التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:12:52 غرينتش


تاريخ الإضافة : 07.06.2011 16:10:26

فصول من المواجهات الساخنة بين نظام ولد الطائع والإسلاميين

الأستاذ إسماعيل بن موسى بن الشيخ سيديا

الأستاذ إسماعيل بن موسى بن الشيخ سيديا

في ظروف دولية ظللتها أحداث 11 سبتمبر الشهيرة، وفى ظرف داخلي شديد الحساسية أقدم نظام معاوية ولد سيد أحمد ولد الطائع على حملة اعتقالات واسعة فى صفوف التيار الإسلامي كانت هي الأعنف من نوعها بعد اعتقالات سبتمبر 1994.

هذه الاعتقالات كانت البداية الأولى لها يوم الأحد 4 مايو 2003 الساعة السابعة مساء حيث تم اٌقتياد الأستاذ محمد جميل بن منصور من مقر حزب تكتل القوى الديمقراطية وهو حينئذ عمدة منتخب لبلدية عرفات، وفى مساء الاثنين 5 مايو 2003 على تمام الساعة الواحدة ليلا تم اعتقال فضيلة الشيخ محمد الحسن ولد الددو حيث كان وقتها فى انواذيبو في إطار رحلة دعوية، ثم تصاعدت الأحداث بعد ذلك في اتجاهات مختلفة ومثيرة سنحاول تسليط الأضواء عليها بإذن الله تعالى.

بيد أن حملات الاعتقال والملاحقة الأمنية للتيار الإسلامي ورموزه ومؤسساته تواصلت على مراحل متقطعة طيلة السنوات الثلاث الأخيرة من حكم ولد الطائع، فبعد الإفراج عن المعتقلين يوم 25أغشت 2003.

تم فى يوم الأحد 10 أكتوبر 2004 اعتقال كل من فضيلة الشيخ محمد الحسن ولد الددو والأستاذ محمد جميل بن منصور والسفير المختار ولد محمد موسى لمدة ستة أيام بتهمة أن شبابا يدورون في فلكهم الروحي لهم علاقة بالمحاولة الانقلابية التي قادها الرائد صالح ولد حننا.

وبعد أقل من شهر وبالتحديد يوم 2 نوفمبر 2004 تم من جديد اعتقال المشايخ الثلاثة، ولم يفرج عنهم إلا بعد عدة أشهر قضوها بين مفوضية الميناء والسجن المدني فكان قرار الإفراج تحديدا يوم الأحد 13 فبراير 2005 وذلك بعد 6 ساعات من إعلان المعتقلين في بيان موجه للرأي العام عن دخولهم فى إضراب مفتوح عن الطعام حتى تصحح وضعيتهم التي شرحوها بالتفصيل في البيان المذكور.

وبعد أقل من ثلاثة أشهر وبالتحديد يوم الاثنين 25 إبريل 2005 شن النظام حملة اعتقالات أخرى طالت شخصيات دعوية وعلمية ، ولم يفرج عن المعتقلين الذين كان من ضمنهم أيضا فضيلة الشيخ محمد الحسن بن الددو إلا بعد الإطاحة بنظام معاوية ولد سيد أحمد ولد الطائع في الانقلاب الذي وقع فجر يوم الأربعاء 3 أغشت 2005.

وقد أصدر الإسلاميون بيانا يوم الأربعاء 27 إبريل 2005 شرحوا فيه رؤيتهم لدوافع تلك الاعتقالات الأخيرة فى عهد ولد الطائع قالوا فيه: (...أقدمت الشرطة السياسية على حملة اعتقالات واسعة، استهدفت علماء وشخصيات إسلامية بارزة، يتصدرها الشيخ محمد الحسن ولد الددو والسفير المختار ولد محمد موسى واقتادتهم إلى مكان مجهول، وحسب هذه الشرطة فإن الأمر يتعلق بتنظيم إرهابي تم تفكيكه واعتقال زعمائه بناء على إبلاغ، على نحو يذكرنا بتلفيقات سابقة من كتيبة مصعب إلى معاداة الإمام مالك إلى دعم الانقلابات العسكرية إلى نشر الصور التي تنشر الخلاعة وتنافى القيم الإسلامية والإنسانية، وتأتى هذه الاعتقالات بعد أقل من ثلاثة أشهر على إطلاق سراح الشيخ محمد الحسن وإخوانه بحرية مؤقتة لتؤكد من جديد أن السلطة مصرة على السير بالبلاد في نفق القمع والظلم والتنكر لكل الثوابت، فقبل أيام استبدل الجمعة عيد المسلمين الأسبوعي بالأحد ليعزز النظام بذالك تسبيته (اتخاذ السبت عطلة) الذي قرره منذ فترة ويستعد النظام الآن لاستقبال وزير الخارجية الصهيوني شالوم، وقبل هذا وذاك يستمر الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تدهور يعكسه ارتفاع الأسعار والتلاعب بالمال العام وغياب سياسات جادة تخفف وطأة الفقر والبؤس والمعاناة عن المواطنين...).

وقد ميز موجات الاعتقالات تلك ومسلسل المواجهات الذي تلاها، أنها كانت محاولة حقيقية وأخيرة من النظام لاستئصال التيار الإسلامي ووضع حد نهائي لنشاطاته وتحركاته التي أثمرت صحوة إسلامية حقيقية في ربوع موريتانيا، وكانت التجربة التونسية في هذا المضمار (سياسة تجفيف المنابع) هي فلسفة النظام وإستراتجيته في التحرك.

