التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:10:33 غرينتش


تاريخ الإضافة : 12.02.2011 14:52:30

مدير صحيفة "لفرديك" : لم أطالب بإقالة الضباط ولكن البعض أقال نفسه بحكم الواقع

نفي محمد سالم ولد هيبه مدير صحيفة "لفرديك" أن يكون قد دعا إلي إقالة بعض الضباط الأمنيين بموريتانيا لكنه قال إن هناك بديهيات لا تحتاج لأن يتم الخوض فيها أو أن تعطى من الزخم أكثر مما تستحق.. ومن هذه المسلمات المتعارف عليها في أي مكان من العالم أن أي مدرب يفشل في تحقيق نتائج إيجابية للفريق الرياضي الذي يتولى الإشراف عليه يستقيل من موقعه قبل أن تتم إقالته.

ومن البديهي أيضا أن أي حزب سياسي يفشل في تحقيق نتيجة مقبولة في منافسة انتخابية معينة، تستقيل قيادته أو يتم استبدالها بفريق جديد أكثر قدرة على المنافسة..

وأضاف " أنا لا أوجه تهمة أو كلاما لأي قائد ولا لأي شخص آخر، ولا أطالب بإقالة أحد لأن أولئك القادة والمسؤولين أقالوا أنفسهم في الواقع..

الواقع الذي لا يختلف عليه اثنان- اليوم- هو أن القوات المسلحة الموريتانية استعادت مكانتها ودورها، عند تولي الرئيس محمد ولد عبد العزيز قيادة موريتانيا.. أصبح الجيش الوطني جيشا قويا بمعنى الكلمة، لديه الكفاءة العالية والإرادة الفعلية لأداء رسالته الوطنية النبيلة، ولديه الوسائل المادية المتطورة للقيام بواجب الدفاع عن حوزة البلاد الترابية وعن أمنها وسلامة مواطنيها؛ وهو ما يزال بحاجة – فعلا- لقيادات تواكب المرحلة وتدرك حجم التحديات وضرورة التصدي لها بحزم وقوة؛ لا قيادات منشغلة في أمور أخرى لا علاقة لها برسالة ومهام القوات المسلحة..

أنا لا أدعو لإقالة أحد ولا أتهم أحدا، وأكن الاحترام للجميع؛ لكن أؤكد- فقط- من وجهة نظري الشخصية المتواضعة، على أن القائد العسكري، أيا كان، لابد أن ينزل إلى الميدان ويتفقد وحداته، ويتعرض لأشعة الشمس مثل جنوده، ويتعرض- مثلهم- للغبار".

وهذا نص المقابلة :


الأخبار: التقيتم مؤخرا مع الرئيس محمد ولد عبد العزيز؛ ما هي الأولويات التي تناولها اللقاء، وكيف كان انطباع الرئيس حول مستقبل الصحافة الموريتانية؟

محمد سالم ولد هيبه: أولا أشكر وكالة الأخبار على اهتمامها بهذا الموضوع، وعلى منحها لي فرصة التحدث عبرها عن مجمل القضايا التي تهم الرأي العام الوطني بشكل عام.

لقد كان لي – بالفعل- عظيم الشرف بأن استقبلت من طرف فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز؛ وكان الحديث مختصرا، وأبرز بالأساس مدى انشغال فخامته بمشاكل المواطنين عموما، وخاصة الفقراء والضعفاء وما يحسونه من أوضاع في حياتهم اليومية..

كان اللقاء معه مفيدا وبناء على أكثر من صعيد، وقد لمست لدى فخامته اهتماما خاصا بحرية التعبير، فهو يتابع – بعناية - تطور مستوى حرية الصحافة؛ ويحرص على تأكيد تعليماته لجميع المسؤولين في الدولة بضمان مناخ من الحرية الكاملة للصحافة والصحفيين، من خلال منع مصادرة أية صحيفة أو مضايقة أي صحفي مهما كان موقفه أو الرأي الذي يعبر عنه..

