانت أيضا نتيجة لعمل سياسي معين سمح في وقتها بهذا الحد من الحرية ولم يكن مسموحا بأكثر من ذلك أما حين يصبح قطاع السمعي البصري محررا فأتمنى وأرجو أن تبدأ تجارب أكثر تطورا وطموحا من إذاعة المواطنة فإذاعة المواطنة رغم ما حظيت به من قبول حسن فهي لم تكن حقيقة تعدو كونها مجرد تجربة بسيطة تلقفها الناس بتعطش لأنهم كانوا بحاجة إلى صوت آخر ونقل للتعبير ولكن يجب أن يكون طموح الناس اليوم أكبر من مجرد إذاعة المواطنة فأرجو أن يمكن القانون من أن يظهر مشهد إعلامي جديد في البلد تكون فيه تعددية حقيقية نوعية في المجال السمعي والبصري ومجال الصحافة .

وأعتقد أن هذا البلد سيكون محظوظا لو حدث مثل هذا المشهد لأن موريتانيا في تاريخها كله لم تتقدم ولم يتقدم صيتها عالميا إلا بثقافتها وثقافة الماضي تمثلت وتجسدت في المحظرة وفي روادها والمتخرجين منها والدور الذي قاموا به ولكنها اليوم يمكن أن تتجسد في نهضة إعلامية تكون بمثابة محظرة حقيقة تنشر صيت موريتانيا في العالم وتصقل بعض ما شابه الزمن من أمجاد وتاريخ ماضي ولذلك أرجو أن تبرز تجارب جديدة أكثر من إذاعة المواطنة بكثير.

الأخبار: ما هي قراءتكم للواقع الإعلامي الآن مشاكل الصحافة وطرق حلها ؟

عبد الله: حقيقة الصحافة الآن مثل التيار القومي وغيره من التيارات تحتاج إلى مراجعات وأعتقد أنها ينبغي أن تكون مراجعات جدية ومعمقة وسمعنا عن منتديات تقام هنا وهناك عن كذا كذا وأتمنى أن تقام منتديات أو منتدى كبيرا عن واقع الصحافة في هذا البلد.

والصحافة ليست ترفا إنها حقيقة جهاز أساسي وجوهري في الدولة الحديثة وهو جهاز لا يقوم إلا في مناخ من الحرية ولا ينجح إلا إذا تولى أمره أناس يتحملون المسئولية الأخلاقية ويقدرون عظمة مسئولية الإعلام وأعتقد أن الإعلام اليوم بحاجة حقيقة إلى مأسسة تجعله من ناحية يمتلك المجال الكافي من الحرية الضرورية لأداء مهمته ومن ناحية أخرى يتحرر من الذين استوطنوه واغتصبوه في السنوات الماضية في إطار سياسة الإغراق التي دأبت الحكومات الماضية المتعاقبة على تنفيذها حتى يتخفف من أمراض أصبحت جزء للأسف الشديد من الصورة .

فالإعلام كما يقدم اليوم سواء في الإذاعة أو في التلفزيون أو الجريدة ليس إعلاما إطلاقا؛ يمكن أن تسميه دعاية أو تبطيلا أو تزميرا سمه كما شئت شعرا أو غير ذلك المهم أنه ليس من الإعلام في شيء إلا في حالات قليلة جدا وهي حالات لا تنفي هذه القاعدة وإنما تؤكدها.

إذن نحن بحاجة إلى مراجعة حقيقة من أجل أن تكون لهذا البلد صحف حقيقية وتلفزيونات حقيقة وإذاعات حقيقية أو على الأقل أن يكون في هذا الأرخبيل أو هذا السيل العرم من وسائل الإعلام على الأقل مؤسسة واحدة أو اثنتان جديتان في كل نوع من أنواع هذا الإعلام لهما من الالتزام بقواعد المهنة ما يمكن من أن تنال هذه المؤسسات المصداقية.

إن المشكلة اليوم والمعركة اليوم هي في المصداقية والمصداقية مشكلتها أنها لا تنال بالقرارات ولا بالقوانين ولا بالمسطرات الأخلاقية فلا تنال إلا عندما يكون الإعلام يلامس الحقائق الجوهرية للمجتمع ليكون تعبيرا صادق وحقيقيا ومستديما.

أيضا صحيح أن إعلام الإثارة والتنطع والتزلف والنفاق يثير ويقيم الدنيا أحيانا ولكنه في النهاية غثاء كغثاء السيل قد يستفيد شخص أو شخصان يحققان الثرى والتعيين في مناصب لكن هذه مناصب تافهة إن المكاسب الحقيقية هي التي يحققها الإعلام الناجح الصميمي وتأتي عندما يلامس الإعلام الحقائق الجوهرية للمجتمع وهناك يغير المجتمع كله فالإعلام يجب أن يكون المؤثر الأول في واقع الناس فيقال أن الإعلام الحقيقي مثل المفتاح الحقيقي للباب فعندما تكون عندك مجموعة مفاتيح وتريد أن تفتح بابا فإذا أخذت المفتاح الغلط فأنت لن تفتح الباب لكنك إذا أخذت المفتاح الصحيح ستفتحه.

