التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:19:18 غرينتش


تاريخ الإضافة : 08.08.2010 14:33:30

وأخيرا عودة موريتانيا الميمونة

بقلم: عبد الله ولد اباه ناجي ولد كبد

طرح محمدن ولد اباه ذات يوم- وهو من اكبر المتخصصين في الوظيفية العمومية الموريتانية علما أن هذه الميزة هي من أقل كفاءته الذاتية- على الأستاذ ببوط – احد اكبر مرجعيات القانون الإداري الفذة في زمننا الحاضر- السؤال عن ما هو الحد الفاصل بين حرية التعبير كحق لكل مواطن و واجب التحفظ الذي يلزم كل موظف؟

بكل بديهة رد ببوط : محمدن يمكن للموظف أن يقول ما يشاء شريطة أن يكون بأسلوبكم انتم،. { محمدن هو من أصول اكيدية و تسكنه هذه الثقافة الجميلة و بموهبة عالية بكل تلميحاتها وسحنته الخاصة }.

سأحاول التحدث هنا علي أضواء هذه الفتوى.
عندما هوجمت بلادنا بدناءة وجبن بلمغيطي في يونيو 2005، كانت هنالك ثلاث تيارات تشكل النخبة التي تصنع القرار حينها وكانت على النحو الأتي:

عندما هوجمت بلادنا بدناءة وجبن بلمغيطي في يونيو 2005، كانت هنالك ثلاث تيارات تشكل النخبة التي تصنع القرار حينها وكانت على النحو الأتي:

التيار الانهزامي

تحت غطاء من الواقعية و الحكمة طالب هؤلاء بالإعراض صفحا عن هذه العملية ليتواصل العيش بسلام. لقد شككوا حتى فان القاعدة أعلنت حربا علينا: و لعله بشكل دقيق عملية معزولة أو أمر عرضي، أو لعله حادث أغرى علية الإهمال أو ربما قد يكون شجارا جانبيا.....

علينا إذا تجاهل هذا الحادث: و ليس الأمر هنا من باب قوله تعالى< خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ > و لا من باب قول الشاعر:

لكن قومي و إن كانوا ذوو حسب ** ليسوا من الشر في شي و إن هانا
يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرة ** ومن إساءة أهل السوء إحســــــــانا
كأن ربك لم يخلُق لخشيـــــــــــــتهِ ** سواهُم من جميع الناس إنســــانا

لكنه الخوف الدنيء الفطري و ثقافة الجبن المتجذرة.

و للإفحام و قطع الحجة :هاهي خطبة مسهبة حول القوة الضاربة لتنظيم القاعدة و استحالة مواجهته . لقد تمت التهيئة، و أصبحت الأرض خصبة لأنماط التخيل: مزيج من الخوف و الإعجاب بالهالة الغامضة لإسامة ابن لادن و من تحت الكُم وصلوا إلى حد القول إننا جنينا ما زرعنا: إن علاقتنا بإسرائيل جعلتنا مجرمين بحق.

التيار المتشدد المتهور

بدافع وطنية صادقة إلا انه بردة فعل غير محسوبة رئيس الجمهورية أيامها رمى بالجيش و من ورائه البلد كله في هجوم مضاد لم تكن لدينا آلياته حتى تلك الساعة. لقد كانت نيته محمودة . تماما كما كان أسلوبه و كبرياؤه تسوقاننا للانتحار.

و كما يقول المثل: الثأر طبق يأكل و هو بارد.

و مع بداية شهر أغسطس تخلص الجيش من ذلك الريئس بسهولة اكبر من النيل من العدو العصي.

سال حبر كثير سخرية من هذا الجيش الموريتاني الذي يرفض في كل مرة أن يقاتل: 1978 و 2005 تواريخ تشهد لذلك. ليرد التاريخ أخيرا مبرهنا أنها تهمة باطلة: نفس الضباط الذين رفضوا الحرب المرتجلة و الخاسرة 2005 اعدوا بصورة رائعة و نجحوا في الجولة الرابحة 2010 !

