التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:12:51 غرينتش


تاريخ الإضافة : 08.09.2010 15:22:00

ولد هيبه: القاعدة تستهدف طلاب المحاظر والفئات الفقيرة

محمد سالم ولد هيبه،

محمد سالم ولد هيبه،

قلل عسكري موريتاني سابق من أهمية قدرات تنظيم "القاعدة في المغرب الإسلامي" وانتقد ما وصفه "تضخيم الأمور وإعطائها بعدا أكثر من بعدها الحقيقي" بشأن التنظيم المسلح.

واعتبر محمد سالم ولد هيبه، وهو عسكري موريتاني خاض حرب الصحراء في السبعينات، أن "ما يسمى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مجموعة قليلة من بقايا فلول الجماعة السلفية للدعوة والقتال، خرجت على هذه الأخيرة وانتهجت طريق الإرهاب.. وتتكون من قطاع طرق ومهربي مخدرات يتخذون من الصحراء المتاخمة لحدود الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر قاعدة لممارسة نشاطهم التخريبي الذي أضافوا له خطف الأجانب سعيا وراء الحصول على المال ولا شيء غير ذلك".

وأشار ولد هيبه الذي يدير حاليا مؤسسة "لوفريديك" الإعلامية إن قادة التنظيم "باتوا يستهدفون الشباب في المحاظر الموريتانية وفي الأحياء الفقيرة وحتى في بعض القرى والأرياف التي يعاني سكانها من الفقر المدقع، ليغرروا بهم ويشحنوهم بأفكار جهنمية قصد تجنيدهم وتفجيرهم في الجزائر وفي موريتانيا". ونفى أن تكون لهذه المجموعة علاقة بتنظيم القاعدة المعروف في أفغانستان والعراق أو في اليمن، "بل هي عبارة عن قطاع طرق ومهربي مخدرات" حسب قوله.

وأعرب ولد هيبه في مقابلة مع "الأخبار" عن ثقته في قدرات الجيش وأجهزة الاستخبارات الموريتانية "خاصة قوات التجمع الخاص للتدخل الذي أسسه الرئيس في أكتوبر 2008، وعهد إليه بحماية حدودنا الشرقية والشمالية والقضاء على الجماعات المسلحة وعصابات التهريب.. وإدارة الأمن الخارجي الذي يعود له الفضل في العديد من النجاحات في هذا المجال، ويقوده اللواء محمد ولد مكت وهو واحد من خيرة القادة العسكريين في البلد" حسب وصفه.

من ناحية ثانية استبعد ولد هيبه أن تصل المعارضة إلى السلطة في الأفق المنظور، معتبرا أنها "حصلت على فرصتين لن تتكررا مستقبلا.. الأولى سنة 1992 حين صوتت غالبة الموريتانيين لصالح الرئيس أحمد ولد داداه.. لكن اللجنة العسكرية الحاكمة آنذاك بقيادة ولد الطايع منعته من الوصول إلى دفة الحكم وزورت محاضر الانتخابات وأعلنت أن هذا الأخير هو الفائز في الاقتراع. بعد ضياع تلك الفرصة الأولى، انتظرت المعارضة حتى سنة 2007 حيث تأهل أحمد ولد داداه للشوط الثاني ضد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله... لكن حين اختار زعيم التحالف الشعبي التقدمي، الرئيس مسعود ولد بلخير دعم ولد الشيخ عبد الله قضى على فرصة حقيقية لوصول المعارضة إلى السلطة.. لو أراد فعلا أن تحكم المعارضة، وهو منها آنذاك، لكفاه أن يدعم رفيق دربه النضالي على أن يشتركا في تسيير أمور البلد وفق أية صيغة يتفقان عليها. هذه حقيقية تاريخية يعرفها الجميع... كانت انتخابات 2007 آخر فرصة أمام المعارضة لتحكم في موريتانيا، وقد ضيعها بعض المعارضة على بعض".

