التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:14:23 غرينتش


تاريخ الإضافة : 15.05.2010 19:25:22

رئيس حزب الصواب: نحن بحاجة إلى قائد يدعم قضايا العدل التي نناضل من أجلها محليا

رئيس حزب الصوب عبد السلام ولد حرمة (الأخبار)

رئيس حزب الصوب عبد السلام ولد حرمة (الأخبار)

قال رئيس حزب الصواب عبد السلام ولد حرمة إنهم "بحاجة إلى قائد عربي، إلى قائد مسلم، حتى إلى قائد عالم ثالثي، يقوم بدعم قضايا العدل التي يناضلون من أجلها محليا" مؤكدا أن في مقدمتها "تثبيت الهوية الحضارية لهذا البلد، التي تواجه خطرا متناميا".

وقال ولد حرمة في مقابلة مع وكالة أنباء الأخبار المستقلة إنهم "بحاجة إلى قائد يدعم الحركة الشعبية والسياسية والثقافية والفكرية في موريتانيا، لمواجهة استحقاقات القرار التاريخي الذي تم اتخاذه شعبيا وسياسيا ورسميا بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني"، مشيرا إلى أن "القائد معمر القذافي مد اليد، وعبر عن هذا الاستعداد"، وهم عبروا "بالمقابل" عن استعدادهم "للانخراط معه في هذه المعركة".

ورأى ولد حرمة أن السفارات الأجنبية تتدخل في الشؤون الداخلية لموريتانيا، وخصوصا "السفارة الفرنسية التي تقدم الدعم الكبير لخدمة ثقافتها ولغتها"، معتبرا أن "هذه الثقافة لها امتدادات خطيرة محلية، وتوجد مجموعة من الناس تحافظ على هذه اللغة، وتدخلها عنوة في صلب قضايانا الحساسة، وحدتنا الوطنية، ونسيجنا الاجتماعي، وتعايشنا السلمي"، مؤكدا أن حزب الصواب قال أكثر من مرة "إن هذه السفارات تدخلت في قضايانا، في انقلاباتنا، في تغيير حكوماتنا، في توجيه رأينا العام، ورأينا السياسي".

وعن أهداف المنسقية التي أعلنوا عنها قبل أسابيع، قال ولد حرمة إن أهم أهدافها "خلق مولود سياسي عام، يجمع مجموعة من الأحزاب السياسية، تتفق على خطط عامة، أما الهدف الثاني فهو الدفاع عن ثوابت هذا البلد الحضارية، وفي مقدمتها الدين الإسلامي واللغة العربية التي نرى أنها من ثوابت هذا البلد"، مرجحا عدم استعجالهم الاندماج في حزب سياسي واحد، لأن ذلك "يحتاج من الوقت والجهد والتنسيق شيئا كثيرا"، ولأنهم "يرون أن تجارب أخرى؛ سواء في بلدنا أو بلدان أخرى استعجلت، وبالتالي دفعت ثمن ذلك الاستعجال، إما في رخاوة العمل الذي وصلت إليه، أو في عدم جدوائيته"، مؤكدا اكتفائهم "بتقوية هذه المنسقية، وبانفتاحها على أطراف أخرى محتملة"، يعولون عليها، قائلا "هدفنا الأساسي هو خلق قطب سياسي، سواء كان هذا القطب السياسي حزب، أم بقي على مستوى المنسقية".

وهذا نص المقابلة:

الأخبار: في البداية ما هي أهم أهداف المنسقية التي أعلنتم عنها قبل أسابيع؟.

عبد السلام: بسم الله الرحمن الرحيم
هذه المنسقية تشكل مطلبا تاريخيا لنا على الأقل في حزب الصواب، ولكل مكونات هذه المنسقية من الأحزاب والشخصيات والفعاليات السياسية والمدنية، ذلك أننا منذ فترة ونحن نشعر بضرورة توحيد الجهود السياسية والحزبية، ليس داخل الساحة القطرية الموريتانية فحسب، وإنما على امتداد خارطتنا العربية، في مواجهة خطر يهدد وجودنا، وبعرض كيان أمتنا لامتحان قاس ومدمر.