وقد تجلت هذه الفلسفة واضحة من خلال التقرير الإجمالي عن نتيجة التحقيق المنجز بشأن النشطاء (المتطرفين) الذي بعث به مدير أمن الدولة المفوض الرئيس دداه ولد محمد إلى وكيل الجمهورية بتاريخ: 3 يونيو 2003 حيث جاء فيه: (...وأظهر ما أنجز من مباحث حتى الآن، وبصورة لا تقبل الشك أن الساحة الوطنية بما تحويه من توجهات تقليدية وثقافية تم اختراقها من طرف تيار متطرف جد قوي يطبعه من جهة الاختلاف والتعارض العميقان مع القيم التقليدية السائدة بينما يكتسي من جهة أخرى طابعا فوضويا لا يقيم وزنا لأي شكل من أشكال الشرعية أو أي من القوانين المعمول بها، بما فيها النظام الدستوري نفسه الذى يعمل زعماء هذه الحركة على إقامة دولة تثيوقراطية لهم محله، ذات فكرة يحفها الغموض، وتبدوا حسب ما يسمحون بذكره من مظاهرها شديدة التصلب، شديدة التطرف، فائقة الشذوذ).

ومساهمة في توضيح الصورة للرأي العام وتأريخا لتلك الأحداث بالغة الأهمية التي استمرت متقطعة على مدى السنوات الثلاث الأخيرة من حكم ولد الطائع سنحاول تسليط الأضواء عليها من جوانب مختلفة عبرة وذكرى:

أولا: تسلسل الأحداث:

- إبريل 2003 وزير الثقافة والتوجيه الإسلامي يلتقي على مدى أسابيع بعشرات الأئمة ويقول لهم بالحرف كما ورد في العدد: 114 من جريدة الراية الصادر الثلاثاء 29/4/ 2003 (إن وزارته ستقوم بتحويل أي مسجد ينحرف عن مساره إلى مخبزة وأن الإمام ينبغى أن يكون عين السلطان فيبلغ الوزارة عن أي مشاكل تقع، كما حذر الوزير الأئمة من ما أسماه إفساد أفكار الناس وطلب منهم أن يضبطوا الكلام في المساجد وأن يتعرفوا على هوية أي شخص يريد أن يتكلم، ومضمون الخطاب الذي يريد قوله، وأضاف الوزير أن الحديث عن فقه السلطان والجهاد وتطبيق الشريعة نوع من التشهير والتحريض، لذالك يجب تجنبه والابتعاد عنه، واتهم الوزير الأئمة بأنهم طيبون إن لم أقل ساذجين، حين تستغلهم بعض الأيادي الخفية لأغراضها الخاصة...

كما وزعت الوزارة خلال نفس الفترة استمارة تشمل أسئلة تفصيلية عن الإمام ونائبه والمسجد وملكيته وعلاقته بمحيطه وقد رفض عدد من الأئمة ملأ الاستمارة قائلين إنها استمارة استخباراتية تهدف إلى تدجين المساجد وتطويعها).

- الخميس 24 إبريل 2003 فضيلة الشيخ محمد الحسن ولد الددو يلقى محاضرة هامة بعنوان: رسالة المسجد استعرض فيها حشدا من الأدلة الشرعية والوقائع التاريخية التى تؤكد على عظم مكانة المسجد ووجوب احترامه.

- مساء الجمعة 25 إبريل الأستاذ الداعية محمد ولد سيد يحي يلقى درسا في مسجد أبى طلحة بالرابع والعشرين يتحدث فيه بأسلوبه المعهود الذي يجمع بين الجرأة والإمتاع قائلا: إن الذى يعرف فى النصوص الفقهية المتداولة لدى الموريتانيين أن شرط الإمام ذكر مكلف، وأنه لا يعرف أن شرط الإمام مخبز، واعتبر ولد سيد يحي أن الدور الجديد الذى يبدو أن الوزارة تريد من الأئمة أن يقوموا به هو دور الشرطة وليس دور الأئمة.


- الجمعة 25 إبريل 2003: كان يوما ساخنا تولى فيه عدد من الأئمة الرد المباشر على الوزير وعلى توجهات وزارة الثقافة والتوجيه الإسلامي، وكان أبرز الخطباء فى هذا اليوم الشيخ محمد غلام ولد الحاج الشيخ نائب رئيس حزب تواصل الآن الذى أم الناس فى مسجد التوفيق بكرفور وقدم فى خطبته نماذج من الحالات التى نهى فيها بعض الأئمة السلطان عن بعض المنكرات كما حصل مع المنذر بن سعيد البلوخي قاض الأندلس وإمامها فى أيام عبد الرحمن الداخل الذى انتقد تشييد السلطان لقصر الزهراء بأموال باهظة من أقوات الناس ومؤنهم، وبدأ خطبته بقول الله عز وجل (أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين) فأنصت له الخليفة ولم يعزله وإنما اعتزل المسجد وحين طلب منه بعض المنافقين أن يعزل الإمام ويعود إلى مسجده أجاب: كلا، وإنما علي أن أكفر عن يميني فأعود إلى الصلاة مع سعيد فالناس بحاجة إلى علمه وورعه.