التيار الوطني الصادق

كانت الأغلبية الساحقة ( بخطها العام و شعورها المشترك) مصدومة ساخطة من الرعب الذي عاشه رجالنا في الوحدة العسكرية المستهدفة في لمغيطي. كنا نعتقد أن علينا أن نجعل القاعدة تدفع ثمن جرمها لكن حسب تقييمنا نحن. ينبغي أن نضرب لكن مع ضمان أن نصل للهدف في المقام الأول.

إذ علينا بشكل اخص الذود عن حرمة أرضنا و إعادة الثقة في كفاءتنا العسكرية.

لكن الفترة الانتقالية الأولى بهفواتها و أكذوباتها و ديمقراطيتها المدلسة و افتراسها الملموس و صرامتها العسكرية الكاذبة الأشرة و مراوغاتها البوليسية...... جعلتنا نتلهى عن التحديات الحقيقية لنعيش ثمانية عشر شهرا من الشعوذة كانت نجاحاتها الوحيدة هي أنهم (فَلَمّآ أَلْقُوْاْ سَحَرُوَاْ أَعْيُنَ النّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَآءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) سورة الأعراف الاية 116 .

حتى الحياد الذي يعتبر حجر الزاوية في تلك ا لإنتخابات كان مسخرة طيلة ذلك الاختبار. لقد التزموا بسهولة بكلما طلب منهم إذ لم تكن لديهم النية في الوفاء بأي شيء. لقد كانت الوعود مناورة لكسب الوقت لا تلزم إلا الذين استمعوا لها.

إنها أخلاقيات شرتات عندما أكل الحمار و التزم بحمل المتاع عندما يحين الرحيل و في اليوم الموعود بدا أن شرتات الوفي لوعوده وقف أمام زوجته لتحميل الأمتعة و لما أدركت الزوجة أنها أثقلت عليه بالحمل الكثير همست في أذنه سأحمل عنك البعض لأساعدك رد كرفاف و بشكل حاسم لا لا داعي لذلك بوسعك أن تضعي كل شيء فأنا ليست لدي نية في القيام اصلا.

و من 2005 إلى 2007 خسرت موريتانيا كثيرا من الوقت و ثروة هائلة هي في أمس الحاجة لها

إن بلادنا كانت تحتاج إلى تجديد حقيقي و قطيعة مع الماضي و تغيير صادق، بيد انها عانت حولين كاملين من الطلاء المرحلي و المظاهر الخادعة. إنها مثل سيارة عالقة في وحل طيني تدور العجلات لتغوص أكثر من دون أن تتحرك السيارة ولو شبرا واحدا.

ثم جاء سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله ليتوقف الزمن.
نعم لقد أسس انتخابه علي خدعة
و بدأ عهده بما يشبه نهاية و أفول نظام إلى حد بعيد: لقد كانت الاحباطات عارمة و فورية .

و لقد كانت الهواجس المفجعة جلية عندما أسقط القمع ذلك الشاب المحتج في كنكوصة ، المقاطعة الأكثر تصويتا لسيدي محمد ولد الشيخ عبد الله لقد تمت مكافأة ذاك الشاب إذ يمكن أن يكون أو ربما كان من ناخبيه. لقد وجدت عقيدة النذالة حليفا لها: الحذر المفرط و الفطري عند بعض الزوايا.

فكان النموذج الأمثل بالنسبة لهم في مقارعة القاعدة أن نقبل ضرباتها برباطة جأش علها تسأم من ضرب هدف لا يتحرك. و عشية الهجوم الدموي على الحامية العسكرية الموريتانية في الغلاوية ( العملية الثانية في صحرائنا الجميلة التي يبدوا أنها لم تعد تذكر إلا من خلال إيقاع هذه الإعمال الفظيعة) نشرت الحكومة حينها بيانا تورد فيه أن القاعدة لا تبدوا هي المسئولة عن العملية ولعله على حد زعمهم بفعل عصابات التهريب و قطاع الطرق. يالها من مهارة عالية :الحكومة الموريتانية الضحية منهمكة في تبرئة القاعدة و فصلها عن شركائها من المهربين.