وقد لاحظنا أن الجهد القومي والإسلامي على الساحة العربية، بدأ منذ فترة يحاول تقوية الجسور الموجودة أصلا، وتعزيز التعاون، وإن لم يصل ذلك إلى مستوى نضالي فعال، وبقي على مستوى بيروقراطي إلى حد ما، وهو ما تمثل في المؤتمر القومي الإسلامي الذي ظهر منذ سنوات في بيروت.

نحن كان عندنا هذا المطلب، وكان مطلبا محتشما في بداية الأمر، ولكنه استطاع في السنة الماضية والأشهر الماضية أن يسرع من إيقاع خطواته، ومن أهم أهدافه الأساسية؛ الدفاع عن الهوية الثقافية الحضارية لهذا البلد، وتشجيع الساحة القومية والساحة العربية لمواجهة خطر نرى أنه يتعاظم باستمرار، لأننا - كما نقول دائما- الخصم عندما يواجهنا يواجهنا بإمكانيات متحدة، عندما تواجهنا أمريكا تواجهنا مع حلف الأطلسي وحلف وارسو، ينظرون لنا كجهة واحدة، وكخطر واحد، بينما نحن نواجههم، ليس دولا قطرية كما فرضتها اتفاقية "سايس بيكو" التي نخلد ذكراها يوم غد، وإنما ككيانات، و ليست كيانات فكرية عامة، اتجاه إسلامي، اتجاه عروبي، اتجاه وطني، اتجاه يساري، وإنما الاتجاه الواحد يتفرق، وينقسم إلى عدة مجموعات.

إذا من أهدافنا الأساسية، خلق مولود سياسي عام، يجمع مجموعة من الأحزاب السياسية، تتفق على خطط عامة، أما الهدف الثاني فهو الدفاع عن ثوابت هذا البلد الحضارية، وفي مقدمتها الدين الإسلامي واللغة العربية التي نرى أنها من ثوابت هذا البلد، والتي نرى أنها تتعرض لتهديد خطير، ليس على مستواها كلغة، وإنما على مستوى ما يرتبط بهذا المجتمع من حقوق، حقوق المواطنة العادية التي جعلت كل إنسان له ثقافة وتكوين بهذه اللغة يذهب إلى الشارع، يذهب إلى الهامش، مقابل ما توفره ظروف البلد الحالية من امتيازات للأطر المكونين باللغة الفرنسية.

الأخبار: هل أنتم بصدد الاندماج في حزب سياسي واحد؟ أم أنكم ستكتفون بتنسيق الجهود؟.

عبد السلام: هدفنا الأساسي هو الاندماج في إطار حزب سياسي، ولكننا نعرف أن هذا المطلب يحتاج من الوقت والجهد والتنسيق شيئا كثيرا، ولا نستعجل في ذلك، لأننا نرى أن تجارب أخرى؛ سواء في بلدنا أو بلدان أخرى استعجلت، وبالتالي دفعت ثمن ذلك الاستعجال، إما في رخاوة العمل الذي وصلت إليه، أو في عدم جدوائيته، وبالتالي نحن الآن نكتفي بتقوية هذه المنسقية، وبانفتاحها على أطراف أخرى محتملة، نحن نعول عليها.

وهدفنا الأساسي هو خلق قطب سياسي، سواء كان هذا القطب السياسي حزب، أم بقي على مستوى المنسقية.

الأخبار: في علاقاتكم السياسية مع أطراف الساحة، نائب رئيس الحزب الحاكم وصفكم بوصف غريب بعض الشيء، حين قال إنكم "كالناقة التي تأكل من الشجرة وعينها على شجرة أخرى"، هل تتنكرون لهذه الدرجة لجميل الوطن؟.

عبد السلام: هذا يعيدني إلى سؤال جوهري، وحملة قوية رافقت سفر قيادات هذه المجموعة إلى الجماهيرية الليبية في الآونة الأخيرة.

والصفة التي وصفنا بها هذا السياسي، أرى أولا أنه لكل سياسي الحق أن يشخص فعلا سياسيا آخر، أو تكونا سياسيا آخر وفق ما يراه مناسبا، ووفق رؤيته الخاصة.

ولكن هناك ملاحظتان في هذا الخصوص.