من يلتقي رئيس الجمهورية يدرك بسهولة اهتمامه البالغ بحرية الإعلام في موريتانيا؛ واعتقد – من وجهة نظري الشخصية- أن هذا الانشغال بحرية التعبير وحرية الصحافة، كان من بين الأسباب التي دفعت الرئيس محمد ولد عبد العزيز للقيام بتغيير الثالث من أغسطس 2005..

الأخبار: بوصفكم عضوا في مكتب اتحاد ناشري الصحف الموريتانية، هل لكم أن تحدثونا عما حققه هذا المكتب في مجال تنظيم مرافقة الصحفيين لرئيس الجمهورية في أسفاره، وتغطيتهم للأنشطة الرسمية الأخرى؟

محمد سالم ولد هيبه: صحيح أنني عضو في مكتب تجمع الناشرين الموريتانيين، وهو مكتب يمثل كل الصحف الوطنية التي تصدر بشكل منتظم في بلادنا، لكنه يضم – أيضا- غالبية المواقع الإعلامية الموريتانية، ومن ضمنها موقعكم الموقر.. ويشرفني كثيرا أن أكون ضمن مكتب يمثلكم ويمثل أبرز الصحف والمواقع الإخبارية في البلد، خاصة وأن هذا المكتب منتخب من قبل هذه الهيئة التي تمثل الحقل الإعلامي الحقيقي في موريتانيا.

لست مخولا للحديث باسم المكتب، وإنما أحاول الرد على سؤالكم من زاوية رأيي الشخصي.

أعتقد أن مكتب تجمع الناشرين بذل جهودا معتبرة وقطع خطوات هامة على طريق تحقيق ما تصبو إليه الصحافة الموريتانية، وإزالة ما تواجهه من عقبات وتحديات متعددة.

أغتنم منبركم هذا لأثمن عاليا ما قام به المكتب السابق من عمل جبار في سبيل إسماع صوت الصحافة المستقلة، أو الخاصة إن شئتم، في كافة مستويات صنع القرار الوطني وفرض الأخذ بمطالبها في الحسبان عبر تسريع وتيرة المصادقة على قانون تحرير الإعلام السمعي البصري في بلادنا، وتفعيل القانون المتعلق بالدعم العمومي للصحافة المكتوبة والإلكترونية..

لا شك أن المكتب الحالي، الذي أتشرف بالانتماء إليه، حقق الكثير للصحافة، ووصل بمطالبها الجوهرية إلى أبعد المستويات حتى شرعت الدولة في اتخاذ التدابير العملية لتجسيد تلك المطالب والاستجابة لها على الوجه الأكمل.. وتعلمون أن السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية، تعكف هذه الأيام على التحقق من تلبية المؤسسات الصحفية للمعايير المطلوبة للإسراع بتنفيذ إجراءات دعمها واستفادتها من كافة الحقوق والامتيازات التي يكفلها القانون..

كذلك، تعلمون أن المكتب يقوم – منذ انتخابه- بأنشطة مهمة لفائدة الصحافة والحقل الإعلامي عموما، إذ لا يكاد يمر شهر دون أن ينظم المكتب نشاطا لصالح تطوير العمل الصحفي وتعزيز فضاء حرية الإعلام في البلد.

وبخصوص النقطة التي تطرقتم إليها في سؤالكم، والمتعلقة بتغطية أسفار رئيس الجمهورية والأنشطة الرسمية الأخرى، التقى المكتب – أكثر من مرة – مع وزير الاتصال والعلاقات مع البرلمان، حيث ناقشنا معه موضوع تنظيم مرافقة الصحفيين العاملين في المؤسسات المنضوية ضمن تجمع الناشرين لرئيس الجمهورية.. وقدمنا للوزارة صيغة تنظم دورية مرافقة الصحفيين للرئيس، ونظام القرعة الذي يحدد أيا من هؤلاء يرافق الرئيس في هذا السفر ومن منهم يرافقه في أسفار أخرى؛ وكان اقتراحنا يحظى بإجماع كل الصحف والمواقع، ويضمن الشفافية والعدالة في توزيع الرحلات ودوريتها. وهنا لا يفوتني ان أنوه بما لمسناه لدى وزير الاتصال من استعداد وانفتاح للتقدم في هذا الاتجاه.. ومن هذا المنبر أرجو من الوزارة الوصية أن تعمل على تنظيم هذا الجانب معنا، أو تتولى هي تنظيمه على أن نقدم لها قائمة المؤسسات الصحفية التي تحدد من يرافق الرئيس باسمها، ويكون ذلك بشفافية كاملة وبطريقة عادلة..

