التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:08:55 غرينتش


تاريخ الإضافة : 15.03.2011 19:55:20

وزير صحراوي يدعو الموريتانيين بالمغرب لعدم التآمر ضد الصحروايين

محمد الأمين أحمد رئيس أول حكومة صحراوية (الأخبار

محمد الأمين أحمد رئيس أول حكومة صحراوية (الأخبار

طالب مستشار الرئيس الصحراوي وأول رئيس حكومة صحراوية محمد الأمين أحمد التجار الموريتانيين الموجودين في أجزاء الصحراء الواقعة تحت السيطرة المغربية بالتعاون مع الصحراويين، وإذا لم يكونوا معهم فلا يكونوا ضدهم.

ودعا محمد الأمين في مقابلة شاملة مع "الأخبار" الموريتانيين الموجودين بالمغرب إلى الحذر من أن "يستخدمهم المغاربة على حساب الصحراويين".

وتحدث محمد الأمين خلال المقابلة عن نشأة الحركة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (ابوليزاريو)، ودور النخبة الموريتانية والحركات السياسية آنذاك في دعمها، وأشار إلى الدور الصحراوي في حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة رغم احتمال نشاط عصابات تهريب في بعض الأحيان.


واستبشر محمد الأمين بالثورات التي تسود المنطقة العربية في حل قضية الصحراء معتبرا أنه لايمكن الحكم عليها بعد حتى تتضح نتائجها، لكن من المؤكد أن من سيأتي لن يكون أقبح من زين العابدين وحسني مبارك.

وهذا نص المقابلة:


الأخبار: وأنتم اليوم تخلدون الذكرى الـ35 لإعلان الجمهورية..كيف تتذكرون بداية المقاومة المسلحة؟

محمد الأمين أحمد: لا يمكن الفصل بين حقب التاريخ.. أولا كان جهاد المهاجرين الصحراويين و المهاجرين الذين جاؤوا من موريتانيا بداية القرن، وكافح الجميع جنبا إلى جنب، واستشهد الرجال في ميدان المعركة ضد الاستعمار الفرنسي، وانتهت المعارك 1934 ونسميها نحن بـ"ملْك لحكامة" بمعنى لقاء القوات الفرنسية مع القوات الاسبانية، ووقعت هدنة لكن في الحقيقة كانت هدنة مؤقتة، لكن كلا الفريقين بقي يناضل في ميدانه من أجل الحفاظ على كيانه المستهدف في هذه المنطقة، فالصحراويون حافظوا عليه بالانكماش على أنفسهم وفرضوا على المستعمر الاسباني احترام القوانين الاسبانية والشريعة الإسلامية.

والموريتانيون حافظوا عليه بنوع آخر من النضال الثقافي خاصة ما لعبته "المحظرة" من دور في الحفاظ على القيم الإسلامية والعادات الموريتانية، ولهذا لاحظنا أن أغلب الإطارات والإداريين الموريتانيين كانوا من الملونين؛ لأن الناس لم تكن تترك غير الملونين يغادرون للدراسة العصرية، وهو ما سبب نوعا من الفراغ الإداري.

الصحراوين في الحقيقة أصروا على كفاحهم وانتفضوا في المنطقة كلها، كما انتفض موريتانيون ومغاربة وجزائريون فيما يعرف بجيش التحرير 1957 و 1958، بعد ذلك فشل هذا الجيش بتآمر بين السلطات المغربية والفرنسية والاسبانية بعد عملية "أكوفيّون" المشهورة والتي يسميها الأسبان عملية (huracán) "الإعصار"، و وقع نوع من الجمود في الكفاح ضد مطالبة المغرب بموريتانيا والصحراء وأجزاء من مالي وأجزاء من الجزائر، وكلها بقي في موقعه حتى نال الموريتانيون استقلالهم سنة 1960.

وكان استقلال موريتانيا نور بصيص أمل للصحراويين بأن تكون هناك دولة صديقة لهم في الجنوب لأنهم يدركون أن في الشمال نظاما معاديا لهم ولكل ماهو تحرري ولكل ما هو "بيظاني" بشكل عام كما كان معاديا للثورة الجزائرية رغم العلاقات المعروفة بين البلدين، والتآمر على الطائرات التي ذهبت بالقادة الجزائريين لم تندمل جراحه بعد.

