التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:08:56 غرينتش


تاريخ الإضافة : 15.06.2011 10:18:56

ولد حننا يتحدث للأخبار عن مراحل علاقته بالرئيس الموريتاني

النائب البرلماني ورئيس حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني صالح ولد حننا (الأخبار - أرشيف)

النائب البرلماني ورئيس حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني صالح ولد حننا (الأخبار - أرشيف)

"حلم لم يتحقق"، أو اغتيل في وقت مبكر، الداخل على تاريخنا ذات ليلة، والمتحدث من أرض الله الواسعة، وأول رصاصة في نعش الدكتاتورية المقيتة، وقائد الفرسان، صالح ولد محمدو ولد حننا، الرائد المفصول من الجيش الموريتاني، والنائب البرلماني ورئيس حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني "حاتم".

يقول عنه صحفي موريتاني إن اسمه بعد الثامن يونيو "كان ترنيمة على آلاف الشفاه"، مضيفا أنه "هو من أيقظنا في يوم من يونيو عابر.. ليعيد لنا أملا كان قد مات، بأن ولد الطائع ليس مخلدا في القصر الرمادي".

ويرى صحفي آخر بأن صالح ولد محمدو ولد حننا "رجل لا توفيه الكلمات حقه"، ويضيف ثالث بأنه "الرجل شهم... أحببته ذات صبيحة من الثامن يونيو ولا زال ذكره باقيا"، فهو "ضابط تمتع بشجاعة نادرة وهز عرشا كان مثبتا بقوة".

ويلخص كاتب آخر قصة الانقلابات الأخيرة في موريتانيا بأن "الثامن يونيو 2003 كان خصب السماء بعد جدبها، وأمل الناس بعد اليأس، وكان انقلاب 3 أغسطس السحابة التي قال عنها الناس "هذا عارض ممطرنا" وكان انقلاب 6 أغسطس ريح فيها "فساد عظيم" تدمر كل شيء بإذن الجنرال".

يكشف كل حديث لصالح عن جوانب من شخصيته، فالرجل رفض مغادرة نواكشوط قبل الاطمئنان على رفاق السلاح، والتأكد من مغادرتهم سوح المعركة وسلامتهم من الوقوع في يدي نظام الدكتاتور.

كما أنه اتخذ قرارا بالانسحاب –وإن كان ميزان القوة لم يمل لخصومه - تفاديا لوقوع حمام دم يبدو أن الطرف الآخر لا يعيره الكثير من الاهتمام، ويصف ذلك بقوله "قررنا بكل بساطة وقف إطلاق النار تماما حتى نتمكن من وقف حمام دم كان على وشك أن يقع، بالتالي كان إطلاق النار الذي حافظنا عليه يهدف إلى تغطية انسحاب العناصر مع حلول الظلام، وفعلا خرجنا جميعا بعد صلاة المغرب رغم أنهم لم يتمكنوا من دخول الكتيبة قبل صباح اليوم الموالي".

كر الرجل راجعا من "موطنه الجديد في بلاد الله الواسعة"، تنفيذا لعهد قطعه على نفسه بتخليص "وطنه" من جور الاستبداد والطغيان، وهو "مؤمن أن الثامن من يونيو كان ثورة سنحصد نتائجها يوما ما".

شهامة الرجل وقيمه العسكرية تمنعانه من حمل الحقد حتى على من واجهه، وله عفة لسان تمنعه حتى من الرد بالمثل على من "فجروا" أحيانا في خصومته، وللرجل وفاء يمنعه من نسيان رفاق الأمس وزملاء السلاح، فللفرسان ميدان فسيح في قلب قائدهم، رغم شقة الرحلة وتفرق الطرق.

يتدفق حب موريتانيا من ثنايا كلمات الرجل، حب قولي صادق أسندته أفعال مشهودة، يؤمن الرجل بالتغيير حد التصوف، ويحلم بيوم تجد في موريتانيا "الحكم المنشود"، ويرى أن "الحلم والتفكير الذي حمله مع رفاقه في الثامن يونيو تبين فيما بعد أنه حلم الكثير من الموريتانيين، بل وساهموا فيه كل من موقعه وعلى قدر جهده".

وكالة الأخبار التقت رئيس حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني "حاتم" والنائب البرلماني صالح ولد محمدو ولد حننا، فكان هذا الحوار:


الأخبار: السيد الرئيس، بداية ما الذي يعنيه الثامن يونيو عند صالح ولد حننا بعد كل هذه الفترة؟.

صالح: بسم الله الرحمن الرحيم، بعد حوالي ثمان سنوات على تاريخ الثامن من يونيو يمكن القول إنه كان بداية لحراك متواصل، وأتمنى أن يصل هذا الحراك بموريتانيا إلى الحكم المنشود، ولا شك أن الثامن يونيو كان الطلقة الأولى على ناقوس الخطر، لكنه كان بداية ضرورية، كما أثبتت الأيام لاحقا أنه البداية الحقيقية للتغيير سواء من حيث الوسائل أو الأساليب المستخدمة من طرف أبطال الثامن من يونيو، أعتقد أن التاريخ يوما ما سينصف هؤلاء الرجال، أما الشعب الموريتاني - رغم ما أحاطهم به من تقدير بعد خروجهم من السجن- إلا أني أرى أن ذلك لا يزال ناقصا في حقهم، بعد ما حملوا أرواحهم على أكفهم لإنقاذ موريتانيا من الطغيان المعاش حينها.

