التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:13:25 غرينتش


تاريخ الإضافة : 25.06.2010 15:05:57

عمدة أكجرت: بعض الإداريين ينظر للبلديات كانتقاص من "مخزنيته" وهيبته

عمدة بلدية أكجرت اج ولد الدي في مكتبة بعاصمة البلدية شرقي موريتانيا (الأخبار)

عمدة بلدية أكجرت اج ولد الدي في مكتبة بعاصمة البلدية شرقي موريتانيا (الأخبار)

قال عمدة بلدية أكجرت اج ولد الدي إن من عوائق العمل البلدي في موريتانيا أن "نخب الإداريين في الدولة، أو على الأقل جيل من هذه النخبة، يرى أن البلدية تشكل خطرا أو انتقاصا من نفوذه أو من (مخزنيته) وهيبته"، مشيرا إلى أن "هيبة الإدارة وبيروقراطيتها هفي نظر الجيل الأول من الإداريين أكثر ما يهددها هو العمد، الذين هم في الواقع غالبا ما يكونون نتاج لانتخابات، وغالبا ما يكونون من صميم إفراز القواعد الشعبية، وبالتالي تنتفي عنهم تلك الهالة، وهذا يعتبر مؤثرا على البعد البيروقراطي في الإدارة، والذي تتغذى عليه بعد النخب وخصوصا عند الجيل الأول من الإداريين الموريتانيين".

وعدد العمدة عددا من العاوئق التي تواجه العمل البلدي ومنها أنه "أنه في بعض الأحيان تكون مجبرا على التعامل مع موظف ليس مرؤوسا من طرفك، ويتجلى الأمر هنا في المحاسب، أو ما يسمى في المصطلح البلدي بالمحصل البلدي، هذا موظف لا يمكن أن تعاقبه لأنه ليست لك عليه تبعية إدارية، هذا الواقع الإداري يستغله بعض هؤلاء، وبالتالي يسلكون أثناء تعاملهم مع تنفيذ ما تصدر لهم من أوامر بالصرف مسالك من الابتزاز للموردين ، ممن يأتون لتفي لهم البلدية بالتزامات مالية وهذه المسلكيات، غالبا ما تكون على حساب البلدية، فالتاجر لا يفهم لغة الخسارة، وإذا كان على قناعة أن إتاوة ضمنية تنتظره هناك عند المحاسب، فسيضيفها على سعر ما سيورده للبلدية من مواد، وما سيقوم لها به من أشغال".

كما أن من بين هذه العوائق "عوائق مؤسسية وعوائق قانونية، وتتمثل أساسا في تداخل صلاحيات العمدة أو صلاحيات البلدية مع صلاحيات جهات أو مؤسسات أخرى، وأعتقد أن هذا الظاهرة توجد في كثير من المجالات، وهي عائق قانوني يجب البحث عن مخرج منه".


وهذا نص المقابلة:

الأخبار: بعد ثلاث سنوا من العمل البلدي، كيف تقومون واقعها الآن؟

عمدة أكجرت:
بسم الله الرحمن الرحيم
شكرا لكم، هي في الوقع ليست ثلاث سنوات فحسب وإنما ثلاث سنوات وما يقارب النصف.
وردا على سؤالكم، تولدت عندنا من خلال هذه التجربة مجموعة من الملاحظات والاستنتاجات، تتمثل في أن المؤسسة البلدية تعاني اختلالا يتمثل في التناقض الصارخ بين جوانبها النظرية، والجوانب التي يمكن أن نسميها ممارساتية أو تطبيقية، وتوضيحا لذلك البلدية بوموجب القانون، وخاصة الأمر القانوني 87/289 تنازلت لها الدولة عن صلاحيات كثيرة و الاختلالات التي أشرت إليها، والتي تمثل من وجهة نظري تناقضا، هو أن الدولة لم تتنازل إلا عن صلاحيات نظرية، ولم تتنازل لها بشكل متزامن عن الوسائل التي يمكن أن تجعلها واقعا، وتنقلها من طور التنظير إلى طور الواقع.