والإعلام الصحيح هو ذلك الذي يفتح الباب باب الحرية ، باب التوافق الوطني ، باب الحوار ، يفتح باب الرقابة والنقد الإيجابي. إن الإعلام يجب أن يكون منبرا للنقد لا للتمجيد وليس سوقا لإلقاء القصائد والمدح ليس هذا هو الإعلام.

الأخبار: كمثقف ما هي العلاقة التي ينبغي أن تكون بين المثقف والسياسي؟

عبد الله: أولا أنا لا أدعي أني مثقف إنما أعتبر أني من أفراد هذا المجتمع الذين يفكرون أحيانا في مئالات الأمور فالإنسان عندما يمتلك ولو نزرا يسيرا من أدوات اللغة فاللغة هي التي تفك طلاسم الحياة ولكن هناك اللغة المكتوبة والمنطوقة وهناك لغة الأشياء ولغة الحياة والإنسان عندما يمتلك نزرا من هذه اللغة يجب أن يفكر في كيفية التعامل بالذي يملكه من هذه اللغة بغض النظر عن نوعها في فهم الأشياء والتعامل معها.

وإذا كان لي أن أقدم ملاحظة عن المثقفين في هذا البلد فأقول إن المشكلة الرئيسية بالنسبة للمثقفين والنخبة في هذا البلد هو أنهم فشلوا في إعطاء المثل الحسن؛ المثقف هنا ليس قدوة وهذا في النهاية جعل المواطن العادي يتساءل ما فائدة الثقافة عندما يكون الإنسان الذي يحمل الزعم والادعاء بأنه مثقف يمارس نفس ما يمارسه الجاهل من تزلف ونفاق إلي آخره .

مسألة القدوة والمثال جوهرية وضرورية ونحن مخاطبون اليوم أكثر من أي وقت مضى إذا كان المثقفون يريدون أن يعيدوا ثقة المجتمع فيهم أن يعيدوا النظر في هذه المسألة نحن ننتقد الحكومات والأحزاب ننتقد كل شيء ولكن لا ننتقد ما تمارسه النخبة لا ننتقده لأن النقد الذاتي غائب في هذا البلد وأي نقد حتى ولو كان موضوعيا ومسئولا سيعد تجريحا ويفسر تفسيرات عصبية وجهوية إلخ .


أعتقد أن للمثقف أن يكون سياسيا ولكن ليس من اللازم أن يكون كل المثقفين سياسيين وأنا لست سياسيا بالمناسبة ولست مثقفا أنظر فقط وأتطفل على هذه الأشياء كفرد من أفراد هذا المجتمع أتمنى فقط أن يكون مثقفونا سواء عملوا في السياسة أو لم يعملوا فيها محافظين على أن يقدموا المثل الحسن والقدوة الحسنة حتى يشجعوا الأجيال اللاحقة على طلبة العلم؟


الأخبار: ومن جهة أخرى ما هي العلاقة التي ينبغي أن تكون بين المثقف والسلطة؟

عبد الله: المشكلة في البلد أن المثقف عندما يعين في منصب يحس بأنه أصبح رقيقا وأن ولي نعمته هو ذلك الذي عينه في المنصب والحقيقة أن هذا نوع من انعدام ثقة الموظف في بضاعته عندما ينضم إلى جهاز إداري معين أو إلى حكومة من الحكومات عليه أن يفهم أنه هو أيضا يأخذ فعلا ولكنه يعطي أيضا فوجوده داخل هذا الجهاز أو داخل تلك الإدارة يعطيها نوعا من المصداقية ولكن بشرط أن يظل هو متمسكا بمثله ومبادئه وبحسن الأداء والمثالية والقدوة الحسنة.

إذن يجب على المثقف ألا يشعر بالدونية عندما يتعامل مع السلطة فهو صاحب رسالة وفهم ورؤية وليس رقيقا وليس شخصا يستخدم لحاجة مؤقتة وظروف مؤقتة والصورة الآن لا أرى أنها نيرة في مجال تعاطي المثقف مع السلطة خاصة في العقود الأخيرة الماضية لم يسلم من ذلك إلا من عصم ربي .

فدائما عندما يصل المثقف إلى مبتغاه بغض النظر عن كل شيء تجده يتنكر لكل ذلك وينساه كل ما كان يقول وما كان ينتقده على الآخرين بالأمس وهذا في الحقيقة شيء مؤسف جدا وقد استفاد الموظفون في هذا المجال من ملاحظة عجيبة هي سرعة نسيان الموريتانيين وضعف ذاكرتهم.

