التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:03:48 غرينتش


تاريخ الإضافة : 14.08.2011 12:42:16

"المدونة الشرعية": إصدار جديد في مجال العلاقات الاجتماعية

غلاف الكتاب

غلاف الكتاب

تناول الدكتور محمد الأمين ولد محمد موسي الكفاءة الزوجية من منظور شرعي وذلك في كتاب أصدره تحت عنوان الأدلة الشرعية في الكفاءة الزوجية ، وقد تولت مطبعة المنار في نواكشوط إصدار الكتاب وعدد صفحات الكتاب هو 224 صفحة. ويعتبر الكتاب إضافة نوعية في المجال السوسيولوجي حيث ناقش إشكالا اجتماعيا ظل يؤرق المفكرين و جمهور المصلحين الذين ينادون بضرورة اعتبار البعد النظري في الإسلام حاكما للعادات والتقاليد، وقد ناقش الكتاب إشكالات لها بعد فقهي وآخر اجتماعي.

و من أهم محاور الكتاب مظاهر العدل في الإسلام وقد انتقد الكاتب فيها قوانين المدنية الحديثة والتي وإن حاولت المساواة بين البشر إلا أنها تبقي لم أنها لم تستطع بلوغ الكمال في سبر أعماق النفس البشرية كما أنها لم تعطها حقها من الكمال والكرامة والعزة كما فعلت الشريعة الغراء حسبما يرى الكاتب .

وقد أبرز المؤلف تكريم الله سبحانه للإنسان من حيث هو إنسان والمساواة بين مختلف الأعراق والأجناس البشرية باعتبار أن المعيار التفضيلي الذي علي أساسه يتم التمايز بين البشر هو معيار التقوى والذي علي أساسه قدم بلال بن رباح علي أبي سفيان بن حرب رضي الله عنهما ، والذي عنف بسببه الخليفة الراشد عمر الخطاب سعد بن أبي وقاص عندما بلغه عنه تعييره لسلمان الفارسي رضوان الله عنهم و بسبب نفس المعيار عاتب النبي صلي الله أبا بكر عندما قال كلاما عنف سلمان وصهيب وبلال ، قائلا لئن كنت أبغضت فقد أبغضت ربك.

ذكر المؤلف أن العدالة تجسدت في قصة جبلة بن الأهيم عندما وطئ رجلا من مزينة فأراد قومه قتل المزني فأبي عليهم عليه الأمير إلا القصاص بدون زيادة مما أدى إلي تنصره وفراره إلي بلاد الروم.

كما بحث الكتاب كذلك مواجهة الشريعة الإسلامية للنعرات الطائفية والقبلية ، متناولا آثارا نبوية تحذر من مغبة الاستجابة للنزعات العرقية والتي تصفها الشريعة الإسلامية بالمنتنة وكذلك قول النبي صلي الله وسلم من تعزى عليكم بعزاء الجاهلية فعضوه بهن أبيه و لا تكنوا و هي كلمة تصف مدي وقاحة الفخر بالآباء والانتماء العرقي ونبه الباحث إلي ضرورة إدراك المجتمع المسلم عامة والمجتمع الموريتاني خطورة هذه الأمراض القاتلة التي تهدد بنيان الكيان الاجتماعي ولذلك قال المصطفى صلي الله عليه وسلم ليس منا دعا إلي عصبية أو قاتل علي عصبية.

لينتقل الكتاب بعد ذلك إلي موضعه الرئيسي بادئا بالمرجعية الشرعية للكفاءة الزوجية وقد عرض الكاتب أنواع الكفاءات الزوجية التي كانت تنظر إليها الشعوب القديم كالروم وفارس والعرب ، فالروم ينظرون إلي الجمال كمعيار وحيد بينما يعتبر الفرس أن المعيار الأهم في الزواج هو وجود المال فيما يعتبر العرب أن النسب هو أهم المعاير ، أما النظرة الإسلامية فتعتقد أن الدين هو محور المعايير والذي يجب أن يتوفر فيمن يرغب في الزواج محذرة من العدول إن وجد معه الخلق بل إنها تجاوزت التحذير إلي ما هو أبعد منه وهو حصول الفتنة والفساد ومن المعلوم أن الفتنة من المنظور الشرعي أشد من القتل .

كما أكد المؤلف علي أن التوافق الزوجي لا ينبغي أن يكون معياره طبقيا أو عرقيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا وإنما هو الصلاح والتجاوب الروحي والانسجام الفكري والمزاجي استمرارا لهذا الرباط المقدس الذي أخذ بعهد الله وميثاقه، و بالتالي ينبغي علي كلا الزوجين اختيار الشريك الصالح.

ولتجسيد تطبيق هذه النماذج أعطى الكتاب نماذج علي هذا الاختيار منها نموذج بلال بن رباح الحبشي الذي تزوج هالة بنت عوف أخت عبد الرحمن وسلمان الفارسي الذي أراد مصاهرة أمير المؤمنين عمر وزيد بن حارثة الذي أصهر إلي البيت النبوي الشريف إذ تزوج زينب بنت جحش ودرة بنت أبي لهب والنموذج الآخر هو المقداد بن عمرو الذي تزوج من بضاعة بنت الزبير بن عبد المطلب وهو بنت عم رسول الله صلي الله عليه وسلم إضافة إلي نماذج أخري كثيرة .

وقد عرج الكتاب علي وجهة النظر الفقهية المتعلقة بالكفاءة الزوجية بالنسبة للفقه المالكي ليؤكد علي أن جمهور أمهات المالكية تعتمد علي الدين دون شرط النسب وأورد المؤلف نقلا عن الإمام مالك اعتباره أن المسلمين أكفاء بعضهم لبعض ، مضعفا الأقوال التي ترى اعتبار التكافؤ شرطا للكفاءة ، كما ذكر الكتاب رأي آخر يري أن الكفاءة في النسب أمر موجود وإن كان يستدل عليها بأدلة ضعيفة منها ومن هؤلاء الإمام أبو حنيفة.

وفي الأخير حث الكتاب علي ضرورة التكسب نبذا للاتكال وسعيا للحصول علي الرزق الحلال متشهدا بقول الخليفة علي الراشد إن السماء لا تمطر ذهبا، وبالتالي لا بد من بذل الجهد كي لا يشيع في المجتمع الكسل وقلة الإنتاج.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!