ويمكن أن أضرب لك مثلا بالصلاحيات المتعلقة بجملة من المجالات منصوصة في المادة الثانية من الأمر القانوني 87/289 المنشئ للبلديات، هذه المادة تنص على أن مراكز الأمومة والطفولة والطرق، المدارس الابتدائية، المروج والحدائق، ولائحة طويلة من اختصاصات البلدية، لكنك في الواقع لا يمكن أن تلمس أثرا لهذا الاختصاص، فمخصصات المراكزالصحية ومراكز الأمومة والطفولة مثلا تسير من طرف مسؤولي وزارة الصحة ،ومنتسبوها يدارون من طرف المديرين الجهويين لها وهكذا بالنسبة لبقية المجالت المنصوص عليها في المادة الثانية من الأمر القانوني المشار إليه ...وبالتالي تبقى حائرا كيف يمكن أن يتجسد لك هذا الاختصاص، وفي مجال المدارس الابتدائية تفتح وتبنى ويحول معلموها تحت الوصاية المباشرة للإدارة الجهوية للتعليم، وأنا كعمدة إذا ما تدخلت مدعيا دخول جزء منها تحت اختصاصي لن ألقى أي تجاوب، ولن أجد ما أجسد فيه هذا الاختصاص، وهذا يؤدي إلى قناعة مفادها أن هذه التجربة مستنسخة وأنها استجابة لممولين أكثر مما هي استجابة لواقع محلي.

وبخصوص واقع بلدية أكجرت هي إحدى البلديات الريفية، وإذا قلنا الريفية فهذه الصفة تحيل إلى فقر مدقع، حيث تقتصر وسائلها –بشكل كامل تقريبا- على ما تجود به الدولة من خلال ما يسمى بالصندوق الجهوي للتنمية، ، وتعلمون أن الصندوق الجهوي للتنمية هو عبارة عن ثلاث مليارات من الأوقية –حسب هذه السنة والسنة الماضية- من ميزانية الدولة توزع على كافة بلديات الوطن، تبعا لمجموعة من المعايير، منها الثابت كعدد السكان، ومنها نسبة ثابتة لكل بلدية، ومنها معايير أخرى مختلف تقديرها كنسبة الفقر والهشاشة في البلديات إلى غير ذلك، على كل حال هذ الواقع جعل البلدية مكتوفة الأيدي تجاه الاستجابة لتطلعات المواطنين.

وعلى العموم هذا المبلغ الزهيد الذي تسير به البلدية، نحاول أن ننفقه فيما يعود بالنفع المباشر على السكان بما يتوازى مع حجمه.

الأخبار: بعد ثلاث سنوات على توليكم لتسيير البلدية، ما هي أهم الانجازات التي حققتموها؟

عمدة أكجرت:
المجلس البلدي الحالي يمكن أن أقول إنه منذ جلساته الأولى رسم سياسته الاستثمارية، ولكي أضعك في صورة الوسائل التي تمنحها الدولة للبلدية، أقول لك إنها تأتي في قسمين:
- قسم للتسير: منه تصرف للعمال رواتبهم، ومنه تجهز المكاتب وتسير، وتمنح منه بعض المعونات.
- وقسم للتجهيز، والتجهيز في المصطلح البلدي يقصد به الاستثمار.
وقد رسم المجلس البلدي سياسته الاستثمارية مقررا الاعتناء بمجالات التعليم والماء والصحة، وفي هذه المجالات قامت البلدية بإصلاح وترميم مجموعة من المدارس، قبل أن تقرر في مرحلة لاحقة التخلي عن الترميم، وصرف المبالغ المخصصة له في إنشاء مدارس جديدة، وتحل المشكل بشكل دائم، وبالتالي أصبحنا شبه مجمعين على ذلك، وفي دورة ديسمبر يقرر المجلس البلدي المدرسة التي ستستفيد من التجديد.
وفي إطار التعليم قمنا بترميم مجموعة كبيرة من المدارس، كما قامت ببناء مدرسة كاملة بمواصفات عصرية، وقامت بترميم ثمانية فصول، وتجهيز ثلاث فصول بالطاولات المدرسية.

وفي مجال المياه قامت بتعميق سبعة إلى ثمانية آبار، وإنشاء أحواض لها.
وفي مجال الصحة، قامت البلدية ببناء توسعة للمركز الصحي في أكجرت، وهو أهم مركز في البلدية، وبناء مكان لحجز المرضى، حيث كانوا قبل ذلك لا يجدون مكانا للحجز.