ياللسخرية لقد سلمنا البلد لرئيس و حكومة لم يكونوا مؤهلين أصلا لما يلزمهم هم القيام به و بكل بساطة.

لقد وقع المخوف: القاعدة تبسط أذرعتها بكل راحة بال فتضرب متى شاءت و أين شاءت وكيف شاءت. و إذا بها وتحت نشوة انتصاراتها تنوع أهدافها من للقوات المسلحة إلى السياح الأجانب لتأتي عملية الاك التراجيدية وبالذات في المنطقة التي ينحدر منها السيد رئيس الجمهورية سيد ولد الشيخ عبد الله. أحداث درامية تنم عن ترهل النظام ، ليأتي دور تورين في هذا المسلسل الطويل من سنوات الضياع.

وها هي موريتانيا تتخبط بصمت و بشكل مؤلم في الدوامة الجهنمية و تستمر سنوات التيه .فحن لم نجعل لأنفسنا هامشا يفصلنا عن العالم من خارج زمننا فحسب،

لكننا و بكل طيب خاطر و ضعنا أنفسنا خارج الزمن المعاش معتقدين أن ذلك يكفي ليحمينا من عاديات الزمن: انسحِبوا من اللعبة، عيشوا بسلام.....

كما أن الفترات الانتقالية المتتالية الفوضوية جعلتنا نتسلى بها. فنترنح مشغولين طوال هذه السنوات و كل ما اراد شريك أو صديق أن يتصل بدونا كمن يرن هاتفه مشغولا أو خارج الخدمة.

لقد كنا مهمومين بمشاكلنا المتعددة الأوجه و الخالدة التي أتى عليها حين من الدهر و بلغت الاشد (أربعين سنة)، لم نكن على قدر المسؤولية في واجباتنا الدولية: المخدرات، الهجرة غير الشرعية ، الإرهاب...... كل هذه التحديات و الأخطار الكونية التي وخزتنا في الخصر و عبرت من خلالنا لتنال آخرين.

و لعلنا حينها قاب قوسين أو أدنى من أن يتلبسنا شيطاننا العجوز : ليعود بنا إلى هذه الأرض السائبة ارض اللاقانون (اتراب السيبة).

و بدأت سمعتنا تتلقفها السنة المحللين تأكيدا: موريتانيا هي الحلقة الأضعف في المنطقة و بوسع القاعدة أن تستهدفها لإقامة دولتها أو أن تتم صوملتها (عنف في الداخل، مساحة شاسعة، و حدود مع أكثر من دولة، شاطئ من أطول الشواطئ هو الأمثل لكل أنواع العمليات.....).

موريتانيا التي لا تتحكم في أراضيها و لا في فضائها يمكن الاستغناء عنها.
و في هذا السياق أصبحت الثقة ووجود و بقاء الدولة في مهب ريح، و تمت إزاحة سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله تباعا في أغسطس 2008

و من هنا اكتشفنا أنه بوسعنا أن يكون عندنا مرشح رائع وجيد......إلا انه في الممارسة يكون رئيسا سيئا جدا.
وفي تاريخنا تبقى الحالة الوحيدة التي انتخب فيها رئيس بتفويض. من آخر ، و لأخر، إذا رئيس بوصاية.
هكذا تتواصل الفترة الانتقالية أو تبدأ من جديد. بحسب الاعتبارات.
بدا أن العالم اجمعه منزعج و قد سئم من دعاباتنا و مماطلتنا.

إلا إننا تمكنا من الانسحاب من هذه الحلقة المفرغة بإجرائنا لانتخابات رئاسية تعددية بمرشحين حقيقيين وليس بواجهات زائفة تحرك من آخرين خلف الستار قد يسحبون الخيط في أية لحظة.

و أخيرا فتحت المنافسة على مصراعيها و بشكل صادق و صريح و بأوجه مكشوفة.
و ينتهي السباق المحموم لصالح محمد ولد عبد العزيز.

