التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:21:38 غرينتش


تاريخ الإضافة : 05.04.2008 13:52:20

حالة طوارئ

بقلم: محــمد أحمد
[email protected]

في خطوة هي الأولى من نوعها تنتشر وحدات من الحرس و الشرطة و الجيش و الدرك في بعض مقاطعات عاصمتنا لا لتوفير الأمن بل لبث الرعب و الهلع في صفوف المواطنين الذين لم يعتادوا على مثل هذه الإجراءات و الحجة مطاردة بعض الفارين من العدالة و بغض النظر عن الأسباب الكامنة وراء فرار هذا المتهم أو ملابساتها فإن الطريقة المتخذة و إن أدت في النهاية إلى اعتقاله أو قتله فإن أحدا لا يمكنه التكهن بما قد يحدث قبل ذلك ففي كل يوم نسمع عن إطلاق نار هنا و توقيف مواطن هناك و هو ما بات يشكل هاجسا لأغلبية المواطنين الذين فضل الكثير منهم الابتعاد عن مقاطعات التوتر (تيارت، لكصر و دار النعيم) .
إن على حكومتنا الموقرة التي فشلت حتى الآن في القيام بالكثير إن لم نقل كل ما وعدت به أن تضع حلولا ملائمة للمشكلة الأمنية التي باتت أكثر من حساسة و بدل سياسة الهروب إلى الأمام و نشر الفوضى الخلاقة عليها أن تفكر بشكل جدي في تنظيم أجهزتها الأمنية و الإمساك بزمامها بدل تركها في الحالة الراهنة ( لوبيات أمنية متصارعة) إن المواطن الموريتاني الذي أتعبته هموم الحياة و غلاء الأسعار و تردي الخدمات الأساسية و الضرورية ( الصحة، التعليم ....) في غنى عن مثل هذه التجاذبات بين أجهزتنا الأمنية الفاشلة في كل شيء حتى في الحفاظ على معتقل سلم لها بعد أن أستنفر العالم
كله للقبض عليه و كل ما فعلت و تفعله حكومتنا هو التحصن و التفرج و ترك المواطنين البسطاء الذين لا يجدون ما يسكنون فيه أحرى أن يقيهم رصاص أجهزة أمنية غبية و عديمة الخبرة في مجال الأمن.
إن على حكومتنا الموقرة بدل الانشغال في تشكيل الأحزاب و التفكير الاستراتيجي للحفاظ على المناصب أن تحمي الشعب الذي أوصلها جهلا منه بحالها و مآلها و هو أقل القليل في حق شعب عانى الأمرين منذ حصوله على الاستقلال و حتى اليوم فالمواطن الموريتاني اليوم مطاردا في الداخل من قبل المجرمين و اللصوص و قطاع الطرق الذين تعرفهم أجهزتنا الأمنية جيدا و هي التي شكلت بعض عصابات النهب و السلب النشطة في العاصمة ينضاف إلى كل هؤلاء الأجهزة الأمنية التي زادت الحمل على المواطنين بانتشارها و توزيعها الضرب و الشتم و بثها الرعب في قلوب المواطنين، وليست جالياتنا في الخارج بأحسن حالا حيث تعاني الأمرين من سفارات يفترض أنها لحمايتهم و حل مشاكلهم فإذا بها تصبح عبئا عليهم و منغصا لحياتهم هي و مخابراتها التي لا عمل لها سوى تصفية الحسابات مع المواطنين الذي أجبرتهم ظروف الحياة القاسية في البلد على الهجرة طلبا للقمة العيش الكريم.
إن على حكومتنا الموقرة قبل طلب التمويلات و إقرار السياسات و جذب الاستثمارات أن تعي خطورة الوضع الراهن للبلاد الذي يتسم بتدني ظروف المعيشة و انعدام الأمن الذي هو شرط كل السياسات المالية و الاقتصادية ووضع حلول مجدية للمشاكل الأمنية التي تواجهها و على رأسها ظاهرة الغلو و التطرف في صفوف الشباب - التي لا يخفى على حكومتنا ما سببته و تسببه في بعض الدول المجاورة الأقدر أمنيا و الأنجح اقتصاديا- و التي يذكيها الفقر و الجهل و غياب فرص العمل و استبداد أصحاب الأموال و تهميش العناصر النشطة في المجتمع كالشباب من لعب دور في تنمية البلاد و هو ما ينعكس سلبا وقد ظهر في ما هو مشاهد الآن.

إن الاعتراف بوجود المرض يعتبر من أهم العوامل المساعدة في القضاء عليه لذلك لا مفر من الاعتراف بوجود مشكلة أمنية تواجه الدولة الموريتانية ولا مناص من علاجها بأسرع وقت ممكن من خلال القضاء على أسبابها و فتح حوار جاد مع المجتمع و مع الشباب خاصة بدل التحصن و إصدار البيانات و التهديدات من الأبراج العالية.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!