التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:21:39 غرينتش


تاريخ الإضافة : 30.05.2010 08:34:45

أما آن لنا أن نحكم بالإعدام على عقوبة (الأشغال الشاقة)..!؟

 الكاتب: د. محمد بن محمد سالم عدود     mdaddoud@gmail.com

الكاتب: د. محمد بن محمد سالم عدود [email protected]

 رؤية شرعية
 الوضع القانوني
 تطلعات مستقبلية

من البديهي أن تكون لكل دولة خطوطٌ حمراءُ يمنع المساس بها أو الاقتراب منها وتوفر لها أعلى درجات الحماية! ولا شك أن قوة وسلامة مكونات الدولة من سلطة وإقليم وشعب تأتي في مقدمة تلك الخطوط بكل المقاييس وفي كل الأوقات وخاصة في الظروف الدولية والإقليمية الراهنة.. وتعتبر السلطة القضائية من أهم خطوط الدفاع لما تمتلكه من صلاحيات إصدار الأحكام القضائية التي تثبت براءة الموهومين وتدين الضالعين.

وتمثل العقوبات المنصوص عليها سلفا في القانون الجنائي الوسيلة التي يمتطيها القضاء إلى غايته النبيلة تحت غطاءٍ من مبدأ شرعية الجريمة والعقوبة يوقف صلاحية المقولة الشائعة "الغاية لا تبرر الوسيلة".. ورغم أننا ندين بشدة ولا تأخذنا (رأفة في دين الله) بكل من تثبت إدانته، ونبرأ من كل من يثبت تورطه، فإن موقفنا المبدئي من المجرمين وثقتنا في سلطتنا القضائية وقناعتنا الراسخة بضرورة احترام منظومتنا القانونية وصيانتها من أن تنفذ إليها عوادي التغيير والتبديل، كلها أمور لن (تَجْرِمنا) عن أن نتساءل عن مدى ملاءمة بعض تلك العقوبات للأهداف المنشودة، والمطالبة بالاستغناء عما يكون منها متسما بالإفراط في القسوة والخروج عن الحدود الإنسانية؛ في ظل دورة (تشريعية) برلمانية منعقدة تمتلك حق المراجعة، وأخرى جنائية قائمة في البلاد بدأت تفرز أحكاما نالت منها عقوبة (الأشغال الشاقة) نصيب الأسد، رغم أن هذه العقوبة لم ترد بشكل صريح في مشروع قانون الإرهاب الذي أجازه البرلمان فجر الأربعاء 6/1/2010 وقال فيه المجلس الدستوري كلمته في الرابع من مارس الماضي!.

رؤية شرعية:

تقوم العقوبات في الشريعة الإسلامية على أساس مزدوج يهدف من ناحية إلى حماية الجماعة ودفع الأخطار والمفاسد عنها، كما يهدف – من جانب آخر – إلى إصلاح الأفراد وتهذيبهم وكفهم عن المعاصي، من دون إهدار لكرامتهم الإنسانية؛ وكل عقوبة تتجاوز هذا الأساس وتحمل في طياتها تماديا في (إهانة) المحكوم عليه فهي ظالمة، لا تتناسب مع ما هو مستهدف من إصلاح الجاني، وقد تحدث نتيجة عكسية فتدفعه إلى الاستمرار في طريق الجريمة والانحراف؛ فقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بسكرانَ، فأمر بضربه... فلما انصرف قال رجل: ما له أخزاه الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم".

وعقوبة (الأشغال الشاقة) لم يرد لها ذكر في دواوين الشريعة الإسلامية، وأقصى ما يمكن قوله هو أنها من الممكن أن تكون من شريعة نبي الله سليمان عليه السلام؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال عن قصة وفاته عليه السلام: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} [سبأ: 14]، وقد فسر هذا العذاب المهين بأشغال شاقة طويلة المدى في قوله تعالى: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ} [سبأ: 13]، وقوله سبحانه: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ} [سورة ص: 36 – 38].