الأخبار: تظهرون من حين لآخر من خلال تصريحات صحفية حول الوضعية الراهنة في البلد، ويقال إن مصدر تلك التصريحات هو الرئاسة أو أن جهات في الرئاسة هي التي تطلق تلك التصريحات من خلالكم. ما هي أسباب تلك الخرجات التي تستبق الأحداث أحيانا، وما حقيقة الجهات التي يقال إنكم تتحدثون عنها بالوكالة ؟

محمد سالم ولد هيبه: المنطق يفترض أن يوجه هذا السؤال لمن يزعم أن هناك جهات في الرئاسة أو خارج الرئاسة أتحدث نيابة عنها..

لا شك أنكم تعلمون – والجميع يعلم – أن تصريحاتي في وسائل الإعلام ليست جديدة، فمنذ التسعينات وأنا أدلي بالتصريحات والمقابلات الصحفية، كسياسي.. أدلي برأيي وأنتقد ما أرى أنه يستحق النقد، وموقفي الشخصي معروف كأحد الداعمين للرئيس محمد ولد عبد العزيز؛ لكن من يتابع تصريحاتي يدرك أنها تصريحات شخص مستقل؛ والجميع يعلم أنني لست من الذين تحركهم جهة ما... المؤسسة الاعلامية التي أملكها و الصحيفة والمواقع التابعة لها ليست من المنابر التي تسيطر عليها جهات معينة أو تتحكم في خطها أو في ما تنشره.. لست من أصحاب المواقع المحسوبة على هذا الطرف أو ذاك، أو تتلقى التعليمات من هذا الشخص أو ذاك.. هذا النوع من المواقع معروف لدى الجميع والكل يعرف – بالأسماء والعناوين والصفات- من يتحكم في كل موقع ويملي عليه ما ينشر، ويوجهه حيث يشاء.. هم يعرفون أنفسهم، كما يعرفون – قبل غيرهم- أن صحيفتي ومواقعي مستقلة تماما.. أما فيما يخصني شخصيا، فلا يخفى على أحد أن لي رأيي الخاص الذي أعبر عنه بوضوح عبر المقابلات التي تجريها معي وسائل الإعلام، تماما كما أتحدث إليكم الآن، وفي التصريحات الصحفية التي أدلي بها من حين لآخر. ومواقفي شخصية لا تلزم المؤسسة التي أديرها.. لا أتلقى أية تعليمات أو توجيهات من الرئاسة ولا من غيرها؛ وأنتم تعلمون جيدا أن ليست لي أية صفة تجعلني أتلقى أوامر أو توجيهات من رئاسة الجمهورية ولا من أية جهة أخرى في الدولة.
لست من الذين يخفون حقيقتهم ويظهرون عكس ما يمارسونه في الخفاء. أنا معروف بصراحتي وبكشف ما أقتنع به على الملأ.. الجهة الوحيدة التي توجه مواقفي وأبني توجهاتي وفقا لها، هي المصلحة العليا لهذا الوطن، كما أراها وكما أحسها لدى غالبية أبناء موريتانيا الصادقين البعيدين عن صالونات السياسة وأوساط المصالح الخاصة الضيقة.

هذا النوع من الأقاويل ومحاولات تأويل أي تصريح مجرد وموضوعي، لتصنيف الناس والبحث عن وسيلة للخلط بين الأمور بغية لفت الانتباه عن مكامن الخلل والنواقص التي تعاني منها عدة قطاعات في الدولة، وتعاني منها بعض أجهزتها المختلفة، بات أسلوبا متجاوزا أثبت فشله وإفلاس من يسعون لاستمراره.. وأنا – في واقع الأمر- أشفق على الذين يتخذون من الدعاية المفلسة السخيفة نهجا وخطا يدافعون عنه ويروجون له في زمن يتغير فيه كل شيء، وتتلاحق الأحداث هنا وهناك لتثبت أن عهد الأكاذيب وخداع الرأي العام قد ولى وغربت شمسه..