هذا التفكير كان ضربا من الخيال، كان رؤية حالمة لدى البعض، أو هكذا كان يصفه البعض، لكن تبين أن هذا الحلم والتفكير كان إرادة ورغبة لكل مواطن موريتاني، وساهم الكثيرون كل من موقعه وبقدر جهده في تحقيقه.


الأخبار: حبذا لو حدثتمونا عن اجتماع اللحظة الأخيرة؟.

صالح: كان آخر اجتماع للضباط خارج الثكنات بعد صلاة العصر في منزل قرب كتيبة المدرعات، وتواصل الاجتماع حتى الحادية عشر ليلا، حيث كان من المقرر أن تظل المجموعة هناك حتى بداية التوقيت المحدد؛ أي الثانية بعد منتصف الليل، لكننا أبلغنا من طرف أحد الضباط أن الخبر تسرب لقيادة الأركان، وحينها قررنا - على عجل - الدخول في التنفيذ قبل الوقت المحدد بثلاث ساعات، خاصة أن هذه الساعات الثلاث الأخيرة كان متروك لها الكثير من الترتيبات الأساسية والميدانية التي لا يمكن أن تتخذ إلا في ذلك الوقت، وهو ما ساهم بالفعل في خلق بعض الارتباك وعدم التنسيق في جمع المعلومات.

لكننا كنا نراهن على السيطرة على كل الثكنات في وقت وجيز، وهو ما تم بالفعل، وكانت أول مقاومة تحصل في حدود الساعة السادسة فجرا بعد ما تجمعت فلول الحرس الرئاسي وبدأت الهجوم المضاد على مباني الرئاسة، وكان هناك أيضا عامل الاتصالات، بالإضافة إلى عامل الخلل في التوقيت لأننا كنا أمام خيارين، إما أن نعطل شبكات الاتصال العاملة في البلاد، وإما أن نتركها، وكان الخيار صعبا لأننا لم نجد بديلا واضطررنا للإبقاء على شبكات الاتصال مما ساهم في خلق زحمة كبيرة في خطوط الهاتف حالت دون إبقاء العناصر القيادية على اتصال دائم، وهو ما أثر على معنويات بعضهم ممن تخيل أن رفاقه استسلموا بعد ما فقد الاتصال بهم، خاصة أن الوحدات كانت في مناطق متفرقة من العاصمة نواكشوط.

طبعا كان هناك عامل آخر هو غياب جناح مدني يمكن من التعامل مع وسائل الإعلام، لأننا لم نتمكن من التشغيل الفني للإذاعة أو التلفزيون لنشر بيانات رغم سيطرتنا عليها في وقت مبكر، وهذا جانب له تأثيره البالغ أيضا، حتى أنني في لحظة من اللحظات أجريت اتصالا هاتفيا بقناة الجزيرة في حدود الساعة الخامسة فجرا، وأعطيتهم رؤية للموقف حينها، ووعدونا بالاتصال بعد ساعة لترتيب الاتصال المباشر من الإستديو، ولكنهم لم يتصلوا، واعتقد أن السبب كان أيضا زحمة الخطوط.



الأخبار: هل فكرتم حينها في الاتصال بمدنيين للمساعدة؟.

صالح: لا، لا، فقد كانت الترتيبات الميدانية هي الأهم في ذلك الوقت.

الأخبار: هناك بعض الألغاز في انقلاب، من أهمها كيف نجا ولد الطايع؟.

صالح: أعتقد أن الوقت لم يحن بعد للحديث في الكثير من التفاصيل حول الموضوع، خاصة أنني ــ كما تلاحظون ــ دائما أحجم عن الحديث في مثل هذه المواضيع لأنها تمس أشخاصا ما زالوا فاعلين حتى في المؤسسة العسكرية، وبالتالي هناك الكثير من النقاط أفضل تركها لفترة أخرى تسمح بالحديث التفصيلي عنها، وأنا أعدكم وأعد المهتمين أن أكتبها بقدر من التفصيل.


الأخبار: أين كان ولد الطايع بعد سيطرتكم على القصر الرئاسي وأغلب المناطق العسكرية في العاصمة؟.

صالح: هذه كانت إحدى العقبات في وجه نجاح المحاولة لأننا فشلنا في تحديد مكانه، فلو تمكنا من تحديد مكانه لكان من السهل علينا القبض عليه دون صعوبات، لأنه في الحقيقية خلال الساعات الأولى لم تكن هناك قدرة لأي عسكري في الصمود أمام قوة الدبابات المتوفرة لدينا.


الأخبار: اللغز الثاني قضية المرحوم محمد الأمين ولد أنجيان؟.

