التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:13:43 غرينتش


تاريخ الإضافة : 30.07.2011 19:26:44

رقابة المواطن على العمل العمومي: مدخل إلى المفهوم والتطبيقات

محمد يحي ولد حرمة النائب الأول لرئيس الاتحاد من أجل الجمهورية

محمد يحي ولد حرمة النائب الأول لرئيس الاتحاد من أجل الجمهورية

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه الكريم

الاتحاد من أجل الجمهورية
الأربعاء 27 يوليو 2011
قصر المؤتمرات / انواكشوط:

ندوة حول موضوع " أهمية رقابة المواطن على الشأن العمومي"


مداخلة نائب رئيس حزب الاتحاد
السيد محمد يحيى ولد حرمه
تحت عنوان :
"رقابة المواطن على العمل العمومي: مدخل إلى المفهوم والتطبيقات"
- السيد الرئيس؛
- السادة والسيدات أعضاء المكتب التنفيذي؛
- السادة والسيدات أعضاء المجلس الوطني؛
- أيها المدعوون الأفاضل،

بادئ ذي بدء لا يهدف هذا العرض الموجز إلى إعطاء محاضرة ولا إلى تقديم بحث معمق حول مفهوم رقابة المواطن على العمل العمومي، وإنما حسبه أن يوضح المفهوم الذي يعتبر حديثا شيئا ما، بما يستدر نقاشا ثريا من الإخوة المشاركين في أعمال هذه الندوة الهامة.

وجدير بالتنويه أن تنظيم هذه الندوة من طرف الأمانة التنفيذية المكلفة بحماية المستهلك وتفعيل رقابة المواطن على العمل العمومي مشكورة يندرج ضمن تقليد ثابت دأبنا عليه بالاتحاد من أجل الجمهورية يسعى إلى دراسة وتعميق التفكير حول مواضيع ذات اهتمام وطني.

وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد تم تنظيم ندوات فكرية متخصصة حول مواضيع:
- مستقبل الحكامة بموريتانيا؛
- دور الأحزاب السياسية في محاربة ظاهرة الغلو والتطرف؛
- خمسينية التعددية السياسية بموريتانيا؛
- الحوار السياسي: الضوابط والأهداف؛
- محاربة الفساد: الحصيلة، المعوقات والتطلعات؛
- المصادر البشرية بالقطاع العام،

وقد توجت أعمال هذه الندوات بإصدار وثائق ذات قيمة علمية هامة، أحيلت إلى الحكومة للاستئناس، وشكلت إضافة جد هامة لدى الدوائر العاملة في مجالات السياسة والإدارة والثقافة والبحث العلمي...

وغير خاف عليكم –أيها السادة أيتها السيدات- أن حزبنا الاتحاد من أجل الجمهورية قد يكون الحزب الوطني الوحيد الذي يعقد مثل هذه الحوارات والندوات الهامة والتي تجمع آراء متنوعة، مكنت من إثراء مواضيع النقاش، وتحريك المياه السياسية والثقافية شبه الراكدة.

وسأحاول في هذا العرض الموجز أن أوضح بعض المفاهيم الأساسية أولا قبل أن أستعرض –سريعا- بعض ملامح رقابة العمل العمومي ببلادنا ثانيا، وأختتم بإضاءات حول استشراف آفاق ترسيخ مفهوم وتطبيقات رقابة العمل العمومي.

I : مفاهيم أساسية:
لا بد في البداية أن نعرف قليلا ما هو العمل العمومي ومن هم الفاعلون بالسياسة العمومية، قبل أن نحاول استخلاص تعريف مفهوم رقابة المواطن على العمل العمومي.

I.1 : العمل العمومي:
تتولى الدولة التخطيط للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، ويتم ترجمة ذلك في سياسات عمومية أو عمل عمومي من الوارد أن يستوضح المواطن عن كيفية إعداد هذا العمل العمومي، وما هي أهدافه؟ وطريق تنفيذه وآثاره وانعكاساته، ..