الملاحظة الأولى: هي أن الخطاب السياسي الوطني عندنا، نرجو له أن يرتفع عن مستوى هذه التشبيهات، أن يرتفع عن لغة الخطاب العادي، خاصة إذا تعلق الأمر بالكادر المتقدم، وبقيادات الأحزاب، ورموز العمل السياسي.

صحيح أن دواعي الاختلاف وداوعي التعدد مبرره اختلاف الأفكار، واختلاف البرنامج السياسي، وصحيح أن هناك اختلاف، وهناك تباين، لكن علينا أن ندير هذا التباين، وهذا الاختلاف بمنطق حضاري، ومنطق سياسي يأخذ قيمته الحقيقية من تراثنا المحلي القائم على التسامح، واحترام الآخر، والتعامل معه بأسلوب مرن، وأسلوب كيس، مهما كانت درجة خلافنا معه.

الناحية الثانية: هي أننا حينما ذهبنا إلى ليبيا ذهبنا بثلاث خلفيات،

أولاها: محاولة توحيد التيار القومي وأجزاء من التيار الإسلامي، كانت هنا قوية وفاعلة في السنوات الماضية، ونحن عبرنا عن ذلك، سواء في خطاباتنا، أو في بعض من الأنشطة التي ركزنا على القيام بها داخل الساحة، ومن أبرزها إنشاء "المرصد الموريتاني للغة العربية"، والأنشطة التي قيم بها في الساحة، لقضايا عامة، بعضها قومي وبعضها إسلامي، لكن سفرنا للجماهيرية الليبية كان قبل القمة العربية، وكنا نتابع خطابات القائد الليبي معمر القذافي، لأنه مستعد ومهيأ لتبني كل أصحاب القضايا العربية والإسلامية واليسارية في العالم، باعتباره قائدا لهم وموجها وداعما وحاضنا، قال هذا الخطاب في آكدس 2007، قاله قبل سنة وهو يخلد الذكرى الخمسين لانطلاق القوميين العرب، وهي الحركة التي أسسها في الجماهيرية الليبية قبل قيام الثورة الليبية.

هذه الآراء كنا نحن هنا في الساحة الموريتانية نرى أننا بحاجة إلى الاستجابة القوية لها، وأسباب ذلك كثيرة، لأننا نرى أن أي سند أو دعم للعمل القومي الإسلامي، وحتى الوطني على الساحة الموريتانية، فهو مرحب به أشد ترحيب عندنا، خاصة أننا نواجه معركة، نحن لا نخفي إطلاقا أن معركتنا الوطنية معركتنا الثقافية، معركتنا الحضارية، نخوضها بأسلحة غير متكافئة.

الخطاب الفرانكفوني التغريبي هنا يلقى الدعم اليومي من سفارات معروفة، ومن جهات معروفة، ومن منظمات معروفة، هذا الخطاب بما يمتلك من إمكانيات، وبما يمتلك من دعم، نحتاج لكي نواجهه إلى استنهاض كل القوى والهمم والإمكانيات المتاحة.

وفي فلسفتنا نحن –على الأقل في حزب الصواب- وهذه الفلسفة معلنة، وهي العمود الفقري لمرجعيتنا الفكرية، لا نرى إطلاقا أي مبرر لهذه الحدود، اتفاقية "سايس بيكو" التي عقدت عام 1916، في يوم 16 مايو، وقد قسمت الوطن إلى مجموعة من الدويلات، مجموعة من الطوائف، وحينما نتكلم عن القضايا القومية، لا ندخل في إطار القضايا القطرية، صحيح أننا في حزب الصواب مرجعيتنا السياسية مرجعية قطرية، هي قيادة الحزب التي تم انتخابها في بداية 2007 في مؤتمر حزبي عام، صحيح أننا نعمل بالقوانين والدستور الموريتاني، وفق ما تسمح به القوانين للأحزاب السياسية، لكن هذه المرجعية القانونية مرجعية تنظيرية، نحترم بها الدستور الموريتاني، نحترم بها القانون المنظم للأحزاب السياسية، لكن مرجعيتنا الفكرية هي مرجعية أخرى، هي مرجعية قومية، نتعامل بها مع القضايا القومية بهذا الروح، بهذا النفس، وبالتالي نرى أن القائد معمر القذافي من هذه الناحية قائد قومي وزعيم للعمل القومي، عبر عن استعداده، ونحن نرحب بهذا الاستعداد، ومستعدون للتعاون معه، والوقوف إلى جانبه، ومن هذا المنطلق سافرنا إلى ليبيا، وقلنا ذلك الموقف، وما زلنا نقوله، ولا داعي لأن يقول طرف آخر إننا نقتات على ما نقتات عليه، نحن حركة سياسية أصيلة في هذا البلد، اكتوينا بناره، عرفنا التضحيات الكثيرة التي قدمت في سبيل هذا البلد، وقدمناها، سواء كانت تهميشا، سجنا، قتلا، نفيا، ضحينا من أجله، وما زلنا مستعدون للتضحية من أجله.