لا يوجد في موريتانيا اليوم من يمكن أن يصدق أن رئاسة الجمهورية بحاجة إلى من يتحدث نيابة عنها، أو لمنبر تمرر من خلاله ما تريد. فرئيس الجمهورية – نفسه- ينزل إلى الشارع بشكل متكرر ويتحدث للمواطنين وجها لوجه، وهو أول رئيس موريتاني يرد على أسئلة الصحافة المستقلة، في مؤتمرات صحفية مفتوحة، وفي لقاء تلفزيوني مباشر مع الشعب، وهو أول رئيس في تاريخ موريتانيا يجري مقابلة مطولة وشاملة مع جريدة وطنية مستقلة؛ وأول رئيس موريتاني يجيب على تساؤلات المواطنين عبر الهاتف مباشرة على شاشة التلفزيون الموريتاني وعبر شاشة الجزيرة مباشر.. والرئاسة لديها مستشارون إعلاميون أكفاء، ولديها وسائل الإعلام الرسمية المكتوبة والإلكترونية والمرئية والمسموعة؛ ولديها وزارة للاتصال...إلخ.

إذا كان هناك من هو في غنى كامل عن من يتحدث باسمه أو وسيلة يمرر من خلالها خطابه وأفكاره، فهو – دون شك- الرئيس محمد ولد عبد العزيز، الذي يتبنى خطاب الشعب الموريتاني ويتحدث بلغة عامة المواطنين ويعبر عن همومهم وأحاسيسهم وآمالهم وآلامهم بصدق وصراحة، بعيدا عن الديماغوجية و الشعارات الجوفاء.

أما أن يكون هناك من يريد أن يتهمني شخصيا بأنني موجه، أو يزعم أنني أتلقى إملاءات أو تعليمات ما، فهو حر.. من يروجون لهذه الأقاويل يعرفون تمام المعرفة أنني لست بوقا – مثلهم- لجهات كالتي يتلقون منها الأوامر والتعليمات، وتملي عليهم، بل وتكتب لهم، ما ينشرون في مواقعها التي جعلتهم قائمين عليها..

أقول لهؤلاء، ولغيرهم، إن محمد سالم ولد هيبه سيظل ينتقد أي تصرف لا يخدم مصلحة هذا الوطن، أو يتنافى مع تطلعات السواد الأعظم من الموريتانيين، أو مع التوجهات الوطنية الصائبة والنيرة لرئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، والتي أعلن عنها في برنامجه الذي نال ثقة أغلبية المواطنين.. فليستعد هؤلاء لمزيد من الدعاية ضد ولد هيبه إذا كان دافعهم لذلك وقوفه مع الرئيس ولد عبد العزيز، وانتقاده لكل مظاهر الفساد والتسيب والإهمال أيا كان مصدرها، ومهما كان المسؤول عنها.


الأخبار: اتهمتم في آخر تصريح لكم بعض القيادات الأمنية والعسكرية بالتقصير، بعد العمليات الأخيرة، بما فيها تفجير السيارة المفخخة على مشارف العاصمة.. من تعنون تحديدا، ومنهم القادة الذين تدعون لإقالتهم؟

محمد سالم ولد هيبه: من أنا حتى أدعو أو أطالب بإقالة أحد؟ أنا مجرد مواطن موريتاني بسيط، أزاول نشاطي في مجال الإعلام وأتبنى رأيا سياسيا معينا؛ هذا كل ما في الأمر.

أعتقد أن هناك بديهيات لا تحتاج لأن يتم الخوض فيها أو أن تعطى من الزخم أكثر مما تستحق.. من المسلمات المتعارف عليها في أي مكان من العالم أن أي مدرب يفشل في تحقيق نتائج إيجابية للفريق الرياضي الذي يتولى الإشراف عليه يستقيل من موقعه قبل أن تتم إقالته، ومن البديهي أيضا أن أي حزب سياسي يفشل في تحقيق نتيجة مقبولة في منافسة انتخابية معينة، تستقيل قيادته أو يتم استبدالها بفريق جديد أكثر قدرة على المنافسة..

