التاريخ: 20.09.2024 التوقيت:13:38 غرينتش
تاريخ الإضافة : 16.06.2010 19:07:14
البيئة في الحوض الغربي: الأمطار تحيي ويد الإنسان تقتل
بعثة الأخبار _ لعيون شرق موريتانيا (21)
مناطق متعددة على جنبات الطريق "أمسكت الماء" فنفع الناس، ودفع بمعنويات المنمين إلى أعلى "قرية أكجرت"(الأخبار)
أجواء "سوق الأحد" في قرية أم الأحبال شرقي مدينة لعيون عاصمة الحوض الغربي كانت تقول أن المنمين والمزارعين أصبحوا أكثر تفاؤلا بقرب بدأ موسم الخريف، "لقد بدأ الموسم هذا العام مبكرا، إنها نعمة من الله تعالى، ورحمة بالضعفاء في هذه المنطقة"، هكذا علق الشيخ وهو يحاول استجلاب زبناء لشراء بعض كباشه التي جلبها إلى السوق.
كان شيخ مسن في جانب آخر من "سوق الحيوانات" يعلق قائلا: "لم نكن ننتظر الأمطار في هذه الفترة لقد تعودنا أن تبدأ في النصف الأول من شهر يوليو، أو في الأيام الأخيرة من يونيو في أحسن الأحوال.
فرحة منقوصة
بدأت أولى النباتات تحاول الخروج من بطن الأرض، ويقول السكان إن الأغنام ستجد ما تأكله خلال أيام، وفي حال هطل مطر آخر فإنه سيعلن انطلاقة الخريف بشكل فعلي (الأخبار)
إنها – حلقة في مسلسل طويل- عنوانه صراع المزارعين والمنمين، يبلغ ذروته مع اقتراب موسم الحصاد، ونضوج المزارع قرب السدود.
يقول المزارعون إن المعركة بدأت خلال السنوات الأخيرة تميل لصالح المنمين، فوسائل الحماية التقليدية ممنوعة (قطع الأشجار)، أما الوسائل الجديدة فالدولة لم توفرها، والسكان لم يستطيعوا شراءها.
لقد أدت هذه الأوضاع –كما قال عشرات المزارعين للأخبار، وفي مناطق متفرقة من الحوض الغربي- إلى عزوف المزارعين عن ممارسة ممهنة اعتادوا عليها، وعاشوا عليها لعقود قبل أن تميل "الكفة" –وربما الدولة- لصالح الغرماء ملاك الحيوانات.
تدمير للبيئة:
الحصول على الفحم بكميات قابلة للتصدير عن المنطقة، يتطلب قطع الكثير من الأشجار وحرقها، ويعمل في هذا المجال عشرات الرجال، وقد أصبح الموضوع يتطلب ثقة في الفريق بعد منع الدولة لقطعها، وقيامها من حين لآخر بجولة لاعتقال القائمين على "أفران الفحم"، -كما يقول سيدي- للأخبار-.
عمر ولد لغظف (13 سنة تقريبا) كان يراقب "فرنا للفحم" في الصحراء الواسعة شمال لعيون، يبدو أن والده أوكل إليه المهمة ومضى في إعداد محل آخر.
تحولت الأشجار إلى كومة أعواد، وهي في انتظار أن يصلها الدور لدخول "الفرن"لتواصل بعد ذلك رحلتها بعد ذلك (الأخبار)
اكتسب الولد –بسبب التجربة- طرق التعامل مع "الغرباء"، واعتاد الحديث عن العملية التي يقوم بها، محاولا إبعاد التهمة عن نفسه أو أهله، مؤكدا أنه "لا علاقة له بالعملية ولا لوالده"، وعنما سألنه "أين هو أجاب لقد ذهب ولا أدري أين هو"، ورغم الخوف البادي عليه فقد امتنع عن "تحديد موقع والده، أو إثبات أنه يقف وراء العملية".
سكان المنطقة يقولون إن قطع الأشجار وحرقها وتويلها إلى فحم عتبر عملا روتينيا، مؤكدين أن الدولة عجزت حتى الآن عن توقيف "هذا العمل الخطير على البيئة"، لأنه لم توفر بدائل عنه، ولم تتخذ الوسائل الكفيلة بتوقيفه.
في طريقنا إلى "احسي لعبيد" ممرنا بها الحريق، وهو ممتد على قرابة ثلاثمائة متر، وقد أكد السكان أن أحدهم قام به من أجل توسيع سياج أقامه في المنطقة، وإحراق الحشيش الموجود داخله (الأخبار)
ومع بوادر الخريف، وتساقط أولى زخات المطر تبدأ المنطقة في لبس "زيها الأخضر الجديد"، لكن الثوب نفسه يتعرض للاقتطاع والانتقاص والحرق في أطراف أخرى، في عملية يبدو "أن قاعدة الهدم أيسر من البناء"، منطبقة عليها بشكل كبير، وهو ما تكشف عنه المناطق القاحلة الموجودة في المنطقة.