I. 2: الفاعلون في السياسات العمومية:
ينبغي أن نوضح هنا تعددية الفاعلين في الشأن العمومي أو السياسات العمومية، فلا يعني الأمر حصرا كما قد يتبادر -بعجلة إلى أذهان البعض- ملاك القرار فقط، وإنما يتعداهم إلى المراجعين والمستفيدين، مجموعات المصالح، الروابط، والأحزاب السياسية... حيث يعتبر كل هؤلاء فاعلون في العمل العمومي، يؤثرون فيه أو يتأثرون به.

I.3: رقابة المواطن على العمل العمومي
يعتبر "أصحاب أو ملاك القرار العام" مسؤولين أخلاقيا وسياسيا عن أعمالهم، و هو ما يمكن أن يطلق عليه المسؤولية الاجتماعية...

ومن منطلق هذه المسؤولية الاجتماعية فإن عليهم واجب إبلاغ المواطنين ومنظمات المجتمع المدني عموما و العاملة في مجال رقابة المواطن خصوصا حول ظروف إدارتهم للعمل العمومي.

ويمكن تعريف رقابة العمل العمومي بأنه "كل عمل يقوم به المواطن أو منظمات المجتمع المدني بهدف رقابة العمل العمومي ومطالبة الدولة بإبلاغ (rendre compte) المواطنين عن ظروف سير مختلف شؤونهم.

وتوجد عدة آليات لهذا الإبلاغ أو حق الاطلاع والمشاركة في إدارة العمل العمومي من أهمها (اللجان الاستشارية، لجان الرقابة والتحكيم، المشاركة في رسم وإعداد السياسات، ...) ومما قد يساعد على نجاعة رقابة المواطن على العمل العمومي:

- سهولة الولوج إلى المعلومات الدقيقة والهادفة حول العمل العمومي؛

- تحديد ما يمكن تسميته في علم تدقيق السياسات العامة "نقطة العبور"، ويعنى بها "الخطأ التمهيدي" الذي ينبغي تشخيصه عاجلا وتصحيحه لأنه يؤثر سلبا وإجمالا على باقي عناصر السياسة العامة أو العمل العمومي.

فعلى سبيل المثال، فإن التوزيع غير العقلاني للموارد بموازنة عمومية ما يعتبر "خطأ تمهيديا" و"نقطة عبور" إلى فشل السياسة العمومية من أساسها عبر عدم انجاز العمل المطلوب بالحجم و الأجل والنوعية المطلوبين..

II- ملامح رقابة المواطن على العمل العمومي:

لا بد من ملاحظة أن مفهوم رقابة المواطن على العمل العمومي لا زال قليل التداول بل قليلون هم من يعرفون مدلوله حتى في أوساط النخبة السياسية والإدارية المتوسطة وإن كانت بعض ممارسات رقابة المواطن على العمل العمومي شاهدة ومشهودة في بعض السلوكيات اليومية للمواطنين.

وعموما فإن واقع رقابة المواطن على العمل العمومي ببلادنا يتميز بما يلي:

1. غياب المأسسة: حيث لا زالت التشريعات الوطنية على غرار أغلب الدول المثيلة، لمّا تدخل آليات رقابة المواطن ضمن ترتيباتها الرقابية، ...

2. ندرة منظمات المجتمع المدني الخاصة بترقية مفهوم وآليات رقابة المواطن على العمل العمومي مع الإشارة لدور بعض المنظمات القليلة العاملة في هذا المجال والتي تسعى -جهدها وأكث- إلى التحسيس حول ضرورة ترقية هذا المفهوم...


3. ملاحظة تنامي المقاربة التشاركية في بعض السياسات العمومية: وتجدر الإشارة والإشادة بالمقاربة التي طبعت تنظيم المنتديات العامة للديمقراطية، تحيين الإطار الاستيراتيجي لمحاربة الفقر، إقرار أهداف الالفية، تشكيل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، اللجنة العليا لتنظيم الصفقات العمومية، ترقية منظمات حماية المستهلك...

4. عجز في تعبئة الشركاء الفنيين والماليين: يحظى موضوع الديمقراطية التشاركية عموما ورقابة المواطن على العمل العمومي خصوصا باهتمام بالغ من طرف جميع شركاء التنمية (منظومة الأمم المتحدة، البنك الدولي، البنك الإفريقي للتنمية، ...).