لقد كان نجاحه و من الدور الأول و بشكل مريح نجاحا سياسيا و ليس كيماويا كما يتندر على ما أحجوا بعض الفرقاء الخاسرين: لقد كسب الجولة باستمالة مجموعات من الناخبين دأبت ان تصوت في الاتجاه المعاكس. لقد ظهر للطبقة الشعبية التي تميل مع أهواء الحكام كمرشح الدولة كما ظهر لسكان الضواحي كالمخلص من عبث الأباطرة ناهبي المال العام. فقد كان رئيس المخزن ليجذب كل ما طالته يد المخزن و في نفس الوقت كان المعارض الأول الذي يحمل هموم الفقراء و تطلعاتهم و آمال المحرومين والطبقات المسحوقة.

و بهذا نال شرعية غير مسبوقة، فهو أول رئيس ينتخب و بشكل شرعي من طرف أهل الوبر والمدر و الحجر ، أصوات معبر عنها عند علية القوم و أصوات الشعبية العامة، الطبقة المتوسطة، و الفئة الواسعة من المحرومين ، و قدر لا بأس به من المتنفذين...

في صناديق الاقتراع وحد ولد عبد العزيز الموريتانيين: فله أن يشعر بالفخر بشكل رائع و شرعي ، إلا أن الأمر في نفس الوقت يعتبر حملا ثقيلا، وتحديا هائلا، وتكليفا تماما مثل ما كان تشريفا لتحقيق الآمال الوطنية الكبيرة.

لقد ابتدع خطابا جديدا يرتكز و بحزم على الحاجيات الاستعجالية و القطيعة مع الماضي.
لقد كانت المفارقة المحيرة في هذا الاقتراع هي كيف استطاع ولد عبد العزيز تصوير احمد ولد داداه و مسعود ولد بلخير بأنهما من رتوش الماضي أي من رموز نظام ولد الطايع الذي طالما عارضوه في الوقت الذي كان ولد عبد العزيز من ركائزه.

لقد كانت بروكسل شوطا ثانيا ربحه بامتياز و بشكل ساحق ، فكانت تلك هي الأصوات المعبر عنها دوليا .
كانت الخطوة الاولى له و بشكل جاد هي الإمساك بزمام الأمور في دولة تمت خوصصتها، كما قام مؤخرا بشن أول عملية عسكرية واسعة على تنظيم القاعدة : النجاح الثاني بعد العملية التي تم فيها تقليم اظافر مجموعة من المهربين علي صلة بالأرهابيين حاولوا التسلل داخل صحرائنا العصية.

و أخيرا برهن الجيش الموريتاني انه بوسعه أن يكون قوة رادعة.
لقد تلقت القاعدة ضربة موجعة ، وانقلبت معادلة الرعب و أستوعبت القاعدة قول الشاعر
إن الذين قتلتم أمس سيدهم ** لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما.

واصبحت قواتنا تتحكم بشكل أفضل في حوزتنا الترابية( نشر وحدات لمكافحة الإرهاب، إنشاء مقاطعة جديدة في عمق الصحراء حيث لم يكن بوسع الدولة المغامرة إلا عندما تٌضل الطريق. وأقيمت نقاط تفتيش جديدة....) و على الشواطئ ( لا يكاد يمر أسبوع دون توقيف وحدات المراقبة البحرية لمهاجرين سرين أو اعتراض سفن للصيد غير الشرعي.....)

والخبر الجيد للموريتانيين مثلما هو لبقية العالم :موريتانيا في طريق العودة إلى ذاتها فوق أرضها وداخل حدودها.
موريتانيا قوية، وواثقة من نفسها وحازمة.
إلا أن هذه العملية الميمونة أثارت عند بعض الدوائر السياسة في نواكشوط بعض الاعتراض.
أولا لقد قمنا بعملية عسكرية، بغير حق ، على ارض أجنبية.
من المعلوم أن هنالك اتفاق مع جمهورية مالي يخول لنا ذلك، ولقد هنأتنا حكومة مالي كعادتها على تدخلنا، لماذا هذا الإغراض من بعض مواطنينا متحدثين نيابة عن مالي و باسمها قائلين ما لم تقله هي بالأساس أي أنهم ملكيون أكثر من الملك.
لماذا دائما يحاول البعض النيل من وطنه ؟
لماذا هناك أحزاب موريتانية تتحدث باسم الأجنبي؟ و يبدون أكثر تصلبا منه؟
لقد آن الأوان لإبعاد السياسة الخارجية عن التجاذبات الداخلية .
و هل علينا انتظار العدو حتى يكون داخل أراضينا لنرد عليه؟ أو تحبون أن يكون للقاعدة بشكل دائم زمام المبادرة؟!
و الحقيقة أننا استرجعنا حرمة حوزتنا الترابية : و لم يعد مخايل قاعدة أو معسكر لتدريب الإرهابيين.
هذا هو مكسبنا العظيم.
إذا هذا الوحش القذر أصبح محشورا في ارض جار لنا قبل و بحسن نية آن نسدد لعدونا الضربة عند الحاجة.....

