التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:19:45 غرينتش


تاريخ الإضافة : 10.06.2008 10:54:58

هل يقف أكبر احتياطي في العالم لمعدن الليثيوم في موريتانيا عقبة

بقلم : آلا بن محمد بن منيه*
لقد دأبت إسرائيل منذ فترة عبر المفاوضات الثنائية بينها وبعض الدول العربية و كذا من خلال (المؤتمرات الدولية للسلام) إلى خلق صيغة المفاوضات المتعددة الأطراف إلى جانب المفاوضات الثنائية لغرض التطبيع الاقتصادي كخطوة عملية للتطبيع السياسي ، هذا ما صدر عن عدد من المسؤولين الإسرائيليين، و عبرت عنه "تسيبي ليفني" وزيرة الخارجية الإسرائيلية بقولها انه " ... يمكن تحويل مبدأ التطبيع من مكافأة غامضة تقدم في نهاية النزاع إلى "عملية" ملموسة تساعد على إنهائه".
و ذلك بناء على المنطق السائد أن معظم التغييرات التي حصلت في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لم تكن إلا نتاجا للعامل الاقتصادي، وعلى هذا الأساس عقدت عدة مؤتمرات جعلت من البعد الاقتصادي مدخلا أساسيا للتطبيع مع الكيان الصهيوني مثل المؤتمر الأول الذي أطلق عليه "القمة الاقتصادية للشرق الأوسط و شمال إفريقيا" المنعقد بالدار البيضاء في 30 أكتوبر 1994 و قد حضرت هذا المؤتمر وفود من 12 دولة عربية و طرحت إسرائيل فيه 150 مشروعا شملت العديد من المجالات من ضمنها8مشروعات في المحال الزراعي و 17 مشروعا في مجال الاتصالات...
2ـ مؤتمر عمان..."1995"
3ـ مؤتمرالقاهرة..."1996"
4ـ مؤتمرالدوحة..."1997"...
و فعلا أسفر هذا التوجه عن موجة من التطبيع العربي الإسرائيلي أعلن عنها في حالات قليلة ولفها التكتم و السرية في أحايين كثيرةّ.
و كان الدافع المعلن من طرف الحكومات العربيةـ دائماـ هو تشجيع "عملية السلام"، بيد أن محاولة استرضاء أمريكا لتحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية، أو الاستفادة مما طرحته صيغة التعاون الإقليمي من مشروعات اقتصادية تحت دعاية دولية مكثفة كانت حاضرة بقوة.
أما ما يذاع و يشاع من مبررات أخرى فلا أرى لها من هدف سوى الضحك على ذقون المواطنين في العالم العربي، و إلا فماذا جنينا من مؤتمر مدريد للسلام و ما نجم عنه من مفاوضات تتابعت بوتيرة متسارعة مثلتها مفاوضات موسكو (1992) و أوسلو (1993) واتفاقية وادي عربة مع الأردن (1994) و انعقاد مؤتمرات التعاون الاقتصادي للشرق الأوسط و شمال إفريقيا (1994) ،(1995) ،(1996)،(1997) ثم اجتماع وزراء الخارجية العرب مع أولبرايت بنيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بحضور وزير الخارجية الإسرائيلي ديفيد ليفي (1999)؟؟.
و لا يخفى ما للولايات المتحدة الأمريكية من أهداف في د مج إسرائيل اقتصاديا في المنطقة العربية و يتجلى ذلك من خلال التركيز و الاهتمام المعطى مثلا لقطاع الزراعة و التكنلوجيا الحديثة، ويدخل في هذا السياق ما عبرت عنه (شارين بارشفسكي) الممثل التجاري لأمريكا في عهد الرئيس بيل كلينتون حيث فسرت العجز الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط بالانغلاق القائم بين بلدانه وبسبب المقاطعة العربية لإسرائيل، و حسب رأيها فإن إسرائيل يمكن أن تلعب دورا كبيرا للخروج من هذه الوضعية باعتبارها المصدر الطبيعي للاستثمار و التكنولوجيا في المنطقة العربية وذلك بشكل شبيه بالدور الذي قامت به سنغافورة في دول شرق آسيا.
وبما أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى دمج النفط الخليجي بالتكنولوجيا الإسرائيلية في منطقة الخليج فالملاحظ أنها تسير في نفس الاتجاه في المنطقة المغاربية بمحاولة دمج الاقتصاد المغاربي بالتكنولوجيا الإسرائيلية لتكون منفذا إلى أسواق أخرى مثل السوق الإفريقية، الأمر الذي يعزز في النهاية مكانة إسرائيل في المنطقة لتلتقي مع الرهان الأمريكي المحموم لتوسيع نفوذها بإفريقيا الذي يعبر عنه من الناحية الاقتصادية مثلا بقانون النمو و الفرص في إفريقيا، وقانون تنمية التبادلات التجارية الأمريكية مع القارة الإفريقية المعروف بقانون (آغوا) و الذي عقدت حوله ندوة في موريتانيا بين 16 و 17 مارس 2008 بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة الموريتانية.
و في سياق موجة التطبيع الاقتصادي هذه سارعت إسرائيل إلى المبادرة بتوقيع اتفاقية اقتصادية مع موريتانيا عام 2000م،حيث تقضي هذه الاتفاقية باحتكار إسرائيل لعمليات البحث و التنقيب عن معدن (الليثيوم) في الأراضي الموريتانية التي تختزن الاحتياطي الأول منه في العالم.