- أما عبد الرحمن بن الصبار إمام مسجد أسامة بن زيد فى لكصر وأحد أبرز تلامذة الإمام بداه بن البصيري فافتتح خطبته بالتنبيه إلى أن المساجد لله أضافها لنفسه إضافة ملك وتشريف (وأن المساجد لله) ووظيفة هذه المساجد جزء منها ومن قدسيتها وليس لأي احد أيا كان وصفه أن يتعرض لها ، واستعرض عبد الرحمن مجموعة من النصوص الشرعية الدالة على رسالة المسجد، كما قدم نقولا من كتب بعض العلماء والفقهاء مثل القرطبي وابن عبد البر، والنووي ومحمد مولود بن أحمد فال وسيد عبد الله ولد الحاج إبراهيم، وتابع بن الصبار قائلا: إن الحرية التي في المساجد حرية أعطاها الشرع وليس لأحد كان منعها ولا المن بها، كما ليس لأحد تسخيرها لحزب أيا كان فالمساجد وأئمتها ليسوا بتابعين لحزب معارض ولا لحزب حاكم، ولا ينبغي لهم أن يكونوا كذلك فهم من الجميع وللجميع تعليما وإرشادا ومحاربة للجور والفساد والرذائل ونشرا للعدل والإصلاح والفضائل وتثبيتا للاستقرار وبثا لروح التآخي بين كل الموريتانيين.


- إمام آخر قال: إنه إذا كان المسجد قد هان على الوزير إلى هذا الحد فإن المسجد لدى بقية المسلمين شيء عظيم.. ولن يسمحوا لأحد بتحويله إلى مخبزة إلا على آخر جثة من جثثهم.

- وتساءل بعض الأئمة عن العلاقة بين المسجد والمخبزة والتى جعلت الوزير يقوم بهذا الربط بينهما.


- فيما دعا آخرون إلى تحويل دور البغاء التى تعج بها نواكشوط وكبريات المدن الموريتانية إلى مخابز إن كانت لدى الوزارة أزمة قطع أرضية صالحة للمخابز.

- الثلاثاء 29 إبريل 2003 وزارة الثقافة والتوجيه الإسلامي ترد بقوة على الأئمة في وثيقة تحمل عنوان: بيان من وزير الثقافة والتوجيه الإسلامي يقول في مقدمتها: (راجت خلال الأسبوع الماضي شائعات مغرضة نسب فيها بعض المتطفلين على المساجد وأدعياء الدعوة افتراءات شنيعة لي كوزير للثقافة والتوجيه الإسلامي.

ورغبة في إحقاق الحق ودحض الباطل أود توضيح الأمور التالية.. إلى أن يقول: قلت إن المسجد الذى يقوم الخطباء فيه بما يوجب تفريق الأمة وتضعيفها وإثارة الفتن بينها وخذلان جماعة المسلمين وإضعاف وحدتهم يعتبر مسجد ضرار لا يسكت فقط بل تجب إزالته من الخريطة وهدمه وتحريقه كما فعل صلى الله عليه وسلم بمسجد الضرار فى المدينة المنورة الذى نزل فيه قوله تعالى (الذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين) إلى قوله تعالى: (لا تقم فيه أبدا) وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم هدم هذا المسجد، وحرقه، لأنه فرق بين المؤمنين، وأمر أن يكون محله موقعا لرمي الأوساخ والجيف.

وقد منع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إمام هذا المسجد من أن يكون إماما في خلافته، ويدل قوله تعالى (لا يزال بنيانهم الذى بنوا ريبة فى قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم) على أن الخبث لن يخرج من قلوبهم ما دامت لم تقطع.

هذا هو ما قلته أنا أمام قرابة ثلاثمائة من علماء المسلمين وأئمتهم، خلافا لما ادعاه وأشاعه المرجفون الكاذبون الذين يستخدمون المساجد للشائعات وقول الزور، ويسعون بالنميمة والخيانة بين جماعات المسلمين، حملتهم على ذلك طموحات شخصية ودوافع غير شرعية وأطماع خائبة، يعتلون المنابر – مستغلين قدسيتها وحريتها للتعليم والدعوة متلاعبين بمشاعر المسلمين يملؤون المساجد ضجيجا والمنابر شتما وهجرا، ويمنعون المصلين من الخشوع والتائبين من الدعاء، يؤذون الناس ليلا نهارا لا يفترون، ينهشون أعراض الناس ويبثون بينهم الحقد والضغينة – سبحانك هذا بهتان عظيم.

هذا هو الحق الذي لا شيء غيره ، والله على ما أقول شهيد. وهو أعلم بالمفسد من المصلح، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله).

...بعد ذالك تتوالى الأحداث ويتم اقتياد عدد من الأئمة والدعاة إلى السجون (مدرسة الشرطة وبعض مفوضيات العاصمة).

- الأربعاء 7 مايو 2003 وكيل الجمهورية يؤكد أخبار الاعتقالات ويقول في تصريح صحفي إنه تم اعتقال (مجموعة تعمل على تحريض الشباب على العنف وإحداث فتنة في الدين داخل المساجد، مما يشكل خروجا هو الآخر على القانون، منتهكة حرمة المسجد وقداسته، وعليه فإن السيادة يجب أن تكون للقانون داخل دولة القانون.

لهذا فإن هذا التوقيف وقع تحت رعاية القضاء وبإشراف منه، ولن ينتهك أي حق يحميه القانون لأي مواطن).