لقد تغيرت المعطيات بعد هذه العملية : موريتانيا لم تعد الحلقة الأضعف
أصحبت موريتانيا عنصرا فاعلا يضع الأسس الصحيحة لمكافحة الإرهاب في المنطقة في شمال وغرب إفريقيا بلاءاته الثلاثة: لا تبادل لسجين مع القاعدة لا دفع فديات مالية و لا تفاوض. صرامة مطلقة مع من يحمل السلاح. و أبواب مشرعة لمن رغب في العودة إلى رشده: عرض التوبة على العناصر المسجونين
نجاح عسكري ، ومن دون شك نصر سياسي و استراتيجي لا يقبل ألمراء.
ثانيا - سنكون أداة في يد فرنسا أو على الأقل توابع لها.

تعتبر فرنسا حليف لنا، و ستكون صداقتنا معها عن قريب بعمر خمسين سنة، لها مصالحها و أهدافها ، ونحن لنا مصالحنا و أهدافنا و بإمكان هذا أن يجمعه مسار واحد فتتلاقى المصالح و الأهداف كما هو الحال الآن، و ليس في الأمر من غضاضة و لا جرم. و ليس في أن تكون باريس حليف لنا ما يزعج.!

كانوا يريدون تحرير احد رعاياهم و نحن بدورنا كنا نريد تدمير مجموعة على وشك مهاجمتنا، لقد بلغنا غايتنا بنجاح و الحمد لله، و قد فشل الفرنسيون في بلوغ هدفهم و فقدوا مواطنهم يال الأسف.
وبما أن فرنسا ساعدتنا كثيرا فهل من غير اللائق أن نآزرها إذا احتاجت إلينا ؟

لقد عصفت قي الأشهر الأخيرة على بعض من النخبة السياسية في نواكشوط رياح مناهضة لفرنسا، و يعتبر ذلك مؤسفا وغير مبرر، بعضهم ينتقد العلاقة الممتازة مع فرنسا، و يدينونها طوال اليوم.
نفس الأصوات المغالطة كانت لتقول عكس ذلك لو أن العلاقات الموريتانية الفرانسية ساءت لا قدر الله
الثابت الذي لا يتغير: هو حصة الأجنبي!
البعض من دول الجوار لا ترغب في التورط الفرنسي هذه مشكلتهم وليست مشكلتنا،
على العكس نحن ننزعج أحيانا من التواجد وجها لوجه مع بعض القوى الجارة و الصديقة- لعل بعض العناق ( الأخوي) يكون خانقا
البلدان التي في حجمنا، و في منطقة كمنطقتنا، لهم ان يكسبوا كل شي من حكم خارجي.

منذ الحرب العالمية الثانية و كذلك في حرب الخليج في التسعينات من القرن الماضي لم تكن فرنسا مرتاحة لتواجد عسكري أمريكي في القارة العجوز ولا حتى قيادة حلف النيتو الذي يوحد جيرانها و كانت دائما متوجسة من الهيمنة الأمريكية مطالبة بإعادة نشر قواتها الموجودة في القارة...

لقد أعيد إعمار أوربا بالحضور الأمريكي القوي وتحت مظلتها النووية لقد كان ذلك مطمئنا للدول الصغيرة ومزعجا لباريس و لموسكو.