الصحراويون كانوا بين فكي كماشة، يتخوفون من الاستعمار، ومن الشمال، وفي الجنوب لم تظهر بعد الدولة الموريتانية بالشكل الطبيعي والشكل المعروف حاليا، فمازالت الحكومة المغربية تطالب ببعض من أراضيها إلى سنة 1969 لما جاء الفقيد محمد ولد سيد ابراهيم رحمه الله وقاد "المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء" وأرسل رسائل للحكومة الاسبانية بتسليم الأراضي الصحراوية وحاول أن يناضل سلميا لأنه يدرك مدى خطورة أن يكتشف المغاربة هذه المنظمة، خاصة أن هناك تنسيقا بين المخابرات الاسبانية والمغربية.

وكانت انتفاضة 17 يونيو 1970، وكانت هذه هي بداية انطلاقة الكفاح، وظهر للمواطن الصحراوي أن اسبانيا هي قوة استعمارية، وأن المغرب ليس فيها خير، وإن كان هناك أمل فهو في موريتانيا والجزائر.

وقعت المجزرة والمذبحة التي وقعت، وطمس على هذه القضية، ولكن بقي الصحراويون ينسقون أمورهم، وبدأ الطلبة الصحراوين يدرسون في الجامعات المغربية، وظلت الملاجئ في الجزائر وفي موريتانيا تنسق فيما بينها، وحاولنا أن نوجد بديلا للكفاح والانتفاضة التي وقعت سنة 70 واستمرينا عدة سنوات في النقاشات واللقاءات، وكان الرجل الذي يقود الحركة قد فقد، وزملاؤه في السجن لم يطلق سراحهم إلا سنة بعد ذلك، والمنفيون سواء كانوا في الصحراء أو اسبانيا كثر.

واتفق على أنه لابد من لملمة هذا الشتات، وبالتالي فتح النقاش على مستوى الصحراويين سواء كانوا في موريتانيا أو الجزائر أو المغرب وفتح جدال مع الحركة الوطنية الموريتانية في ذلك التاريخ.

اتفق على تأسيس جبهة البوليزاريو، ومؤتمرها التأسيسي كان في مدينة ازويرات، ليس بمباركة من الحكومة الموريتانية، وإنما بحضور مجموعة تناهز 27 في منزل بالمدينة في 29 ابريل 1973، واتفق على تسميتها "الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب" وأخرجت بيانها التأسيسي، وبدأت في التنسيق مع الحركة الوطنية في موريتانيا والحركة الوطنية بالمغرب والحكومة الجزائرية لأنه لم تكن بها حركة وطنية، ولكن الكل كان متخوفا لأنه لا يدري ما هو هدف هذا الكيان الجديد و ما هي أموره، فالإخوان في الحكومة الموريتانية كانوا متخوفين، وأتذكر أن حمدي ولد مكناس ومحمد ولد محمد صالح اقترحا علينا أن نشكل حزبا سياسيا، ونناضل سياسيا على الطريقة التي نالت بها موريتانيا استقلالها، لكننا نحن متألمون (محرورون) لأننا تعرضنا لمذبحة شنيعة، ونعلم أن الاستعمار المباشر الذي جاء بالقوة لن يرحل إلا بالقوة.

هذا جانب .. والجانب الآخر هو جانب الحركة الديمقراطية الموريتانية، خاصة الحركة البعثية بشقيها العراقي والسوري، لان الموضة في تلك الفترة كانت موضة أفكار، وكان القوميون والكادحون..واتفق مع هذه الحركات على إيجاد لجنة تضامن مع الشعب الصحراوي، وكنت أنا من يناقش مع مجموعة منهم، من ضمنها محمد ولد الطلبه و خدجة بنت سيدي محمود ومصطفى ولد ابيه و محجوب ولد بيه وآخرين من أطر حركة الكادحين، وكان لدينا مجموعة من المحاورين رغم أن المثقفين ندر والمعلمين قليلون.. فلم يكن لدينا سوى خريج جامعة واحد، ومجموعة منا في السنة الثالثة جامعية، وبعضهم أخذ الباكلوريا وفضل الانخراط في العمل المسلح.

ووقع هناك نوع من التواصل بدليل أن أول أمين عام للجبهة الذي هو ابراهيم غالي كان هو أمين سر "المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء".