وهذا نص المقابلة:

الأخبار: شكلت محاولة تفجير سيارة مفخخة عند بوابة قيادة المنطقة العسكرية في النعمة مؤخرا تصعيدا غير مسبوق على صعيد المواجهة بين الجيش الموريتاني وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.. هل تعتقد أن هذا التنظيم بات يشكل تهديدا حقيقيا لأمن البلد وقوة يحسب لها حسابها؟

محمد سالم ولد هيبه: أعتقد أن هناك نوعا من تضخيم الأمور وإعطائها بعدا أكثر من بعدها الحقيقي.. ما يسمى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عبارة عن لعبة ومغالطة كبيرة. تعلمون أن دوامة العنف المسلح التي عمت الجزائر إثر إلغاء نتائج الانتخابات العامة بداية تسعينيات القرن الماضي، أدت إلى ظهور الجماعة السلفية للدعوة والقتال في هذا البلد المجاور.. وبعد سنوات من ذلك تم القضاء على جل قيادات وعناصر تلك الجماعة على يد القوات الجزائرية، فيما تراجع الكثير منهم عن نهج العنف.. غير أن مجموعة قليلة خارجة على الجماعة الأم وترفض الدخول في مسار المصالحة في الجزائر شكلت مجموعة مسلحة تمارس الإرهاب وقطع الطريق وتهريب المخدرات.. أما ما يسمى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، فعبارة عن أسطورة من نسج الدعاية.. مجموعة قليلة من بقايا فلول الجماعة السلفية للدعوة والقتال، خرجت على هذه الأخيرة وانتهجت طريق الإرهاب.. وتتكون تلك المجموعة القليلة جدا من قطاع طرق ومهربي مخدرات يتخذون من الصحراء المتاخمة لحدود الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر قاعدة لممارسة نشاطهم التخريبي الذي أضافوا له خطف الأجانب سعيا وراء الحصول على المال ولا شيء غير ذلك، وقد باتوا يستهدفون الشباب في المحاظر الموريتانية وفي الأحياء الفقيرة وحتى في بعض القرى والأرياف التي يعاني سكانها من الفقر المدقع، ليغرروا بهم ويشحنوهم بأفكار جهنمية قصد تجنيدهم وتفجيرهم في الجزائر وفي موريتانيا.. هذه المجموعة ليست لها علاقة بتنظيم القاعدة المعروف في أفغانستان والعراق أو في اليمن، بل هي عبارة عن قطاع طرق ومهربي مخدرات.. جرثومة الإرهاب التي تواجهها موريتانيا خطيرة، ولا يوجد شيء اسمه القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.. القاعدة معروفة عالميا ومتواجدة في عدة مناطق من العالم كما أسلفت وهي تستهدف في المقام الأول، أوهكذا تعلن، إخراج جيوش غير مسلمة تحتل بلادا إسلامية.. أما ما يوجد في منطقة الصحراء فلا يعدو كونه عصابة من قطاع الطرق وتجار المخدرات ومحترفي خطف الأجانب لغرض ابتزاز حكومات بلدانهم ومقايضتهم بالمال. ولعل ما حصل في موضوع المدعو عمر الصحراوي يؤكد ما أقول.. فهذا الرجل ليس من القاعدة ولا من السلفية ولا ينتمي لأي تنظيم، بل هو مرتزق يمارس عمليات خطف الأجانب مقابل أجرة.. ومن المؤسف حقا أن تتحدث بعض الصحف الجزائرية عن المعني باعتباره عنصرا من القاعدة، علما بأن تلك الصحف ومصادرها