وفيما يمكن أن نسميه بالمجال الاجتماعي أو مجال المعونات قامت البلدية بمساعدة بعض المعوزين بمبالغ مالية تتناسب مع ميزانية البلدية طبعا، وقامت بتفريش مجموعة من المساجد، وقامت في العام الماضي بتوزيع مبالغ مالية على أئمة بعض المساجد بمعدل عشرة آلاف أوقية لكل مسجد، كما قدمت دعما لمكتب محلي يضم كافة التعاونيات الموجودة في البلدية، هذه جوانب نهتم بها كثيرا ونوليها اهتماما، غير أن ما يسمى بالنفقات الإجبارية يحول دون أن تعمم وأن تكون أفضل مما هي عليه الآن، لأنكم تعرفون أن النفقات المسموح بها تتفاوت في أهميتها، فهي متفاوتة ما بين نفقات إجبارية لا يمكن تركها، ولا يمكن أن يتصرف إلا بعد أن تؤدى تلك النفقات، وبعد أن تؤدى تلك النفقات تكون الأولوية عندنا أن نقدم مساعدات للمعوزين وللمساجد.

وهذه الانجازات التي ذكرت لك قامت بها البلدية على نفقتها الخاصة.
وهناك شق آخر من الانجازات يتمثل في جلب بعض المنافع من خارج مصاريف البلدية، وعلى سبيل المثال نجحت البلدية في عيد الأضحى الماضي أن تحصل على عدد من الأضاحي للأسر الفقيرة، وذلك عن طريق منظمة غير حكومية، كما استطاعت أن تحصل لمنكوبي انبيكت لعتاريس العام قبل الماضي على مساعدات هامة بعضها مقدم من الهلال الأحمر في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبعضها مقدم من جهات أخرى.

الأخبار: ما هي العوائق التي ترون أنها تقف في وجه تطوير العمل البلدي في موريتانيا؟.

عمدة أكجرت:
في الحقيقة عوائق العمل البلدي في موريتانيا أكثر من أن تحصى، ومن بينها عوائق مالية، والعائق المالي عائق كبير، وكما أشرت لكم سابقا فالبلدية ليست لها وسيلة مالية سوى حصتها من الصندوق الجهوي للتنمية، لانعدام الدخل الذاتي وهذه أم العوائق وتترتب عليها عوائق جمة، عندما تكون مسؤولا أمام المواطنين –على المستوى النظري- عن الاستجابة لمتطلباتهم، وتسوية مشاكلهم، وتوفير الخدمات لهم، وليست لك وسائل للقيام بهذه الأعمال، فهذه في الحقيقة مشكلة تسبب إحراجا كبيرا للعمدة حيث يصعب على معظم المواطنين أن يفهموا هذا الواقع.

وثمت عوائق مؤسسية وعوائق قانونية، وتتمثل أساسا في تداخل صلاحيات العمدة أو صلاحيات البلدية مع صلاحيات جهات أو مؤسسات أخرى، وأعتقد أن هذا الظاهرة توجد في كثير من المجالات، وهي عائق قانوني يجب البحث عن مخرج منه.

ثمة عوائق على مستوى الدولة أو نخبها، أو على الأقل جيل من هذه النخبة، هذا الجيل يرى أن البلدية تشكل خطرا أو انتقاصا من نفوذه أو من (مخزنيته) وهيبته، فهيبة الإدارة وبيروقراطيتها هذه في نظر الجيل الأول من الإداريين أكثر ما يهددها هو العمد، الذين هم في الواقع غالبا ما يكونون نتاج لانتخابات، وغالبا ما يكونون من صميم إفراز القواعد الشعبية، وبالتالي تنتفي عنهم تلك الهالة، وهذا يعتبر مؤثرا على البعد البيروقراطي في الإدارة، والذي تتغذى عليه بعد النخب وخصوصا عند الجيل الأول من الإداريين الموريتانيين.

ومن العراقيل الإدارية أنه في بعض الأحيان تكون مجبرا على التعامل مع موظف ليس مرؤوسا من طرفك، ويتجلى الأمر هنا في المحاسب، أو ما يسمى في المصطلح البلدي بالمحصل البلدي، هذا موظف لا يمكن أن تعاقبه لأنه ليست لك عليه تبعية إدارية، هذا الواقع الإداري يستغله بعض هؤلاء، وبالتالي يسلكون أثناء تعاملهم مع تنفيذ ما تصدر لهم من أوامر بالصرف مسالك من الابتزاز للموردين ، ممن يأتون لتفي لهم البلدية بالتزامات مالية وهذه المسلكيات، غالبا ما تكون على حساب البلدية، فالتاجر لا يفهم لغة الخسارة، وإذا كان على قناعة أن إتاوة ضمنية تنتظره هناك عند المحاسب، فسيضيفها على سعر ما سيورده للبلدية من مواد، وما سيقوم لها به من أشغال.