وكان هناك تخوف بكل صراحة من أن ياتينا أحد من الجزائر أو المغرب أو موريتانيا، فكنا حريصين على ألا يدخلنا أي من له علاقة بالعدو، واتفقنا على عدم استيراد أي نظرية من الخارج خشية أن تحدث فينا تفرقة أو تنافرا أو خلافات، وإنما نحافظ على سجية الشعب الصحراوي وعلى دينه وعلى أخلاقه..وكان دوما أول سؤال يوجه إلينا ماهي أديولوجيتكم؟ فكان جوابنا واضحا نحن حركة وطنية تضم كل الفئات المناهضة للاستعمار، وهذا الموضوع يمكن مناقشته لكن بعد الاستقلال.

وفي الحقيقة كان الإخوان البعثيون في تلك الفترة بكل اتجاهاتهم يشكلون لجنة للتضامن مع الشعب الصحراوي، والتحق بنا اثنان من مناضليهم من أجل القتال معنا، واحد منهم مازال معنا، والآخر وقع له ما وقع لبعض الصحراويين فنكص وخان..لكننا لا نعتد بتصرفه.

و كان أول تحرك لنا هو الاتصال بالحركة الوطنية الموريتانية وبعد ذلك بالجزائر، لكن الجزائريين لم يعترفوا بنا إلا بعد أن بعثوا لنا لجنة تقصي حقائق 1975 وأثبتت أن جبهة البوليزاريو هي القوة المسيطرة في المنطقة، وشهد بذلك صحفيوهم الذين ذهبوا مع البعثة وتأكد ذلك بشهادة أممية في التقرير الذي صدر 21 اكتوبر 1975، فاعترف بنا الجزائريون.

ووقع كذلك فتح نقاش نهاية 1974 لأننا كنا متخوفين من التقسيم نتيجة الحرب الباردة، ونحن نعرف أننا كحركة تحرير لابد من أن يتم تصنيفنا مع الشرق وكنا ضحية.

وفتحنا نقاشا مع الحكومة الموريتانية، لكنها لم تكن مطمئنة على الطريقة التي نعمل بها، و العمليات العسكرية التي نخوضها، ورغم التنسيق بين الحكومة الموريتانية والحكومة الاسبانية إلا أنهم لم يضيقوا علينا كثيرا في السجون والمتابعات وما إلى ذلك.. فسجنوا بعض عناصرنا لكنهم سرعان ما أخلوا سراحهم، لأنه من الفاضح أن يأتي مقاتلون ومجاهدون إلى بلد مجاور ويتم تسليمهم أو تعذيبهم لأن هذا غير منطقي.

وكان هدفنا في المستقبل البعيد هو عمقنا الاستراتيجي والبشري والعنصري (البيظان) و هو في موريتانيا وجنوب المغرب ومهاجرون من جيش التحرير في جنوب الجزائر، والهدف الثاني هو أنه لايمكن تحرير الصحراء إلا بالكفاح المسلح.

النقطة الأخرى هي تفادي استيراد نظريات من شأنها أن تفتت وحدتنا، وسرنا بهذا الاتجاه، وتركنا المجال مفتوحا فلم نطبل لبرنامج وطني، وتركنا المواطنين يسألون ما هو هدف الجبهة؟ وما ذا تريد؟ فهذه التساؤلات التي وردت حتى من الحركة الوطنية الموريتانية وحتى من الحكومة الموريتانية، ومن بعض الحركات الوطنية المغربية تم تقنينها في المؤتمر الثاني للجبهة، وكان في الحقيقة تحولا تاريخيا بالنسبة لنا.. أن نضع برنامجا وطنيا يشمل: ماذا نريد من الصحراء، ما هو هدفنا البعيد، كيف يتم تحرير الصحراء.

هذا المؤتمر حضره السيد المصطفى ولد بدر الدين، وهو الوحيد الذي حضر من جهة غير صحراوية، رغم أننا نعتبر الموريتانيين بالنسبة لنا غير أجانب، وكان هذا 25 أغسطس 1974 وانتهى المؤتمر في 31، وأرسلنا الرسالة المشهورة إلى ملك المغرب نطالبه فيها بالكف عن احتلال الصحراء.