صالح: موضوع المرحوم محمد الأمين ولد أنجيان حقيقية موضوع تعاملت معه السلطات بشكل مجحف، رغم أننا حاولنا خلال محاكمة واد الناقة - عندما لاحظنا إهمالا للتحقيق في هذا الموضوع - إجبار المحكمة على الاهتمام به حتى تعطيه ما يستحق من الأهمية لأننا نعتبر أن شخصا كهذا الرجل يتمتع بما يتمتع به من احترام داخل المؤسسة العسكرية وفي قلوبنا أيضا كضباط، نعتبر أن ذلك تقصير كان على السلطات أن تتلافاه، ورغم إصرارنا على إقحام الموضوع في المحاكمة، ورغم إصرار الطرف الآخر على تجاهله، فقد تم تناوله وبذل بعض المحامين جهدا كبيرا في التحريات، ويحضرني من هذه التحريات أن أحد المحامين أكد من خلال بحث تقني أجراه أن القذيفة التي أصابت محمد الأمين ولد أنجيان هي قذيفة من نوع "أربيجي7"، وهذا النوع من القذائف موجود فقط في كتيبة القيادة والخدمات وكتيبة الحرس الرئاسي، ولم يكن أبدا بحوزة الانقلابيين على الإطلاق.

المعطى الآخر هو أنني دخلت شخصيا كتيبة القيادة والخدمات - طبعا بما فيها قيادة الأركان- في حدود أقل من ساعة، وسألت عن قائد الأركان فأخبروني أنه قد قتل، قبل أن ندخل نحن قيادة الأركان لأنه لو كان قتل بعد أن دخلنا نحن قيادة الأركان لكنا نعرف بالتأكيد من قام بالفعل، وبعد ما تأكدنا أنه قتل قبل دخولنا تجاوزنا الموضوع وتحركنا في اتجاه آخر.

طبعا هناك معطيات أخرى لها قيمتها، منها أن شخصا بحجم قائد الأركان كان على رأس المؤسسة العسكرية لا يمكن أبدا أن يقتل دون أن تأخذ المؤسسة الموضوع على محمل الجد، وتتحرى في معرفة ملابسات اغتياله، وهو ما لم يتم للأسف، وما أريد أن أؤكده لكم وللرأي العام أن هذا الموضوع من المواضيع التي تهمنا جميعا، ونحن جميعا مستعدون للتعاون للتحقيق فيها بكل ما لدينا من معلومات، وهذا ما يجعلني أطالب بفتح التحقيق في هذه القضية، وأعتقد أن أصابع الاتهام موجهة إلى النظام حينها، بحكم جملة من القرائن لعل أهمها تجاهله للموضوع أثناء سير التحقيق في مختلف مراحله.



الأخبار: لكن قبل دخولكم لقيادة الأركان ألم تطلقوا قذائف، يمكن أن تكون إحداها قد أصابته؟.

صالح: لم تحصل أي مقاومة تجبرنا على إطلاق أي قذيفة، فنحن نستغل الدبابات ونعرف أن الأسلحة الموجودة أمامنا لا تؤثر عليها، وبالتالي دخلنا مباشرة وبدون إطلاق نار، بالإضافة إلى أن تعليماتنا أن الأسلحة الموضوعة فوق الدبابات يجب أن تكون مرفوعة بزاوية 45 درجة بحيث لا تصيب إلا أهدافا على ارتفاع معين ومحدد، وتلاحظون أن جميع الضحايا لم يسقطوا إلا بعد العاشرة صباحا، بعد ما تدخلت القوات المضادة، وبالتالي كان القصف العشوائي أساسا - وهذا معروف لدى العسكريين – هو فعلا ما أصاب أطراف المدينة.


الأخبار: بخصوص قضية المرحوم محمد الأمين ولد انجيان ألم تحقق معكم الشرطة الموريتانية حول موضوعه؟.

صالح: أبدا لم يحصل ذلك، بل نحن من أصررنا في محاكمة واد الناقة على أن يشمل التحقيق هذه القضية، وهو ما رفضه الطرف الآخر وتهرب منه.

الأخبار: أسرة المرحوم ولد انجيان تطالب بفتح تحقيق في الموضوع هل تساندون ذلك؟.

صالح: بالتأكيد، بل نحن أكثر حرصا على ذلك، ومستعدون للتعاون للتحقيق فيها بكل ما لدينا من معلومات.


الأخبار: من كان يقود كتيبة القيادة والخدمات؟.

صالح: المقدم الشيخ ولد أشروف.

الأخبار: هل اعتقلتموه بعد دخولكم؟.

صالح: طبعا تم اعتقال كل من كان موجودا من الضباط في الكتيبة.


الأخبار: كيف تقيمون جاهزية الحرس الرئاسي حينها؟.

صالح: كما قلت سابقا عندما تحركت الدبابات وصلت إلى القصر الرئاسي دون أي مقاومة سواء من طرف الحرس الرئاسي أو من غيره، حتى أن من كان موجودا من الحرس الرئاسي اختفى نهائيا من محيط القصر، باستثناء أفراد قلائل، أعتقد أن بعضهم حراس شخصيون مسلحين بمسدسات، وجنود أعتقد أنهم اثنين أو ثلاثة، طبعا استسلموا، لكن أثار انتباهي أحدهم رغم أنه كان جنديا بسيطا، إلا أنه رفض أن يسلم سلاحه، مما اضطرنا مجاملة له لحمله على الدبابة ومعه سلاحه.