وعلى الرغم من كون مذهب الإمام مالك وجمهور أصحابه وكثير من العلماء أن شرع من قبلنا شرع لنا إلا ما خصه الدليل، فإن هذه العقوبة بما تتسم به من القسوة والشدة وإنهاك جسم المحكوم عليه بتكليفه بأشغال مضنية لفترات زمنية طويلة لا تقل عن خمس سنوات وقد تتواصل مدى الحياة، لا تنسجم مع ما دلت عليه نصوص القرآن الكريم وقواعد الشريعة الإسلامية من كون الشريعة الإسلامية أخف مما سبقها من الشرائع السابقة وخاصة في مجال العقوبات، ومن كونها عمدت إلى عدم التكليف بما لا يطاق وإلى دفع المشقة؛ كما جاءت الإشارة إليه في قول الله تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157] وفي قوله سبحانه: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 386].

ومن القواعد الكلية الكبرى في الفقه الإسلامي التي تشهد لهذا الرأي قاعدة: "المشقة تجلب التيسير"؛ ومعنى هذه القاعدة أن ما يلحق المكلف من حرج ومشقة عند تطبيقه لأحد الأحكام الشرعية فإنه يكون سببا في تخفيف ذلك الحكم عنه حتى يتمكن من القيام به من دون حرج ولا مشقة.

وبناء على السياق العام للآيات المشار إليها وما في معناها من النصوص القرآنية يمكن القول بأن ورود ما يشبه عقوبة الأشغال الشاقة في شريعة سليمان على نبينا وعليه الصلاة والسلام قد ورد في شرعنا ما يعارضه وبالتالي فإنه ليس شرعا لنا.

ومن خلال التتبع لأحكام وممارسات السلطات التشريعية والتنفيذية للدولة الإسلامية في عهدي النبوة والخلافة الراشدة، هناك واقعتان فقط – حسب اطلاعي – تم فيهما تكليف أشخاص مقيدي الحرية بعمل ليس شاقا على من تعود على ممارسته؛ ففي الواقعة الأولى يروي ابن عباس رضي الله عنهما، أن ناسا من الأسرى يوم بدر لم يكن لهم فداء فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فداءهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة.

ففي هذه الواقعة تكليف للأسير الذي لا يجد ما يفدي به نفسه بأن يعلم عددا من أبناء الأنصار الكتابة؛ بواقع عشرة أشخاص لكل أسير كما يقول علماء السيرة، مقابل إطلاق سراحه.

والواقع أن هذا التكليف ليس عقوبة بأشغال شاقة، وإنما هو إطلاق لأول حملة لمحو الأمية في تاريخ الدولة الإسلامية من جانب، وتقديم لحلول تخفف عن الأسرى من جانب آخر؛ مما يجعله أصلا لبعض العقوبات المستحدثة مثل "عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة"؛ علما بأن هذه العقوبة تستهدف أساسا الجانحين المحكومين بجرائم بسيطة لا تتعدى عقوبتها السنة.

أما الواقعة الثانية فإنها تتلخص في أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلغه أن واليه على الشام عياض بن غنم رضي الله عنه أحدث تغييرات في أسلوب حياته وظهرت عليه ملامح رفاهية لا يرضاها عمر لولاته! فاستدعاه، ولما وصل إلى المدينة امتنع عن استقباله ثلاثة أيام، ثم أذن له، وقدم له ملابس صوف (رمز الخشونة والتقشف في ذلك الزمن) فقال: البس هذه، وأعطاه ما يحتاج إليه رعاة الغنم من متاع وأدوات، ومكنه من ثلاثمائة شاة، وقال: "انعق بها، فنعق بها، فلما جاوز هنيهة قال: أقبل، فأقبل يسعى حتى أتاه، فقال: اصنع بها كذا وكذا، اذهب. فذهب حتى إذا تباعد ناداه يا عياض أقبل، فلم يزل يردده حتى عرَّقه في جبته (ملابسه)، قال: أوردها علي يوم كذا وكذا، فأوردها لذلك اليوم، فخرج عمر رضي الله عنه إليه فقال: انزع عليها. فاستقى حتى ملأ الحوض فسقاها، ثم قال، انعق بها فإذا كان يوم كذا فأوردها..." وبعد عدة أشهر استدعاه فقال له: "هيه، اتخذت نوابا، واتخذت حماما، أتعود؟ قال: لا، قال: ارجع إلى عملك" [ابن شبة، أخبار المدينة النبوية].