بدأت هذه الصورة تصل الجزائريين عن هذه الحركة وأهدافها، و أعطيك معلومة لما اندفعنا في الكفاح المسلح وتم تأسيس الجبهة الذي اتفقنا على أنه سيتم الإعلان عنه 10 مايو 1973 ذهب الأمين العام الحالي للجبهة محمد عبد العزيز برسالة المؤتمر والبيان التأسيسي إلى الجزائر، لكن المخابرات المغربية كانت ذكية فسبقتنا وكونت حركة أخرى اسمها الرجال السمر، وجعلوا عليها مغربيا وأعطوه اسما صحراويا وجاؤوا به إلى الجزائر، واعترفت به، وهو لا يتكلم إلا الدارجة المغربية، ولما جئنا نحن قالوا لنا أنتم شباب جدد وهذا ممثل جاء قبلكم، فقلنا لهم هذا مغربي وليس صحراوي..فوقع نقاش كبير مع المكلف بحركات التحرير "جلول ملائكه" وضرب الطاولة حتى انقسمت وغضب جدا لما اكتشف أن المغربي غير صادق في دعواه.

في المؤتمر الثاني كان تحول نحو المعطيات المستقبلية لما تريده الجبهة الشعبية من أهداف، وبالبطع نحن كانت لدينا تصورات بـن هناك شيئا في الخفاء فيما يتعلق بالتقسيم، وبدأ هذا يظهر لما طلب الحسن الثاني بعثة استقصاء من محكمة العدل الدولية، و كونت موريتانيا لجنة وكون المغرب لجنة خبراء من أجل الدفاع عنه.. لكن السؤال المهم هل اسبانيا لما احتلت الأرض لم يكن بها سكان؟، أم كان بها سكان، و إذا كان بها سكان ماهي علاقتهم بالمغرب وماهي علاقتهم بالمجموعة الموريتانية.

وكنا نحن غائبون لأن الأمم المتحدة لم تكن تعترف بالجبهة الشعبية للتحرير، فعملنا مذكرة وأرسلناها لبعض الأصدقاء، بينهم قاض من "اتشيك" فلما وصلت محكمة العدل الدولية استنتجت أنه لم يكن للصحراء علاقة سيادة لا بالمجموعة الموريتانية ولا بالمملكة المغربية، وهذا لا يمنع الشعب الصحراوي من تقرير مصيره.

حيثيات الحكم تقول إن هناك مجموعة من القبائل كانت لها علاقة مع السلطان المغربي، و كانت لها علاقة مع المجموعة الموريتانية، لكن لم تكن هناك علاقة سيادة.

الحسن الثاني داهية ويعرف السياسية جيدا، ويعرف كيف يخرج من كل الأزمات.. فأعلن أن محكمة العدل قالت إن المغرب كانت له سيادة على الصحراء، وهو ما أعلنه كذلك المرحوم المختار ولد داداه، ونحن في الحقيقة يحز في أنفسنا أن نرى حربا بيننا نحن والموريتانيين، وأقول لك بأنه جاءنا موريتانيون من أجل القتال معنا كما غادر صحراويين للقتال في موريتانيا.

الأخبار: ما تعليقكم على حرب الصحراء؟

محمد الأمين أحمد: بالنسبة لي أعتقد أنها كانت حربا أهلية بين الأشقاء "البيظان" لأنهم في الحقيقة عظم بلا مفصل، فلا يمكن أن يقبل أحد أن تحتل الصحراء من قبل موريتانيا، كما أننا نحن لانقبل أن تحتل موريتانيا من قبل السينغال وقد كانت لها أطماع على موريتانيا، فسينكور طالب بالأجزاء الجنوبية من موريتانيا و"كيتا" طالب بشرقها، لكن لأنه يتمتع بشيء من التقدمية لم يعلن عنها لكن المجموعة المالية كان هذا هو طموحها.

بشأن تقسيم الصحراء المختار ولد داداه عليه رحمة الله في مذكراته يقول إنهم بدؤوا التنسيق في تقسم الصحراء من سنة 1970، ولكن المجموعة التي كانت على علم بذلك محدودة جدا منها حمدي ولد مكناس ومحمد محمد صالح وصال عبد العزيز.

والحسن الثاني لا يمكن لأي أحد بالمغرب أن يسأله عن الصحراء.. مستحيل.

ونحن بدأنا نستنتج هذه الأمور في سنة 1974 وثبتت لنا الأطماع بعد قضية محكمة العدل الدولية، ولما جاءت اتفاقية مدريد كانت بمثابة إعلان حرب؛ لأنك لما تتفق على أن تقسم بلادا وأنت كنت تطالب بها فهذا غير مقبول وغير مفهوم.