نمتلك مشاريع سياسية قبل هذا النظام وبعده، ومستعدون للدفاع عن هذه المشاريع السياسية، وهذا لا ينفي وجود أطراف أخرى تمتلك مشاريع سياسية، نحترمها ونقدرها، ولكننا نحترمها ونقدرها طالما احترمتنا وقدرتنا.

الأخبار: وما هي بقية الخلفيات التي كانت عندكم أثناء زيارة ليبيا؟ ذكرتم أنها ثلاثة؟.

عبد السلام: الخلفية الأخرى التي دفعتنا إلى هذا التوجه، هي أن سفرنا إلى الجماهيرية كان قبل القمة العربية، وهذه القمة تنعقد في ظروف بالغة الصعوبة مثل كل القمم التي انعقدت، وكنا كحركة شعبية، وكحركة سياسية، على غرار حركات شعبية وسياسية التقينا معها في الجماهيرية، جاءت من فلسطين من العراق من السودان من الأردن، كانت تأتي لرفع مطالب الساحة العربية والإسلامية للقائد معمر القذافي لنقلها إلى القمة بشكل رسمي، وكنا في هذا الإطار ضمن الوفود الشعبية والفعاليات التي جاءت إلى ليبيا لنقل بعض من هموم الشارع العربي إلى القمة الرسمية، مع أننا لم نكن نعول كثيرا على هذه القمة، وهنا لم يكن خطابنا إطلاقا بعيدا عن خطاب المقاومة العراقية التي تحدثت للقائد معمر القذافي عن أهمية احتضانه لها ودعمه لها، لم يكن خطابنا بعيدا عن خطاب الوفد السوداني والوفد الفلسطيني، ووفد عرب 48، كل هذه الوفود الشعبية جاءت إلى الجماهيرية العربية الليبية، للاستجابة لدعوة القائد في تبني قضاياها القومية والإسلامية، ولنقل خطاب الساحة الشعبية العادية إلى هذا القائد، لنقله إلى القمة العربية.

الأخبار: ما هو الدور المحدد الذي ترون أن على معمر القذافي القيام به في موريتانيا حسب رؤية المنسقية؟.

عبد السلام: الأدوار المطلوبة من القائد معمر القذافي كثيرة، ويطول الحديث عنها.

أولا: نحن بحاجة إلى قائد عربي، إلى قائد مسلم، حتى إلى قائد عالم ثالثي، يقوم بدعم قضايا العدل التي نناضل من أجلها محليا، وفي مقدمتها تثبيت الهوية الحضارية لهذا البلد، التي تواجه خطرا متناميا أنتم تعلمونه، والساحة تعلمه، وأخطره الخطاب الفرانكفوني المتزايد.

نحتاج إلى قائد يدعم الحركة الشعبية والسياسية والثقافية والفكرية في موريتانيا، لمواجهة استحقاقات القرار التاريخي الذي تم اتخاذه شعبيا وسياسيا ورسميا بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني.

نحتاج إلى قائد يدعم هذا العمل على المستوى القومي، بدعم المقاومات في فلسطين، وفي العراق، وفي لبنان، وفي السودان.