و حسب شاؤول كوهين الإسرائيلي فقد أقامت إسرائيل بموجب هذه الاتفاقية ما لا يقل عن 14 مركزا لاستخراج الليثيوم من كل أنحاء موريتانيا ترعاه أكبر شركتين للاتصالات في إسرائيل هما : "بيليفون" و"أورانج" إلى جانب العديد من الشركات الزراعية الإسرائيلية الأخرى مثل شركتي: "هاميشق" و "هازيرع" ...
و قد أثار الانقلاب الأخير خوف الشركات الإسرائيلية على استثماراتها في موريتانيا مما اضطر إيهود أولمرت – وزير التجارة و الصناعة آنئذ- إلى طمأنتها في بيان أعرب فيه أن إسرائيل ستحمي استثماراتهم و لو بالقوة إن دعت الضرورة، متعهدا في الوقت نفسه بأن تظل إسرائيل المتحكم الأول في البحث و التنقيب عن مادة الليثيوم و المصدر الأول لها في العالم.
فما هو الليثيوم؟ و ما هي المجالات الصناعية التي يدخل فيها؟
الليثيوم (Lithium ) هو: عنصر كيميائي و فلز رخو ذو لون أبيض فضي، رمزه (Li ) و هو أخف فلز معروف حيث يبلغ وزنه نصف وزن كمية من الماء مساوية له في الحجم.
و لا يظهر الليثيوم بصورته في الطبيعة، لكونه يتحد بسهولة مع العناصر الأخرى، و يستخلص الكيميائيون فلز الليثيوم بتمرير تيار كهربائي في كلوريد الصوديوم المنصهر.
وقد اكتشفه العالم السويدي (جوهان أوجست أرفيدسون) عام 1817م ليشهد اهتماما كبيرا وإقبالا شديدا بعد ما تأكد دخوله في الكثير من الصناعات، كالصناعات الزراعية و المواد الخزفية و الزجاج و زيوت التشحيم المخصصة للاستخدام في درجات الحرارة المرتفعة والمنتجات المطاطية و أصباغ النسيج...
و تستعمل خلايا الليثيوم في الحاسبات الالكترونية وآلات التصوير و منظمات ضربات القلب والساعات...
و في مجال الالكترونيات تمكن علماء في الولايات المتحدة من تحقيق تقدم كبير بعد أن نجحوا في تطوير بطاريات الليثيوم التي تستخدم في أجهزة الكومبيوتر المحمول و الهواتف النقالة.
و وظف علماء صينيون أيونات الليثيوم لإنتاج بطارية هاتف محمول قابلة للبقاء بدون شحن لمدة سنة .
كما أكدت شركت صانيو(SANYO ) أنها طورت بطارية مماثلة تدعى (Eneloop ) قابلة للاحتفاظ بالطاقة لمدة سنتين و أعلنت أن مبيعات البطارية و صلت إلى 10 ملايين في عشرة أشهر.
و يتجه الاهتمام إلى توظيف مثل هذه البطاريات و تطويرها لتدخل في مجال صناعة السيارات،بل إن عدة شركات يابانية منتجة للسيارات عرضت نماذج تجريبية لسيارات تعمل بالكهرباء في معارض السيارات للعام الحالي.. وأعلنت شركة (فولكس فاجن)أنها حققت ثورة في تطوير خلية وقود ذات درجة حرارة مرتفعة عند عرضها لنموذج سيارتها التجريبي "سبيس أب بلو" في معرض لوج أنجلس الذي أقيم في الآونة الأخيرة.
كما أن إضافة فلز الليثيوم الخفيف الوزن إلى الألمنيوم يزيد من خفة وزنه، علما بأن هذا الأخير – بسبب خفة وزنه- يستبدل بالصلب في العديد من الصناعات كبعض أجزاء الطائرات والسيارات للتخفيف من استهلاك الوقود،ثم إن الأشياء المعبأة فيه تكون تكاليف شحنها أقل.
و نتيجة للطاقة الهائلة التي يولدها الليثيوم عند دمجه بمركبات معينة فهو يوظف كذلك لزيادة ناتج قدرة انفجار السلاح الحراري النووي.
و لا يتوقف دور الليثيوم عند هذه الحدود بل إنه يدخل أيضا ضمن الاستعمالات الطبية،فبالإضافة إلى كون ملح الليثيوم من مصادر تخثر الدم (التجلط) الذي تحتاجه أنابيب جمع الدم حال سحبه مباشرة، فإن كربوناته تستخدم لمعالجة المس الاكتئابي وهو أحد الأمراض العقلية، و هي كذلك عقار لعلاج الاضطراب الانقباضي الذي يعاني المصاب به من تعاقب فترات حزن و فرح غير طبيعيين.
مما سبق تتبين القيمة الكبيرة لمعدن الليثيوم الذي لايعرف عنه المواطن الموريتاني أي شيء
فإذا ثبت أن لموريتانيا هذا الإحتياطى الهام من معدن الليثيوم الذي أريد له أن يبقى خارج الأضواء لحاجة في نفس" يعقوب" وفى نفس (جاكوب؟ ! !...)
فهل يشكل ذلك عقبة في وجه قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني الغاصب؟!
وإلى متى تبقى ثروات هذا البلد ـ المنهك فقراـ عرضة للناهبين من الداخل والخارج دون رقيب أو حسيب؟ !.
للمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع الرجاء العودة إلى المصادر التالية:
• ـ الكتب والمجلات:
1- مقاومة التطبيع، ثلاثون عاما من المواجهة – مركز دراسات الوحدة العربية- محسن عوض، ممدوح سالم، أحمد عبيد – الطبعة الأولى – بيروت ، تشرين الثاني/ نوفمبر 2007.
2- تقرير الاتجاهات الاقتصادية الإستراتيجية، مركز الدراسات السياسية و الإستراتيجية، القاهرة – يناير 2004.
3- السياسة الدولية العدد 115 يناير 1994.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!