المختار ولد داداه طالب بالصحراء سنة 1957 فليواصل مطالباته بها على الأقل ولا تقسمها مع آخر..الحسن الثاني كان يطالب بموريتانيا كلها، وأظن أنه لو التقى مع صينكور لاتفقا على تقسيمها، لأن الأرض ليست له..فالتقسيم دليل على عدم ملكية الأرض للمطالب بها.

فالشعب الصحراوي خاسر في الحرب التي خاضها ضد موريتانيا سنة 1975 ويجب ألا تقع لا اليوم ولا غدا ولا بعد غد، لأنه تفريق بين مكونات هذا الشعب الواحد، وهو ما كان يريده الأعداء، ونحن ناضلنا على هذا الأساس وقلنا لاينبغي أن نخوض حربا أهلية.. إذا كنتم تريدون الصحراء فانضموا إلينا نحارب المغرب، وبالطبع التحق بنا بعض الشباب الموريتاني المتطوعين واستشهدوا في ساحة المعركة لأنهم يشعرون بدافع وعي وطني أن قضية الصحراء قضيتهم..هذا هو التصور الذي كان يعتقده القادة الصحراويون حينها.

ولما وقعت الحرب ربما يكون هناك تصور آخر..لكنني شخصيا لدي ولدى الكثير من الأطر الصحراويين قناعة أن المصير سيكون واحدا.

الأخبار: ما طبيعة العلاقة التي كانت تربطكم مع النخبة الموريتانية في تلك الفترة؟

محمد الأمين أحمد: -من حسن حظنا أننا دونا تاريخنا، لكننا لا نحب إخراجه في هذه الفترة، لأنه ربما يكون في ذلك إحراج لبعض الجهات-
نحن كنا نطالب الحركة الوطنية الموريتانية بعدة مطالب:
- الدعم السياسي.. وأن يفرضوا على الحكومة الموريتانية الاعتراف بنا.
- إيواء مجموعة البوليزاريو الموجودة على الأراضي الموريتانية، وحمايتها.
- الدعم بكل الوسائل: بالقلم والمطبعة و نشر قضايانا في المناشير الموجودة، وإقناع الموريتانيين بوجوب دعمنا بالشعر والسلاح، وأول طابعة وصلتنا جاءتنا من طرف الكادحين، وأول قصيدة وصلتنا هي "ثوار الصحر كايمين" من موريتانيا وهي مشهورة نشرت في صيحة المظلوم.

وتزويدنا بالأدوية و المال، ونحن ندرك أن الشعب الموريتاني شعب فقير، لكن عندما تأتيك عشرة آلاف من طرف الكادحين أو البعثيين فقد وصلك شيء معتبر..لأن الخبز في حينها ب 5 أوقيات.

وعناصرنا التي كانت توجد في نواذيبو وازويرات كان يأتيها الدعم من جهتين: الحركة الوطنية الموريتانية، وعناصر الجبهة في لعيون المحتلة، فكان هناك المحفوظ ولد اعل بيب يجمع الدقيق والفضة والأرز والنعل والرصاص ويرسله للمقاتلين.


والمرحوم "اسويدات" دعمنا ب 24 رصاصة من "الرباعيات" وهي مسجلة عندنا، -وقد قدم للأسف للمعركة من أجل القضاء عليه-..وهذا شيء لايمكن أن ننساه؛ لأن رصاص الرباعية حينها كان شيئا مهما في المعركة، وتوفيره يعني شيئا كبيرا فقد كان الراكب يسير من ازويرات إلى السنغال من أجل استجلاب 100 رصاصه من الرباعية لدعم المقاتلين.

إذن النخبة الموريتانية طلبنا منها إفهام الشعب الموريتاني بضرورة دعم الصحراويين والتعريف بالقضية الصحراوية، والتعريف بالجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، وإيجاد لجان تضامن داخل الشعب الموريتاني ودعمنا بكل الوسائل..

وهذا في الحقيقة وفقنا فيه، فمهما كانت بساطة الدعم فقد كانت له قيمة كبيرة، لأن الشعب فقير والمثقفين والطليعة قلة.

