التاريخ: 22.09.2024  التوقيت:06:41 غرينتش


تاريخ الإضافة : 15.07.2010 12:24:24

مونديال جنوب إفريقيا .. أهم ما ميز الحدث


المنتخب الإسباني توج بكأس العالم 2010 (صور الجزيرة الرياضية )

المنتخب الإسباني توج بكأس العالم 2010 (صور الجزيرة الرياضية )

أسدل الستار علي بطولة كأس العالم في نسختها التاسعة عشر بعد منافسة شرسة امتدت للأشواط الإضافية وكللت بهدف من ذهب علي طبق من فضة بتسديدة لا ترد لنجم برشلونا أنييستا بعد عمل جماعي من وسط ميدان لاروخا وفي غفلة من دفاع الطواحين ، هدف كان كافيا ليعلن عن أفراح قد تستمر طويلا في كل أقاليم المملكة الإسبانية العاشقة للأفراح تم تسليم الكأس المهبية والميداليات الفضية للفريق الخاسر في نهائي أحتفظ بكل مفارقاته إلي الأنفاس الأخيرة وتحت أضواء تحفة جوهانسبورغ المضيئة بالألعاب النارية ملعب "سوكار سيتي" .

وودعت القارة بطولة قد تحتاج لزمن طويل قبل أن يعيد التاريخ نفسه لكن الأهم عند كل من سحرتهم أجواء جنوب إفريقيا هو ما أجمع عليه الجميع من جودة التنظيم وحسن الضيافة وأشياء أخرى تبقي عالقة في مخيلة الكثيرين عن أول مونديال في أقصي جنوب المعمورة.

وإذا كان أهم ما شغل الأكثرية هو الأرقام فإن بطولة كأس العالم في نسختها السمراء كانت حافلة بالأرقام الجميلة والمفاجئات المدوية بدءا بالحدث ذاته الذي نظمته لأول مرة جنوب إفريقيا مرورا بدخول منتخب جديد لسجل الفائزين بالألقاب وانتهاء بسيل المفاجئات وما طبع المونديال من أحداث وظواهر كانت غريبة عند البعض وكانت مسلية للبعض الآخر لكنها في النهاية صنعت الحدث الرياضي الهام وقدمت صورة طيبة لبلد إفريقي غني بكل شيء عكس الهواجس وفوبيا الجريمة التي روجت لها عديد وسائل إعلام.

و سنحاول بحول الله ضمن هذه السطور أن نقف مع أهم ما ميز الحدث

المنتخب الإسباني استقبل من طرف الآلاف في المطار بعد تتويجه بكأس العالم (صور الفرنسية)

المنتخب الإسباني استقبل من طرف الآلاف في المطار بعد تتويجه بكأس العالم (صور الفرنسية)

عندما يترجل البطل ويتبعه وصيفه ...


كانت الجولات الأولي من بطولة كأس العالم مفاجئة مدوية لكن الخروج المذل للمنتخب الإيطالي حامل اللقب من الدور الأول كان أكبر صفعة وجهت لعشاق الآزوري الذي وجد نفسه الحلقة الأضعف في مجموعة لم تكن بالصعوبة التي وجد فيها ليبي نفسه عندما خرج علي يد المنتخب أسلوفاكي والمنتخب الشيلي خروج أعتذر عنه المدرب المحنك وتحمل وزر ما نجم عنه من خيبة أمل وأعترف أنه لم يوفق في اختيار التشكيلة المثالية للدفاع عن لقبه.

حال المنتخب الفرنسي الوصيف لم يكن أحسن وعاد يجر معه خيبة الأمل والحسرة ودموع وشجون وخلافات لم تحجبها ستائر المنتزه الفخم الذي أحتوي ديكة فرنسا وطغت كل الأحداث علي أداء المنتخب
الفرنسي الضعيف الذي خرج هو الآخر بخفي حنين من المنافسة ومن الباب الضيق علي يد منتخب البافانا بافانا بعد تعادل وهزيمتين وهدف وحيد لا يسمن ولا يغني من جوع ووصمة عار مضافة علي وجه ريمون دومنيك الذي رفض من باب اللباقة والاحترام أن يرد السلام للمدرب البرازيلي بيريرا في نهاية المباراة في مجموعة شهدت تألقا باهرا للمنتخبين الأرغواني ونظيره المكسيكي .