- الاثنين 12 مايو 2003 جاء في رسالة مفتوحة موجهة إلى مدير الأمن الوطني من زوجات المعتقلين ما يلي: (إننا نحن الموقعات أسفله نرفع إلى علمكم الكريم ما يلي:
من منازلهم ومكاتبهم وحتى من الشارع العام وفى أوقات متفرقة أغلبها ساعات متأخرة من الليل قامت عناصر يرجح أنها من الشرطة باعتقال المفقودين أو اختطافهم على الأصح، وقد انقطع الاتصال هاتفيا مع المفقودين ولا نعرف شيئا عن مكان احتجازهم ولاعن ظروف عيشهم فى مكان الاحتجاز ولا المعاملة التى يلقونها فيه، الأمر الذي يجعلنا نقلق عليهم ويشتد الحزن كلما طالت مدة انعدام أخبارهم...).

وتضيف الرسالة المفتوحة: (ونظرا إلى أننا حضرنا إلى إدارة الأمن الوطني فى مرات عديدة للبحث عن أخبار المعتقلين فكان الجواب من حراس الإدارة هو التهديد والضرب والاعتقال. ونظرا إلى القلق المتزايد على صحة المعتقلين والحالة المعنوية لأبناء وبنات وأمهات وآباء وكافة أفراد أسرهم وأقاربهم فإننا نطلب منكم القيام بكل ما هو لازم ومفيد من إجراءات لمعرفة أحوال المفقودين وإطلاق سراحهم ومحاسبة المسؤولين عن احتجازهم ظلما).

- الأحد 18 مايو 2003 في أول تعليق حكومي على الاعتقالات الوزير الأول وفى أعقاب زيارة لدار الكتاب بلكصر يدلى بتصريح للصحافة يقول فيه: (...في الوقت الذي تشهد فيه بلادنا نهضة شاملة في شتى المجالات، وتعيش في جو من الاستقرار والسكينة في ظل دولة القانون، يطالعنا خطر داهم من جهة لم نكن نتوقعه منها، والغريب أن هذا الخطر يرتدى ثوب الإسلام... ففي الآونة الأخيرة شهدت بلادنا بعض المسلكيات الشاذة التى لم تكن معروفة فى بلدنا المعروف بالتسامح والحرص على قيمه المبنية على الاعتدال والوسطية والبعيدة كل البعد عن التطرف.

ولقد تمثلت هذه المسلكيات الشاذة فى سب وتكفير وترهيب علمائنا وأئمتنا ومشايخنا بوصفهم المرجعية للمفاهيم الصحيحة لديننا الحنيف.

كما تمثلت فى محاولة تضليل المواطنين وتحريض الشباب على أعمال العنف، ودفع النساء للنزول إلى الشوارع فى زي غريب على تقاليدنا وعاداتنا الإسلامية.

إن هذه التصرفات والأساليب هي من صنع حركات تدعى أنها إسلامية وهي حركات متطرفة وتتلقى أوامرها في الحقيقة من الخارج، ويرى الكثير من المفكرين أنها زرعت فى البلدان الإسلامية وجندت من قبل أعداء للإسلام، وقد أصبحت منبوذة من طرف كل الشعوب التي أدركت خطورتها).

ويضيف الوزير الأول قائلا: (لقد تم في الآونة الأخيرة توقيف عناصر من هذه الحركات المشبوهة على ذمة التحقيق وفور اكتمال هذا التحقيق سيتم –بحول الله – الإفراج عن العناصر البريئة وإحالة العناصر المتورطة إلى العدالة.

ويجب أن لا ينخدع المواطنون بأن أساليب العنف والخطاب المتطرف بدأ يتراجع، فهذه العناصر ما لم تتلق تعليماتها من أسيادها فى الخارج ستظل تسلك نفس النهج وتتمسك بنفس الأسلوب).

...وقد كان خطاب الوزير الأول إيذانا بموجة جديدة من الحملات الإعلامية الشرسة ضد التيار الإسلامي ورموزه ومؤسساته، وتولت الوكالة الموريتانية للإنباء قيادة تلك الحملات ، وكان للإذاعة والتلفزيون دورهما المشهود أيضا.

من أولى الافتتاحيات تلك التى وردت فى عدد جريدة الشعب رقم: 7662 بتاريخ: الجمعة 16مايو 2003 تعليقا على تفجيرات الدار البيضاء وتلميحا إلى السياق الذى يسعى النظام لوضع الاعتقالات في إطاره تقول الافتتاحية: (... وما من شك فيه أن الدماء الغزيرة والجثث المتفحمة والأشلاء المتناثرة التى تنقل إلينا صورها يوميا من هذه البقعة أو تلك مثيرة لمشاعر التقزز، وتدعو إلى كل أشكال الشجب والإدانة والاستنكار.

والأدهى والأمر أن هذه الأعمال الهمجية ترتكب باسم الدين والشريعة ويسعى مرتكبوها ومدبروها إلى تسويغها من خلال فتاوى تجيز لهم ارتكاب مثل هذه الجرائم الفظيعة المنافية لتعليم ديننا السمحاء... والأخطر من هذا كله أن يتعاطف معها البعض مستغلا المنابر للتصفيق لها وتسويقها).