وللأسف صدمنا لما تحالف جزء من الكادحين مع النظام الموريتاني مما أثر على الصحراء، وهو الشيء الذي لم نكن نتمناه..ولا نرى له مبررا..لأنها إما أن تكون سياسة وطنية شاملة..وإما أن تتحالف مع نظام المختار ولد داداه..ولكن طالب بالصحراء كلها..لاتدعم تقسيمها..

نحن في تلك الفترة جاءنا محمدن ولد إشدو في الجزائر يحمل مشروع بيان مشترك يتضمن أنه ليس للكادحين مطالب في الصحراء والبوليزاريو ليس لها مطلب في موريتانيا، فقلت له إنني لا أقبل هذا؛ لأنني أصلا ليست لدي مطالب في موريتانيا، وإذا وقعت على البيان فمعنى ذلك أنه كانت لدي مطالب في موريتانيا.. وإذا كانت عندنا مطالب فهي وحدة الشعبين حتى يكونا شعبا واحدا..وليست عندنا أي مطالب أخرى، كيف أطالب بشيء آخر.. أرض الصحراء الشاسعة تكفينا ويمكن أن نستقبل فيها من أراد من الموريتانيين، كما يستقبلوننا هم في أرضهم الشاسعة دون عناء.

لكن هناك جناح آخر كان معنا..فنحن جاءنا المرحوم محجوب ولد بي إبان أزيز الحرب ووصل إلى المخيم، كما جاءنا عبدو ولد احمد اعبيد ومجموعة من الإطارات الموريتانية والمناضلين الذي خاضوا المعركة إلى جانبنا.

ونحن ندرك أنه ليس كل الموريتانيين مع المختار ولد داداه بدليل أنه حينما وقع الانقلاب عليه سنة 1978 صرح الناس بأنهم ضد حرب الصحراء.

وأنا شخصيا عندما أدخل موريتانيا لا أشعر أني غريب، أعرف "غريب الدار تنبحه الكلاب" لكنني عندما أصل موريتانيا أشعر أنني بين أهلي ولا أجد أي مكروه.

الأخبار؟ ما هي أبرز معالم استراتيجة البوليزاريو في التعامل مع الوضع الراهن؟

محمد الأمين أحمد: أين يأتي الذكاء؟ هو في التعامل مع الأوضاع الراهنة، كان عندنا حاجز في الماضي بألا نتبع للخارج لا في الشرق ولا في الغرب..ورغم ذلك كنا ضحية.. فانا أتذكر سنة 1980 كان معي عبد الله ولد أبوه وهو موريتاني والآن هو سفير المغرب في آنغولا والتقينا مع مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي السوفيتي وقلنا له انتم تقولون إنكم مع تقرير المصير لكن لم تأتنا أي رصاصة واحدة من قبل الاتحاد السوفيتي.. ولا من دول المنظومة الاشتراكية، أنتم أصحاب مصالح تعملون اتفاقيات قرض مع المغرب حول الفوسفات..وخاطبناه خطابا حادا حتى غضب.

قال لنا أنتم في إذاعتكم وفي منشوراتكم أقرب إلى الغرب منه إلى الشرق..والأمريكيون كذلك يقولون أنتم أقرب إلى الشرق منكم إلى الغرب..إذن كنا ضحية.

ولما تحطم جدار برلين وتحطم الاتحاد السوفيتي.. نحن قوم بدو لما نشاهد الرياح العاتية نطوي خيامنا حتى تتخطى..فلا يمكن أن نعاندها حتى تنتهي.. وفي تلك الظروف مورست ضغوط على الجبهة حتى تعمل اتفاقا مع المغرب وفي الحقيقة المغرب هو من طلب الاتفاق بناء على أن الاستفتاء سيجرى بعد ستة أشهر..فغررنا بهذا الطعم وأعلنا بحسن نية اتفاق وقف إطلاق النار ووقعنا الاتفاق مع المغرب..

واليوم..أولا المغاربة كانوا يريدون الاستفتاء ليقولوا للعالم إن الصحراويين معنا ونحن بنينا المدن وشيدناها..وفي الحقيقة أن الصحراويين هم من بنى الصحراء، وجعلوا اموالهم في العقار.. والمغرب إنما شيد الطرق المؤدية للجيش و بنى منازل للمخابرات..غير ذلك لم يبنه سوى الصحراويين.