لاشك أنكم تتذكرون أنه حين فشل الحزب الاشتراكي الفرنسي في الوصول إلى الشوط الثاني من الرئاسيات الفرنسية أمام الرئيس اليميني جاك شيراك، سنة 2002، سارع مرشحه، ليونيل جوسبان إلى إعلان اعتزاله العمل السياسي.. ولا شك أنكم تتذكرون أيضا أن قائد الجيوش الفرنسية في الثمانينات، الجنرال لاكاز، أقيل من منصبه من طرف الرئيس ميتيران، على خلفية تعرض بارجة حربية فرنسية لعملية تخريبية وهي في أعالي البحار..

هذه مسلمات لا تحتاج لمن يتحدث عنها أو يطالب بتطبيقها لأنها مطبقة أصلا.. لا تنسوا أنه –حين تم اختطاف رهائن إسبان في بلادنا، بين نواكشوط ونواذيبو- أقيل جنرال معروف من قيادة الدرك التي كانت موكلة إليه.

أنا لا أوجه تهمة أو كلاما لأي قائد ولا لأي شخص آخر، ولا أطالب بإقالة أحد لأن أولئك القادة والمسؤولين أقالوا أنفسهم في الواقع..

الواقع الذي لا يختلف عليه اثنان- اليوم- هو أن القوات المسلحة الموريتانية استعادت مكانتها ودورها، عند تولي الرئيس محمد ولد عبد العزيز قيادة موريتانيا.. أصبح الجيش الوطني جيشا قويا بمعنى الكلمة، لديه الكفاءة العالية والإرادة الفعلية لأداء رسالته الوطنية النبيلة، ولديه الوسائل المادية المتطورة للقيام بواجب الدفاع عن حوزة البلاد الترابية وعن أمنها وسلامة مواطنيها؛ وهو ما يزال بحاجة – فعلا- لقيادات تواكب المرحلة وتدرك حجم التحديات وضرورة التصدي لها بحزم وقوة؛ لا قيادات منشغلة في أمور أخرى لا علاقة لها برسالة ومهام القوات المسلحة.. أنا لا أدعو لإقالة أحد ولا أتهم أحدا، وأكن الاحترام للجميع؛ لكن أؤكد- فقط- من وجهة نظري الشخصية المتواضعة، على أن القائد العسكري، أيا كان، لابد أن ينزل إلى الميدان ويتفقد وحداته، ويتعرض لأشعة الشمس مثل جنوده، ويتعرض- مثلهم- للغبار..

أما المكيفات والشقق الفاخرة والسيارات الفارهة، وغير ذلك من وسائل الراحة والاسترخاء، فمتروكة للأثرياء من المدنيين ولأكلة المال العام من كبار الموظفين.

ما الذي جعل مجموعة قطاع الطرق الإرهابيين تتمكن من عبور موريتانيا من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب دون أن يتم وقفها أو اعتراضها إلى أن وصلت إلى العاصمة؟

كيف تمكن هؤلاء من تجاوز خمس ولايات تنتشر فيها وحدات الجيش وفرق الدرك والحرس والشرطة بكل هذه السهولة؟

الجميع يعرفون اليوم أنه لولا يقظة وجاهزية كتيبة الأمن الرئاسي، لتعرضت نواكشوط لتفجيرات مدمرة لا يمكن التنبؤ بنتائجها..

وهي مناسبة أغتنمها للإشادة بأبطال الكتيبة الرئاسية وشجاعتهم، سائلا الله عز وجل أن يشفي كل الجرحى وأن ينعم على بلادنا بالأمن والسكينة، وأن يجنبها أي مكروه.


الأخبار: كيف تنظرون إلى مستقبل الصراع بين موريتانيا وتنظيم القاعدة؟

محمد سالم ولد هيبه: لايوجد صراع بين موريتانيا وتنظيم القاعد، حسب علمي.

