التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:21:34 غرينتش


تاريخ الإضافة : 04.04.2008 17:32:29

الصدمة القادمة

الصدمة القادمة
أحمد بن الوديعة
[email protected]
ليست المرة الأولى ولامؤشرات مع الأسف على أنها ستكون الأخيرة موريتانيا في مواجهة مجاعة قال الممثل المقيم لبرنامج الغذاء العالمي في موريتانيا أنها غير مسبوقة، وأن مصادر الحماية الاجتماعية تؤكد أن الحكومة لاتمتلك المخزون الكافي لمواجهة الحالة القادمة التي وصفها بالصدمة الناجمة عن غلاء عالمي وتراجع في كميات الأمطار المتساقطة خلال العام الماضي.
تصريحات المسؤول الأممي كانت في حد ذاتها \" صدمة للرأي العام فهي جاءت في وقت كانت الأنظار تتطلع فيه لحصاد الخطة الاستعجالية المعلنة من الحكومة لاحتواء ثورة الجياع، وتتطلع لثمار تمويلات نادي باريس التي روج لها كثيرا ودخلت بسببها الحكومة في حرب بسوس داخلية للتنافس على \" قطف ثمار\" الانتصار الاقتصادي غير المسبوق المتحقق في عاصمة الأنوار، وهي جاءت كذلك بعد قرابة سنة من تولى رؤساء التغيير الهادئ، وقوة التغيير وأمل التغيير زمام الحكم في البلد حيث أطلق الكثير من الوعود بالرفاه الاقتصادي والمشاريع العملاقة وغير ذلك من \" الأمنيات الجميلة\" التي بي
عت للناس قبيل وبعيد وبعد استحقاق الخامس والعشرين من مارس 2007

جاء التحذير من الصدمة من خارج الحدود ولم يأت من الحكومة التي فضلت التخاطب سرا مع المانحين قبل التعاطي علنا مع مواطنيها المهددين بالمجاعة والصدمة، والحق أن ذلك ليس أمرا جديدا فقد عودتنا حكوماتنا الرشيدة على أنها تثق في الخارج أكثر مما تثق في الداخل ويبدو أن تلك العادة القديمة تدخل بامتياز ضمن ترسانة \" العادات والتقاليد\" غير الحميدة التي ورثناها عن \" العهد\" السابق .
المهم إذا أنه بات من الواضح أن البلد على شفا أزمة غذائية حقيقية تنضاف إلى أزمته الاقتصادية والاجتماعية المزمنة فلم يعد المشكل هو الغلاء الفاحش للأسعار ولا التدني المزري لمستوى القدرة الشرائية بل إنه بات فيما يبدو أعمق من ذلك وقد يصل حد عدم وجود بعض المواد الأساسية بالنسبة الكافية في السوق، وهو ما بدأت نذره تطل مع حالة الهلع التي سادت الشارع بعد التحذيرات من المجاعة إذ تفيد بعض التقارير الواردة من الداخل أن هناك إقبالا غير طبيعي على شراء بعض المواد بهدف تخزينها تحسبا للصدمة المطلة، وتؤكد التقارير نفسها أن هذا الإقبال زاد من وتيرة الارتف�
�عات الجنونية لأسعار هذه المواد التي لم يعد من الممكن شراؤها فما بالك بأسعارها هناك في أعماق وطننا المترامي الأطراف .
الصدمة واقعة وكثيرون يقولون إنه ليس بالإمكان في المجال الاقتصادي أصعب مما هو كائن إذا فماذا أعدت لها الحكومة غير استجداء الخارج ، وإلى متى سنظل نستجدى في مستهل كل صيف ومنصرف كل شتاء؟
اعرف أن خطاب الرئيس الموعود قد يحمل جزء من الإجابة على الأسئلة السابقة وربما من الحل لكنني استبق ذلك لأقول ما يعرفه كثيرون – منهم الرئيس بكل تأكيد- لن تفيدنا المساعدات ولا العطاءات ولا الثروات ولا الخيرات ولا البركات، ولا الاستراتجيات ولا الخطط ولا التصورات مادام الفساد سمتنا الأبرز، وحاكمنا الفعلي وثابتنا الوحيد.
لن تفيدنا المليارات مهما لامست سقف الثلاثين بله المئين ما دام حالنا على ما هو عليها اللهم إلا إذا وجد الذي \" يحلب ناقته في الظاية\" لبنا خالصا سائغا للشاربين.
أدرك أن للأزمة أسبابا خارجية وأنها جزء من حالة عالمية لكنني أجزم بما يجزم به المتخصصون فلو أنصف الدهر واستقام مسيرو الشأن العام عندنا لكانت ثرواتنا السمكية والحيوانية وبحيراتنا وأراضينا الخصبة مأمنا لنا من المجاعة ومن تشويه السمعة والصورة كل مرة لكننا مع الأسف محكومون منذ عقود بنخب آخر ما تفكر فيه هو\" المشترك بيننا\" هو الدولة الموريتانية لذلك تراها تبدع في مجال واحد هو التحايل على الشيء العام، ولذلك ترى حال دولتنا المزري اليوم في مجال البني التحتية حيث لاطرق ولامستشفيات ولا إدارة ولا جامعات ولاشيء في الواقع يناسب نصف قرن من عائدات د
ولة غنية بشعب قليل..
إن حالنا مزر بكل المقاييس ومتخلف عن حال جل إن لم يكن كل دول العالم أجزم على أية حال أنه متخلف عن حال جارتنا الشرقية مالي الدولة المعدمة ولكم أن تكملوا المقارنة ببقية دول الجوار إن شئتم.
لقد حقق الحكم الحالي الذي يوشك على نهاية سنته الأولى منجزات مهمة في المجال السياسي والحقوقي مكنت موريتانيا من التقدم خطوة مهمة على طريق المصالحة الوطنية، وهي منجزات تستحق الإشادة ولايجوز التقليل من أهميتها لكنه فشل فشلا ذريعا في تغيير أي شيء في الجانب الاقتصادي والاجتماعي وهو ما حرم تلك المنجزات السياسية المهمة تأييدا شعبيا تحتاجه وتستحقه وأعطى فرصة لسدنة العهد السابق أن يحاولوا دفع الناس إلى الترحم على من لايستحق أن يترحم عليه ولا أن يذكر عهده إلا بما هو أهل له أنه عهد الاستبداد والاستخفاف بأهل موريتانيا، عهد الدوس على المقدسات والع�
�ث بالوحدة الوطنية والكفر بالحريات الفردية والجماعية.
إن على من يريد مواجهة الصدمة الواقعة أن يواجه أساس المشكل وهو الفساد وسوء التسيير فيتخذ خطوات عملية على طريق مواجهتها فلا أحد اليوم مستعد أن يستمع للوعود الجميلة والأماني الحالمة التي قدمها الوزير الأول أكثر من مرة ولم تجد طريقها للتطبيق على أرض الواقع كما أن شفافية السيد الرئيس وصدق مشاعره وتفهمه لأسباب\" الغليان\" لم تعد قادرة وحدها على التخفيف من آلام الصدمة الواقعة والمتوقعة ما يريده الناس واضح وبسيط يريدون قوت يومهم من ثرواتهم الهائلة التي يرونها يعبث بها من طرف حفنة قليلة.. هل هنالك ما هو أوضح من هذا؟


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!