وبالرغم من كون هذه الواقعة تشتمل على عقوبة بأشغال شاقة بالنسبة لمن تعود على نمط حياة بعيد عن حياة الرعاة، فإنها – من ناحية – تندرج في إطار الإجراءات التأديبية الإدارية ولا صلة لها بمجال العقوبات الجنائية، كما أنها – من ناحية أخرى – قصيرة المدى مقارنة بعقوبات الأشغال الشاقة المعروفة في القانون.

وما دامت عقوبة (الأشغال الشاقة) لم يرد لها ذكر في الشريعة الإسلامية – حسب اطلاعي – فمن النتائج الحتمية أنها لم تعاقب بهذه العقوبة على أي من الجرائم المضرة بأمن الدولة الداخلي سواء دلف القضاء إليها من بوابة زعزعة الأمن الداخلي أو أدرجها تحت ما يسمى بالإرهاب؛ مما يؤكد ما تم اختياره من كون هذه العقوبة لا تنسجم مع التوجه العام لنصوص القرآن الكريم وقواعد الشريعة الإسلامية.

الوضع القانوني:

تأتي عقوبة (الأشغال الشاقة) بعد عقوبة (الإعدام) من حيث القسوة، وعلى رأس العقوبات السالبة للحرية.. وهي عقوبة جنائية بدنية ومخلة بالشرف، يجبر فيها المحكوم عليه على القيام بأشغال مُجهدة تتناسب مع جنسه وعمره، وبالرغم من كون القانون الجنائي الموريتاني لم يشتمل على تعريف صريح لعقوبة (الأشغال الشاقة) بنوعيها (المؤبدة أو المؤقتة)، فإنها أخذت مساحة ملفتة للانتباه من هذا القانون؛ فقد تكرر ذكرها أو الإشارة إليها في أكثر من (53) مادة من أصل (451)؛ أي ما يتجاوز نسبة (11%) من مجموع المواد بشكل عام، أما فيما يخص الجرائم المضرة بأمن الدولة الداخلي – التي يجري التركيز عليها هذه الأيام – فقد تكرر ذكر هذه العقوبة أو الإشارة إليها في (12) مادة من أصل (18) مادة؛ أي ما يتجاوز نسبة (66%).

وبالرغم من كون القانون الجنائي الموريتاني لم يتعرض لنوع الأشغال ولا إجراءات ومكان تنفيذها، فإنه قد اشتمل على جملة من الأحكام العامة لهذه العقوبة، منها:
• أنها من العقوبات البدنية والمخلة بالشرف. المادة (7).

• أن مدة الأشغال الشاقة المؤقتة تتراوح بين خمس سنوات على الأقل، وعشرين سنة على الأكثر. المادة (18).

• أن هذه العقوبة لا يحكم بها على المتهم الذي تقل سنه عن ست عشرة سنة. المادة (61)، ولا على من أكمل ستين سنة وقت الحكم. المادة (64).

• أن كل من حكم عليه بالأشغال الشاقة يعتبر طيلة مدة العقوبة في حالة حجر قانوني، ويجب أن يعين له وصي ومشرف على الوصي من أجل تسيير وإدارة ممتلكاته. المادة (24).