الأخبار: يقال إن قائد الحرس الرئاسي حينها كان له دور كبير في إفشال الانقلاب؟.

صالح: إن كان له دور فقد جاء في وقت متأخر، لأن أول محاولة لترتيب فلول الحرس الرئاسي كانت بعد السادسة صباحا، فبعد ما سيطرنا على الرئاسة تركنا محمد ولد شيخنا هناك، ومعه ثلاث دبابات، لكن تبين لاحقا أن دباباته تمت مهاجمتها فجرا من قبل كتيبة من الحرس الرئاسي، مما أجبرنا ثانية للدخول، وكان ذلك في حدود الحادي عشرة ودخلنا بدبابتين فقط.


الأخبار: متى قررتم توقيف العمليات؟.

صالح: طبعا بعدما حاولنا الدخول مرة ثالثة ولقينا مقاومة، اضطررنا إلى الانسحاب للإتيان بعناصر جديدة للسيطرة على كتيبة الحرس الرئاسي التي بدأت تستعيد بعض التنظيم، وبعد رجعنا إلى كتيبة المدرعات لتجهيز دبابات أخرى بلغنا من طرف المرحوم محمد ولد السالك أن هناك وحدة قادمة من المنطقة العسكرية السادسة، وبدأ قصفها فعلا، حاولنا الاتصال على الهندسة العسكرية وتبين أنها خارج السيطرة، وهذا يعني أن الطريق مفتوح لتدخل وحدات عسكرية أخرى، حيث كان من أبرز مهام المنطقة العسكرية السادسة منع أي تدخل من خارج العاصمة نواكشوط عبر طريق الأمل، وأيضا من ضمن مهام كتيبة الهندسة العسكرية إغلاق طريق أكجوجت، مما جعلنا نتأكد أن الطرق أصبحت مفتوحة لتدخل عسكري من خارج العاصمة نواكشوط، وتبين أيضا أن هناك استدعاء لوحدات من الداخل، مما يعني أننا مقبلين على ملحمة حقيقية، وعندها قررنا بكل بساطة وقف إطلاق النار تماما حتى نتمكن من وقف حمام دم كان على وشك أن يقع، بالتالي كان إطلاق النار الذي حافظنا عليه يهدف إلى تغطية انسحاب العناصر مع حلول الظلام، وفعلا خرجنا جميعا بعد صلاة المغرب رغم أنهم لم يتمكنوا من دخول الكتيبة قبل صباح اليوم الموالي.


الأخبار: قبيل الانسحاب هل كنتم في مكان واحد؟.

صالح: أنا وعبد الرحمن ولد ميني كنا في كتيبة المدرعات واتخذنا القرار.


الأخبار: هل كنتم على اتصال خلال الساعات الأولى بعد فشل الانقلاب؟.

صالح: محمد ولد شيخنا فقدنا الاتصال به في الصباح، تقريبا في حدود الساعة السابعة، وعبد الرحمن كان هو المشرف على ترتيبات الخروج من كتيبة المدرعات، وكنا على اتصال مستمر.


الأخبار: متى بدأ لم الشمل بعيد الخروج من موريتانيا؟.

صالح: محمد ولد السالك خرج مباشرة بعد صلاة المغرب، وخرج عبر طريق الأمل في سيارة كانت عندي تعرضت فيما بعد لحادث سير وتركها، وخلال 20 ساعة تقريبا وصل حدود مالي، وعبد الرحمن ولد ميني وصل إلى روصو في نفس المساء وخرج، أما أنا فبقيت في العاصمة، وبالتعاون مع بعض الأصدقاء تمكنت من الحصول على مكان إيواء، وذلك بهدف معرفة وضعية بقية الضباط، من خرج منهم ومن تم اعتقاله، وفي إطار ذلك البحث استطعنا الاتصال بمحمد ولد شيخنا، وكنا نستخدم في تلك الفترة العلاقات الشخصية القديمة، واستطعنا من خلال هذه العلاقات القيام ببعض الاتصالات وتأمين الخروج للضباط.


الأخبار: من هم أبرز تلك الشخصيات التي اعتمدتم عليها؟.

صالح: استطعنا في تلك الفترة تأمين بعض الاتصالات من خلال بعض الأفراد، مثلا مولاي ولد ابراهيم، سيدي محمد ولد أحريمو، وأشخاص مدنيون استعنا بهم فيما بعد.


الأخبار: متى ربطتم الاتصال بولد الشافعي؟

صالح: الاتصال بولد الشافعي تم بعد أسبوعين، لما علم المصطفى ولد الإمام الشافعي أن المشرفين على العملية الانقلابية خارج القبضة الأمينة، بادر هو شخصيا وبذل جهودا مهمة، ولذلك استطعنا أن نوفد إليه أحد الزملاء، التقى به وأعرب له عن استعداده التام لإيواء المجموعة، وبدأ معه في اتخاذ الترتيبات اللازمة لذلك.