وفى افتتاحية أخرى لوكالة الأنباء الموريتانية بتاريخ الاثنين 18 يوليو 2005 أي قبل 17 يوما فقط من الإطاحة بنظام ولد الطائع ورد ما يلي: (...إن موريتانيا اليوم المتصالحة مع ذاتها تواصل حمل لواء الإسلام، جاعلة منه بمقتضى دستور الـ20 يوليو دين الدولة والشعب ومصدر التشريع، متشبثة بتعاليم الإسلام السني المالكي الأشعري، منهجها الذي تعض عليه بالنواجذ ويتشبث به مجتمعنا رافضا التلاعب بعقول أبنائه والتشويش على خيارات دولته الوطنية كما أكد على ذلك رئيس الجمهورية السيد معاوية ولد سيد أحمد الطايع.


من هنا يأتي حث سيادته خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير على ضرورة يقظة شعبنا وانتباه الآباء والأمهات على وجه الخصوص لهذا الخطر الكبير الذي يتهدد شبابنا، لاستباق المخاطر المحدقة الناجمة عن تفشى ظاهرة الإرهاب المنبوذة والمدانة.

ومن الغريب أن نرى اليوم بعضا من سليمي النفوس يتركون أبناءهم، فلذات أكبادهم، ثمرتهم في الحياة عرضة لما تبثه جماعات الخوارج من زيغ وفساد.

إن على هؤلاء الطيبين أن لا يغتروا بمظهر أولئك البغاة أحرى أن يسمحوا لهم بالوصول إلى أغراضهم الدنيئة).

تلك نماذج يسيرة من تلك الحملات المغرضة التي شنها الإعلام الرسمي وجند لها فقهاء وعامة، وهو ما حدى بلفيف من المحامين الموريتانيين المشهورين (محفوظ ولد بتاح، محمدن ولد اشدو، محمدن ولد السفاح، مولود فال ولد السيد، الإمام ولد الشيخ، الشيخ ولد منيرة، الشيخ ولد أحمد محمود) إلى رفع شكوى إلى وكيل الجمهورية من مديري المؤسسات الإعلامية الرسمية الثلاث (الوكالة، الإذاعة، التلفزيون) بتاريخ: 7 أغشت 2003، باسم أحد المعتقلين من الأئمة ومن ما جاء في تلك الشكوى: (أن وسائل الإعلام المذكورة أعلاه المرئية منها والمسموعة والمكتوبة تشن حملة دعائية مغرضة تصفه تعريضا (أي موكلهم) بشتى الصفات البذيئة، وتلصق به أبشع وأفظع التهم، وترميه بالجهل والخروج والفساد، وإثارة الفتن إلى غير ذلك، وقد تجسدت تلك الحملة في الافتتاحيات والبيانات والندوات والمقابلات، وظلت الوكالة الموريتانية للأنباء وجريدتا الشعب و horizons والإذاعة الموريتانية والتلفزة الموريتانية هي الأدوات التي ارتكبت عن طريقها تلك الجريمة على مرأى ومسمع من الجميع، وبصفة مستمرة ومتكررة... إلخ).

ثم سارت الأحداث متصاعدة بعد ذلك:

- الأحد 25 مايو 2003: تم إغلاق جمعية الحكمة للأصالة وإحياء التراث وهي جمعية ثقافية دعوية.
- الثلاثاء 27 مايو 2003: تم اعتقال جميع أساتذة المعهد السعودي.
- الخميس 29 مايو 2005: تم حظر جريدة الراية، وهو قرار استهجنته الصحافة الحرة بقوة.
- يوم الثلاثاء 3 يونيو 2005 إحالة المعتقلين إلى وكيل الجمهورية، الذي قرر إيداعهم على ذمة التحقيق في سجن بيله، وأصدر مذكرات توقيف فى حق كل من
الأستاذ خطرى ولد حامد، الداعية محمد غلام ولد الحاج الشيخ، الأستاذ محمد محمود ولد سييدى.
- الأحد 8 يونيو 2003 المحاولة الانقلابية الشهيرة التى قادها الرائد صالح ولد حننا، وهزت أركان النظام.

وقد خروج المعتقلون الإسلاميون من سجن بيله، بعد حالة الفوضى التي سببتها المحاولة الانقلابية.

لكن بعد أن استتبت الأوضاع للنظام سلم الأئمة والدعاة أنفسهم وبشكل طوعي للسلطات إلا الأستاذ محمد جميل بن منصور الذى فضل البقاء خارج أسوار السجن، وحصل فيما بعد على حق اللجوء السياسي هو واثنين من المطلوبين آنذاك وهما:
- الأستاذ محمد محمود ولد سييدى.
- الأستاذ أحمدو ولد وديعة.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في: السابع من نوفمبر 2003. بدأ الضغط الشعبي يشتد على النظام، والمطالبات بالإفراج عن الأئمة والدعاة تتعالى، وكان رسل الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي يواجهون بها أينما حلوا.

وهو ما جعل السلطة تتخذ قرار مفاجئا بالإفراج عن المعتقلين الإسلاميين بحرية مؤقتة؛ قرار الإفراج كان يوم 25 أغشت 2003، وكان يوما مشهودا فى العاصمة نواكشوط، حيث انطلقت مسيرات الفرح في أبرز شوارع العاصمة.

أما موجات الاعتقال الأخرى التى أشرنا إليها فى بداية هذا المقال فقد سارت على نفس المنوال (حملات إعلامية) رسمية شرسة تسخر من الدعاة وتشهر بهم وتسعى لإحداث شرخ عميق بينهم والمجتمع، وتضييق شديد على المساجد وانتهاك حرمتها، وإطلاق الرصاص الحي فيها وترويع المصلين وإطلاق مسيلات الدموع عليهم، وحملات التفتيش والمداهمة التى لم تسلم منها حتى مغاسل الموتى.