• أن مرتكبي الجرائم المدانين بالأشغال الشاقة المؤقتة وبالسجن يمنعون بقوة القانون من الإقامة لمدة عشرين سنة تبدأ من انتهاء فترة العقوبة ما لم ينص حكم أو قرار الإدانة على تخفيض هذه المدة أو الإعفاء منها مطلقا. المادة (40).

• أن قيام العذر في واقعة معاقب عليها بالأشغال الشاقة المؤبدة يخفض العقوبة من السجن المؤبد مع الأشغال الشاقة إلى الحبس لفترة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنتين. المادة (302).

• أن الظروف المخففة تعطي للمحكمة الحق في الحكم بالأشغال الشاقة المؤقتة أو بالسجن، بدلا من الأشغال الشاقة المؤبدة. وأن تستبدل الأشغال الشاقة المؤقتة بالسجن أو الحبس الذي تنقص مدته عن سنتين. المادة (437).

وبالرجوع إلى المواد ذات الصلة من القانون الجنائي الموريتاني يتبين أنه تبنى عقوبة (الأشغال الشاقة) بقسميها المؤبد والمؤقت ضد كثير من الجرائم المضرة بمكونات الدولة، كما هو مبين في الفقرتين الآتيتين:

أ - الجرائم المعاقب عليها بالأشغال الشاقة المؤبدة: حدد القانون الجنائي الموريتاني مجموعة من الجرائم يعاقب مرتكبوها بالأشغال الشاقة المؤبدة، وهذه الجرائم هي:
1. تنفيذ أو محاولة الاعتداء الهادف إلى "القضاء على النظام الدستوري أو تغييره أو تحريض المواطنين أو السكان على حمل السلاح ضد سلطة الدولة أو ضد بعضهم البعض أو المساس بوحدة أرض الوطن". المادة (83).

2. تجنيد أو العمل على تجنيد قوات مسلحة، أو استخدام أو تطويع جنود، أو العمل على استخدامهم أو تجنيدهم، أو تزويدهم بالأسلحة أو الذخيرة. المادة (86).


3. مطالبة القوة العمومية أو أمرها بأن تقوم بمنع تنفيذ القوانين الخاصة بالتجنيد أو بالتعبئة، أو استخدامها في هذا الغرض، أو حمل الغير على ذلك.. إذا أدى هذا الطلب أو ذلك الأمر إلى النتيجة المقصودة. المادة (89).

4. المؤامرة التي يكون الغرض منها ارتكاب جنايات التقتيل أو التخريب في منطقة واحدة أو أكثر.. "إذا تلاها فعل ارتكب أو بدئ في ارتكابه إعدادا لتنفيذها". المادة (91).


5. حمل أسلحة ظاهرة أو مخبأة أو ذخائر في حركة تمردية.. إذا كان من يحملونها "يرتدون زيا عسكريا أو ملابس مدنية أو علامات أخرى مدنية أو عسكرية". المادة (95).

ب – الجرائم المعاقب عليها بالأشغال الشاقة المؤقتة: حدد القانون الجنائي الموريتاني مجموعة أخرى من الجرائم يعاقب مرتكبوها بالأشغال الشاقة المؤقتة من عشر سنوات إلى عشرين سنة، وهذه الجرائم هي:

• مطالبة القوة العمومية أو أمرها بأن تقوم بمنع تنفيذ القوانين الخاصة بالتجنيد أو بالتعبئة، أو استخدامها في هذا الغرض، أو حمل الغير على ذلك .. إذا لم يؤدِّ هذا الطلب أو ذلك الأمر إلى النتيجة المقصودة. المادة (89).

• المؤامرة التي يكون الغرض منها ارتكاب جنايات التقتيل أو التخريب في منطقة واحدة أو أكثر.. "إذا لم يكن قد تلا المؤامرة فعل ارتكب أو بدئ في ارتكابه إعدادا لتنفيذها". المادة (91).


• الانضمام إلى العصابات المسلحة التي تقصد الإخلال بأمن الدولة، من دون تولي أية قيادة أو مهمة فيها. المادة (93).