البافانا بافانا خارج المونديال


لم يكن المنتخب الجنوب إفريقي من ضمن المنتخبات المرشحة للفوز باللقب لكنه علي الأقل لم يكن مرشحا للخروج بسرعة من المونديال الذي أعدله نفسه طويلا منتخب الأولاد صاحب الدار لم يستطع التكيف مع السرعة الفائقة للمنتخبات اللاتينية في مجموعته وخرج بفارق الأهداف عن المكسيك مسجلا هو الآخر أول الأرقام الصاعقة في البطولة ليشكل بذلك أول خروج لمنظم لهذه البطولة من دورها الأول، لكن البعض التمس للفريق العذر بعد أن أثبتت الأرغواي في ما بعد أن فوزها الكبير علي جنوب أفريقيا لم يكن محض صدفة بل كان نتيجة عمل دؤوب .


احتفالات في نواكشوط بفوز المنتخب الإسباني (الأخبار)

احتفالات في نواكشوط بفوز المنتخب الإسباني (الأخبار)

غانا تحمل لواء القارة السمراء


ستة منتخبات إفريقية لأول مرة في بطولة كأس العالم مقاعد لم تكن وفيرة لفرسان القارة السمراء علي أرض مانديلا حيث ودع الخماسي البطولة من الباب الضيق بعد أن فشلت الجزائر في تجاوز عقبة أنكلترا وأمريكا ونفس الشيء حدث لنيجيريا أمام الأرجنتين وكوريا الجنوبية والكاميرون في مواجهة اليابان وهولندا أما فيلة كوديفوار ورغم النقاط الأربع فإن البرتغال والبرازيل كانت الأحق في التجاوز للدور الثاني وتكفلت غانا بحمل المشعل الإفريقي رفقة ألمانيا بعد أن تجاوزت بذكاء خارق كل من صربيا
وأستراليا في ثاني مشاركة للبلاك أستار في العرس المونديالي .


العلامة الكاملة

رغم الأداء المتذبذب لجل المنتخبات الكبيرة والمرشحة بقوة للفوز باللقب كانت منتخبات أمريكا اللاتينية والكونكاف قد حجزت لنفسها مقاعد أمامية في الدور الثاني وبنسبة مائة في المائة وهو ما لم يحدث من قبل حيث تأهلت كل من الشيلي ، البارغواي ، الأروغواي ، الأرجنتين ، البرازيل عن أمريكا الجنوبية ، وأمريكا والمكسيك عن منطقة الكونكاف في حين كان الإخفاق الأوربي كبير واكتفت القارة العجوز بست منتخبات في الدور الثاني أما القارة الآسيوية فضربت هي الأخرى بقوة وتواجدت بمنتخبين في الدور
الثاني هما اليابان وكوريا الجنوبية ، أما غانا فكانت وحيدة من القارة الإفريقية في محفل إفريقي لم يكن وفيا لأصحابه .


معترك الجد ... هفوات التحكيم


في الأدوار الثانية لم تسجل مفاجآت كبيرة علي مستوي النتائج وتجاوزت المنتخبات الكبيرة بسهولة هذا الدور حيث ضربت الأرجنتين برباعية تاريخية شباك جارتها المكسيك وألمانيا برباعية حصون الأنكليز والبرازيل قضت علي آمال المنتخب الشيلي وأسبانيا بهدف وحيد أبعدت البرتغال مبكرا من البطولة أما المنتخب الغاني فأعاد تكرار هزيمته للمنتخب الأمريكي وهولندا أوقفت طموح أسلوفاكيا أما الأرغواي ورغم صعوبة لقائها مع كوريا الجنوبية فإنها كانت الأحق في التجاوز نفس الشيئ حدث للبرغواي في مواجهة اليابان ولو بضربات الجزاء.

لكن التحكيم في هذه الجولة صنع الحدث وكان أسوء بكثير مما تخيل البعض خصوصا في أمسية الأخطاء الشهيرة عندما حرم الحكم الإنكليز من هدف شرعي لنجمهم المميز لامبارد في مباراتهم الطاحنة والغزيرة بالأهداف وفي نفس الأمسية تكررت أخطاء الحكام وكان تسلل واضح وكبير للمهاجم الأرجنتيني كارلوس تيفيز كاف ليصب المزيد من الزيت علي نار التحكيم الملتهبة عندما تسبب الهدف في إقصاء المكسيك علي يد رفقاء ميسي في أمسية ستبقي للذكري طويلا.



اعتذار بلاتير لم يكن كافيا


بعد تلك الأخطاء التحكيمية القاتلة خرج بلاتير عن صمته وقدم اعتذاره للمكسيك والانكليز لكنه اعتذار لم يكن كافيا ليصون ماء وجه جماهير المنتخبين وأعتبر مجرد تهدئة حتى لا يؤثر علي سير قاطرة البطولة لكنه أعاد طرح مشكلة إعادة النظر في إدخال وسائط بديلة لهفوات كارثية كان لها بالغ التأثير علي بطولات الفيفا ولعل أهمها إدخال التكنلوجيا أو الفيديوا كحل وسط للحد من تلك الأخطاء الساذجة .


