التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:17:26 غرينتش


تاريخ الإضافة : 12.06.2010 08:29:42

الحوض الغربي: حين يهجر الفقراء ذويهم بحثا عن لقمة العيش

بعثة الأخبار _ لعيون شرق موريتانيا (11)


يجلس محمد ولد ميمون على قارعة الطريق أملا في بيع كمية البلح التي جاء بها من مسافات بعيدة ليسد رمق عيش أبنائه (تصوير الأخبار)

يجلس محمد ولد ميمون على قارعة الطريق أملا في بيع كمية البلح التي جاء بها من مسافات بعيدة ليسد رمق عيش أبنائه (تصوير الأخبار)

وسط سوق مدينة "العيون" المركزي يجلس الستيني محمد ولد ميمون على قارعة أحد الشوارع محاطا بكمية من "البلح"، وهو ينادي على الزبناء الراغبين في شراء "بلح" جيد من شأنه أن يكفيهم مؤونة رحلة بحث قد تطول لعدة أيام، كانت هي تماما نفس الفترة الزمنية التي أمضاها الرجل المسن في طريقه من قرية "اقر قار" احدي القرى التابعة لمقاطعة "الطينطان" وكله أمل في أن يحظى ببيع كمية "لبلح" الموجودة لدية في زمن "الكيطنه" الذي تشهد فيه المادة إقبالا كيرا من جميع الموريتانيين على عموم التراب الوطني".


قلق على فلذات الأكباد


فاطمة بنت مسعود تتذكر واقع أبنائها الذين تركتهم في قرية نائية من دون معيل (تصوير الأخبار)

فاطمة بنت مسعود تتذكر واقع أبنائها الذين تركتهم في قرية نائية من دون معيل (تصوير الأخبار)

محمد ولد ميمون أب لأسرة تتكون من أحد عشر فردا ولا يملك من المال سوي بضع نخلات وسد قابل للزراعة في احدي النائية في بوادي "الطينطان"، ويقول ولد ميمون لموفد وكالة أنباء "الأخبار" "أنا قلق جدا على مصير الصبيان الذين تركتهم ورائي دون معيل ولم أترك من المال ما يكفي للفترة التي لا يحددها ـ يضيف ولد ميمون ـ إلا نفاذ مكية "البلح" التي جئت بها من أجل بيعها وتوفير نتاج "النخيل" للأبناء لكي يستمروا في الحياة، وحتى لا يفكروا في سؤال الآخرين لأن ذلك سيكون محرجا بالنسبة لي وأنا المسئول الأول عن توفير لقمة العيش لأبنائي".
ويرجو ولد ميمون أن يأتي ذلك اليوم الذي تنجح فيه بعض الطلبات التي سبق وأن تقدم بها إلي الجهات المعنية من أجل الحصول على دعم زراعي لسده الذي يملكه في قريته، وتزداد رغبته كل ما أحس أن فصل الخريف بدأ يقترب".


تنوعت الأسماء والمعاناة واحدة


اسويلمه بنت جبريل تأمل في أن توفق في على ربح كبير من شأنه أن يساعدتها في أيام الصيف الحارة (تصوير الأخبار)

اسويلمه بنت جبريل تأمل في أن توفق في على ربح كبير من شأنه أن يساعدتها في أيام الصيف الحارة (تصوير الأخبار)

على قارعة الشارع الآخر تجلس امرأتان هما فاطمة بنت مسعود واسويلمه بنت جبريل، حيث لا تختلف قصتهن كثيرا عن ولد ميمون بل يزيدها عتمة إذا علمت أن الثلاثة جاؤوا من منطقة واحدة لهدف مشترك يختصر في البحث عن لقمة العيش ولو في أعالي الجبال، كما قالت فاطمة بنت مسعود في حديثها مع موفد وكالة أنباء "الأخبار" المستقلة".

وتحكي النسوة عن مصاعب البحث عن لقمة العيش في ظروف افتقدن فيها أبنائهن وهجرن مضارب الخيام وحديث الأحبة الذي ليس له من مكدر، وامتطين الطموح في زمن هانت فيه كل العادات و التقاليد التي كانت ذات يوم تتحكم في كل ما يصدر من قول وفعل عن بنات حواء في موريتانيا، ولم يكن السفر والتجارة من بين الأعمال االمحببة لهذه العادات والتقاليد".

تحدثنا مع اسويلمه بنت جبريل عن ظروف الترحال والبحث عن لقمة العيش وهي تجتاز المسافات الطويلة رفقة زميلتها فاطمة لبيع "البلح" في مدينة العيون فأجابت بعد ابتسامة ـ تدون في الذاكرة حجم معاناة الفقر التي تواجهها أسرهن في الصيف ـ لم أصل هنا في نزهة ولا بحثا عن أرض صالحة للسكن بل أنا في بحث مستمر عن ما أسد به رمق أبنائي الذين يقطنون في قريتنا البعيدة ولا يمكنني الجلوس بجوارهم ونحن نواجه تهديد الموت جوعا وليس أمامنا سوى الذهاب بحثا عن لقمة عيش وفي أي مكان في موريتانيا".

نفس الضحكة التائهة التي خاطبتنا بها إسويلمه رسمت صورة إكراه الفقر المدقع على وجه زميلتها فاطمة بنت مسعود وتضاربنا الأيادي ضاحكات من تفاهة السؤال عن سفرهن وهن يتركن صبيان معظمهن لا يزال صغيرا بحثا عن الرزق معللات قولة "إلي أحن من لأم كهان"، وسائلات الرب عن الحصول على ما يعلم أنهن بحاجة إليه من رزق وهو مالك السموات والأرض وخزائنهما.)


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!