أعلم من أي جهة أخرى بحقيقة عمر الصحراوي ونشاطه كمرتزق.. وتعلم الصحافة الجزائرية ومصادرها جيدا أن تسليمه لبلده مالي كان تنفيذا لاتفاقيات ثنائية تقيدت بها موريتانيا رغم أن مالي لم تتقيد بها في مرحلة سابقة.. ومن المعروف أن الجزائر سحبت سفيرها من باماكو كما فعلت موريتانيا احتجاجا على إفراج السلطات المالية عن إرهابي جزائري بدل تسليمه لبلده.. فما موقف الجزائر لو كان المرتزق عمر الصحراوي جزائريا؟
لقد أعلن رئيس الجمهورية، محمد ولد عبد العزيز، الحرب على الفساد والإرهاب لكن البعض لم يستوعبوا جيدا ما قصده بالإرهاب، فحاولوا تأويل الموضوع سياسيا معتبرين أن فيه تلميحا للإسلاميين، وهذا بعيد كل البعد عن الواقع. لقد قصد بالإرهاب قطاع الطرق وقراصنة الصحراء ومهربي المخدرات الذين يغررون بأبنائنا ويقتلونهم في عمليات تفجير ضد بلدهم وشعبهم ووطنهم. ومن واجب أية أسرة موريتانية تلاحظ أن أحد أبنائها وقع في حبال هذه المجموعة الإجرامية أن تبلغ السلطات على الفور.. وأنا واثق، بناء على خبرتي في المجال العسكري، من أن موريتانيا ستقضي نهائيا على هذه الشبكات الإرهابية والدليل على ذلك نجاح العملية التي شنها الجيش ضد بعض قواعدها في مالي، وكذلك نجاحه الباهر في إفشال محاولة شرذمة الجريمة والضلال تفجير مقر قيادة الجيش في مدينة النعمة.. وقبل ذلك كانت عملية لمزرب حيث تمكنت قواتنا المسلحة من أسر مجموعة كبيرة من قطاع الطرق ومهربي المخدرات هؤلاء، ومصادرة سياراتهم وعتادهم وما بحوزتهم من المواد المهربة.
لا يراودني أدنى شك في قدرات جيشنا وأجهزتنا الأمنية والاستخباراتية، خاصة قوات التجمع الخاص للتدخل الذي أسسه الرئيس في أكتوبر 2008، وعهد إليه بحماية حدودنا الشرقية والشمالية والقضاء على الجماعات المسلحة وعصابات التهريب.. وإدارة الأمن الخارجي الذي يعود له الفضل في العديد من النجاحات في هذا المجال، يقوده اللواء محمد ولد مكت وهو واحد من خيرة القادة العسكريين في البلد، والإدارة العامة للأمن الوطني التي نجحت في تأمين المواطنين وحماية أرواحهم وممتلكاتهم داخل مدينة نواكشوط وغيرها من مدن الداخل، يقودها اللواء محمد ولد الهادي الذي خبرته عن قرب حين كان لي شرف الخدمة تحت إمرته أثناء حرب الصحراء.. ويلعب الدرك الوطني دورا بالغ الأهمية على امتداد التراب الوطني لفرض الأمن ومحاربة كل تهديد من أية جهة كانت، خاصة منذ أن أوكل الرئيس محمد ولد عبد العزيز قيادته للواء انجاكا جينك الذي خبرته أيضا في الميدان خلال الحرب في الصحراء الغربية. وجود هؤلاء القادة الأبطال ذوي الكفاءة والخبرة المشهودتين، يبرهن على حسن اختيار رئيس الجمهورية وعزمه الحقيقي على استئصال جرثومة الإرهاب والقضاء على قراصنة الصحراء من قطاع طرق ومهربين ومرتزقة. وواجبنا الوطني يفرض علينا جميعا أن نتحد صفا واحدا خلف قواتنا المسلحة وقوات أمننا في معركة القضاء على الإرهاب.

