التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:18:48 غرينتش


تاريخ الإضافة : 23.11.2010 22:51:23

للإصلاح كلمة: موضوعها العربية مرة رابعة خلال سنة واحدة

محمدو ولد البار

محمدو ولد البار

إن كلمة الإصلاح التي أكتبها الآن أمام العيد الخمسيني لاستقلال جمهورية موريتانيا الإسلامية أراني خجولا منها وأظن أن على جميع العقلاء الأحرار الموريتانيين أن يعيشوا معي هذا الخجل المميت وهم يستعدون للاحتفال بالعيد الخمسيني للاستقلال.

أما دواعي هذا الخجل وإماتته للضمائر في الوطن ـ فإني أترك دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية يتكلم وينشر أمام هذا الاستقلال الخمسيني مواده التي تداس كل سنة استقلال أمام رئيس هذه الدولة حامي الدستور وأمام المجلس الدستوري المنحصرة مهمته في مراعاة خرق المواد الدستورية من أي شخص مهما كان.

فمن المعلوم عند الجميع أن دستور البلاد هو أعلى وثيقة قانونية تسير البلاد طبقا لموادها، فمواده صادرة من طرف أغلبية الشعب الموريتاني، وهذه المواد لا توجد منها مادة ولا مواد أضعف قوة في الدستور ولا مباح اختراقها من المواد الأخرى لأن أغلبية الشعب صوتت على جميع المواد، وأن احترام بعض هذه المواد وخرق البعض الآخر هو أشنع عيب سجله القرآن على اليهود وهو الإيمان ببعض الكتاب والكفر بالبعض الآخر، وهذا العيب وإن كان مسجل قبحه في الكتب المقدسة، فالفكرة من حيث هي مسجل قبحها تلقائيا عند العقول السليمة ومن هنا(كما أشرت سابقا) فالدستور يتكلم عن نفسه حتى يعلم المواطن مساواة طلب احترام جميع مواده.

تقول المادة الأولى: موريتانيا جمهورية إسلامية لا تتجزأ ديمقراطية واجتماعية
المادة الثانية: الشعب هو مصدر كل سلطة: السيادة الوطنية هي ملك للشعب إلخ
المادة الرابعة: القانون هو التعبير الأعلى عن إرادة الشعب ويجب أن يخضع له الجميع.
المادة الخامسة: الإسلام دين الشعب والدولة.
المادة السادسة: اللغات الوطنية هي: العربية والبولارية والسونكية والولفية، اللغة الرسمية هي العربية.
المادة السابعة : عاصمة الدولة هي نواكشوط.
المادة الثامنة: العلم الوطني هو علم أخضر يحمل رسم هلال ونجم ذهبيتين.
المادة التاسعة: شعار الجمهورية: شرف ـ إخاء ـ عدل.
المادة العاشرة: تضمن الدولة لكافة المواطنين الحريات العمومية والفردية وعلى وجه الخصوص حرية الإقامة والتنقل إلى آخر الحريات المسجلة في هذه المادة.
ومن هنا ننتقل إلى المواد الدستورية التي تنص على مسؤولية رئيس الدولة في حماية الدستور.

الباب الثاني
المادة23 : رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة والإسلام دينه.
المادو24: رئيس الجمهورية هو حامي الدستور وهو الذي يجسد الدولة ويضمن بوصفه حكما السير المضطرد والمنتظم للسلطات العمومية وهو الضامن للاستقلال الوطني ولحوزة الأراضي.

بعد سماعنا لهذه النصوص الدستورية هل يمكن لأي قائل أن يقول في أي مادة من هذه المواد إن الدستور ليس بقرآن.

فصحيح أنه ليس بقرآن ولكن إباحة خرق أي مادة من مواده تفتح الباب لخرق جميع مواده. فمثلا إذا لم تحترم المادة السادسة المتعلقة باللغة العربية فعلينا أن لا نحترم المادة الثامنة المتعلقة بالعلم، ونرفع يوم الاستقلال أي علم يختاره بعضنا ـ وكذلك نختار أي شعار ونتنازل عن أجزاء من أراضينا.

فالمشرع الذي كتب المواد الدستورية يعرف البلاغة العربية، وجاء في هذه المادة بالضمير المنفصل بين المسند والمسند إليه وإن شئت قل بين المبتدأ والخبر وكتب اللغة الرسمية هي العربية إيذانا بحصر الترسيم في اللغة العربية وتجاهل ذكر اسم الفرنسية في الدستور الموريتاني.

