التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:16:34 غرينتش


تاريخ الإضافة : 04.01.2011 13:03:22

ولد أمين: ميزاني 2011 تظهر أن عملية التنمية لم توضع في الحسبان

نص مداخلة النائب يعقوب ولد أمين أمام النواب
بسم الله الرحمن الرحيم
ميزانية الدولة لسنة 2011
يحاول مشروع قانون المالية لعام 2011 تحقيق توازن بين الموارد والإنفاق يبلغ 269.153.400.000 أوقية مقابل 265.275.000.000 في قانون المالية لسنة 2010، مسجلا بذلك زيادة اسمية قدرها 1,46% وهو ما لا يعكس نسب النمو لسنوات 2010 و 2011!
يسطر عرض أسباب مشروع قانون المالية لعام 2011 - الذي بحوزتنا- بالحرف "اتسمت الحالة الاقتصادية الوطنية بنمو يقدر ب 5% لسنة 2010 ومن المتوقع أن تتطور إلي 5,2% سنة 2011 معتمدة أساسا علي القطاع الزراعي و الرعوي بفضل موسم الأمطار الجيد، والصناعات التحويلية المدعومة بزيادة الطاقة الإنتاجية للكهرباء (صوملك)"
هذه التوقعات العامة للنمو لا تستند علي فرضيات مستوي النمو القطاعي القابل للتشخيص وبالتالي أصبح من الصعب وربما المستحيل التمكن من قياس واقعيتها!
- القطاع الريفي
كل الافتراضات المتفائلة المبنية علي النمو المدعم بالزراعة تبقي صعبة التبرير. وحتى مع موسم الأمطار الجيد لهذه السنة تجب مراجعة تلك التوقعات بسبب تعثر الحملة الزراعية وتأخرها عن الانطلاق والمشاكل البنيوية العديدة في الإنتاج
فشل السياسات المتبعة في الزراعة و إهمال الحكومات المتعاقبة لقطاع التنمية الحيوانية من أهم العراقيل البنيوية التي تلقي بظلالها علي القطاع الفلاحي. يجب أن لا ننسي أن نسبة 78% من الفقراء تترتكز في الوسط الريفي، الذي يعاني من غياب جل الخدمات الأساسية و هو ما يوضح عجز الحكومات المتواصل عن التدخل لصالح الشرائح الأكثر فقرا. وهو ما أدي إلي ضعف مساهمة القطاع الريفي في النمو، حيث تتجاوز 0.6%، و هي أقل من المتوسط في شبه المنطقة و تعزي هذه النتيجة إلي ضعف اندماج القطاع الريفي في الاقتصاد الوطني.
إن استهداف أفقر شرائح السكان و زيادة الدخل بالاعتماد علي النمو وحده كمحرك أساسي للحد من الفقر لا يكفي، خاصة إذا لم يتم تخفيض التفاوت وعدم المساواة. و هناك توافق لآراء المراقبين، بأن معالجة الفقر وتعزيز النمو الشامل في موريتانيا تمر حتما بالنهوض بالزراعة وتنمية المواشي.
يمكن النهوض بالقطاع الريفي عبر تبني خطة عمل تعتمد علي توسيع نطاق الحصول علي الخدمات الأساسية والبنية التحتية في المناطق الريفية، خاصة، توفير آبار المياه النظيفة، حيث تحصل فقط 17% من الأسر الريفية علي المياه الصالحة للشرب، في حين يكافح أكثر من نصف سكان هذه المناطق للحصول علي هذه المياه بما في ذلك من آثار سلبية علي مستوي المعيشة، و لا سيما للأطفال، كما يجب العمل علي رفع نسبة الكهربة الريفية وشبه الريفية، التي لا تتجاوز اليوم 3% ، إضافة إلي توفير مضخات الري، وتأهيل الطرق الريفية، وتقوية المزارعين والمنمين بالقروض الميسرة وغيرها.