إننا مثل الكويت تقريبا( اقل ثراءا في الوقت الحاضر) باستثناء انه: يوجد لدينا عراقين في الجوار يتبادلان عداوة أزلية، بالنسبة لهما لن نخرج من اعتبار أننا أداة لصالح احدهما أحيانا أو ضده في بعض المرات . وليس أي منهما ملجأ أمان كمملكة عربية سعودية يلجأ لها عند الحاجة.

و للحفاظ علي صداقتنا بكل منهما و تلك هي رغبتنا الصادقة لن يزعجنا إن أدرك أي منهما مهما كانت أطماعه السياسية انه لن يحول أرضنا إلى قاعدة خلفية لعرض عضلاته العسكرية بأي أسلوب وتحت أية ذريعة.

فاستقلالنا و سيادتنا على أرضنا تبقى غير قابلة للمساس. و المزايدة هنا لا طائل من ورائها.
ويمكن للبعض أن يتهم ولد عبد العزيز بما شاء ألا التشكيك في وطنيته وفي حزمه.
ثالثا هذه الحرب ليست حربنا
إنها المغالطة الأكثر حمقا و الأقل ذكاءا و الأبعد عن المسؤولية.
لقد برر فرانسوا ميتران مشاركته في الحرب على العراق عام تسعين في خشيته على مقعد فرنسا كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي.

على موريتانيا أن تتحمل مسؤوليتها في ما يخص التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة والعالم.
أن هنالك ثلاث أخطار تشكل تحديا جديا هدفها العبور من خلالنا كحلقة اضعف إلى دول العالم الأخرى: الهجرة السرية، التهريب و المخدرات، الإرهاب.
فهل من اللائق آن نقول للعالم نحن لسنا معنيين إلا بأنفسنا فحسب! يمكن لأشخاص أن يأتوا من عندنا هنا أو من غيرنا و يتسورا من فوق حواجزنا عابرين إليكم فيهاجمونكم ،هذا لا يهمنا احموا أنفسكم بأنفسكم نحن لسنا حراسا لكم؟!
سوف يعزلنا العالم و من دون شك. فهل بوسعنا أن نعيش(نموت بالأحرى) طواعية بالاكتفاء الذاتي؟!
نحن لسنا حرسا لأية دولة غير دولتنا،لكننا نحاول أن يكون لنا حسن جوار و تعايش مسئول مع الأخر.....

فالعالم الذي نعيش فيه متعاون و متضامن جدا، لقد قام بواجبه تجاهنا كلما دعوناه. و من واجبنا القيام بدورنا ورد الجميل، و الوفاء بمسؤولياتنا ، و بكل تأكيد هذا هو الثمن أما الاستقالة من دورنا فسيكلفنا غاليا، وليس بوسعنا العيش بعد ذلك!
و إلى الذي لم يجد ما يقوله غير حماقات من قبيل أن رد فعل القاعدة سيكون قاسيا..... فأقول له اه بردا و سلاما عليك أغتنم هذه الفرصة المثالية و اسكت.
من الواجب علينا دعم وحداتنا العسكرية في ساحة القتال أو على الأقل عدم النيل من معنوياتهم ومن ورائهم شعب بأكمله و ذلك اضعف الإيمان.
و علينا أن نكسب و بأريحية تامة وبدون عقدة و لا حساسية من موقعنا الجغرافي الفريد
نحن اليوم نشكل بالنسبة لأوروبا و للعالم الغربي حاجزا مهما.
موريتانيا اليوم على الجادة الصحيحة.
إنها محتاجة اليوم لتكثيف جهود التغيير و الإصلاح الجارية.
إنها تتمنى مواصلة سياسة اليد النظيفة.
إنها تحلم بإشراقه عهد جديد.
إنها تتطلع إلى سياسات تغير الحياة البائسة للغالبية العظمى من مواطنيها.
إنها بدأت تعتقد في إمكانية إعادة بناء دولة غير فئوية فعالة و نموذجية.
لقد انتعشت أمالها بمستقبل واعد:لقد عادت الثقة و عاد الأمل.
على موريتانيا اعتماد الاستمرارية، فلا يمكن المحافظة على شي دونها.
الاستمرارية هي الاسم الأخر للاستقرار.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!