وبناء على هذه الحقائق فإني أدعوا إلى ما يلي:

أولا: أطلب من جريدة الأمل الرائدة والقائمة في بلادنا بدور قناة الجزيرة في الدول العربية أطلب منها أن تكتب جميع كلمات الإصلاح في شأن اللغة العربية بالقلم الأحمر مجللة بالسواد وتنشر فوقها صورة كاركاتيرية للغة العربية في موريتانيا وهي مبتورة الأطراف من كل جانب وفاغرة الفم وتنادي بأعلى صوتها يوم الاستقلال وحامي الدستور الموريتاني مع إعلان في الجريدة على لسان اللغة العربية بإقامة مأتم لها في كل ولاية وفتح باب للتعزية في الأيام الثلاثة 27 ـ 28 ـ29 /11/ 2010.

ثانيا: على الجميع أن يطلب من الحزب الحاكم الذي استقطب نحوه كثيرا من الأطر المثقفة الذين ألزموا أنفسهم بمساعدة السيد الرئيس في مكافحة الفساد.

وعلي الجميع بما فيهم السيد الرئيس أن يعلموا أن مصدر هذا الفساد السيادي وعمقه واستمراره من إهانة اللغة العربية في مهدها الحقيقي هو من الدولة، ونحن نبين للجميع كيف نفذته الدولة وتاريخ تنفيذه.

ففي سنة 1990 أصدر الحكم العسكري آنذاك ما أسماه إصلاحا تعليميا، وحرم على أغلبية هذا الشعب أن يتعلم أي لغة أجنبية وأباح ذلك لبعض المواطنين.

وهذا التحريم دام لمدة 25 سنة تقريبا حيث ضاع فيها مستقبل ثلاثة أجيال من الشباب الموريتاني جيل آخر الثمانينات والتسعينات والعشرينات، وهذه الأجيال الضائعة ضاع فيها مستقبل شهادات ـ الإعدادية ـ والثانوية العامة ـ والمتريز لأن هذا الإصلاح لم يصاحبه إصلاح في الإدارة ولا في الضمائر ولا في الواقع حتى صارت هذه الأجيال وكأنها لا تنتمي إلى أمة مسؤولة عنها ولا فرق بينها وبين خريجي محو الأمية.

فالدوائر الإدارية من القطاع العام والقطاع الخاص لا مكان لعمل هؤلاء الأجيال فيها إلا إذا كانوا بوابين.

فذكور هذه الأجيال هم الموجودون الآن يتزاحمون مع الأميين في مساحة النقطة الساخنة لبيع بطاقات التزويد وما يتعلق بالهواتف.

أما نساء تلك الأجيال فإن سنين تلك الفوضى التي خلقتها ديمقراطية 92 بحزبها الجمهوري ونوابها وشيوخها فقد توسط هؤلاء الفوضويون عند وزراء ومدراء تلك الحقبة لاكتتاب كثير من تلك النسوة باسم توظيف الدعم وملؤوا منهم جميع المكاتب، ولكن ليس للعمل لأنهم لا يعرفون لغة العمل في الإدارة الموريتانية فهم في المكاتب مثقفات عاملات عاطلات عن العمل إلا أن الذكيات منهم تعلموا أثناء الجلوس في المكاتب أبجديات اللغة الفرنسية وأصبحن يرسمن الحروف الفرنسية على السجلات لتحويل العنوان عن الرسائل البريدية إلى السجلات.

ومن الفساد الأعظم أن هذه النسوة لم تترك وساطة رجال الحزب الجمهوري ونوابه وشيوخه أي إدارة سواء أدبية أو فنية أو علمية إلا وامتلأت من هذا النوع من الموظفات العاطلات إلا عن فتح أبواب المسؤولين وغلقها.

فلو قامت الدولة بجانب إحصائها لساكن الكزرات بإحصاء لهذه النسوة المثقفات العاملات العاطلات لوجدت عددهن أكثر بكثير من أرقام الكزرات.

ومن المؤسف أننا في عهد مكافحة الفساد أضفنا فسادا آخر وهو أننا ألزمنا أصحاب شهادات الأجيال الضائعة في كل اكتتاب الآن بأن يجيبوا بلغة الدولة هي التي حرمتهم من تعلمها أيام دراستهم، فلو أخرت هذا الإلزام عن أولئك الضحايا حتى تتخرج أجيال الإصلاح الجديد لكان لذلك معنى.