الأخبار: كل العوائق التي ذكرتم حتى الآن راجعة للدولة، ألا يتحمل المواطن العادي جزء من العوائق التي تقف في وجه تطوير العمل البلدي؟.

عمدة أكجرت:
طبعا يتحمل المواطن العادي جزء من هذه العوائق، وتتحمل البلدية جزء منها، بل ويتحمل العمدة نفسه جزء منها حتى نكون موضوعيين.
فالمواطن يتحمل جزء كبيرا يتمظهر في محورين:
المحور الأول : هو أنه غالبا ما يسعى إلى خدمات ليس مؤهلا لها، أو لم يضع نفسه في موضع المستحق لها، بتصرفات ناتجة عنه، وبشكل أوضح هناك ظاهرة خطيرة تعرقل التنمية، ويتحمل المواطن المسؤولية عنها، وتتحمل الدولة جانبا من المسؤولية، من خلال السماح بهذه الظاهرة، وهذه الظاهرة هي ما يسمى بـ"ظاهرة التقري الفوضي"، فعندنا –مثلا- في بلدية أكجرت والتي لا يتجاوز سكانها ثمانية آلاف ونيف.81 "قرية "

الأخبار: معدل مائة شخص للتجمع؟

عمدة أكجرت: تقريبا، وهذه التجمعات في أغلبها هي تجمعات صورية، لكن سكانها يتساوون في الإلحاح في الحصول على الخدمات الأساسية، الخدمات التي لا يمكن أن تتوفر لهم كالمدارس والحنفيات وكل شيء، فما تطلبه قرية مكونة من منزل واحد هي نفسها مطالب كبريات القرى، المواطن يتحمل المسؤولية في هذا الجانب حيث لم يقتنع –نتيجة لممارسات سابقة- أنه يوجد شيء مستحيل، وهذا ما أغراه بالإلحاح والرغبة والجري وراء الحصول على الخدمات التي ينبغي أن لا تمنح إلا للتجمعات السكانية المعتبرة، وهنا للدولة نصيب من المسؤولية من خلال السماح بهذه الظاهرة.

وهذه الظاهرة يمكن أن نسميها ظاهرة التسعينات بامتياز، حيث كانت تلقى تشجيعا ظاهرا في آونة سابقة، خدمة لبقائها لأغراض سياسية، وبالتالي تجذرت لدرجة أن من يريد الآن الرجوع عنها، لا بد أن يتكلف جهدا كبيرا.

وأذكر هنا أن السلطات الحالية تفكر جادة في محاربة هذه الظاهرة لكنها لم تتخذ بالفعل إجراءات صارمة للحيلولة دون المزيد منها حتى الآن...

وفي هذا الإطار والي الحوض الغربي الحالي استطاع أن يقنع مجموعة من القرى في مقاطعة كوبني بالتجمع في مكان واحد، مقابل أن يسعى لهم لدى الدولة في أن يحصلوا على خدمات تناسب ذلك، حتى يكون ذلك مغريا لهم.

وهنا بعض التجمعات الصورية في بلدية أكجرت حاول وما زال يحاول بتنسيق مع البلدية أن يتجمعوا ويتبنوا نفس النموذج الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من الإنجاز على مستوى مقاطعة كوبني.

الأخبار: كيف تقومون علاقتكم بسلطات الوصاية؟

عمدة أكجرت:
سلطات الوصاية علاقة العمد بها يمكن أن نسميها علاقة مزدوجة، فهي علاقة ليست ثابتة ولا نمطية، وإنما هي علاقة تختلف باختلاف العمد أنفسهم وباختلاف الإداريين، هذا على مستوى الإدارة المحلية، ويمكن أن يقال إنها ليست مؤسساتية، فبعض العمد ترى الإدارة فيهم أن العلاقة بهم يمكن أن تكون على نمط كذا، نظرا لمستواهم، ونظرا ربما لما وظفوا من علاقات مع الإدارة.