أنا سبق وأن قلت للحسن الثاني نحن لم نطلب منك أن تأتي لتبني أرضنا..نحن نفضل شجرة بها حية سوداء عن أن نشترك مع المغرب..لم نقل لك بأن تبنينا.. ما الذي جاء بك؟

ونحن الآن ما زلنا نواصل تجنيد مسلحينا ونبحث عن دعمهم وتكوينهم وتطوير مهاراتهم.. فنحن نستعد في الرخاء لوقت الشدة..حتى إذا جاء اليوم الأعظم نكون على أتم الاستعداد كما كنا من أول يوم..والمهم عندنا أن تنجح العملية وتتواصل..

والآن وقع تغيير جذري في المجتمع سواء على مستوى المرأة الصحراوية أو الشباب الصحراوي من أجل تكذيب زعم المغرب..فصار عندنا شباب نخبة ومثقف ومكون قادر على الانتفاضة من أجل الاستقلال..الحسن الثاني قال لوفدنا الذي استقبله في يناير 1989 أنا أخذت الصحراء ولكن لم أكسب قلوب الصحراويين..والحق ما شهدت به الأعداء.

والمغرب الآن لو كان يتيقن أن الصحراويين سيقولون إنهم مغاربة لوافق على الاستفتاء..

نحن كقيادة إذا وفق الصحراويون على أنهم مغاربة سنغادر..سنأتي إليكم في موريتانيا..

والآن أعتبر شخصيا أن الأمم المتحدة متواطئة، فالساكت عن الحق كالناطق بالباطل، فبعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء الصحراء الغربية تذبح الناس أمام أعينها دون أن تتحرك أو تتكلم..لكن المغرب مدعوم من قبل فرنسا لأن الضباط الفرنسيين هم من جاء مع الضباط الإسرائليين ليشرفوا عل الجدار الذي يقسم الصحراء إلى قسمين..وكبولاني قبل أن يموت في موريتانيا سنة 1902 عمل تقريرا سنة 1900 صرح فيه أنه لابد أن يكون هناك ميناء لفرنسا بالساقية الحمراء.

فنحن مطمئنون لأن لنا شبابا في الأراضي المحتلة جنوب المغرب يعون كل الوعي بالاستراتيجة المستقبلية لبوليزاريو..ويدركون زيف ما يدعيه المغرب من كون الصحراويين يريدونه؛ إذ كيف يعذب ويسجن ويصدر أحكاما قاسية: عشرون عاما وخمسة عشر عاما في حق مسانديه..و"اكديم إزيك" أثبت أن هناك فرقا بين الصحراويين والمغاربة..فليست هناك ثقة في السلطات المغربية..وبالمناسبة أطالب التجار الموريتانيين الموجودين في الصحراء بالتعاون مع الصحراويين وإذا لم يكونوا معهم فلا يكونوا ضدهم..ويحذروا من أن يستخدمهم المغاربة على حساب الصحراويين.

إذن نحن مطمئنين على وضعنا باعتبار قضيتنا قضية حية وتناقش في الأمم المتحدة..وفي مختلف الدول.. وهذا الحراك الجديد الذي يشهده العالم..سيكون لصالحنا؛ لأن النظام المصري كان ضدنا والنظام التونسي كان ضدنا...

والذين كانوا يقولون بان عهد الثورات انتهى وهذا عهد العولمة والأنترنت تبين لهم أن الأنترنت هو عامل تحريك للشباب المقهور من أجل المطالبة بحقوقه..وبرفع الظلم عن شعبه.

الأخبار: برأيكم ما تأثير الثورات العربية في المنطقة على القضية الصحرواية؟

محمد الأمين أحمد: حركة التغيير تسير كالنار في الهشيم..ونحن متفائلون بها كثوار وكمناضلين..ومع ذلك لايمكن أن أصدر حكما حتى أرى النتائج..فنحن سنة 1991 لما وافقنا على وقف إطلاق النار كان الكثير من شبابنا متحمسا فسألني البعض فأجبته بأن ما ليس عندنا لايمكن أن نحكم عليه..والآن ندرك أن الثورات الشعبية شيء جيد لكنها تحتاج إلى تاطير..و لا أظن أن من سيأتي سيكون أقبح من زين العابدين وحسني مبارك.