الأخبار: أشرت إلى أن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تختلف عن تنظيم القاعدة المعروف بزعامة أسامة بن لادن، وأنها تستهدف طلاب المحاظر للتغرير بهم وتجنيدهم انتحاريين في صفوفها.. كيف ترى دور العلماء والأئمة وشيوخ المحاظر في حماية هؤلاء الشباب الذين جاؤوا لطلب العلم في تلك الجامعات البدوية الأصيلة؟

محمد سالم ولد هيبه: لا شك أن العلماء الأجلاء والأئمة الفضلاء يضطلعون بدور غاية في الأهمية بالنسبة للبلد بشكل عام.. لكن أطلب منهم أن يكونوا في مكانتهم الصحيحة فوق كل الاعتبارات. فالعالم يجب أن يكون فوق كل شيء وأن لا يرضى بأقل من المكانة التي بوأه الله إياها. عليهم أن يجعلوا القضايا الوطنية، أي قضايا الأمة، فوق أي اعتبار وأن يطوروا خطابهم ومواقفهم من الشأن العام بحيث ينتقدون الحاكم حين يخطيء ويوجهونه الوجهة الصحية، وأن يتوقفوا عن محاباة من في السلطة، أيا كان، من خلال استغلال الإذاعة والتلفزة ، وبالمناسبة أنا أسميها تلفزة رابطتي العلماء وأئمة المساجد، لتبرير أي قرار أو إجراء يصدر عن السلطة وإعلان تأييده وحث الناس على مساندته وتبنيه. أتذكر مثلا في عهد الرئيس معاوية ولد الطايع، حين سجن العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو ومحمد جميل ولد منصور ومجموعة من العلماء الأجلاء، كان التلفزيون يبث كل ليلة نحو عشرة بيانات من هذا العالم أو ذلك الإمام، أو من هذه الرابطة أوتلك، تندد بالمعتقلين وتصفهم بأنهم خارجون على المذهب المالكي أو على "سلطان المسلمين".. على جميع علمائنا وأئمتنا أن يتوقفوا عن هذا النهج وينزلوا إلى المحاظر وإلى الأحياء الفقيرة ليوجهوا الشباب وينصحوهم ويحموهم من خطر الإرهاب ويحذروهم من زيف دعاية الإرهابيين..أعتقد أن علماءنا الأجلاء الفضلاء ينبغي أن يطوروا أسلوبهم من خلال تقديم النصح والتوجيه للأمة حكاما ومحكومين.. وأطالب القائمين على التلفزة الموريتانية باستضافة الشيخ الداعية محمد ولد سيدي يحيى ولو مرة واحدة، ليقدم النصح والتوجيه بصدق ودون محاباة أو رياء، ويكون أسوة لغيره من علمائنا في قول الحق من غير أن يخشوا في الله لومة لائم.. عليهم أن يتوقفوا عن التأييد المطلق لكل ما يصدر عن الحاكم، فالحاكم – أيا كان – ليس معصوما وقد يتخذ موقفا أو قرارا لا يخدم المصلحة العليا للبلد لكنه يتمادى فيه اعتقادا بأنه الخير كله لمجرد أن العلماء والفقهاء والأئمة باركوه وزكوه. خطاب علمائنا هو نفسه الذي كانوا يرددون أمام ولد الطايع وهو نفسه الذي كانوا يرددون أمام اعل ولد محمد فال وأمام سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.. نفس الجماعة ونفس الأسلوب.. عليهم أن يتعلموا قول "لا" مرة واحدة على الأقل حين يرون منكرا أو انحرافا من قبل السلطة، فهذا دورهم. ومقامهم أكبر وأجل من مجرد التطبيل والتصفيق..

الأخبار: من المعروف أن الدولة بدأت قبل فترة حوارا بين عدد من العلماء في البلد وجل المعتقلين المحسوبين على تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي.. وقد ظهرت مراجعات في صفوف هؤلاء وتوقع العديد من المراقبين أن يسفر ذلك الحوار عن نتائج إيجابية، لكن الحوار توقف وعادت الأمور إلى ما كانت عليه من قبل.. ما تقييمكم لتلك التجربة وما أسباب عدم نجاحها برأيكم؟

محمد سالم ولد هيبه: لا أحب الخوض كثيرا في هذه المواضيع لأن مستواي المتواضع جدا لا يتيح لي تقييم العلماء.. أنا من دعاة الحوار وأجدد من هذا المنبر الدعوة للحوا مع السلفية القتالية.. الحوار الذي نظمته الدولة كما ذكرتم كان مهما جدا، لكن عدم الخروج منه بنتائج على مستوى التوقعات يعود إلى التنافس بين العلماء الذين شاركوا فيه.. أنا لا أحملهم مسؤولية فشل الحوار، ولكن ما جرى هو أن كل واحد منهم سعى للظهور بشكل أفضل من زملائه.. ثم إن عددا منهم جاؤوا إلى شباب يافعين داخل السجن وهم من كانوا بالأمس القريب يهاجمونهم ويصفونهم بالخروج على الجماعة.. كان الأجدر بهؤلاء العلماء أن يتركوا الفرصة لآخرين لم يعرف عنهم تشددهم ضد هؤلاء الشباب ولم يسمع منهم هؤلاء عبارات تكفير أو تخوين. فشل تجربة الحوار مع المعتقلين السلفيين كان بفعل تنافس العلماء وحرص كل واحد منهم على أن يظهر وكأنه هو المحاور الرئيسي وصاحب المبادرة، والواقع أن ذلك الحوار يشبه موضوع اجتماع ابر وكسيل، حيث حسم الرئيس ولد عبد العزيز قضية ابر وكسيل ثم أرسل وفدا بقيادة الوزير الأول للتوقيع فقط على نتائج المفاوضات.. كذلك الحوار مع السلفيين كان مبادرة وقرارا من رئيس الجمهورية لكن تنافس العلماء واستعجال بعضهم حال دون بلوغ النتائج المتوخاة منه. أنا أومن بالحوار مع كل الأطراف مهما كانت.. أطالب بالحوار مع السلفيين ومع من يسمون القاعدة في المغرب الإسلامي ومع المعارضة أولا وقبل كل شيء.