حسب تقرير البنك الدولي (---) من الممكن الوصول إلي هذه الأهداف في القطاع الريفي (الزراعة, التنمية الحيوانية)، عبر زيادة الميزانية المخصصة لقطاع التنمية الريفية بنحو 1% من الناتج الداخلي الخام (أي ما يقارب 10 مليارات أوقية فقط) سنويا خلال الفترة 2011- 2016. خلافا لما سبق نلاحظ أن ميزانية هذا القطاع الهام عرفت زيادة طفيفة بمبلغ 636 مليون أوقية وهي زيادة دون المستوي إذ لا تمثل إلا نسبة 6% من ما أوصي به الخبراء للنهوض بهذا القطاع.
- الطاقة: من العبثي بمكان إعتبار هذا القطاع محركا للتنمية في موريتانيا نظرا لتعثره المزمن وتردي الترسانة القانونية المنظمة له وغياب البعد الإنمائي من كل سياسات الطاقة الحالية.
تطوير هذا القطاع يؤدي إلي تحسين مناخ الأعمال و انتعاش الوحدات الصناعية و تعزيز النمو المدفوع بالقطاع الخاص. وذلك يحتم القضاء علي الاختناقات في قطاع الكهرباء الذي لا يزال هشا للغاية بسبب عدم كفاية القدرة الإنتاجية والخسائر التشغيلية (نسبة ضياع مرتفعة) و الأسعار الباهظة إضافة إلي التفاقم المستمر لمديونية الشركة الوطنية للكهرباء "صوملك"، التي زادت علي 40 مليار أوقية وأصبح من الضروري وضع خطة رئيسية لقطاع الكهرباء.
يجب أن تشتمل هذه السياسة علي برنامج لإعادة التأهيل المالي والتقني لشركة صوملك، بوضع حد للمتأخرات المالية المتراكمة عليها و توضيح علاقتها بالدولة علي غرار التجارب الناجحة في العديد من الدول (أوغندا, اليمن, جنوب إفريقيا, الصين..... الخ) بإدخال الدفع المسبق إلي عملية الفوترة، و الذي يعتبر احد المشاريع الحيوية الهامة لترشيد الطاقة وتوفير نفقات التحصيل التقليدية وخفض نسبة الضياع في الطاقة بشقيه التقني والتجاري، كما يساعد ذلك في الحد من الرشاوى بين المحصلين والمستهلكين والتهالك المستمر للشبكة بسبب عمليات الوصل و الفصل اليدوية المتلاحقة. من مزايا هذا النظام المتعددة، تحصيل قيمة الطاقة المباعة مقدما لتخفيف المديونية و ترشيد استهلاك الطاقة وتحقيق العدالة في قياس الطاقة الكهربائية.
يؤدي رفع نسبة تعميم الكهرباء إلي تقليص أسعارها لتكون في متناول الجميع إذ تقدر نسبة الحصول علي خدمة الكهرباء حاليا ب 30,6% من الأسر الموريتانية حسب آخر مسح لظروف المعيشة.
أصبح من الضروري العمل بسرعة علي تنفيذ مشروع محطة توليد الطاقة الكهربائية بواسطة الغاز الموجود في الشريط الساحلي (حقل شنقيط, تيوف, تفت...), و يري بعض المراقبين أن هذا المشروع ما زال في المرحلة التي كان يوجد فيها منذ ابريل 2007. و كذلك العمل علي تنويع مصادر الطاقة. ونذكر بأنه حسب مركز البحوث التطبيقية لنظم الطاقة المستديمة التابع لمنظمة حلف شمال الأطلسي "ناتو" و المعروف ب "ويند صاهرا" توجد آفاق واعدة وإمكانيات تمويل ضخمة لاستخدام الطاقة الهوائية في موريتانيا، كأحد مصادر الطاقة العالمية المتجددة والأقل كلفة.
تخلف الترسانة القانونية وغياب روح الابتكار والإصرار علي المحافظة علي بؤر الإثراء الفردي تتجلي بوضوح في خلق وضعية احتكار لتزويد البلاد بالطاقة البترولية وغاز البوتان المنزلي وهو ما يحرم المواطن من الاستفادة من أفضليات التنافس وألطاف السوق الحر.