الرئيس محمد ولد العزيز، المسؤول الأول في موريتانيا، قال بالحرف الواحد: "نحن لسنا في حرب ضد القاعدة أو غيرها، نحن نواجه عصابات للتهريب تمارس الجريمة العابرة للحدود.. تغرر بأبنائنا وتدفعهم لتفجير أنفسهم داخل بلدنا، لزعزعة أمنه واستقراره والإساءة لسمعته وضرب مصالحه؛ جماعات تتخذ لنفسها مواقع آمنة بعيدة، وتستغل أبناءنا ضدنا لتحقق- على حساب أرواحهم وأرواح مواطنينا الأبرياء المسالمين- مآرب مادية ضيقة وآنية"..

أقول، مثلما قلت مرارا وتكرارا، إن بلادنا تواجه جماعات مسلحة من قطاع الطرق وتجار المخدرات، تمارس القرصنة في الصحراء الكبرى ضد بلدنا وبلدان المنطقة.. نحن في صراع مع الصهاينة الذين تقدم استخباراتهم، المعروفة بالموساد، الدعم المالي والعتاد الحربي لتلك الجماعات؛ سعيا إلى الانتقام من موريتانيا على طردها سفير إسرائيل من أرضها. وأنتم علمتم – بالتأكيد- بما جاء في بيان منسوب لتلك العصابات بشأن استهداف العملية الفاشلة الأخيرة لشخص رئيس الجمهورية نفسه دون غيره.

الصهاينة لن يهدأ لهم بال ولن تتوقف مؤامراتهم ومكائدهم ضد موريتانيا وقيادتها الوطنية، حتى يلحقوا بها أكبر ضرر ممكن، لا قدر الله.. وهذا ما يتطلب مزيدا من اليقظة والاستعداد من قبل قياداتنا الأمنية والعسكرية، وتصحيح الخلل الملاحظ خلال العملية الأخيرة..

هذه العصابات ومن ورائها الموساد الصهيوني ناقمون علينا لأن رئيسنا لم يدنس يده أبدا بمصافحة مسؤول صهيوني.. ناقمون عليه لكونه يقرب القوى الوطنية المعروفة بمناهضتها للتطبيع مع الكيان الصهيوني، خاصة العلماء الأجلاء مثل رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوي الذي استقبله فور وصوله إلى نواكشوط..كما اجتمع بالشيخ محمد الحسن ولد الددو في عدة مناسبات واستمع إلى آرائه بشأن العديد من القضايا الوطنية، وكذلك الشيخ عبد الله بن بيه وغيرهما؛ كما استقبل رابطة العلماء الموريتانيين برئاسة فضيلة الشيخ حمدن ولد التاه، ورئيس رابطة الأئمة الموريتانيين؛ وفتح حوارا مع السجناء السلفيين في نواكشوط، كما أصدر عفوا رئاسيا بحق من أعلنوا تراجعهم عن الانخراط في أعمال العنف والتطرف.

إنهم ناقمون عليه لأنه بادر بزيارة تركيا أردغان، وإيران أحمدي نجاد، وسوريا بشار الأسد، والسودان بقيادة الفريق عمر البشير، واستقبل وفدا رفيعا من حزب الله اللبناني..

هذا هو الصراع الحقيقي وعلينا إعداد العدة له وإدراك حجم التحدي الذي يمثله.
وهنا أطالب بإغلاق نظام الرسائل القصيرة عبر الهواتف المحمولة، المعروفة بـ SMS، لأن المعلومات التي استقيتها من مصادر موثوقة، تؤكد أن تلك الرسائل تساهم في حصول الإرهابيين وقطاع الطرق على المعلومات الحساسة التي يستفيدون منها لتنفيذ مخططاتهم، وأعمالهم التخريبية ضد بلادنا.


الأخبار: هناك من ينتقد الصحافة الموريتانية ويصفها بأنها عبارة عن مرتزقة، وظهرت فيها وجوه دخيلة على المهنة.. كيف ترون إمكانية تنقية الحقل الإعلامي من غير الصحفيين؟

محمد سالم ولد هيبه: هذه الانتقادات لا تخلو من الصحة.. وأعتقد أن المسؤولية تقع- بالدرجة الأولى- على الوزارة الوصية، التي لم تتجاوب مع الفاعلين في الحقل الإعلامي، ولم تطبق أيا من الصيغ التي تم الاتفاق عليها بإجماع المؤسسات الصحفية مع القائمين على وزارة الاتصال..