وعلى العموم تجربتي الشخصية وقد عايشت ثلاثة ولاة وثلاثة حكام كانت العلاقة معي هي –شيئا ما - علاقة تكامل،غير أني ألاحظ عندما أكون خارج الصورة، أو مراقبا لواقع آخر أرى تعاملا مختلفا، طبعا هذه السلطات التي ذكرت لك أنها تعاملت معنا، تبعا لظروف تكوينها، مثلا الوالي الحالي للحوض الغربي يمكن أن يكون أكثر فهما لواقع البلديات لاعتبارات منها:
- أنه قادم من الإدارة العامة للمجموعات المحلية.
- الاعتبار الثاني عامل عمري حيث أنه ينتمي لجيل الشباب.
- والاعتبار الثالث أنه خارج جديد على عالم الإدارة ما يجعله جديدا على تلك الهالة، والبيروقراطية التي ترى الإدارة القديمة أنها ينبغي أن تبقى محاطة بها، وأن تبعد عنها كل ما يمكن أن يؤثر على تلك الصورة النمطية لدى المواطن العادي.

الأخبار: السؤال الحالي ربما يكون ورد جزء من الإجابة عليه في حديثكم السابق، لكننا نريد تفصيلا أكثر فيه، ما هو تقييمكم لمستوى المساعدات المقدمة من الدولة لبلدية أكجرت؟

عمدة أكجرت:
هذا السؤال مهم، فمساعدات الدولة أو ما تقدمه الدولة بشكل عام، قبل أن نقسمه إلى مساعدات وخدمات، ما تزال تكتنفه جملة كبيرة من المعوقات، وما تزال الموضوعية لا تجد لها فيه مكانا في كثير من الأحيان.

بالنسبة للخدمات التي تقدمها الدولة كالمياه والمستشفيات، والمساعدات المتعلقة بالمجال الزراعي ترى منها حالات تبعث على الحيرة تماما، ففي حين أن قرى مسكونة بكثير من الفقراء تعاني العطش الشديد والفقر المدقع، تفاجأ بقرية بلا سكان أو تسكنها أسرة واحدة، ومع ذلك تحظى بشبكة مائية عصرية، وهنا أريد أن أوضح أنه قد لا تكون في كثير من الأحيان للسلطات الجهوية يد في هذا، غالبا ما يكون واقعها وواقع العمدة حيال هذه التصرفات متساو، حيث تأتي تعليمات وأوامر، حتى أنها أحيانا تأتي وتدخل حيز التنفيذ دون علم السلطات الجهوية ودون علم أحد، هذه الظاهرة ما تزال ظاهرة خطيرة، ونحن قد كتبنا كثيرا فيها لسلطات الوصاية، وكلمنا السلطات العليا فيها أكثر من مرة، لكننا مع الأسف ما نزال نلاحظ غياب الموضوعية فيما تقدمه الدولة من خدمات، تكثر هذه الظاهرة في قطاعات أكثر من غيرها.

لدي هنا بعض القرى لها مشاكل كبيرة عبرت عنها بالطرق الإدارية أكثر من مرة، ولم تجد مشكلتها حلا رغم ما اتخذ في سبيلها، ومع كل ذلك نفاجأ –للأسف- بمنشأة كبيرة تشيد بقرية لما تنشأ بعد أو أنها مكونة من أسرة أو أسرتين.