ثالثا: على هذا الحزب الحاكم أيضا أن يعين لجنة من مثقفيه القانونيين ليشرحوا له فقهيا ما مدلول هذه المادة الدستورية التي تقول: اللغة الرسمية هي العربية، فهل يجوز مع هذه المادة أن يكون كل وزير وهم أعوان رئيس الدولة في السلطة التنفيذية ورئيس الدولة هو حامي الدستور أن تكون جميع رسائلهم وكتاباتهم وأجهزة الكتابة في مكاتبهم لا صلة لها بتنفيذ هذه المادة.

فهل يكفي في تنفيذ هذه المادة أن تكتب نسخا من المراسيم والقرارات باللغة العربية ويكون عمرها في الوزارة عدة أيام فقط حتى تمر فيها بالبرلمان وتسلم بعد ذلك روحها لله لتدفن في مقابر العربية في جانب من دروج المكاتب بعيدا عن الأنظار.

فتنفيذ واحترام هذه المادة الدستورية السيادية لا تحتاج لتصريح من الوزير الأول ولا تصريح كذلك من وزارة الثقافة بل تحتاج فقط إلى أمر صارم من رئيس الجمهورية للوزراء والمدراء وكل المؤسسات الحكومية أن تقوم بتعريب الإدارة لديها واتخاذ ما يلزم لذلك.

فأكثر الكتاب في دوائر الدولة هم من المزدوجين ولا يحول بينهم وتعريب مكاتبهم إلا الأوامر.

إن دول المغرب العربي التي ننتمي نحن إليها إقليميا أكثر منا تفرنسا وأكثر منا تعريبا لأنهم يفرقون بين التعريب السيادي والتفرنس العلمي.

فالوثائق والأحكام والكتابات داخل الدولة وبين الوزارات وكل شيء خاص بالدولة لا مكان للفرنسية فيه لأنه يمس سيادة الوطن.

أما التعليم الفني أو العلمي الذي قد يحتاج إلى اللغة الأجنبية فإن تعلمه والتعمق فيه يكون هناك في المؤسسات التعليمية وتسيير الإدارة لا يحتاج إليه حتى أنه توجد الكليات ليس فيها درس واحد بالعربية وإدارة الكلية ليس فيها حرف واحد من الفرنسية.

وأنا الآن أتيقن أن إذاعة القرآن الجديدة سوف تكون إدارتها ولدت مفرنسة بأقلام لا يعرفون الفرنسية ولكن يفضلون كتابة (كاجيل) بدل( خاجيل ) وهو اسم فقيه نافذ فيها.

فمن السخرية المضحكة المبكية أن التراخيص التي تمنحها إدارة الحريات العامة في وزارة الداخلية لمزاولة النشاطات الاجتماعية والثقافية أصحاب هذه التراخيص تعطى لهم مترجمة بالعربية ولكن لا يدخلون في دوائر عملهم أي كلمة عربية ولا يوظفون كاتبا بالعربية مثل: العيادات الطبية والنوادي الثقافية والاجتماعية الخ.

وأخيرا فإني أناشد جميع الموريتانيين من الآن فصاعدا أن يصموا آذانهم عن خطاب أي وزير أو أي مدير يلقيه على أمواج الإذاعة أو شاشة التلفزة بالعربية.

فبدل الاستماع له فليذهبوا فورا إلى مكتبه فسوف لا يجدون لهذا الخطاب أي أثر في مكتبه لا كاتبا له ولا آلة كتابة ولا إدراجه في أرشفة الوزارة بل هو بمثابة أحلام نائم بالنسبة له.

كما نرجو من المواطنين أيضا أن لا يستمعوا إلى خطاب رئيس الجمهورية في عيد الاستقلال إذا ألقاه بالعربية لأن المنجزات التي سوف يتحدث عنها مكتوبة في مكاتب أصحابها باللغة الفرنسية فليلقها باللغة التي أنجزت بها.

اللهم إلا إذا كان في عيد هذا الاستقلال الخمسيني الوطني سيعطي فيه أوامر صارمة لكل وزير يقول فيه أنه حان من الوزراء مكافحة الفساد السيادي وترك التعلق بلغة ما شمال البحار وإقصاء لغة الدين ومظهر السيادة في الوطن فعندئذ سيستمع إليه الشعب بجميع مشاعره.

فكفي إهانة لهذه اللغة وكفي إهانة للناطقين بها والتمويه على الشعب بخطابات في المهرجانات والتظاهرات السياسية والثقافية والإذاعات والتلفاز والجميع لا جذور له في الإدارة، والله تبارك وتعالى يقول: (وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعلمون خبيرا).


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!