نزال ربع النهاية إخفاق لاتيني


بعد أن سال من الحبر الكثير حول إمكانية تحقيق نصر آخر لقارة أمريكا اللاتينية خارج الأرض اللاتينية جاء دور ربع النهائي مخالفا لكل التوقعات وضربت أوربا بقوة وبشجاعة لم تكن منتظرة في ضوء النتائج الهزيلة في الدور الأول حيث ودعت كتيبة ماردونا المونديال بالدموع وبخسارة قاسية أمام الماكينات الألمانية برباعية للتاريخ وودعت جارتها البرازيل المونديال قبل ذالك أمام هولندا بهدفين للساحر
أشنايدر الذي وقف أمام طموح المدرب دونغا في التتويج باللقب أما إسبانيا فضربت ببقية أحلام البارغاواي عرض الحائط ولم يفلح من تساقط الأوراق اللاتينية سوي منتخب الأرغاواي التي قصمت ظهر الأفارقة بضربات جزاء لم تكن منصفة في حق الممثل الإفريقي الوحيد في دور ربع النهاية المنتخب الغاني .

بعد الأداء الرجولي للكتيبة السمراء في مونديال عسير النتائج وصعب التكهن كان لابد لفارس القارة أن يترجل في لحظة تاريخية لا تنسي عندما تمكن المنتخب الأرغواني من تجاوز عقبة غانا بركلات الجزاء في مباراة لا تنسي فبعد مباراة مارتونية امتدت للأشواط الإضافية بعد تعادل في الأهداف جاءت فرصة ذهبية للمنتخب الغاني في الدقيقة الأخيرة عندما أخرج المهاجم الأرغاواني أسواريز كرة لغانا كانت في طريقها للشباك قبل أن تتدخل يداه في منعها بالقوة من ذالك ومنحت ركلة جزاء أضاعها هداف غانا
اسمواه أجيان بطريقة غريبة حطمت بقية الأمل ودخل الفريقان بعد ذالك في ركلات الجزاء التي كانت من نصيب الأرغواي وحملتها لمربع الكبار بعد طول صيام دور النصف نهائي.

طواحين هولندا لم تكن طريقها سالكة للنهائي وتجاوزت بشق الأنفس الأرغواي في مباراة صعبة حسمت بصفارة الحكم وبنتيجة ثلاثة أهداف لهدفين أما المنتخب الإسباني بحنكة مدربة ديلبوسكي فعرف كيف يأكل كتف الألمان عندما حرمهم من امتلاك أهم شيء في كرة القدم وسط الميدان ، مجاراة النسق المتصاعد في أداء أسبانيا كان صعبا جدا والمنتخب الألماني فشل في رهان نصف النهاية وتعطلت ماكينات المانشافت الهجومية بعد مسيرة حافلة بالأهداف في هذه البطولة لكن هدفا وحيدا أخرجهم من البطولة.

المباراة الترتيبية

كان المنتخب الألماني أكثر عزيمة علي أن يختم مشواره في هذه البطولة بميدالية تشريفية لأدائه الراقي في بطولة دخلها بتشكيلة شابة حطمت العديد من الألقاب وبثلاثية مقابل هدفين صعدت ألمانيا لمنصة التتويج أمام الأورغواي في مباراة شيقة سجل فيها هجوم المنتخب الهدفين لكن رأسية جميلة للاعب سامي أخضيرة حسمت المباراة في الأخير نكهة النهائي كانت المباراة النهائية استثنائية في كل شيء لكنها سجلت حضورا أوربيا لأول مرة خارج الديار ورغم الخشونة الزائدة في اللقاء النهائي فإن الرزانة الأسبانية حصدت اللقب لأول مرة في تاريخ هذا البلد الجميل كما حصد حارس مرمي لاروخا إيكار كازياس أفضل حارس في البطولة وتحصل النجم الأرغواني دييغوا فورلان علي لقب أفضل لاعب في البطولة أما جائزة الهداف فذهبت للنجم الألماني مولير الذي كان عريس التتويج عندما توج أيضا افصل نجم صاعد في البطولة ولتعم الأفراح سماء جوهانسبورغ في ليلة كانت مميزة فعلا .