الأخبار: متى التأم جمع الفرسان في الخارج؟.

صالح: كان ذلك على مراحل، كان أول من وصل إلى واغادوغو ومنها إلى كوت ديفوار أنا ومحمد ولد شيخنا، بعد ذلك التحق بنا عبد الرحمن ولد ميني، وبعد فترة التحق بنا محمد سالم ولد كعباش، وبعد شهر حمود ولد بابا، ثم الحرسي المختار ولد مرزوك، ثم اعلي ولد امحمد، تقريبا هؤلاء أول ما اجتمع من الفرسان خلال تلك الفترة.


الأخبار: بالعودة إلى ليلة ما بعد الانقلاب كيف كان صالح في تلك الليلة؟.

صالح: أنا خرجت من الثكنة في حدود الثالثة والنصف مساء - وطبعا هذا ما سأخصكم به-، بعد الخروج مباشرة من الثكنة خرج معي أحد الجنود وكنت مصابا بجروح بسيطة، ودخلنا منزلا مهجورا، يبدو أنه منزل صديق له، وأخذ لي منه ملابس مدنية للتخلص من الزي العسكري، كان معي مبلغ مالي لا أتذكر قدره أعطيته للجندي ليسلمه إلى صاحب الملابس المدنية وافترقنا، وبعد أن قطعت مسافة قصيرة التقيت عسكريا آخر أعرفه سابقا، وعرض علي خدمة، فطلبت منه مكانا أنام فيه، ووصلنا فعلا إلى منزل صديق له وقام هو بإعداد الشاي، وأخذت هناك قسطا من الراحة والنوم حتى حدود الساعة 11، شغلت الهاتف وللحظ كان لا يزال متوفرا على قليل من الطاقة رغم كثرة الاتصالات، اتصلت بأحد الزملاء، وحددت له نقطة قريبة من المنزل حيث أوجد لنلتقي، وفعلا وجدته قد رتب مكانا لإقامتي، وقد أوصلني إلى منزل خال من السكان، وأمرته بالانصراف، وعاد إلي فور حلول الظلام مساء اليوم الموالي، بهدف الحديث حول المعارف والطرق التي قد تفيدنا، واستمرينا في تلك الوضعية، أتنقل من منزل لآخر حتى 29 أو 30يونيو.


الأخبار: هل من موقف محرج تتذكره في تلك الأيام؟.

صالح: كنا نتابع الضجة الأمنية، لكن لم يداهمنا شيء عن قرب أو يحرجنا على ما أتذكر.


الأخبار: طريقكم للخروج من العاصمة؟.

صالح: الطريق كانت عادية، التقينا عند خروجنا قرب الكيلومتر الثامن بفرقة تفتيش عسكرية، فعلا كان هناك مركز تفتيش متنقل ولم نتمكن من تحديد مكانه ــ رغم الجهود ــ حتى دخلنا فيه بشكل مفاجئ، نزل سيدي محمد ولد احريمو وذهب إلى رئيس الفرقة الدركية وتفاوض معه.

وعند ما وصلنا مشارف مقطع لحجار تعطلت السيارة بسبب الرمال، واستغرق ذلك الكثير من الوقت، اتصلنا على السيارة التي كانت ترافقنا، في الصباح وأثناء تحركنا قرب مكان السيارة لاحظنا وجود مركز تفتيش قريب منا، وكنا على يقين أنهم لاحظوا وجود السيارة فجرا، وأنهم بحثوا عنها لكن لم يتمكنوا من تحديد مكانها، وبعد ما وصلتنا السيارة الثانية وصعدنا فيها وتركنا سيدي محمد ولد احريمو في مكان السيارة المتعطلة، وبعد مغادرتنا للمكان وصلته الشرطة، حيث أكد لهم أن السيارة متعطلة بسبب الرمال وأن الأمر طبيعي، وقد ساعدوه فعلا في إخراج السيارة.
عندما وصلنا مرتفع جوك فوجئنا بنقطة تفتيش متجولة لم تكن في الحسبان، وقد اضطررنا للتوقف سريعا والنزول من السيارة، والسير على أقدامنا مسافة قبل أن نستقل السيارة من جديد، وقد أثارت السيارة انتباه نقطة التفتيش وهو ما جعلهم يضعونها تحت المراقبة.

عند وصولنا إلى قرية كندرة تجاوزنا فيها نقطة تفتيش أخرى دون توقف، وهو ما دفع أفرادها للتبليغ عن السيارة والاشتباه فيها، وعند دخولنا إلى مدينة كيفة تعرضنا لحادث سير لم نصب فيه بأذى لكنه عطل السيارة، مما اضطرنا لترك السيارة التي احتجزتها الشرطة بعد تعطلها بحجة أنها كانت تبحث عنها.

وفي مدينة الطينطان محطتنا الأخيرة في موريتانيا اتصلت بأحد أصدقائي القدماء هناك ونقلنا في سيارة لديها إذن بالتنقل من حاكم المقاطعة على أساس أنها مخصصة لحمل الأعلاف لمواشي أحد الأعضاء البارزين في الحزب الجمهوري الحاكم حينها.