ثانيا: المقاومة وردود الفعل:

غير أن روح المقاومة كانت أشد وأكثر ثراء وتنوعا
...لقد كان التضامن الشعبي مع الأئمة والدعاة كبيرا ونوعيا، وتم التعبير عنه بشتى الوسائل فأصدرت أبرز الأحزاب الوطنية ومنظمات المجتمع المدني بيانات تعبر فيها عن قلقها من ما يحدث وكتبت عشرات المقالات الصحفية التي تدافع عن الأئمة والدعاة وتنافست القبائل في التعبير عن التضامن مع المعتقلين.
ولأخذ صورة عن الموضوع نتوقف سريعا عند:

1- المقالات والمعالجات:

إن الذي يراجع المواقع الالكترونية، والصحافة المستقلة يجد كتابا وشعراء ومثقفين عبروا بقوة عن رفضهم للإشاعات المغرضة ضد الإسلاميين، وكتبوا يدافعون عنهم رغم الظروف السياسية والأمنية الصعبة التي كانت سائدة في ذالك الوقت العصيب.

ومن المقالات الشائعة والتي تم تداولها على نطاق واسع فى تلك الفترة مقالات:
محمد ولد المختار الشنقيطي، ومحمد محمود ولد أبو المعالى، وسيدى محمد ولد يونس، وأحمدو ولد وديعة، ومحمد المهدي ولد محمد البشير، وحبيب الله ولد أحمد، والسالك ولد سيد محمود، ومحمد ولد عبد الرحمن، والشيخ محمد الأمين ولد مزيد، ومحمد جميل بن منصور، وأم المؤمنين بنت اللهاه، وأحمد ولد أبو المعالي، وأحمد فال ولد الدين... وغيرهم وغيرهم من من لا يتسع المقام هنا لذكرهم.

أما عناوين مقالات أولئك القوم فنذكر منها:
- التسخين والترويع وثمن التطبيع.
- موريتانيا... صراع الشرعية وظلال 11 سبتمبر.
- على رسلك يا صاحب المعالي.
- إنهم يخنقون صوت بلال.
- رسالة إلى شيخنا السجين بظلم..
وهي مقالات للمفكر محمد ولد المختار الشنقيطي.

- الاعتقال التعسفي اللانمطي.
- إلى الشيخ الددو.. سجين الاعتدال،
وهما مقالان للكاتب الصحفي محمد محمود ولد أبو المعالي.

- كلمة حق ردا على تصريح الوزير الأول.
للكاتب الصحفي سيد محمد بن يونس.

- في خضم دعاية النظام الإرهابية... الإسلاميون في موريتانيا حقائق ومواقف.
- لا لن تجعلوا منا إرهابيين.
- صدق العلماء وكذب النظام.
- الذين تولوا كبرها.
وهي مقالات شهيرة للأستاذ أحمدو ولد وديعة .

- حول القانون غير المشروع.
- تعليق متأخر على حديث مكرر.

للأستاذ محمد جميل بن منصور، والذي أصدر بعد ذلك كتابه المعروف (موسم الافتراء) والذي يحمل أهم الردود على افتراءات النظام على الإسلاميين.

- القانون الجديد تفريغ لرسالة المسجد من محتواها.
لمحمد المهدي ولد محمد البشير، وكانت للأستاذ محمد المهدي ولد محمد البشير مقالات أخرى ذائعة الصيت خلال الأزمة.

- دروس في المقاومة، وهي مقالات رائعة كتبها على حلقات الشيخ محمد الأمين ولد الشيخ مزيد، فضلا عن سلسلة مقالات أخرى هامة منها:
- قانون المغادرة فورا.
- خطيب الشيطان.
- الإخوان المسلمون من النشأة إلى الحل.

- مفاجآت خطاب ازويرات.

للسالك ولد سيد محمود، وكانت للأستاذ السالك صولات وجولات ومقابلات وتصريحات صحفية.

- مع الشيخ الددو.
للكاتب الصحفي المعروف حبيب الله ولد أحمد.

- هل نستحق الشيخ الددو.
للكاتب الصحفي المعروف أحمد فال ولد الدين.

- هذه هي حقيقة الشيخ محمد الحسن ولد الددو.
للصحفي المعروف يحي ولد الحمد.

- قف في المربع الصحيح، أم المؤمنين بنت اللهاه.

- الطاولة الرسمية ورسالة المسجد، أحمد ولد أبو المعالي.

2- البيانات والعرائض:

أحزاب سياسية كثيرة ومنظمات دولية أصدرت بيانات تندد بالاعتقالات وترفض دعايات النظام ومنها:
- حزب التحالف الشعبي التقدمي.
- حزب تكتل القوى الديمقراطية.
- حزب اتحاد قوى التقدم.
- الجبهة الشعبية.
- حزب الصواب.
- حزب الوحدوي الديمقراطي.
- حركة تطوير الديمقراطية.
- الحزب الموريتاني للتجديد والوئام.
- الرباط الوطني لمقاومة الاختراق الصهيوني وللدفاع عن القدس.
- نواب وعمد اتحاد قوى التقدم.
- مستشارو بلدية عرفات.
- النقابة المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي.
- منظمة العفو الدولية.
- مجموعة الأزمات الدولية.
- المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان.
ينضاف إلى ذلك تلك التزكية الهامة التى وقع عليها مشاهير علماء البلد وأئمته وعلى رأسهم: العلامة محمد سالم ولد عدود، والشيخ محمد فال (أباه) ولد عبد الله، والأستاذ محمد ولد سيد يحي، والإمام محمد الأمين ولد الحسن، والإمام محمد محمود ولد أحمد يوره، والشيخ محمد سعيد ولد ابياه، والشيخ محمد يحي ولد الإمام، وغيرهم وغيرهم.