• المساهمة في حركة تمردية بإحدى الوسائل التالية:
o "إقامة حواجز أو معاقل أو غيرها من الأعمال التي يكون الغرض منها عرقلة أو إيقاف القوى العمومية أو الحيلولة دون مباشرة أعمالها، أو المساعدة على إقامتها.

o منع استدعاء القوى العمومية أو جمعها وذلك بالعنف أو بالتهديد أو تسهيل أو تحريض تجمع المتمردين سواء بتوزيع الأوامر أو النشرات أو بحمل الإعلام أو غيرها من إشارات التجمع أو بأية وسيلة من وسائل الدعوة.


o اجتياح أو احتلال المباني أو المراكز أو غيرها من المنشآت العمومية أو المنازل المسكونة بقصد مهاجمة أو مقاومة القوى العمومية. المادة (94).

• المساهمة في حركة تمردية بإحدى الوسائل التالية:
o الاستيلاء على الأسلحة أو الذخائر أو العتاد من أي نوع كان، وبأي وسيلة.
o حمل الأسلحة بصورة ظاهرة أو خفية أو حمل الذخائر.. المادة (95).


تطلعات مستقبلية:

بالرغم من كون أغلب الجرائم المعاقب عليها بعقوبة (الأشغال الشاقة) يقع في دائرة العقوبات التعزيرية التي لم تحصرها الشريعة الإسلامية في عقوبات محددة، وتركت مجال المشروعية فيها مفتوحا لكل ما يؤدي إلى تأديب وإصلاح المجرم وزجر غيره وحماية المجتمع؛ فإن هذه العقوبة تبقى غير منسجمة مع التوجه العام لنصوص القرآن الكريم وقواعد الشريعة الإسلامية، وليس لها سند من الوقائع يمكن الاعتماد عليه.. علما بأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرسمي والاحتياطي والتفسيري أيضا للقانون الجنائي الموريتاني كما أشارت إليه المادة (449).

وأتمنى لو ألغيت هذه العقوبة من القانون الجنائي الموريتاني، واستبدلت بعقوبة "السجن المؤبد" إذا كانت العقوبة مؤبدة، وبعقوبة "السجن الطويل الأمد" إذا كانت العقوبة مؤقتة.. وهذا ما اتجهت إليه دول كثيرة في العصر الحديث فقد تم إلغاء عقوبة (الأشغال الشاقة) بنوعيها (المؤبدة أو المؤقتة)؛ نظرا لما تتسم به من القسوة المفرطة، وما فيها من الإخلال بالغرض الأساسي للعقوبة، المتمثل في إصلاح المجرم وإعادة تأهيله، إضافة إلى ما فيها من هدم لجسم المحكوم عليه وإنهاكه بصورة أقرب إلى الاستعباد غير الأخلاقي بطريقة لا يقرها الشرع وتتنافى مع الصكوك الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، ومنها: المادتان (3) و(5) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادتان (6) و(7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة (5) من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب التي نصت على أن: "لكل فرد الحق في احترام كرامته والاعتراف بشخصيته القانونية، وتحظر كافة أشكال استغلاله وامتهانه واستعباده والتعذيب بكافة أنواعه والعقوبات والمعاملة الوحشية أو اللاإنسانية أو المذلة".

على أن يبقى المجال مفتوحا للإفراج المشروط الذي أشارت إليه المادة (24) من القانون الجنائي الموريتاني، والمنظم بالمواد (653 - 657) من قانون الإجراءات الجنائية الموريتاني المُراجَع بالأمر القانوني رقم (2007/36) والصادر بتاريخ (17/4/2007م).

ولا مانع من أن تتاح للمساجين فرص عمل تتناسب مع قدراتهم البدنية والعقلية ومع ظروف السجن، يجنون منها مكاسب مادية، وتكون مجالا صحيا لتفريغ الطاقة والوقت.



Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!