نحتاج إلى قائد يوفر إمكانياته ومؤهلاته الفكرية والسياسية لدعم المجهود القومي على الساحة لمواجهة هذا الخطر، كل هذا دعم حقيقي لقضايانا، لأننا نناضل من أجل قيام مشروع سياسي، أي قوى سياسية، وأي عمل شعبي سياسي متجذر، يعمل لإحداث حركة تاريخية، يحتاج إلى من يساعده، يحتاج إلى من يمد له اليد، وهذا القائد مد اليد، وعبر عن هذا الاستعداد، ونحن عبرنا بالمقابل عن استعدادنا للانخراط معه في هذه المعركة.

الأخبار: ما دمتم ترون أن الثوابت الحضارية للبلد مهددة لهذه الدرجة، وتتهمون سفارات أجنبية في موريتانيا بالوقوف وراء هذه التهديدات، لم لا تعلنون أسماءها وتحددوها، حتى يكون الشعب على بينة من أمره؟.

عبد السلام: نحن كشفناها، وقلنا بأن السفارة الفرنسية هنا تقدم الدعم الكبير لخدمة ثقافتها ولغتها، وأن مقارنة هذا الدعم المقدم لدعم اللغة والثقافة الفرنسيتين لا يقارب بأي دعم لمشروع تنموي آخر.

قلنا إن هذه الثقافة لديها امتدادات خطيرة محلية، مجموعة من الناس تحافظ على هذه اللغة، وتدخلها عنوة في صلب قضايانا الحساسة، وحدتنا الوطنية، ونسيجنا الاجتماعي، وتعايشنا السلمي.

قلنا إن هذه السفارات تدخلت أكثر من مرة في قضايانا، في انقلاباتنا، في تغيير حكوماتنا، في توجيه رأينا العام، ورأينا السياسي، وهي أكثر من أن تقال، ويحتاج قولها إلى بسط في القول، ونحن مستعدون لذلك، وعبرنا عنه، وأنتم تعلمون أن السفارة الأمريكية تفعل نفس الشيء كذلك، وتعلمون أن وكر الكيان الصهيوني الذي كان هنا كان يمارس الشيء نفسه، قبل أن يكنس ويطرد غير مأسوف عليه.

هذه السفارات نعلم تدخلها، ونعلم أن إخوتنا العرب وإخوتنا المسلمين في وضع لا يحسدون عليه، ولو قدموا ربع أو خمس ما تقدمه هذه الجهات من دعم لغتها الوطنية لما وصل الأمر إلى ما وصل إليه اليوم.

وأعطيك مثالا: أستاذ جامعي في موريتانيا اليوم مكون باللغة العربية، يتقاضى أقل من عشر ما يتقاضا أستاذ مكون باللغة الفرنسية، لأن هذا الأخير يستفيد من التكوينات من البعثات من منح "اكريل"، من منح السفارة الفرنسية، من كل شيء، وهو مهيأ لتقلد كل المناصب في الدولة، بينما الآخر يبقى مهمشا وضعيفا، ومعتمدا على راتبه، وفي هذا تشجيع كاف.

الأخبار: في موضوع العلاقات مع إسرائيل، بعضكم قال إن قطع العلاقات جاء بعد ضغط من القذافي، وآخرون يرون أن ولد عبد العزيز هو من قطعها، كيف يرى الصواب هذه المسألة؟.

عبد السلام: نحن في الحقيقة نرحب بكل جهد قدم في سبيل قطع هذه العلاقات، ونرى ونؤكد أن الجماهيرية العربية الليبية كان لها دور كبير في دعم الشعب الموريتاني، والدفع في هذا الاتجاه.

أيضا نرحب بكل جهد رسمي قام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، ونعتبره خطوة تاريخية صحيحة مع الشعب الموريتاني.

لكن الذي قطع العلاقة الحقيقية مع الكيان الصهيوني هو الشعب الموريتاني، بكل مكوناته السياسية والحزبية والنقابية والطلابية، التي واصلت ضغطها ورفضت التطبيع، منذ أن أقيمت هذه العلاقة المشبوهة إلى أن انتهت، والحقيقة الفضل في ذلك يعود إلى الشعب الموريتاني أولا، وقواه ونخبه الحية التي رفضت هذه العلاقة.