ومن ما جاء فيها: (أفيد من يهمهم الأمر أن العالم الداعية الشيخ محمد الحسن ابن الددو وإخوانه الذين معه من علماء ودعاة وأئمة من أبرز علماء ودعاة هذا البلد المتشبثين بسيرة العلماء الشناقطة من تعليم الناس الخير، ودعوتهم إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتى هي أحسن وبذل الخير والنصح والإرشاد لهم، والحرص على وحدة صف المسلمين وتقوية أواصر الأخوة والمودة في ما بينهم...

وجاء في نهاية تلك التزكية التاريخية ما يلي: (...ولم يدعوا يوما إلى العنف ولا إلى التطرف ولا إلى ما فيه إخلال بأمن المجتمع بل العكس هو الصحيح، كما نفيد بتزكية كل من ينهج هذا النهج من علماء هذا البلد ودعاته، ولا نزكى على أحدا).

وقد حرص كل من وقع على هذه التزكية من كبار العلماء أن يكتب شهادته وتزكيته بخط يده حيث توجد الآن تلك التزكية محلاة بتلك الشهادات النادرة.

وقبل ذلك في سنة 2003 صدرت تزكية بالغة الأهمية كان على رأس الموقعين عليها فضيلة الإمام الأكبر بداه ولد البوصيري الذى كتب بخط يده ما يلي: (ما شهد به العلامة فوق هو الذي عندي) ويعنى هنا العلامة الشيخ محمد سالم ولد عدود، وقد وقع على هذه التزكية: 275 شخصا ما بين أئمة ودعاة وأساتذة معروفين، ومن ما جاء في تلك التزكية (...وإنا لنحسب أن الشيخ محمد الحسن بن الددو من خيرة علماء هذا البلد العاملين بمقتضى علمهم الذابين عن الحق المعلمين الخلق، وقد وضع الله له القبول بين الناس والمحبة فى قلوبهم فأقبلوا عليه يغترفون من زلال علمه ويستشفون ببركة دعائه حتى كأنه المقصود بقول القائل:

يزدحم الناس على بابه والمنهل العذب كثير الزحام

وقد اشتهر عنه كما اشتهر عن الموقوفين معه السعي لإصلاح المجتمع والحض على أسباب الاستقرار وحفظ الأمن والتحذير من الفتن وسفك الدماء وتميز خطابهم بالوسطية والاعتدال ونبذ العنف والكراهية، والدعوة للتسامح والتغافر والتصالح فلا يلتفت إلى دعوى خلاف ذلك بل يؤدب صاحبها كما نص على ذلك خليل في مختصره (وأدب كمدعيه على صالح) وبناء على ذلك فإننا نطالب بالإفراج عن الشيخ وإخوانه ومعاملتهم بما هم أهله من الاحترام والتكريم).

ومن داخل السجن أصدر فضيلة الشيخ محمد الحسن بن الددو فتوى بتاريخ: 31 أغشت 2003 تفيد ببطلان الدعوى على الأئمة والدعاة، ومن ما جاء فيها: (الحمد لله وحده، أما بعد: فإن الدعوى على الأئمة والدعاة المعروفين بالاستقامة أنهم يتآمرون على النظام الدستوري، وأنهم يهددون الأمن الداخلي والخارجي، وأنهم ينتمون لجمعيات غير مرخص لها. من التهم الباطلة شرعا التي لا يحل للقاضي سماعها، ويجب عليه تأديب من يدعيها، فهي أعظم بكثير من دعوى الغصب، وقد قال خليل رحمه الله فى الغصب: (وأدب المميز كمدعيه على صالح) وقال شارحه الزرقاني رحمه الله: (..وأدب) وجوبا باجتهاد الحاكم غاصب (مميز) بعد أن يأخذ منه ما غصب بل ولو عفا عنه المغصوب منه، لحق الله لا للتحريم بل لدفع الفساد في الأرض واستصلاح حاله، كضرب الدابة لذالك. (كمدعيه) أي كأدب مدعى الغصب (على صالح) وهو من لا يتهم به. أو من هو من أهل الخير والدين تفسيران وليس المراد الصالح العرفي)، وقد جاء النص على هذه المسألة فى آخر كتاب السرقة من المدونة.

ومثل هذه الدعوى في كل ما ذكر الادعاء على الأئمة والدعاة بأنهم إرهابيون أو تكفيريون أو يطعنون فى الأئمة الأعلام أو ينتحلون نحلة الخوارج، وأعظم منها قذفهم بالكفر كالبهائية والهندوسية والبوذية، والتشهير بذلك في وسائل الإعلام...). إلى آخر تلك الفتوى الهامة.

- أيضا وفى نفس سياق المقاومة شهدت أسواق العاصمة نواكشوط سلسلة متواصلة من الاحتجاجات حيث أغلقت بعض الأسواق أبوابها عدة مرات للتعبير عن رفضها القاطع لاعتقال الأئمة والعلماء، كما شهدت مناطق متعددة من نواكشوط اعتصامات فى كل من البرلمان ووزارة العدل وإدارة الأمن ووزارة الداخلية، والسجن المدني، وسجن بيلا، وكانت تلك الاعتصامات تفرق أحيانا بالقوة المفرطة من طرف البوليس.