ومن الملاحظ عجز كل السلطات العمومية والقطاعات المختصة ومنظمات المجتمع المدني عن تعبئة الممولين حول ضرورة ترقية تطبيقات مفهوم رقابة المواطن ببلادنا حتى يستعيد المواطن قناعته بأنه هو وسيلة التنمية وغايتها، وأن الإدارة الاستعمارية والإدارة القاهرة أو المستغلة وتلك التي "لا تخطئ ولا تساءل" قد ولى إلى غير رجعة وغير مأسوف عليها (إذا ذهب الحمار بأم عمرو فلا رجعت ولا رجع الحمار).

5- تنامي وعي المواطن بضرورة "إدارة مسؤولة":
ليس من الصعب ملاحظة تنامي وعي المواطنين الموريتانيين "، خصوصا الذين يسكنون في ألأرياف وأحزمة المدن والطبقة المتوسطة بضرورة إيجاد سلطة وإدارة "مسؤولة" تشعر بأن المواطن يسألها ويسائلها، وبالتالي تكون مرافق عمومية في خدمة المواطن لا أن يكون الأخير في خدمتها بالرشوة والوساطة، وسؤال الجاه من أجل نيل حقوقه والطاعة العمياء ولو في" مخالفة القانون "...

إذا كانت تلك محطات عاجلة في واقع رقابة المواطن على العمل العمومي فلا بد لنا أن نختم باستشراف آفاقها خصوصا في المدى القريب والمتوسط

III: إضاءات على آفاق رقابة المواطن على العمل العمومي

إن تنامي وعي المواطن عموما بحقوقه خصوصا اتجاه الإدارة والسلطات العمومية ومن يديرون السياسات العامة و ما هو وارد في الإعلان السياسي للاتحاد من أجل الجمهورية والبرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية من الالتزام بتأسيس حكامة راشدة قوامها المصادر البشرية -ابتداء و انتهاء- يحيلنا إلي أن المستقبل القريب ينبغي أن يشهد مزيد الاهتمام بترقية آليات رقابة المواطن علي العمل العمومي و من ذلك مثلا:

1..زيادة اليقظة لدي المواطنين ومنظمات المجتمع المدني من أجل مشاركة أمثل في إعداد و تنفيذ و تقييم العمل العمومي؛

2..ترسيخ الديمقراطية المحلية من خلال منح مزيد من الوسائل للبلديات باعتبارها الوحدة الإدارية الأكثر أقربية و مشروعية و خلق مستويات تحت بلدية des niveaux de décentralisations infra communaux ابتغاء مزيد من البحث عن مشاركة المواطن في الشأن العمومي.

ضف إلي ذلك خلق شبكات مجتمع مدني من المنظمات المهنية المحلية والنقابات والشخصيات المرجعية والتنظيمات الشبابية والنسوية ينتخب منها من يحضر جلسات المجالس البلدية بصفة مراقب ويساهم في الاقتراحات في صياغة وتحيين و تحسين السياسات المحلية ؛

3..إعداد برنامج وطني تتم صياغته بشكل تشاوري تصاعدي يعهد إليه بترقية مقاربة الديمقراطية التشاركية عموما وتفعيل رقابة المواطن على العمل العمومي خصوصا؛

4..إنشاء شبكة وطنية لدعم ترقية الديمقراطية التشاركية وتفعيل رقابة المواطن علي العمل الحكومي تقوم بإعداد سياسات مناصرة للمقاربة التشاركية وتدفع السلطات العمومية و الشركاء التنمويين إلي ترسيخها ذلكم أن التنمية تكون محلية أو لا تكون و لا تكون المحلية إلا بالأقربية و المشروعية معا.

و ختاما أعود لأكرر بأن الإضاءات التي قدمتها بعجالة إنما تهدف إلى تأطير النقاش الذي أتمني أن يكون جادا ومثمرا ورفيع المستوى خصوصا وأن المدعوين والحاضرين لهذه الندوة منهم أولي الاختصاص في الموضوع نظرية و ممارسة.

أشكركم و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.
محمد يحي حرمه
النائب الأول لرئيس حزب الاتحاد


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!