غابت النجوم .. فولد الأبطال


كانت توقعات الكثير من المحللين بأن تفرز بطولة كأس العالم في نسختها هذه نجوما من العيار الثقيل نظرا للأسماء الكبيرة المشاركة في هذا الحدث لكن العكس هو ما حصل فعلا حيث فشل أدروغبا وأيتوا من تجاوز عتبة الدور الأول رفقة الكوديفوار والكاميرون ولم يستطع وين روني من تسجيل أي هدف وودع ريبيري المونديال رفقة الديوك بأسوء أداء أما أكريستيانو رونالدو فبعد صيام طويل عن التهديف أفطر علي جرادة وبهدف يتيم كان هدية من السماء في مرمي كوريا الشمالية أما أفضل لاعب في العالم النجم ميسي ورغم أداءه المميز في الدور الأول ودور الثمانية فقد فشل في إنقاذ ملهمه ماردونا وقدمه للمشنقة في ليلة ظلماء أنتظر فيها الجميع البدر الذي طلع خارج أسوار جنوب القارة في احتفالات مهيبة في بلاده الأرجنتين ، غير أن البطولة سجلت حضورا لافتا لأسماء صاعدة وأخرى نفضت عن نفسها غبار النسيان مثل أدييغو فورلان دافيد فيا روبين وأشنايدر أجيان أسمواه وآيوا وهوندا ومولير وأوزير وسامي خضيرة وغيرهم من نجوم سطعت في فضاء كأس العالم في أقصي الجنوب.


علي هامش المونديال ظواهر وغرائب ومتع لا حدود لها


إذا كان البعض صنف هذه البطولة من دون كبير عناية علي أنها ضعيفة الأداء والمستوي فقد كثر أيضا في أجوائها الحديث عن خوارق كثيرة ونتائج فاقت التصور والخيال لكن الأبرز في هذه البطولة أنها كانت بطولة الفوفوزيلا بلا منازع وكان حماس الملاعب وضجيجها ماركة مسجلة باسم هذا البوق الذي اخترعته هذه النسخة الملتهبة وأفرغت في أبواق الفوفوزيلا التي عكست جانبا مهما من الثقافة الإفريقية والتمسك المفرط بعقد التراث كما أن الكرة جابولاني الممتدة هي الأخرى في تسميتها ورموزها من التراث الإفريقي لم تخرج من خانة الإتهام وأسالت حبرا كثيرا وشكلت الحدث لوحدها رغم أن الجميع أستمتع بجمال الأهداف وغزارتها ، خارج أسوار البطولة.

و كان الإخطبوط بول هو من سرق الأضواء ودار حوله حديث الساسة والنجوم والفنانين وتناقلت تكهناته وسائل الأعلام بشغف لم يسبق له نظير خصوصا بعد توقعه المثير بخروج ألمانيا علي يد أسبانيا.

وإضافة للظواهر والغرائب سجلت البطولة نتائج لا تقل غرابة ولعل أبرزها السباعية البرتغالية في مرمي كوريا الشمالية وهي سباعية كانت كل ما سجله الهجوم البرتغالي في هذه البطولة التي شهدت حضورا جماهيريا قياسيا وملاعب غاية في الجمال .


ممثل العرب الوحيد في المونديال


تضاربت الآراء حول مشاركة المنتخب الجزائري في المونديال البعض اعتبرها انجازا تاريخيا والبعض الآخر نظر لها علي أنها كانت مشاركة مخيبة لكل الطموحات العربية في ممثل افتقد لهجوم من العيار الثقيل بل كانت خسارته أمام أسلوفانيا بهدف من خطأ ساذج للحارس الشواشي بداية الشرارة التي أفاضت الكأس قبل أن تعيد التشكلة توازنها بفضل حارس من زمن آخر أسمه بولحي ذاد عن مرماه في مواجهة الأنكليز وأمام المنتخب الأمريكي قبل أن تخرج الجزائر محتفية بمكسب هام تمثل في تشكيلتها الشابة التي لم تكن موفقة في هذا المونديال لكنها بكل تأكيد شرفتنا جميعا بعد غياب طويل عن المحافل
الدولية وهو إنجاز في حد ذاته .

أخيرا اختتمت بطولة كأس العالم بتتويج مستحق للمنتخب الإسباني الذي لعب مونديالا رائعا وأسدل الستار علي كل فصول المونديال الذي حمل لنا ذكريات لا تنسي بكل مرارتها وجمالها في بعض الأحيان وخرجت القارة مرفوعة الرأس بعد تنظيم فاق كل التخيلات عكس بحق المستوي الراقي الذي وصلت له جنوب إفريقيا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم: السيد ولد محمد العيدي ولد السيد


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!