الأخبار: قبل أن نختم هذا الشق من المحاولة الانقلابية ما الذي تريد أن تقوله عنها؟.

صالح: أنا أومن بأن ما حصل في موريتانيا في الثامن يونيو 2003 هو ثورة حقيقية، وأن ما حصل في 2005 كان محاولة للالتفاف على هذه الثورة وطمسها، وأحمل المسؤولية في ذلك للمجلس العسكري الذي خلف السلطة بعد 2005، بسبب ما استخدموه من أساليب لتشتيت شمل ما يعرف حينها بفرسان التغيير، والتضييق عليهم، مستخدمين في ذلك كل الوسائل الدعائية والقبلية والمخابراتية.

وبالتالي طبيعي أن يتصرف أصحاب السلطة هكذا ضد الثورة، وطبيعي أن يختلف أيضا أصحاب الثورة في الطرح والرؤية.



الأخبار: على ذكر المجلس العسكري كيف تنظرون إليه؟.

صالح: في الحقيقية أنا كنت أرغب دائما أن أحسن الظن بهم، لكن كل الدلائل تشير إلى أن حسن الظن بهم ليس في محله، أول هذه الدلائل هو الدور الذي لعبته المخابرات - بتوجيه مباشر من شخص الجنرال محمد ولد عبد العزيز- في المضايقة، (مثلا الدور الذي لعبه في تعطيل ترخيص الحزب شهرين)، حيث أخبرنا وزير الداخلية حينها أن لديه تعليمات من شخص ما في هرم السلطة باعتراضه على نقطتين، أولهما تتعلق بالشعار، أنه لا بد من نزع رأس الفرس الذي يشير إلى الفرسان (تنظيم فرسان التغيير)، والذي اتخذه لاحقا هو كشعار لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم حاليا، والمسألة الأخرى أن ثمة أشخاصا لا بد من إخراجهم من التشكلة القيادية للحزب وهم أشخاص عاديون.


الأخبار: من هؤلاء الأشخاص؟.

صالح: سيدي محمد ولد احريمو، والمصطفى ولد سيدي أحمد، ومولاي ولد ابراهيم، وحمودي ولد الصيام، وهو ما استجاب له هؤلاء تجردا منهم، وحرصا على المشروع السياسي الوليد حينها، وليست هي المرة الأولى التي ينكر فيها هؤلاء ذواتهم.

من جهة أخرى، ورغم أن رئيس المجلس العسكري حينها اعلي ولد محمد فال حاول في بعض الأحيان إنصاف الفرسان، والاعتراف بدورهم في مرحلة معينة، إلا أن محمد ولد عبد العزيز لم يجد فرصة للحديث عن فرسان التغيير إلا ووصفهم بما لا يليق، حتى أن الرجل وأثناء محاولتنا التحالف معه - في وقت هو بحاجة إلينا فيه - رفض أن يشغل الطاهر ولد فروة منصب وزير في الحكومة حينها لا لسبب وجيه إلا لأنه أحد فرسان التغيير، ورفض بعد ذلك تعيين محمد ولد عبدي لنفس السبب، وأعتقد فعلا أن هناك عقدة وموقفا لم يستطع الرجل أن يتجاوزهما.



الأخبار: هل صحيح أنكم أجرتم منزلا قرب "بازب" أثناء تنقلكم في نواكشوط قبل اعتقالكم؟.

صالح: صحيح كنا نؤجر الشقة الموالية لمقر كتيبة الحرس الرئاسي "بازب" شرق القصر الرئاسي.


الأخبار: هل صالح ولد حننا الآن نادم على محاولة الثامن من يونيو؟

صالح: أبدا أنا أعتز بها، واعتبر أنها كانت بداية لثورة لا بد أن نحصد في يوم من الأيام نتائجها، نحن نعتز أننا زعزعنا أسطورة في النظام الموريتاني، وأجزم أن من قاموا بانقلاب 2005 لم يفكروا في هذا الموضوع مطلقا قبل الثامن من يونيو، وأعتقد أنهم أيضا وهم ينفذون انقلاب 2005 كانوا يتسابقون مع تنظيمات أخرى داخل المؤسسة العسكرية.


الأخبار: ما الذي جعلكم تدعمون ولد عبد العزيز في أحلك الظروف رغم ما أشرتم إليه من عدائه لكم؟.

صالح : سؤال في محله، أولا أنا لم أكن أتوقع أن عسكريا - يمثل ما تمثله المؤسسة العسكرية من قيم - يمكن أن يحمل حقدا على أحد، إنني وأنا أحدثكم بعد ثمان سنوات من انقلاب الثامن من يونيو لم أحمل حقدا على من واجهتهم، ولم أحمل حقدا على من نازلونا بعد ذلك في المعترك السياسي، ولم أتوقع أن شخصا مثل ولد عبد العزيز يملك من الأوراق ما يملكه، ولا يشعر بتهديد من جماعة، يحمل مثل هذا الحقد، لكن ما تبين بعد ذلك هو العكس.