مع أننا نعترف بهذا الجميل سواء للقائد معمر القذافي الذي مارس ضغطا أخويا، أو للقائد الموريتاني الذي امتلك الجرأة التاريخية، ونعرف أن هذا القرار يحتاج إلى الكثير من الجرأة التاريخية، ونعترف بأن محمد ولد عبد العزيز امتلك هذه الجرأة التاريخية، الذي ربطته به فعلا في وجدان الشعب الموريتاني.

الأخبار: أنتم كزعيم عروبي، هل تؤمن بالجهاد ضد "سويسرا"؟؟.

عبد السلام: حقيقة هذا الإشكال فيه إشكال فقهي وإشكال سياسي، من الناحية السياسية أؤمن بضرورة الجهاد السياسي، أي محاربة كل جهة أو طرف يمارس علينا الضغط والكراهية، ويسلبنا حقوقنا الثقافية والفكرية، أنا أؤمن بضرورة الجهاد ضده، ومكافحته بكل الوسائل المتاحة، أي وسيلة متاحة لرفع الضنك والعار والذل الذي يلحقنا من الغرب المسيحي، هذا من وجهة نظري جائز، وينبغي العمل به.

الجهاد الديني والفقهي، أنا لست فقيها، لا أمتلك مرجعية ولا خلفية فقهية تمكنني من البت في هذا الموضوع.

ولكن سياسيا أؤمن أن سويسرا أهانتنا وأذلتنا حين ما منعت بيوت الله، وبيوت العبادة، منعت المآذن والمساجد، في خطوة لم تعرفها أي حضارة بشرية عادية؛ أحرى أن تكون تنويرية، تعلمون أن المسلمين حكموا بلاد الله الواسعة، لم يفدنا كتاب من كتب التاريخ أنهم رفضوا إقامة الكنائس إطلاقا.

نحن في موريتانيا بلد مسلم مائة بالمائة، ومع ذلك ترتفع من داخل عاصمتنا كنسية، وتلقى الاحترام والتقدير، وهذا الذي قامت به سويسرا لو قامت به موريتانيا، لو قامت موريتانيا اليوم باستفتاء حول الكنيسة، لا أحد في موريتانيا يقبل بالكنيسة، لكن واقع الحال، وواقع التعامل يفرض علينا أن نحترم الآخرين، وأن نتركهم يعيشون على أرضنا، ويمارسون عباداتهم كما يشاؤون ووفق ما شاءؤوا.

هذا الذي قامت به سويسرا عمل مهين لكل المسلمين، وكان علينا جميعا، وما زال علينا جميعا أن نهب لرفضه والوقوف ضده بوسائلنا العادية.

سياسيا نمتلك وسائل الرفض...

الأخبار: (مقاطعا) لكن ما هي حدود هذا الجهاد السياسي كما سميتموه؟.

عبد السلام: حدود الجهاد السياسي، هي تهيئة الرأي العام الوطني، وجعل الرأي العام الشعبي على الساحة العربية والساحة الإسلامية في مستوى صحوة وهبة ضمير، لمواجهة هذا القرار، اقتصاديا وسياسيا ومعنويا وإعلاميا، لتنبيه سويسرا إلى أنها قامت بعمل خطير، والرد عليها، وللتأكيد لسويسرا أن مصالحها المادية والمعنوية مهددة عند المسلمين، طالما أنها مصرة على إهانتهم بهذه الطريقة، وهذا فيه ردع لغير سويسرا من الدول التي عودتنا من تاريخ الحجاب، إلى تاريخ المآذن، إلى تاريخ الرسوم، أنها ممعنة في إهانة المسلمين، وفي إهانة مشاعرهم، في حين أنه لا أحد منا اليوم يستطيع الكلام عن المحرقة، إلا وتعرض لما نعرف جميعا أنه سيتعرض له، لكل أمة مشاعر، لكل أمة مقدسات، هذه مشاعرنا، وهذه مقدساتنا، ينبغي أن تحترم لنا، كما ينبغي لنا أن نحترم الآخرين في مشاعرهم ومقدساتهم.

الأخبار: في الشأن السياسي الداخلي، كيف تنظرون إلى أداء حكومة ولد محمد لغظف؟.