حتى نقل المشتقات النفطية مازال احتكارا يتسابق إليه الناس لتجسيده في حالة ريع نظرا لغلاء كلفة النقل بين انواذيبو حيث توجد المخازن الرئيسية (سومير) و انواكشوط حيث يوجد جل المستهلكين.
لو كانت هنالك فعلا إرادة صادقة لإدخال قطاع الطاقة في اللعبة كمحرك للتنمية لألغيت نهائيا الصفقات المشبوهة لنقل مشتقات النفط بواسطة سفن متهالكة وتهدد المخزون السمكي ولتم استبدالها بوسائل النقل البري العادية (شاحنات الصهاريج)، الشئ الذي سيؤدي إلي خلق آلاف فرص العمل المباشرة ةغير المباشرة.
قد يتبادر إلي الذهن لأول وهلة أن النقل البري أكبر كلفة من النقل البحري، لكن مقارنة أسعار النقل تؤكد عكس ذلك. يتكلف المواطن قرابة 20 دولار (5500 أوقية) للطن المنقول بحرا و لا يصل سعر الطن المنقول برا 5000 أوقية.
موارد الميزانية
يتوقع أن تبلغ إيرادات الميزانية لعام 2011 ما مجموعه 277,3 مليار أوقية مسجلة بذلك زيادة قدرها 0,64 بالمقارنة مع ميزانية 2010. و يتوقع أن تصل الإيرادات الضريبية من هذه الموارد إلي 146,1 مليار أوقية وستبلغ كتلة رواتب و أجور موظفي الدولة و وكلائها 89.500.000.000 أوقية من الميزانية أي ما يزيد علي نسبة 61% من الإيرادات الجبائية وهي نسبة مرتفعة جدا (احد أعلي المعدلات في المنطقة) وفي هذا الإطار يجب العمل علي زيادة الإيرادات الضريبية بالتركيز علي توسيع الوعاء الضريبي بالحد من هيمنة القطاع غير المصنف علي الاقتصاد الوطني وأن لا تتخطي نسبة الاجور 40% من الإيرادات الجبائية، لخلق الغطاء المالي الضروري للإنفاق الاجتماعي والتنموي.
و في هذا الموضوع نستغرب تخلي الدولة عن ضرائبها في الاتفاقية التي أبرمتها الدولة مع المؤسسة الصينية HONGDONG INTERNATIONAL الموقعة يوم 7 يونيو 2010 والتي وقعها عن الدولة وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية وعن المؤسسة المدير رئيس مجلس الإدارة M. LAN Pingyong و تم وضع حجرها الأساس من طرف الوزير الأول بتاريخ 25 نوفمبر 2010 في انواذيبو بمناسبة خمسينية الاستقلال الوطني. مخالفا للمادة78 من الدستور التي تلزم مصادقة البرلمان علي هذه الاتفاقية وإلي يومنا هذا لم تمر هذه الاتفاقية بالبرلمان!
أود أن أسجل أيضا أن تقليص ميزانيات التسيير أدي إلي شل الحركة في كثير من المؤسسات العمومية ولم تؤخذ فيه ابعاد الجدوائية و مقتضيات الحقوق القانونية والاجتماعية للعامل الموريتاني، فعلا سبيل المثال لا الحصر لم يستطع عمال المكتب الوطني للإحصاء، وعمال الحالة المدنية وعمال مركز الإنقاذ البحري وعمال اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم وغيرهم كثير من تقاضي رواتبهم الشهرية.
إن قراءة متأنية لهذه الميزانية تظهر بجلاء أن عملية التنمية لم توضع في الحسبان ولا في سلم الأوليات فنسبة 70% من الميزانية خصصت لنفقات مشتركة وللقطاعات السيادية (الدفاع، الداخلية، رئاسة الجمهورية وزارة العدل.... الخ) وكتلة رواتب وكلاء الدولة وتبقي 30% للانشاءات وخلق أسس الإنماء!
إن الوقت قد حان للمكاشفة ومراجعة النفس والبحث عن حلول مستديمة للتصالح مع التنمية.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!