الأخبار: على ذكر المعارضة، يلاحظ هذه الأيام ركود في الساحة السياسية، ونوع من الفتور في التعاطي السياسي بين المعارضة والأغلبية؛ ما مرد ذلك وهل تتوقع أن تشهد موريتانيا تفاعلا سياسيا طبيعيا ضمن نظام ديمقراطي سليم يفضي –في مرحلة ما- إلى تناوب ديمقراطي حقيقي على السلطة بحيث نرى المعارضة تحكم والأغلبية تتحول إلى معارضة؟

محمد سالم ولد هيبه: من موقعي كمراقب وكسياسي وكإعلامي أتابع الشأن الوطني عن قرب ولم أغب عن البلد أبدا، أرى أن المعارضة يستحيل أن تصل إلى السلطة في الأفق المنظور... مادام الرئيس محمد ولد عبد العزيز سيترشح مرة أخرى فإنه سيبقى في السلطة، وإذا رشح غيره لخلافته فسيفوز بالرئاسة...

أما المعارضة فقد حصلت على فرصتين لن تتكررا مستقبلا.. الأولى سنة 1992 حين صوتت غالبة الموريتانيين لصالح الرئيس أحمد ولد داداه.. لكن اللجنة العسكرية الحاكمة آنذاك بقيادة ولد الطايع منعته من الوصول إلى دفة الحكم وزورت محاضر الانتخابات وأعلنت أن هذا الأخير هو الفائز في الاقتراع.

بعد ضياع تلك الفرصة الأولى، انتظرت المعارضة حتى سنة 2007 حيث تأهل أحمد ولد داداه للشوط الثاني ضد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.. لكن حين اختار زعيم التحالف الشعبي التقدمي، الرئيس مسعود ولد بلخير دعم ولد الشيخ عبد الله قضى على فرصة حقيقية لوصول المعارضة إلى السلطة.. لو أراد فعلا أن تحكم المعارضة، وهو منها آنذاك، لكفاه أن يدعم رفيق دربه النضالي على أن يشتركا في تسيير أمور البلد وفق أية صيغة يتفقان عليها. هذه حقيقية تاريخية يعرفها الجميع... كانت انتخابات 2007 آخر فرصة أمام المعارضة لتحكم في موريتانيا، وقد ضيعتها المعارضة على بعضها البعض. اليوم الكل يتسابقون إلى الرئيس ولد عبد العزيز بمن فيهم جزء هام من المعارضة.. أعتقد أن المعارضة في شكلها الحالي لن تستمر في السير معا ومآلها التفكك وبروز معارضة جديدة تحتاج إلى فترة طويلة قبل أن تستطيع المنافسة على الحكم.

الأخبار: هل تبني هذا الطرح على قوة الأغلبية الداعمة للرئيس عزيز أم إلى ضعف المعارضة لدرجة عدم قدرتها على المنافسة ؟