هناك حالة من الفوضوية يبدو أن الجهات المعنية في الدولة مصرة على استمرارها، حتى يتسنى لها الاستمرار في مغالطة الرأي العام الوطني وخداع رئيس الجمهورية..

عندما ننظر مثلا إلى مصر، حيث يوجد أكثر من ثمانين مليون نسمة، وهي أعرق دولة عربية وإفريقية في مجال الإعلام والصحافة، لا نكاد نجد فيها ثلاثين صحيفة؛ بينما يناهز عدد تراخيص الصحف في موريتانيا حاجز الألف، مع أن عدد سكانها لا يتجاوز ثلاثة ملايين..

في مصر لا يوجد أكثر من أبعة وعشرين حزبا سياسيا مرخصا له، بينما تجاوز عدد الأحزاب عندنا السبعين.

اليوم نجد كل شخص يحمل حقيبة وأوراقا ويدعي أن لديه جريدة أو موقعا إخباريا. أما الصحف التي تصدر فعلا بشكل منتظم، وتستجيب لمعايير المؤسسات الصحفية المتعارف عليها، ما بين يومية وأسبوعية وغير ذلك، فلا يصل عددها إلى الأربعين.

أنا الذي أتحدث إليكم الآن عن الصحافة لست صحفيا ولا أدعي ذلك. لكنني أملك مؤسسة صحفية تصدر جريدة منتظمة كل أسبوع، لها مقرها في قلب العاصمة ولها طاقم تحرير يتلقى رواتبه بانتظام ويتمتع بكل الحقوق الواردة في الاتفاقية الجماعية المتعلقة بالشغل..

هؤلاء المحررون هم الصحفيون وهم من يكتبون مادة الجريدة بحرية ووفق الخط التحريري الذي تنتهجه.

اليوم أصبح كل وزير أو مسؤول سياسي، مدني أو عسكري أو أمني، يتبنى جريدة أو موقعا ثم يقول للناس إن هذا موقعه الذي يدافع به عن نفسه وهذا صحفيه الذي يزوده بالمعلومات المتعلقة بالآخرين، ويوجهه – متى شاء- ضد أية جهة أو شخص لا يرضى عنهما.

ومن هذا المنبر الإعلامي الحر، أناشد فخامة رئيس الجمهورية، محمد ولد عبد العزيز التدخل من أجل إنقاذ الصحافة من هذه الوضعية المشينة، وتنقية الحقل الإعلامي من سرطان الابتزاز والمتاجرة بالنفوذ، الذي ينخره منذ أمد طويل؛ حتى تتحول الصحافة الموريتانية إلى سلطة رابعة حقيقية.. أناشده أن يمنح الحقل الإعلامي نصيبه من الإصلاح، ويمكنه – بدوره- من التخلص من براثين الفساد والتحرر من قبضة المفسدين.


الأخبار: يقال إن الدولة أنفقت خلال السنة الماضية نحو 185 مليون أوقية على الصحافة، استفادت منها مؤسسات صحفية محدودة ووفق معايير غامضة، ماهي رؤيتكم حول توزيع الدعم العمومي للصحافة؟

محمد سالم ولد هيبه: أؤكد لكم أننا لم نستفد من هذا المبلغ الذي تتحدثون عنه.

أرى أن من يستفيد من أموال الدولة هي الجماعة نفسها التي كانت تستفيد منها في عهد معاوية ولد الطايع؛ وقلت ذلك مرارا.. نفس الجماعة التي كانت تستحوذ على مخصصات الصحافة من ميزانيات مختلف قطاعات الدولة، في عهد ولد الطايع، وأفسدت الصحافة آنذاك، وأنا لا أسميها مرتزقة، لكنها هي التي ما تزال تستفيد من تلك المخصصات حتى يومنا هذا، مع احترامي للجميع..

أما نحن فلا نحصل على شيء من ذلك، وأنتم أدرى مني بالموضوع بكل حيثياته.. ما نحصل عليه، من حين لآخر، هو بعض الفتات الفائض عن تلك الجماعة المعروفة لديكم ولدى الكل..

