التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:15:40 غرينتش


تاريخ الإضافة : 11.05.2011 11:17:35

نص خطاب رئيس الهابا

السيدات والسادة الوزراء
السيدات والسادة المدعوون والمشاركون

أود في البداية أن أشكركم على قبول المشاركة في هذا اليوم التشاوري حول عرض نماذج من دفاتر الشروط للخدمات السمعية البصرية، تطبيقا للقانون رقم 045-2010، الخاص بتحرير الفضاء السمعي البصري.

قبل أن أقدم لكم بعض الأفكار حول الموضوع، يطيب لي أن أشكر أيضا المنظمة الدولية للفرانكفونية على الدعم المالي الذي مكن السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية من إعداد هذه الدراسة الهامة، والشكر موصول إلى الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري في المملكة المغربية الشقيقة التي وضعت تحت تصرفنا أحد أبرز خبرائها وهو السيد ياسين الشريف، القانوني والأخصائي في مجالي السمعي البصري والتنظيم (أو الضبط حسب المغاربة).

يندرج هذا التعاون الثلاثي في إطار عمل شبكة سلطة التنظيم الفرانكفونية التي تنتمي إليها السلطة العليا الموريتانية والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري المغربية والتي تحظى بدعم المنظمة الفرانكفونية الدولية.

إن إعداد دفاتر الالتزامات (أو الشروط) ووضعها في متناول السلطات والجمهور في الآجال المحددة يشكلان بالتأكيد حدثا طال انتظاره، وإيذانا بالبدء الفعلي لتطبيق القانون 045-2010، الذي فتح إصداره آفاقا جديدة للقطاع السمعي البصري ومثل مكسبا كبيرا بالنسبة لتعزيز حرية التعبير والتعددية والتنوع.

ينضاف هذا القانون إلى الترسانة الموجودة ويكملها ويثريها، وستكون من بين انعكاساته نهاية احتكار الدولة للفضاء السمعي البصري، وإدخال المنافسة من أجل ولوج أوسع إلى وسائل الإعلام وتقديم منتج وخدمات أفضل للجمهور، و وجود وسائل إعلام عمومية وخصوصية وجمعوية ولامركزية لهذه الوسائل لصالح المناطق الداخلية.

لكن تطبيق هذا القانون سيواجه العديد من الإكراهات والتحديات. إن توفير مناخ إعلامي تطبعه حرية التعبير والتعددية والتنوع يستدعي جملة من الشروط تفتقر إليها موريتانيا اليوم بشكل متفاوت، ومن بين هذه المعايير المصنفة من طرف اليونسكو كمؤشر لنمو وسائل الإعلام وجود الإطار التشريعي والسياسي، الموارد البشرية، قدرة البنى التحتية، المساواة الاقتصادية والشفافية، تنظيم مشجع لحرية التعبير والتعددية والتنوع.

في هذه المجالات يلاحظ عجز كبير، إلا فيما يخص الجانب التشريعي والسياسي حيث سجل تحسن طفيف.

من المؤسف أن موريتانيا لا تزال تنتمي إلى النادي غير المرغوب فيه البلدان الفقيرة والمختلفة. كما أن مجتمعنا مأزوم منذ فترة طويلة يتقاذفه عدم الاستقرار السياسي وسوء التسيير والتفكك الاجتماعي وضياع القيم والمعالم،الخ. إن البعد الأشد مأساوية وهدما لهذه الأزمة الساحقة يتجسد في إفلاس النظام التربوي الوطني، في انهيار المدرسة الموريتانية، ولا شيء أدل على هذا المشهد الذي يرثى له من الصورة التي تعكسها حاليا جامعة نواكشوط المنحرفة.

إن قطاع الاتصال ليس بمعزل عن هذا الوضع العام الصعب، وذلك على الرغم من الجهود المحمودة التي يبذلها بعض الفاعلين، ويتجلى الوهن الذي يعتريه في هشاشة وعسر الصحافة ووضاعة وسائل الإعلام الرسمية.

لاينبع هذا الحكم القاسي من جلد للذات أو من تشاؤم سمج، وإنما من ملاحظة مرة عامة.
إن تطبيق القانون المتعلق بالاتصال السمعي البصري سيفرض على وسائل الإعلام الرسمية رفع كثير من التحديات، فتغير وضعها القانوني وطبيعة مهامها سيحولها إلى وسائل إعلام للخدمة العمومية حقيقة وسيطال كل جوانب تسييرها: من تعيين واكتتاب وتكوين وبرامج وعلاقات مع الحكومة والفاعلين الوطنيين والجمهور، ومن تجهيز، الخ.

سيتطلب هذا الوضع الجديد قطيعة نهائية مع العقليات والممارسات البالية والتي تتجلى في الفكر الأحادي، واللغة الخشبية وعبادة الفرد والدعاية المغرضة.

لا ينبغي لها من أجل مواجهة المنافسة التعويل إلا على النوعية والتميز والقدرة على الابتكار وتقديم أفضل الخدمات لأوسع جمهور ممكن.

إن هذه التغييرات تستوقف أيضا وسائل الإعلام الخصوصية والجمعوية التي سترى النور والتي يجب عليها احترام التزاماتها وخدمة المصلحة العامة. ينبغي خلق تكامل بناء بين هذين القطبين الإعلاميين. وجود نظام ضبط يضمن حرية التعبير والتعددية والتنوع من شأنه هو الآخر أن يساهم في خلق وسائل إعلام ذات مصداقية، عصرية ومتطورة.

يمنح القانون 045-2010، السلطة العليا صلاحيات كثيرة من ضمنها إعداد دفاتر الالتزامات وتطبيقها، فلقد أصبحت بوجودها جزء من المشهد السياسي والإعلامي الوطني وتشكل على الرغم من نواقصها، مكسبا ديمقراطيا ثمينا. تم إنشاء السلطة العليا في وضع متأزم وفي محيط فني ومهني صعب، مما جعلها تواجه كثيرا من العقبات المتمثلة في ضعف الوسائل البشرية والمادية، في عدم التجربة، في انعدام مقر مناسب لها، في عدم إدراك بعض الأوساط لدورها، الخ.

يشكل تحرير المجال السمعي البصري تحديا جديدا بالنسبة لها وليس إعداد دفاتر الالتزامات إلا بداية لهذا التحدي.

من أجل القيام بمهمتها المعقدة والصعبة ينبغي توفير الوسائل الضرورية، ولأن التنظيم يقع في صميم الديمقراطية و المواطنة والتنمية.

إن تنمية قطاع الاتصال مرتبطة بالتنمية الشاملة للبلد، وتمر حتما هذه الأخيرة، ولاسيما في الظروف الراهنة، بالقيام بإصلاحات جذرية وخصوصا على المستوى المؤسسي والسياسي. لاتنبع هذه الضرورة الملحة من الإدارة السياسية فحسب، وإنما أيضا وخاصة من مطلب ديمقراطي وحق الشعوب في الحرية والكرامة والسعادة.



Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!