ومن أبرز تجليات عدم الموضوعية في توزيع المياه خصوصا أن قرية أكجرت تأخر عنها الماء كثيرا، على الرغم من أهميتها؛ أهميتها الديموغرافية وأهميتها الإدارية حيث تحتضن عاصمة البلدية، في العام الماضي باشرت السلطات من خلال وكالة النفاذ الشامل إلى الخدمات تنفيذ شبكة مائية في قرية أكجرت، استبشرنا بها خيرا، كما استبشر بها السكان، وقد أشرف رئيس الجمهورية على انطلاقة هذا المشروع، وهو مشروع تزويد قرية أكجرت بالماء الشروب، يوم 04 إبريل 2009، هنا في هذه القرية، غير أن مرحلة ما قبل الاستفادة الفعلية من هذه الشبكة، وتحقيق رغبة السكان أن يودعوا ذلك العهد في الشرب بطرق بدائية، لا تنسجم مع واقع البلدية الديموغرافي والإداري، وقد بدأنا نلاحظ اختلالات في التنفيذ، لا يمكن أن أقول لك نوعية هذه الاختلالات بالضبط، ولا أن أجزم لك بأنها كفيلة بنسف هذا الحلم، وذلك طبعا لعدم اختصاصنا ولغياب بعض مراحل التنفيذ عنا بقصد أو بغير قصد الله أعلم، ولوجود جهات أخرى هي المتخصصة في المتابعة والرقابة، على الرغم من ذلك عندما بدأنا كمستفيدين نتطلع للاستفادة من هذه الشبكة واستغلالها، لا حظنا العديد من النواقص، تتمثل هذه النواقص في أنه عند اختبار هذه الشبكة في الأسابيع الماضية فوجئنا أن بعض الأحياء لم تستطع قوة الدفع أن توصل لها المياه، كما أن قرية اعوينات اصراك التي يوجد بها مصدر ماء هذه الشبكة والتي كان مفترضا ومبرمجا أن تستفيد من هذه الشبكة، لكننا فوجئنا بأن الطريقة التي اتبعت لاستفادتها من هذه الشبكة ليست ناجعة، لم يمكن أن يصلها الماء بالطريقة المعتمدة، ولدينا شكوك حول العملية، ويخيل إليك أن الشركة المنفذة تعمل دون عقد ودون دفتر شروط، وإنما تتصرف بطريقة تطبعها العشوائية، أحيانا تتخذ قرارات بتكليف المواطنين المستفيدين –للأسف- في إطار 100 أسرة المستفيدة من توصيل الماء مجانا، تكلف ذوي الضعاف أن يتولوا حفر الممر الذي سيسلكه التوصيل إلى ذلك الفقير، ثم إن مائة أسرة التي هي ضمن الاتفاق بتزويد المياه مجانا وبالتزام من الدولة ويتم اختيارها على أساس الفقر، ويتم توصيلها في الإطار الاجتماعي قد كلفنا تنفيذ هذا الجانب والتزام الجهة المنفذة به الكثير من الاتصالات، والكثير من الجدل مع هذه الشركة، حيث لم نزل منذ بداية التنفيذ نتلقى الشكاوى من الأسر المستفيدة أن الماء لم يصل وأن التوصيل لم يكن على ما يرام، نتصل بكل الجهات للتصحيح، وفي حال وصل إليهم يكون أحيانا –كما ذكرت لكم- بتكليفهم بحفر ممر الأنابيب، بل إن حالة أو أكثر لا تزال الشركة المنفذة تتلكؤفي إيصالها بالشبكة ، ونحن كمستفيدين تهمنا كل الحالات، ، عموما تراودنا شكوك ومخاوف، أملنا كبير أن يتم التغلب عليها، لا يمكننا الآن أن نحدد من يتحمل المسؤولية، هل هي الشركة المنفذة، وهل لها شريك؟ الله أعلم، لكن الأمر يحتاج إلى الانتباه حتى نجني ثمار هذه الشبكة التي طالما انتظرها المواطنون، والذين بدأ يراودهم بدورهم الشك.

أكجرت في أرقام:
- السكان 8650.
- القرى والتجمعات السكنية: 81.
- المدارس: 28 مدرسة ابتدائية، وعدد الحجرات فيها 54.
- المحاظر 6.
- الأطفال المتمدرسين: 1289.
- عدد الآبار التقليدية: 134 بئر.
- عدد الآبار الارتوازية: 20.
- المراكز الصحية: 2
- المساجد: 26 مسجد تقريبا.
- التعاونيات: 35



والشيء نفسه في التعليم على مستوى البنايات فيما تقدمه مشاريع التهذيب والتكوين على مستوى القرى، تكون كبريات القرى والمدارس الكبيرة التي يدرس فيها كثير من التلاميذ تقام بأعرشة أو أخبية، في الوقت الذي تحظى فيه مدارس مهددة من الناحية الموضوعية بالإغلاق ببناية راقية بقيمة عدد من ملايين الأوقية.

إذا مساهمات الدولة –كما تقدم- يمكن أن تصنف إلى نوعين المساعدات المالية والخدمات، الخدمات يدخل في مجالها المياه والصحة والتعليم، وأوضحت أن كل ذلك يحتاج إلى موضوعية في التوزيع، فأنت تفاجأ بتجمعات كبيرة محرومة من خدمات حصلت عليها تجمعات صغيرة، ولا داعي للتعيين.