- من جهة أخري أصر العاملون للإسلام على أن تستمر الدعوة العرفية في المساجد مهما كلف الثمن، وتحدوا قانون المساجد الذي تم تمريره من خلال البرلمان الذي كان يسيطر عليه الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي، وكان ثمن ذلك اعتقال الأئمة وعشرات الشبان من على منابر المساجد، وفى إحدى المرات أعيد اعتقال أحد الأئمة المعرفين بعد إنهائه لخطبة الجمعة وقبل أن يصلى بالناس.

- وفى يوم 8 مايو 2005 أصدر عشرات من الشخصيات الفاعلة من مختلف التوجهات السياسية والفكرية (عريضة وطنية) استنكروا فيها حملة الاعتقالات التى استهدفت العلماء والشخصيات الوطنية، وطالبوا فيها بإطلاق سراحهم.

وضمت لائحة الموقعين جل قادة الأحزاب السياسية المعارضة إضافة إلى برلمانيين وعمدا وصحافة واقتصاديين ورجال أعمال وأساتذة وتجار وحتى ربات بيوت.

ولم يقتصر الأمر على المستوى الوطني فقد صدرت مناشدات عالمية غير مسبوقة تناشد الحكومة الموريتانية وتطالبها بإطلاق سراح فضيلة الشيخ محمد الحسن ولد الددو وإخوانه، وقد صدرت تلك المناشدات والمطالبات والمواقف النبيلة من أبرز القيادات الإسلامية عبر العلم نذكر منها:

- بيان من علماء ودعاة الأمة يطالب بالإفراج عن العلامة الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي، وقد وقع على البيان ثلاثون عالما من مشاهير علماء الأمة من بينهم الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ راشد الغنوشي والدكتور جاسم بن مهلهل الياسين والشيخ محمد أحمد الراشد.

- نداء للإفراج عن العالم الجليل الشيخ محمد الحسن ولد الددو من الشيخ يوسف القرضاوي.

- رسالة من المرشد العام للإخوان المسلمين محمد مهدى عاكف إلى الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطائع.


- بيان من حركة النهضة التونسية.

- رسالة من الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي فى الأردن إلى الرئيس الموريتاني.


- نداء من الشيخ فهد سلمان العودة إلى الرئيس الموريتاني.

- مناشدة من الشيخ قاضى حسين أحمد أمير الجماعة الإسلامية في باكستان.


- بيان تنديد واستنكار من حركة الإصلاح الوطني الجزائرية.

- مناشدة من الدكتور محمد عياش الكبيسي ممثل هيئة علماء المسلمين فى العراق.


- بيان من الدكتور عزام التميمي مدير معهد الفكر السياسي الإسلامي بلندن.

- نداء من الشيخ فيصل مولوي الأمين العام للجماعة الإسلامية بلبنان.


- نداء من الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان المغربية.

- بيان من أمير جماعة عباد الرحمن في السنغال الأستاذ أحمد جاه.

وفى يوم 10 يونيو 2005 أصدرت هيئة الدفاع عن المعتقلين الإسلاميين بيانا تحدثت فيه عن الأوضاع السيئة التي يعيشها المعتقلون، وذكر البيان بالاسم ثلاثة منهم وكان من ضمنهم كما جاء في البيان الصحفي بالحرف: (الشيخ محمد الحسن ولد الددو الذي يظل معزولا.. فى زنزانة لا سقف لها بمحاذاة مرحاض معرض لحر الشمس ولتقلبات الطقس وتلوث الهواء يمنع من العلاج الفعلي رغم حالته الصحية العامة وإصابته بالقرح المعدوي ومن نوبات متلاحقة من حمى الملاريا.

- محمد الأمين ولد الحسن إمام مسجد الشرفاء المصاب بارتفاع شديد في الضغط ويعانى كذالك من السكري المزمن ومن الصداع النصفي، والذي هو الآخر لم يراع المانع القانوني أمام اعتقاله وإيداعه السجن وهو المانع المتمثل في تقدم سنه).

لكن هذه النداءات والاستغاثات والمناشدات ضرب بها النظام الموريتاني عرض الحائط ولم يلقى لها بالا.. واستمر في تطاوله على الأئمة والدعاة... حتى تهاوت أركانه... وتداعى في الانقلاب الشهير الذي وقع فجر يوم الأربعاء 3 أغشت عام 2005.. وقام به أقرب المقربين من ولد الطائع كما وصفهم هو بذلك في مقابلته المثيرة مع قناة العربية أياما قليلة بعيد الإطاحة به.

ومن المفارقات العجيبة أن شهر مايو الذي شهد بداية تلك الضربات القاسية التي واجهها التيار الإسلامي، كان بعد سنوات من تلك الأحداث شهر تحولات ومكاسب كبيرة للصحوة الإسلامية في هذا البلد.

فخلال شهر مايو سنة 2010 شهد نواكشوط زيارة تاريخية لفضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين قام خلالها بنشاطات نوعية في العاصمة نواكشوط.

وفى شهر مايو سنة 2011 احتضن نواكشوط مهرجانا كبيرا للشعر والأنشودة الإسلامية استضاف فرقا إنشادية إسلامية عريقة وشخصيات ثقافية وعلمية بارزة.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!