لقد وعدنا وزير الاتصال مؤخرا بتسوية هذه المسألة بالتشاور مع الجهات العليا في الدولة، ورأينا بعثات السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية، تتجول هذه الأيام بين مكاتب المؤسسات الصحفية في نفس الإطار؛ ونأمل أن تحسم هذه القضية بسرعة، طبقا لمعايير واضحة ومتوازنة ومنصفة للجميع.

يجب أن لا تظل مجموعة معينة تستحوذ على مخصصات الصحافة باستمرار، خاصة وأن أفراد هذه المجموعة – مثلي أنا تماما- ليسوا صحافة.



الأخبار: يقال إن الرئيس عزيز غير راض عن أداء الإعلام الرسمي المرئي والمسموع.. هل تعتقدون أن وسائل الإعلام العمومية جاهزة للمنافسة الحرة؟

محمد سالم ولد هيبه: من في موريتانيا اليوم يرضى عن أداء الإعلام الرسمي؟ اعتقد أن لا أحد راض عن ذلك.

الرئيس محمد ولد عبد العزيز قال بشكل صريح، كما تعلمون، إن أداء التلفزيون الرسمي متدني جدا.. قال ذلك داخل مبنى التلفزة الموريتانية وفي مبنى الإذاعة، وأمام كافة القائمين عليهما والعاملين فيهما.
وتعلمون أنه طالب بانفتاح الإعلام الرسمي أمام كافة الأطراف الفاعلة في البلد، بما في ذلك أحزاب المعارضة.

مشكلة الإعلام الرسمي، من وجهة نظري، تكمن في التعيينات التي تتم فيه.
التعيينات تقوم على أساس معايير الكفاءة والخبرة، وهذا ليس هو الحال بالنسبة لمؤسسات الإعلام العمومي في بلادنا.. ورغم احترامي للجميع، أؤكد لكم أنني أعرف إعلاميين أثبتوا كفاءة عالية في مجال العمل الصحفي ولهم خبرة طويلة في هذا المجال، حتى أن بعضهم بات قريبا من التقاعد، ومع ذلك لا تتم ترقيتهم، بل يتفاجأون دائما بأشخاص لا علاقة لهم بالإعلام، يعينون على رأس المؤسسات الإعلامية التي أفنوا جل مسيرتهم المهنية في خدمتها..

ولا شك أن تعيين الأمين التنفيذي المكلف بالترقية الاجتماعية وحقوق الإنسان، يرب ولد اسغير، مديرا عاما للوكالة الموريتانية للأنباء؛ يشكل مؤشرا إيجابيا على بداية تحول فعلي في مجال أداء الإعلام الرسمي..

أعتقد أنه لا يوجد من يرضى عن الإعلام الرسمي الموريتاني.. من يصدق أن رئيس الجمهورية يترأس اجتماع مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، ثم يجمع قادة إفريقيا على اختياره لقيادة بعثة من خمسة رؤساء أفارقة لتسوية الأزمة السياسية في كوت ديفوار، ومع ذلك لا نرى صوره على شاشة التلفزة الرسمية الموريتانية إلا عبر الإنترنت ؟

نحن – وأنتم مثلنا- نشرنا الخبر بسرعة، لكن لجأنا إلى الإنترنت للحصول على الصور.. التلفزة لا تهتم إلا بما قاله هذالوزير أو ذاك، أوبتغطية نشاط هذا المسؤول أو ذاك. وهنا أطالب رئيس الجمهورية بإصدار تعليماته للتلفزة الموريتانية لكي تتوقف عن مصادرة أسئلة الصحافة المستقلة أثناء المؤتمرات الصحفية التي يعقدها الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة، لأنها تبين الحقائق وتكشف عجز هؤلاء عن تقديم الردود الشافية، أو التفافهم على مواضيع حيوية وأساسية بالنسبة للرأي العام الوطني.. يجب أن تبث أسئلة الصحافة دون حذف ولا مصادرة، مع ردود المسؤولين عليها، وإلا فلتتوقف الجهات الرسمية عن دعوتنا لتلك الندوات الصحفية، لأننا لن نستمر في حضورها ما دامت التلفزة الموريتانية تصادرنا..


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!