أما بخصوص المساعدات فأهم ما تقدمه الدولة فيها هو ما يأتي من خلال مفوضية الأمن الغذائي، والمفوضية تقدم نوعين من المساعدات، النوع الأول والأهم هو توزيع المواد الغذائية مجانا على المواطنين الأكثر فقرا، وهنا مربط الفرس كما يقال، فالمفوضية تطالعنا سنويا بمجموعة من البلديات على أنها مستفيدة من التوزيع المجاني، وإذا ما تأملت فلا يمكن أن تدرك الأساس الذي اعتمد لاختيار هذه البلدية وتم على أساسه استبعاد أخرى، فالمفوضية تدعي أنها تستهدف البلديات الأكثر فقرا وهشاشة، وتدعي أن تحديد الفقر والهشاشة يتم وفق طريقة علمية إثر دراسة يقوم بها مرصد الأمن الغذائي، غير أن هذه الدعوى لا ينطلي على عاقل زيفها، وأعطيك مثالا على ذلك، في العام الماضي هذه الدراسة" المقدسة" عند مفوضية الأمن الغذائي ترتب عليها أن تستفيد من التوزيع المجاني ثلاث بلديات لها حدود مشتركة مع بلدية أكجرت من ثلاث جهات، فكيف يتصور أن يكون لهذه البلديات واقع يختلف عن واقع بلدية أكجرت التي تشترك معها في نفس الخصائص الجغرافية والمناخية والسكانية، ومعدل الأمطار ، وثمة مؤشرات أخرى تدل على عدم شفافية هذه العمل تتمثل في أن بلديات بعينها لا تخطؤها "سهام" المفوضية مع اعترافنا أن في كل بلدية ضعافا، لكن لو سألت عن مقارنة هذه البلدية مع بلدية أكجرت مثلا لاتفق لك الجميع على أن حال تلك البلديات أفضل بكثير من بلدية أكجرت، ومع هذا هي محظوظة دائما في تدخلات مفوضية الأمن الغذائي، ومهما ادعت المفوضية أن العمل نتيجة دراسة علمية فإننا نشك كثيرا فيه، ولدينا الأدلة على أن الدراسة ليست علمية ولا شفافة، وإنما هي غطاء والأمور تدار خارج ذلك، سواء على مستوى المفوضية في نواكشوط، أو على مستوى إدارتها الجهوية في الحوض الغربي.

النوع الثاني الذي تقدمه المفوضية ، هو ما تسميه بالمشاريع، هذه المشاريع يبدو أن السلطة في توجيهها متروكة للمندوبية الجهوية، وبتتبع بسيط للأماكن المستهدفة بهذه المشاريع لابد أن تخرج بملاحظات.

الملاحظة الأولى: أن البلديات التي تقاد من طرف عمد لا تروق مواقفهم السياسية لرئيس المصلحة الجهوية لا يحظون بشيء من هذه المشاريع.

الملاجظة الثانية: أن الخريطة القبلية حاضرة في توزيع هذه المشاريع، حتى إن بعض العمد طلب على سبيل التندر والتنكيت إعارة أسر من مجموعة معينة، حتى تتجاوز المصلحة الجهوية برمجتها لكي تستفيد بلديته، ثم يعيد الأسر من حيث جاءت.
الملاحظة الثالثة، ولنا عليها أدلة، هي حضور العامل "النفعي" الشخصي، مما يجعل المصلحة الجهوية للمفوضية تهرب بعيدا عن مناطق الوعي، أو البلديات التي تدار من طرف عمد قد يدركون أن هذه الأشياء ليست في محلها؛ أي تقديم منافع شخصية مقابل خدمات عمومية، هنا ترتفع حظوظ المناطق البعيدة والهامشية، المناطق البعيدة عن مدينة لعيون، والمناطق البعيدة في المقاطعات الأخرى، هذا البعد حاضر مع الأسف، ولنا أدلة على القرى التي استفادت من هذه الزاوية وربما لدينا الأرقام وما هو أكثر من ذلك تفصيلا.

بلدية أكجرت كانت المستثنى الوحيد على مستوى المقاطعة من الاستفادة من مساعدات المفوضية في العام الماضي، وفي هذا العام انضافت لها بلديتان، أما هي فدائما أو في الأغلب مستثناة من تدخلات المفوضية، سواء منها التوزيع المجاني أو المشاريع، لثلاث أسباب، أولها سبب سياسي، وثانيهما قربها من مركز الولاية ووعي سكانها، حيث أن الكثير من المسلكيات لا يمكن أن يتخذ فيها، وثالثها هو عامل قبلي بحت.

