التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:04:05 غرينتش


تاريخ الإضافة : 20.05.2010 16:15:07

إصدار جديد يبحث واقع القضاء الموريتاني وضرورات إصلاحه

غلاف الكتاب الجديد عن القضاء الموريتاني لمؤلفه المحامي محمد سيدي ولد عبد الرحمن

غلاف الكتاب الجديد عن القضاء الموريتاني لمؤلفه المحامي محمد سيدي ولد عبد الرحمن

صدر عن مطابع المسار في دبي بالإمارات العربية المتحدة كتاب للمحامي محمد سيدي ولد عبد الرحمن، تحت عنوان:
مباحث في سبيل العدل
معالجات لواقع التردي القضائي في موريتانيا وضرورات الإصلاح
(الفترة من 1997 إلى 2010)
ويقع الكتاب، المتوفر حاليا في المكتبات الوطنية، في 226 صفحة من الحجم الصغير بغلاف ممتاز يحمل مجسم ميزان تحوي أحد كفتيه صورة قصر العدالة في انواكشوط بينما تضم الكفة المقابلة كتابا يحمل العلم الوطني للجمهورية الإسلامية الموريتانية وعبارة القانون، ولا يخفى من العنوان اتجاه الكاتب إلى ترجيح كفة القانون على العمل القضائي (انظروا الصورة).

وقد عالج الكتاب الواقع القضائي الموريتاني وضرورة إصلاحه من خلال خمسة فصول تناول الفصل التمهيدي منها تحت عنوان: الخلل القضائي وركز فيه على عدم استقلالية الهيئات القضائية معززا رأيه بتبعيتها للسلطة التنفيذية وسرد بعض الوقائع التي عرفتها البلاد إبان الأزمة الدستورية التي نجمت عن الإنقلاب حيث بدا القضاء الوطني مجرد منفذ لتوجيهات السلطة التنفيذية مما تجلى في "نفض الغبار" عن ملف الخطوط الجوية الموريتانية قيد التصفية بغرض متابعة السيدين يحي ولد أحمد الوقف وسيدي محمد ولد بيه على خلفية معارضتهما للإنقلاب كما تبين من وثيقة شهيرة في الملف.. واستنكر الكاتب ترجيح قرار قاضي التحقيق بالديوان الثالث بمحكمة ولاية انواكشوط على قرار المحكمة العليا المتعلق بمنح الحرية المؤقتة للمتهمين في ذات النازلة واعتبره انقلابا قضائيا غير مبرر.

أما الفصل الأول من الكتاب فقد جاء تحت عنوان: مبادئ القضاء المنتهكة - وقد بين الكاتب أنه حرر مباحثه في سنة 1997 - واستعرض فيه ما اعتبرها مبادئ أساسية للعدل: (استقلال القضاة، مجانية العدالة، البت في الآجال، علنية المرافعات، تعليل القرارات وظروف التنفيذ) مبينا أنه رغم توفر الضمانات القانونية التي تكفل نظريا احترام هذه المبادئ إلا أن الممارسة في الميدان تكرس انتهاكها على نطاق واسع.

أما الفصل الثاني من الكتاب فجاء تحت عنوان: الإصلاح المتسرع (في حكم المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية) واعتبر بأن هذا المجلس شرع مع وصوله في مباشرة إجراءات ملموسة لإصلاح القضاء إلا أن تسرعه في وضع الإطار القانوني، وعدم التركيز على المعايير الفنية المطلوبة ومباشرة اكتتاب القضاة بطريقة مرتجلة حد من جدوائية عمله، الذي يبقى برأي الكاتب متميزا لأنه سعى إلى الإصلاح بجدية لم تتوفر لباقي حكام موريتانيا إبان الفترة موضوع الدراسة.

أما الإستقالة القضائية للدولة التي عنون الكاتب بها الفصل الثالث من كتابه فقصد بها فترة حكم الرئيسين سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله ومحمد ولد عبد العزيز (من بدايتها وحتى الإنتهاء من تحرير الكتاب في 16 مارس 2010) حيث كفت الدولة عن العمل في مساعي الإصلاح القضائي وسكت الحديث عنه.. وتضمن هذا الفصل رسالة لرئيس الجمهورية موضوعها: تقرير عن أوضاع القضاء، بين الكاتب فيها وجود اعتراف رسمي من الدولة بانتشار الفساد في مؤسسة العدالة وطالب رئيس البلاد باتخاذ إجراءات ملموسة لإصلاح القضاء الذي يعتبر المدخل لكل تطور اقتصادي واجتماعي.