الأخبار: يشهد هذا العام حدثا كبيرا بالنسبة لبوليزاريو هو مؤتمرها الثالث عشر ..ما أبرز القضايا المطروحة للنقاش؟

محمد الأمين أحمد: سيكون هناك نقاش وطني من أجل البحث عن الأساليب الصحيحة للتسيير والبناء..كما حدث 72 و73 على أساس الأوضاع الجديدة..


الأخبار: هل ستدرسون خيار العودة للكفاح المسلح؟

محمد الأمين أحمد: إذا طالب المؤتمرون بها فلابد لنا من أن نسايرهم..، لكن الصحراويين لايستعجلون، فالعجلة من الشيطان.. والحماس غير مهم..أنا أفضل 5 لديهم قناعة عن 100 لديهم حماس..فخمسة عاقلون يسيرون أمرهم بالعقل أفضل من مائة متحمسة..لأنه عند الضربة الأولى ستموت خمسين ويخف حماس الخمسين الباقية.

الأخبار: ما صحة القول بأن الصحراء تعد منطقة نشطة لمهربي المخدرات والإرهابيين وعصابات الإجرام؟

محمد الأمين أحمد: في الحقيقة الصحراء هي أقل المناطق نشاطا فيما يتعلق بهذه القضايا فالدول المجاورة تشهد أنشطة مكثفة سواء في موريتانيا أو المغرب أو الجزائر، فمن المعروف أن المغرب مصدر للمخدرات، وأنا أخشى أن تكون الشاحنات التي تجلب الخضروات من المغرب إلى موريتانيا مصدرا كبيرا لتهريب المخدرات وإفساد الشباب الموريتاني..

وقيل لي إنه عثر ذات مرة على بعض الخمور..وهذه فضيحة كيف يعقل أن يشرب "بيظاني" يرتدي فضفاضة أو "بيضانية" ترتدي ملحفة -الخمر..هذا شيء فاضح.

هذا لا يمنع أن يكون في الصحراء نشاط من هذا القبيل..لكن لحد الساعة جيشنا يسيطر سواء في محاربة الهجرة السرية أو محاربة الإرهاب أو في محاربة المخدرات..وهذا لايمنع من أنه يمكن أن يتسرب شيء، خاصة إذا علمنا أن في الجانب الآخر ضباطا مرتشين وأحيانا متواطئين..فالأموال التي يحصلون عليها جراء هذه الصفقات يبنون بها فلات كبيرة ويستترون على الجرائم..

وهذه التهم يصوغها المغرب دوما لتشويهنا..فقد قال إننا شيوعيين وفيتناميين وكوبيين وألمانيا الديمقراطية ولما حطمنا الطائرات قال الحسن الثاني هذا لايمكن أن يعلمه إفريقي.. "البيظان" لايوجد أذكى منهم، نحن لما كان جنودنا يتدربون في الدول الأجنبية انبهروا من قدراتهم..عندنا الآن أسلحة لا يمكن أن يشغلها إلا المهندسون..لكن يستخدمها عندنا الفنيون البسطاء..

وبعد ذلك قال إنا من الحركة الإسلامية وحاول أن يلصق بنا تهمة الإرهاب، ومن الغريب أنني سمعت خبرا في إذاعة ميدي آن نقلته عن موقع تابع للمخابرات المغربية بلندن أننا أرسلنا وحدات لليبيا من أجل أن تقاتل مع القذافي.. في سنة 1979 طلب مني الليبيون شخصيا وحدات عسكرية من أجل المقاتلة في اتشاد.. قلت لهم بالحرف الواحد لن تسيل دماء الصحراويين إلا في الساقية الحمراء ووادي الذهب، وقد كتب هذا الكلام.. محمد سعيد الكشاط سفير ليبيا في المملكة العربية السعودية في كتابه الأسراب الجانحة.

والآن الصحراويون لن يقاتلوا أبدا إلا في بلادهم أو الدولة التي تحاربهم قد يجؤون للقتال على أرضها، لكن من لم يقاتلنا لن نقاتله، ونحن نعلم أن مقاتلينا غاليين، فالمقاتل عندنا عملة صعبة.. فالمعركة إذا لم تكن تضمن النجاح فيها ثمانين أو تسعين بالمائة لا ينبغي أن تدخلها

الأخبار: هل من كلمة أخيرة؟
محمد الأمين أحمد: موريتانيا والصحراء عظم بلا مفصل.
شكرا.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!