مبنى بلدية أكجرت - مقاطعة لعيون - ولاية الحوض الغربي شرقي موريتانيا (الأخبار)

مبنى بلدية أكجرت - مقاطعة لعيون - ولاية الحوض الغربي شرقي موريتانيا (الأخبار)


طبعا سلوك المصلحة الجهوية للمفوضية الغذائية ليس محل انتقاد مني وحدي، ولا رأي انفرادي، وإنما هو محل إجماع من سبعة عمد هم كل عمد مقاطعة لعيون، وقد عبروا عن اشمئزازهم من هذا السلوك وطالبوا بتصحيحه من خلال رسالة وجهوها إلى وزير الداخلية واللامركزية، كما وجهوها إلى مفوض الأمن الغذائي، وإلى والي الحوض الغربي، قبل ثلاثة أشهر يظهرون فيها امتعاضهم من سلوك المفوضية هذا، واستبدادها بالرأي، وعدم موضوعية وشفافية تدخلاتها، والرسالة موجودة وهي موقعة من العمد السبعة لبلديات مقاطعة لعيون.

الأخبار: المجلس البلدي، أو على الأقل العمدة وصل إلى منصبه من خلال حزب معارض هو حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني "حاتم"، ثم أصبح الحزب عضوا في الأغلبية الرئاسية، هل تغير تعامل السلطات الإدارية معكم تبعا لتغير موقفكم أو موقعكم السياسي؟.

عمدة أكجرت:
طبعا، أنا ذكرت لك أني تعاقب علينا ثلاثة ولاة، وأنهم ينتمون إلى جيلين من أجيال الإدارة الموريتانية، أنا لاحظت خصوصا على مستوى الولاية، وأقصد بمستوى الولاية استبعاد الحاكم، أحد هؤلاء الولاة كان هنا ونحن حزب معارض واستمر مع دخولنا للأغلبية، وقد لاحظت أن تعامله معي تغير تبعا لتغير موقع الحزب الذي أنتمي إليه، قد لا تكون هذه الحالة شديدة الوقع هنا على مستوى المجلس البلدي على مستوى بلدية أكجرت، والفضل في هذا يرجع للمجلس البلدي أولا، وأرجو أن يكون تعامل العمدة أيضا له أثر في هذا الاستقرار، فأنت لا تكاد تعرف انتماءات المجلس البلدي السياسية إلا عندما تسأل أو يكون لك عام مسبق، وكل ذلك غائب خلال المداولات وخلال الجلسات وخلال النقاشات، وهذا طبعا لا بد أن ينعكس على الإدارة، لأنه عندما تكون ظاهرة الانتماء السياسي حاضرة على مستوى المجلس البلدي غالبا ما تنقل من طرف المستشارين إلى سلطات الوصاية، لكن هذه الظاهرة غائبة هنا على مستوى بلدية أكجرت.

وعموما بعض رؤساء المصالح الجهوية وخاصة تلك التي تدير مصالح مسؤولة عن مساعدات السكان، من بينها –مع الأسف- من يتعامل مع البلديات باعتبارات من بينها الاعتبار السياسي.

الأخبار: لمنظر لقرية أكجرت يكشف أنها قرية زراعية، هل قامت البلدية بجهود لدعم الزراعة فيها؟.

عمدة أكجرت:
بالنسبة لدعم الزراعة وتطويرها عملنا عليه من خلال التعاون مع مشروع الواحات الذي يتدخل في واحات النخيل ومختص في ذلك، وهذه الزراعة التي تتميز بها القرية هي واحات النخيل أما الزراعة الأخرى فعندنا قرى أخرى أكثر تخصصا فيها.

وبخصوص هذه القرية فقد حصلت في فترات متفاوتة على تسييج لهذه الواحات، بعض المعدات الزراعية لاستخدمها فيما يسمى بالزراعة تحت النخيل.

الأخبار: بلدية أكجرت في أرقام (عدد السكان، عدد التجمعات السكانية، عدد المدارس، المراكز الصحية...)؟.

عمدة أكجرت:
هذه البلدية أنشأت بموجب المرسوم رقم 297/88، أما عن الأرقام:
- السكان تقر8650.
- القرى والتجمعات السكنية: 81.
- المدارس: 28 مدرسة ابتدائية، وعدد الحجرات فيها 54.
- المحاظر 6.
- الأطفال المتمدرسين: 1289.
- عدد الآبار التقليدية: 134 بئر.
- عدد الآبار الارتوازية: 20.
- لا توجد كهرباء في كل البلدية، وتوجد محولات للطاقة الشمسية في ثلاث تجمعات سكانية هي، أكجرت ـ أ كافه ـ ودار السلام.
- المراكز الصحية: 2 أحدهما في أكجرت عاصمة البلدية، والثاني في فوكس بشمال البلدية.
- المساجد: 26 مسجد تقريبا.
- التعاونيات: 35
الأخبار: شكرا لكم.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!