وخلص الفصل الختامي إلى المكانة المتراجعة للدولة الموريتانية في تقارير المنظمات الدولية حيث أدرجتها تقارير الأمم المتحدة لسنة 2009 ضمن الدول الأكثر تخلفا (الرتبة 137 في تقرير التنمية البشرية بعد دول محدودة الموارد كجزر القمر) كما اعتبرتها منظمة الشفافية الدولية أكثر الدول المحيطة بها فسادا (الرتبة 130) وقررت منظمة مراسلون بلا حدود بأن حرية التعبير فيها تراجعت جذريا من الرتبة 50 دوليا سنة 2007 إلى الرتبة 100 سنة 2009.. والأدهى من ذلك يقول الكاتب أنه لا تبدو، في المستقبل المنظور، بارقة أمل يمكن التعلق بها، فبحسب توقعات البنك الدولي للسنة الجارية (2010) ستتراجع موريتانيا على صعيد الإستثمار الخاص وتحفيزه إلى الرتبة 166 من أصل 180 دولة عبر العالم (نشرة Doing Business).

وفي خضم نقد "السياسة القضائية" يعرج الكتاب على "تسريح" رئيس المحكمة العليا حيث درج حكام موريتانيا على إقالة "قاضي القضاة" بسهولة ودون اعتبار مأموريته لدرجة أن الكثير من المواطنين مقتنع بأن رئيس المحكمة العليا يلزم عند تعيينه بتوقيع ورقة استقالة غير مؤرخة تيسر على رأس السلطة التنفيذية التخلص منه متى أراد.. مثمنا تراجع الرئيس محمد خونا ولد هيداله عن قراره بعد عشرة أيام من "فصل" اليسع ولد اسويد أحمد عن رئاسة المحكمة العليا عندما تبين أن مأموريته القانونية لم تنته (وهو ما عزاه الكاتب لليسع نفسه).

ويضيف الكاتب أنه لم يقدر للمجلس الدستوري في الجمهورية الإسلامية الموريتانية أن يرفع رأس القضاء الموريتاني فلم يقتصر على تقبل الإنقلاب على النظام الدستوري وإنما أخذت عليه الإستجابة لطلبات الحكام المنقلبين وسينكر الحقوقيون الموريتانيين طويلا ما عبر عنه أحد أعلامهم بالقول إنه بدلا من تصدي المجلس الدستوري للأوامر العسكرية التي عطلت العمل بالدستور رفعها إلى مصاف القواعد الدستورية بحيث استند عليها في قرار "الشغور" (في إشارة إلى مقال للدكتور/ محمد محمود ولد محمد صالح).

ويضيف أنه في يوم 24 يونيو 2009 استبشر الموريتانيون بأن النبض الوظيفي عاد لجهاز رقابتهم الدستوري عندما أصدر قرارا بعدم تطبيق المرسوم رقم 083/2009 الصادر بتاريخ 23 يونيو 2009 القاضي باستدعاء هيئة الناخبين لإجراء انتخابات رئاسية تقررت في يوم السبت 18 يوليو 2009 (أي بعد أقل من شهر) وعلل المجلس قضاءه بأن القانون يوجب نشر هذا المرسوم ستين يوما متوالية على الأقل قبل الإقتراع وأن المجلس الدستوري يتعين أن يتلقى الترشحات في أجل آخره اليوم الخامس والأربعون السابق للإقتراع ويعد اللائحة النهائية للمترشحين ويحيلها للحكومة التي تنشرها ثلاثين يوما على الأقل قبل الشوط الأول ولأسباب قانونية وجيهة، برأي الكاتب، قرر المجلس الدستوري عدم تطبيق المرسوم.

وما هي إلا أربعة أيام حتى تراجع المجلس الدستوري عن استنتاجاته ونسي قراره الذي لم يجف حبره وبدلا من تجسيد التراجع في قرار قضائي معلل، كما يجب، اكتفى المجلس ببيان مقتضب يفوض فيه أمره ويقرر المداومة لاستقبال ملفات المترشحين انصياعا لما قررته السلطات التنفيذية واتفق عليه الفرقاء السياسيون في داكار.

ولعل من الملفت أن الكاتب اعتبر اتفاق الفرقاء السياسيين في داكار، في جزئه المتعلق بتحديد أجل الانتخابات في 18 يوليو 2009، باطلا ولا حجية له.

وفي الأخير طالب الكاتب بالالتفات إلى القضاة بتقييم معارفهم وتفحص نزاهتهم للتخلص بطريقة مدروسة وشفافة ممن لا تتوفر فيهم الشروط اللازمة لممارسة مهام القضاء معتبرا أنه لا غرو إن سقط ثلثا قضاة موريتانيا في تصفيات الكفاءة والنزاهة، وتبقى نخبة من القضاة الأكفاء والنزهاء يتعين أن توفر لها الدولة الظروف المناسبة لإنعاش جهاز قضائي يجب أن يوضع فورا رهن العناية المركزة.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!