عبد السلام: في الحقيقة هذه الحكومة لا أحد يستطيع القول أنها تؤدي الدور المطلوب منها، نحن نعيش أزمة اجتماعية، ونعيش أزمة سياسية، نحن في أزمة تكاد تكون بنيوية، والشعب الموريتاني والأغلبية التي اختارت برنامج الرئيس محمد ولد عبد العزيز؛ أي نسبة 52%، التي انتخبت الحكومة الحالية وصوتت على برنامجها، لا أظن أنها وجدت ما كانت تصبوا إليه من شعارات ووعود، طبعا هذا لا يعني أننا ندخل في إطار الاستقطاب السياسي، وأننا نحمل خطاب المعارضة، ونكيل للحكومة الاتهامات والسب، لكننا نرى أن الحكومة ما زالت دون مستوى تطلعات الشعب الموريتاني، وإن كانت هناك إنجازات وقعت، فهي إنجازات ما زالت في بدايتها وتحتاج إلى كثير من التحسين لكي يمكن القول إنها إنجازات.

وبطبيعة الحال نرى أنه لا سبيل إلى تقديم إنجازات حقيقية، وعمل حقيقي، إلا بحوار وطني شامل، يدمج كل القوى السياسية في البلد في خدمة الوطن، بما في ذلك القوى الموجود في صف المعارضة، لأنها جزء من مكونات المشهد السياسي في البلد.

الأخبار: (مقاطعا) وعن هذا الموضوع سيكون سؤالنا الأخير، أين أنتم من الجدل المتصاعد حول أداء الرئيس، بين الأغلبية والمعارضة؟.

عبد السلام: في الحقيقة، المنسقية موقفها غير موحد في هذا الجانب، المنسقية في الغالب فيها أحزاب من ضمن أحزاب الأغلبية، ونحن في إطار حزب الصواب لسنا من المعارضة، ولسنا من الأغلبية، صوتنا لأحمد ولد داداه في الانتخابات الأخيرة، لكننا لم نذهب إلى منسقية أحزاب المعارضة لأننا نختلف معها في قضايا أساسية، في مقدمتها أننا نعترف بنتائج الانتخابات، ونعتبرها انتخابات وقعت بتراضي كل الموريتانيين في مقدماتها، وكان ينبغي أن يتم الاعتراف بها في نتائجها، نختلف معهم أيضا في سياقات أخرى، مع أن هناك قوى سياسية إلى حد ما قريبة منا في هذا الموقف، ونتوقع أن يستطيع الفرز السياسي الطبيعي أن ينتج أقطابا سياسية، تعبر عن قواعد حقيقية، وعن برامج حقيقية، وليس عن مواقف سياسية آنية، سواء في داخل السلطة أو في داخل المعارضة.

الأخبار: رؤيتكم للوضع الحالي في العلاقة بين الأغلبية والمعارضة؟.

عبد السلام: رؤيتنا له أننا مستائين من هذه الجدلية، فالطرفان كلاهما يطالب بالحوار، لكنه لا يقدم خطوة في سبيله.

السلطة التي طالبت بالحوار، وسعت إليه في فترات ماضية، أظن أنها لم تقم بخطوات كاملة في هذا الاتجاه، أيضا المعارضة تطالب بالحوار، لكنها تطالب به بلغة تنفي الآخر، ونفي الآخر يقتضي تلقائيا أنك لا تريد معه الحوار، حينما تريد إزالة طرف، أو القضاء على طرف، أو الإطاحة بطرف، معنى ذلك أن ظروف الحوار انتهت، الحوار ينبغي أن يمهد له، وتوفر ظروفه، ويهيأ له نفسيا وسياسيا، إذا وصلت لغتنا حدا لم نعد نسمع فيه إلا التنابز ونفي الآخر ورفض الآخر، فمعنى ذلك أننا قمنا بسد باب الحوار، ولا سبيل لإنقاذ البلد إلا بالحوار، الحوار بين الأطراف مهما تفرقوا.

وأظن أن الخطاب الدائر بين المعارضة والأغلبية لا يخدم البلد، ولا يخدمه استقراره، ولا وضعه الهش في مناخ دولي وإقليمي بالغ التعقيد.

الأخبار: شكرا جزيلا.
عبد السلام: شكرا لكم.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!