فالموريتانييون ينسون دائما الموبقات والجرائم فينسون أن هذا المثقف كان بالأمس يعيب على بعض المسئولين وينتقدهم وعندما عين أتي بأبشع مما يفعلون وما كان ينكره عليهم وتجد أن الشخص الواحد عندنا يتعامل مع عدة أنظمة على مر السنين ومن مواقع مختلفة تماما وتجده يقول نفس الكلام الذي كان يقوله قبل عشر سنوات أو عشرين سنة لذلك الحاكم في ذلك الزمن يقوله بنفس الحدة ونفس التحمس والدرجة لهذا الحاكم بل وتجده أمس يختلس المال العام واليوم يتكلم وكأنه فاتح وشخص جاء من كذا وكذا.



الأخبار: ما هو تقييمكم لاستعدادات البلد لعاصمة الثقافة السنة القادمة:

عبد الله: الوقت صار قاب قوسين أو أدنى فسنة 2011 هي السنة القادمة ونواكشوط هي في الحالة التي نعرفها جميعا أنا قبل فترة كنت أعد بعض العمل وبحثت عن بعض المراجع في مكتبات نواكشوط حقيقة يمكن أن أقول من دون مبالغة أنه لا توجد في هذه المدينة مكتبة واحدة يمكن أن نطلق عليها اسم مكتبة حقيقية هناك مكتبة واحدة أو اثنتان يعني يمكن أن نقول إنهما في طريقهما لأن تصبحا مكتبتين بمستوى بسيط لكن المكتبات الأخرى عبارة عن غرف وقاعات مكدسة فيها بعض الكتب والعناوين وغالبا ما تكون العناوين والكتب التي لا تباع في المكتبات الأخرى وهي كتب أصدرتها منظمات متخصصة دولية وليست كتبا مرجعية كأمهات الكتب وعيون الكتب والمتون الرئيسية هذه يمكن أن تجد البعض منها في مجال العلوم الإسلامية لكنك لا تجدها في المجالات الأخرى ، المكتبات عندنا ليست منظمة.

إن مثل هذه العاصمة التي لا تجد فيها مكتبة بالمعنى الصحيح للكلمة هل يمكن أن تكون عاصمة للثقافة الإسلامية ، أنا أعتقد أن نواكشوط سواء بإرادة المؤتمر الإسلامي أو الهيئة التي أقرته عاصمة للثقافة خلال السنة القادمة هو رغم كل ذلك عاصمة إسلامية قبل هذا وسيكون عاصمة إسلامية بعده لكن ليس بمعنى أن تنحصر فيه في سنة واحدة الإيجابيات والمميزات التي يجب أن تكون في عاصمة إسلامية هذا لن يتحقق من هنا إلى غاية السنة القادمة.

على كل حال كنت أتمنى لو أخرت هذه التجربة عن نواكشوط لسنوات أخرى حتى تستعد المدينة وتكون لها رونق ملائم وشوارع مبلطة والحد الأدنى من مقومات المدينة الحديثة وأن تكون فيها دور للنشر ومراكز للدراسات والبحث وجامعات حقيقية وكليات حقيقية متخصصة يعني أن تكون حقيقة مدينة لها رصيد ولها مساهمة في الثقافة الإسلامية وهذا عندما أقوله لا أريد تبخيس مساهمة الموريتانيين في الثقافة الإسلامية فهي معروفة ولكن مساهمة الموريتانيين كأفراد ظلت أكثر من مساهمة موريتانيا كدولة ومؤسسة وهناك فرق بين الأمرين.

على كل حال أتمنى أن ينجح الإخوة المسئولين عن التظاهرة وألا يقصروا جانب التظاهرة على الجانب الفلكلوري والشكلي وإن كان مهما ولكن لا بد أن يكون معه اهتمام بالقضايا الأساسية لا شك أن ضيوفنا إذا وصلوا إلى نواكشوط سيبحثون عن أشياء ذات قيمة ونحن عندنا مدن تاريخية لم نؤهلها لأن تصبح مدن جاذبة للاهتمام الثقافي والبحث العلمي عندنا مكتبات قديمة جديدة جدا تحتوي مخطوطات لم نجعلها في الحالة يمكن أن تكون عنصر جذب لسواح الثقافة والباحثين في المجالات الإسلامية وعندنا أشياء كثيرة حتى عندنا تراث شعبي شفهي جمع النزر اليسير منه وما زال الكثير منه ضائعا إلخ وهناك أشياء كثيرة تحتاج إلى عمل ونهضة حقيقية ووثبة في كل المجالات.

وإنه على سبيل المثال عندنا في السنة الماضية لن يرى الضيوف الذين يزورون نواكشوط قناتين محليتين أو أكثر إلى جانب محطات إذاعية متعددة نحن دولة ديمقراطية ولكن فيم تتجلى ديمقراطيتنا ، تعددنا وتنوعنا هل يستطيع الزائر لنا أن يتلمس من خلال الإعلام ووسائل الثقافة في البلد صورة حقيقية عن البلد في هذا المجالات مجالات الديمقراطية والتعددية وجودة الإنتاج الثقافي إلخ .. أتمنى أن تنجح التظاهرة وتوفق ويحاول القائمون على التظاهرة أن يعلوا من شأنها.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!