وموقفنا في السادس من أغسطس 2008 لسنا نادمين عليه، واتخذناه بعد دارسة متأنية، وفي ظرف كنا فيه جزءا رئيسيا من المعارضة، وكان ذلك هو توجهها، صحيح أنه قد لا يكون الموقف الأمثل أيديولوجيا، وقد لا يكون الموقف الأمثل من حيث الضمير الأخلاقي، لكن من حيث الموقف السياسي لم يكن لدينا أي خيار في اتخاذ موقف آخر، ولكم أن تتذكروا الدعم الذي حظي به انقلاب ولد عبد العزيز من بعض الأطراف السياسية المعارضة حينها، والتي لها وزنها في الساحة، وأيضا ما اعتبرناه من أن استلام المؤسسة العسكرية للحكم أصبح أمرا واقعا، وبالتالي علينا أن نعمل من أجل خلق تأثير على توجهه السياسي، وهذا ما جعلنا نقنعه بتبني شعار محاربة الفساد، مع أنه لم يعط هذا الشعار مضمونه الحقيقي بل أبقاه شعارا أجوف، وكذلك طرح قضية قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، ونحن عملنا معه حينها كسياسيين لأننا في الحقيقية كنا مضطرين لذلك.



الأخبار: هل كانت لكم مواقف شخصية من ولد الطايع؟.

صالح: نحن طيلة مسارنا النضالي لم نعتبر في لحظة من اللحظات أن لنا موقفا شخصيا مع ولد الطايع أو صراعا مع ولد الطايع، نحن كنا نعتبر أن البلد رهينة لنظام سياسي متعفن فاسد ينبغي أن يتخلص منه، بالتالي كنا نعتقد أننا سنكون أرحم الناس بولد الطايع لو قدر لنا النجاح، لكننا كنا في نفس الوقت حريصين كل الحرص على تخليص البلد من الوضعية التي يعيشها بالأساليب المتاحة والأقل ضررا، نحن لو كنا نريد أن تتطور الأمور لحد حصول حمام دم كان بالإمكان أن نقوم بذلك، وكان بالإمكان أن نقضي على الحياة في نواكشوط فجر العاشر من يونيو بكل بساطة، لأن أي قذيفة لأي دبابة قادرة على تدمير كتيبة كاملة من الجيش، وهذا واضح من عمليات الاقتحام التي قمنا بها، ما يعني أننا كنا حريصين فعلا على تفادي الخسائر البشرية، وربما كان هذا سببا في فشل الانقلاب، لأن النظام لاحظ من الوهلة الأولى حرصا كبيرا منا على تفادي الأرواح، وهذا كان مشرفا، فقد دخلنا الثكنات العسكرية كلها في الليل وفي الصباح، ولم نقم بتقييد أي من الضباط ولم ننزع رتب الضباط، والضباط الذين وجدناهم في المكاتب لم نقم بنزع هواتفهم لأننا كنا حريصين على أن لا نؤذي أبدا، كنا بالفعل حريصين على أن ينجح الانقلاب، لكننا كنا أشد حرصا على أهدافنا ورسالتنا.

المحاولة المدبرة في 2004 كانت بالفعل محاولة انقلاب عسكري وضعت على أساس كل الاعتبارات الأمنية والعسكرية واعتبارات تفادي الخسائر البشرية، حتى أنه كانت لدينا أسلحة تخدر ولا تقتل بوسائل بسيطة لكننا لم نستخدمها لأننا كنا حريصين فعلا على تفادي الخسائر البشرية وكنا أشد حرصا على إنقاذ البلد.


الأخبار: بالعودة إلى الشق السياسي بعد سنتين من التحالف والسير في ركاب الأغلبية ما هو تقويمكم لهذه التجربة؟.

صالح: حقيقة أن هذه الفترة من التعامل مع شخص الرئيس محمد ولد عبد العزيز أوصلتنا إلى قناعة كاملة بأن الرجل يتجه إلى إرساء دكتاتورية فردية مطلقة لا تقبل المشاركة من أي كان سواء كان مواليا أو معارضا، الرجل غير مستعد لسماع الرأي الآخر مهما كان ومهما كانت مكانته، والرجل فعلا بهذا المنحى الفردي الدكتاتوري سيوصل البلاد إلى مأزق محقق، وهذا دعانا منذ فترة إلى الدخول في مراجعة لموقفنا وأخذنا نقلب الأمر من جوانبه إلى أن توصلنا إلى قناعة باتخاذ قرار الخروج نهائيا من هذه المهزلة التي تسمى الأغلبية، لأنها في الحقيقة ليست أغلبية وإنما هناك حكم فردي مطلق يمارس سلطته بشكل فردي تحت ثوب للأسف هيأته له معطيات محلية ودولية وإقليمية باعتباره ثوبا ديمقراطيا، وهو في الحقيقة ليس له من الديمقراطية إلا الاسم.


الأخبار: النظام الموريتاني الحالي رفع شعارات من قبيل محاربة الفساد ورئاسة الفقراء، ما هو تقييمكم لهذه الشعارات؟.