محمد سالم ولد هيبه: لا أنكر أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز رئيس قوي ويحمل مشروع دولة و أعتقد أن من يرفض الإقرار بهذا إنما يكابر ويغمض عينيه عن الحقيقة الماثلة للعيان بجلاء. هذا الرئيس تدعمه أغلبة قوية قالت لا -أيام سيدي ولد الشيخ عبد الله – لحكومة يحيى ولد أحمد الوقف وتوجهات السلطة آنذاك، وهي أغلبية واضحة ومؤمنة بخيارها وبمشروع الدولة الذي يتبناه الرئيس محمد ولد عبد العزيز.. وفي المقابل توجد جماعة تصف نفسها بالأغلبية وتتشدق بدعم رئيس الجمهورية، بينما لا تحمل أية مبادئ ويتوزع عناصرها بين الموالاة والمعارضة وهي اليوم تحيط بالرئيس وتعمل على إبعاد أغلبيته الصادقة والثابتة عنه.. إنهم مرتزقة السياسة الذين يمتهنون تضليل الأنظمة، حيث أحاطت بمعاوية ولد الطايع ومازالت به حتى زال حكمه، ثم تقربت من اعل ولد محمد فال و ذهبت إلى حد المطالبة علنا بتمديد الفترة الانتقالية حتى تبقيه في السلطة لتتحكم فيه.. وللأسف كان في طليعة من طالبوا ببقاء المجلس العسكري مدة أطول في السلطة عدد من الصحفيين ضمن تلك المجموعة المتخصصة في الاستحواذ على كل من يصل إلى السلطة. أؤكد اليوم لوكالة الأخبار ومن خلالها لجميع الرأي العام الوطني أن الأغلبية الحقيقية بنوابها وشيوخها وعمدها وسياسييها وأطرها ووجهائها، تحاول النظر – عن بعد- عبر النوافذ لكي ترى الرئيس ولد عبد العزيز لأن الأبواب أغلقت أمامها.. وحسب من التقيتهم من منتخبي الأغلبية وأطرها فإنهم لن يتراجعوا عن دعمه والسير معه على طريق الإصلاح والتغيير البناء وبناء موريتانيا جديدة حقيقية..

هذا دليل على قوة شعبية الرجل لأن أغلبيته الثابتة والصادقة أقصيت من الحزب الحاكم الذي سيطرت عليه مجموعة لا علاقة لها بالأغلبية، كما أقصيت من الحكومة ومن كل المسؤوليات والمواقع الرسمية في الدولة، رغم كونها وقفت مع ولد عبد العزيز منذ اللحظات الأولى وفي أصعب المراحل..هذه الأغلبية المتمسكة بعهدها مع الرئيس هي سر قوة هذا الأخير.. وبما أن الحفاظ على العهد بات عملة نادرة في هذه البلاد، خاصة لدى من يمارسون السياسة، فإنني أغتنم هذه الفرصة لأشيد بموقف أحد سياسيي هذا البلد الثابت على العهد..
عندما عين معاوية ولد الطايع اسغير ولد امبارك وزيرا أول سنة 2003، رفض بيجل ولد هميد ، وكان وزيرا، أن يكون ضمن حكومة ذلك الوزير الأول..
المفارقة أنه حين أطيح بولد الطايع كان أول من أيد الحكام الجدد على انقلابهم عليه وزيره الأول اسغير ولد امبارك، بينما كان الرجل الوحيد الذي قاد المسيرات المنددة بالانقلاب والمطالبة بعودة ولد الطايع، بيجل ولد هميد الذي لم يكن وزيرا حينها.. هذا يؤكد أن جل الجماعة المحيطة بالرئيس محمد ولد عبد العزيز لا عهد لهم وغير مؤتمنين على مواقفهم، لأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، ويظهرون عكس ما يضمرون.. نتذكر جميعا آخر أيام سيدي ولد الشيخ عبد الله في السلطة، كان عدد من الصحفيين يلتقون في التلفزة الوطنية لينتقدوا الجنرالين محمد ولد عبد العزيز ومحمد ولد الغزواني ويستميتون في التحامل عليهما ووصفهما بأنهما وحيدين في المؤسسة العسكرية وأن الجميع ضدهما.. أين أولئك الصحفيون اليوم؟ إنهم يتسابقون على القصر الرئاسي و يعلنون أنهم لم يسمعوا في حياتهم بخير من ولد عبد العزيز وقد كانوا بالأمس القريب يسبونه ويتحاملون عليه ويؤلبوا المؤسسة العسكرية والطبقة السياسية والإعلام وعامة الناس ضده.. إنهم قوم درجوا على النفاق وسرعة التلون...


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!