صالح: بالتأكيد النظام رفع مثل هذه الشعارات، وهي من بين أمور دفعتنا للوقوف إلى جانبه، لكن تبين لا حقا أن هذه الشعارات لم تكن إلا محاولة وعملا دعائيا لدغدغة عواطف البسطاء من الناس، ولم يصل في أي مرحلة من مراحله إلى الجدية في محاربة الفساد؛ لا في أساليبه ولا في إجراءاته ولا في مآلاته، وفي الحقيقة فإن محاربة الفساد لم تتجاوز أن تكون شعارا ديماغوجيا اتخذه النظام كما اتخذ شعارات أخرى تبين فيما بعد أنها زائفة وأنها أقوال تفتقر إلى أفعال تصدقها.


الأخبار: من خلال معرفتكم للنظام ولأغلبيته، هل ترون أن هناك جدية في محاربة الفساد؟.

صالح: أولا ليست هناك محاربة جدية للفساد، ومن خلال ما توفر لدينا من معطيات فإن الفساد ما زال يمارس في مستويات السلطة العليا، صحيح أنه قد يكون تقلص في المستويات الدنيا نتيجة تقليص ميزانيات التسيير التي كانت مرتعا خصبا للفساد البسيط، لكن الفساد الآن يمارس في مستويات كبرى في هرم الدولة خاصة فيما يسمى بالصفقات، ويمارس بشكل جلي، ونحن إن شاء الله سنعمل بكل ما أوتينا من قوة على رصد هذا الفساد، وإنارة الرأي العام حوله في الوقت المناسب.


الأخبار: تعرفتم على ولد عبد العزيز في لحظات المواجهة، وفي أيام التحالف، هل تعتقد أن ولد عبد العزيز لديه القدرة على قيادة موريتانيا؟.

صالح: حقيقة هذا السؤال محرج لحد كبير، لكنني أقول إنه ليس هناك شخص بمفرده لديه القدرة على قيادة مدينة أحرى دولة بأكملها، خاصة في عالمنا اليوم، نحن اليوم بحاجة إلى نظام وليس إلى شخص، بحاجة إلى منظومة يشارك فيها الجميع، أما أن تظل الأمور في يد شخص واحد وتفرغ المؤسسات الأخرى من مضمونها فهنا حتى ولو كان هذا الشخص ملكا طبعا سيكون فاشلا في التسيير وأعتقد في هذا وذاك أن البلد يعيش في مرحلة من أخطر مراحله، ذلك أن التطورات المتلاحقة في البلد ستجعل جميع الموريتانيين - والمسؤولين السياسيين بالذات – أمام مسؤولية جسيمة خلال المرحلة القادمة، لأنني أعتقد أنه بات من الواضح أن النظام - الذي تستر كثيرا خلف شعارات براقة - هو نفسه، والأدوات والأساليب هي ذاتها، والأهداف هي نفس الأهداف، وبالتالي علينا جميعا إما أن نقنع هذا النظام بضرورة العدول عن هذا المسلك - وهذا مستبعد في الظرف الحالي- وإما أن يكون هذا النظام مضطرا للرحيل كغيره من أنظمة الطغاة في بلادنا العربية.


الأخبار: تعني أن النظام الحالي مجرد امتداد لنظام ولد الطايع؟

صالح: نظام ولد الطايع لم يذهب، الذي حصل أن من نفذوا انقلاب 2005 أحسوا بأن خطرا ما يتهدد النظام بكامله، وبالتالي تلافوا هذا الخطر بحيث استطاعوا أن يزيحوا الوجه المتلوث لتبقى الوجوه الأخرى، لكن النظام لا يزال كما هو، ويكفي لمعرفة ذلك أن تقرأ لائحة الشخصيات العشرين الأولى في هرم السلطة حاليا لتدرك أن النظام استطاع أن يعيد إنتاج نفسه وبنفس الوجوه.


الأخبار: كيف تقيم أوضاع المؤسسة العسكرية حاليا؟.

صالح: لا أملك الكثير من المعلومات عن أوضاع المؤسسة العسكرية، لكن أعتقد أنه حصل تحسن منذ العام 2003 لكن ذلك لا يكفي.

كما يوجد تمييز واضح داخل المؤسسة العسكرية، لأن وضع كتيبة الحرس الرئاسي مثلا يختلف بشكل كبير عن غيره من الوحدات، من حيث الامتيازات والتجهيزات، كما أن هناك الكثير من المظالم داخل هذه المؤسسة لم يتم التعامل معها، والأخطر من كل ذلك ما يتعلق بالتقدم في الرتب خاصة رتبة الجنرال لأنها أصبحت تعطى حسب الولاء والنفوذ دون النظر في المعايير الموضوعية والمهنية المفترضة.



الأخبار: إلى أين يتجه حزب حاتم؟.

صالح: اعتقد أن حزب حاتم بحكم رؤيته لهذا الواقع واستشعاره للمخاطر المحدقة بهذا البلد، لا يجد مكانه الملائم – كما عبر عن ذلك في رؤيته التي أصدرها أخيرا- إلا في صفوف المعارضة التي تعمل على إصلاح النظام أو إسقاطه.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!