التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:13:33 غرينتش


تاريخ الإضافة : 29.08.2011 13:41:00

محاضرة محمد يحي ولد حرمة في الملتقى الأول لتوجيه الطلاب المتوجهين للخارج


بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على النبي الكريم
الملتقى السنوي الأول لتوجيه ودعم الطلاب
الموريتانيين المتوجهين إلى الخارج
دور التنظيمات الطلابية في موريتانيا
في إصلاح المجتمع

محمد يحي ولد حرمه/ النائب الأول لرئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية
محاضرة محمد يحي ولد حرمة في الملتقى الأول لتوجيه الطلاب المتوجهين للخارج

 السادة والسيدات رؤساء ومنتسبي التنظيمات الطلابية؛
 أيها المدعوون الكرام؛
 أيها الحضور الأفاضل.

بعد الشكر المستحق للإخوة والأخوات الطلاب القائمين على هذه الندوة الهامة، على الدعوة الكريمة للمشاركة بتبيان وجهة نظري حول محور "دور المنظمات الطلابية في مجهود الإصلاح".

أود بادئ الرأي أن أوضح أن مسيرة الإصلاح بجميع أبعادها خلال تاريخ الدولة الموريتانية الحديثة ذات "علاقة تاريخية وطيدة "بتضحيات للحركة الطلابية بالمدارس والجامعات.

وإشفاقا عليكم أيها الإخوة والأخوات من الإطالة وحتى أبقى أيضا في الحيز الزمني المخصص لهذه المشاركة المتواضعة سأعدد سريعا دون ادعاءٍ للإحاطة والاستقصاء، بعض الأدوار التي يجب على التنظيمات الطلابية أن تضطلع بها في المجهود الوطني العام للإصلاح ومن أهم تلك الأدوار:

1- دور دفع إصلاح التعليم وتصحيح المناهج:
وكما قلت مراراً وفي مناسبات سياسية وعلمية، فإن التعليم هو "القطاع الذي إذا صلح، صلح الوطن كله"، وأن الحال الذي عليه الآن يتطلب "حلف فضول وطني" لإصلاحه بهدوء ورزانة، ولكن أيضا بجرأة و تحدي وطموح..

وإنه لمن المعوَّل عليه دور التنظيمات الطلابية في اقتراح تشخيص الإختلالات المسجلة والإصلاحات الممكنة وخصوصا من خلال الضغط بالوسائل المتاحة من أجل تسريع وتيرة الإصلاح.

وطبقا لتدرج الأهداف وترتيب الأولويات فينبغي للتنظيمات الطلابية المساهمة في تنقيح المناهج التربوية وعصرنتها، استئناسا بالتجارب الناجحة بالدول المثيلة.

كما أن علي التنظيمات الطلابية تشجيع الأساتذة على بذل مزيد أو أقصى الجهد بتحضير أمثل لدروسهم ومحاضراتهم ضف إلي ذلك تصور الإجراءات اللازمة لدرء وردع بعض الانحرافات التي تتداولها بعض الألسنة بالمشهد الجامعي، والتي أضرت وتضر كثيرا بسمعة ومخرجات مؤسساتنا التعليمية، ومن الأكيد أنكم أيها السادة و السيدات فهمتم ما أقصد، و قديما قيل : اللبيب تكفيه الإشارة.

2- دور المساهمة في تعزيز الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي:

لا مراء في أن المنظمات الطلابية يجب أن تعكس كل ما من شأنه تعزيز أواصر الوحدة الوطنية، وهي بذلك تعطي نموذجا للتنظيمات الجمهورية والمواطنية والتي يتساوى فيها جميع المواطنين على اختلاف ألسنتهم وألوانهم..
وكما تعلمون فإن المدارس والجامعات تمثل "مصانع للوحدة الوطنية" ويجب أن تضطلع التنظيمات الطلابية ببرنامج خاص وغير تقليدي لتعزيز أواصر الوحدة الوطنية، فهم خير من يضرب مثلا لذلك.

ولست هنا في وارد إعطاء خطة عمل هذا البرنامج، لكنني أشدد على أن التنظيمات الطلابية إن تنافست في هذا المجال فإنها ستربح ثقة الرأي العام الطلابي عموما واحترام وتقدير المجتمع بأسره.

3- دور المساهمة في تصحيح بعض رواسب سلوكيات المجتمع:

يتفق الجميع على أن رواسب السلوكيات - ولا أقول السلوكيات حتى لا أكون قاسيا علينا جميعا- المعروفة عند البعض هي من معضلات الإصلاح والتنمية، كالاتكالية والكسل والعجز في التنظيم وازدراء الوقت.

وبالتالي فإنه من المنوط أيضا بالتنظيمات الطلابية أن تعد برامج خاصة لتقويم وتصحيح اعوجاجات السلوكيات لدى الوسط الطلابي.

فإذا صححنا انحرافات السلوك هذه في فئة الطلاب، فإن ذلك سيمثل إضافة نوعية لمجهود الإصلاح المجتمعي الذي نسعى جميعا لتحقيقه، وعلى القيادات الطلابية أن تبدأ بنفسها وتعطي المثال لمنتسبيها حتى يمكنهم أن يكونوا قدوة للمجتمع بأسره.

4- ترقية ثقافة العمل الجماعي والتضامن:

أعتقد أنه من الجائز الطموح بأن تضطلع التنظيمات الطلابية عندنا وهي التي ينبغي أن تكون "حمالة آمال وهموم المجتمع"، بدور طلائعي في ترقية ثقافة العمل الجماعي والتضامن.

ويمكن أن نجسد ذلك من خلال إعداد دورات أو حملات أو برامج ميدانية لصالح الفئات الهشة بالمجتمع تطوعا ماديا أو معنويا، وهو ما سيؤدي إلى خصلتين أولهما غرس قيم العمل الجماعي والتضامن في جيل الطلاب الذي هم ملاك قرار المستقبل، وثانيهما إحياء هذه القيم في المجتمع حتى تجد لها شيعة وأنصارا...

5- ترسيخ ثقافة النضال من أجل نيل الحقوق وأداء الواجبات:

كثيرا ما يتهيأ لبعض التنظيمات النقابية عموما والطلابية خصوصا أنها روابط من أجل الدفاع عن الحقوق فقط وتنسى أنها مطالبة أيضا بترقية ثقافة أداء الواجبات.

وغير خاف ما للتنظيمات الطلابية من دور في تربية الأجيال الصاعدة على ثقافة النضال من أجل الحقوق وأداء الواجبات وتلك هي ملامح شخصية المواطن الصالح الإيجابي عموما، خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بطلاب يستعدون للاتصاف بأهلية امتلاك القرار الوطني مستقبلا.


6- دور المساهمة في إعداد أجيال من الأطر ملتزمين وطنيا:

إن العمل النقابي الطلابي الذي ينخرط فيه أغلب الطلاب منتسبين وقادة، هو "مدرسة ثانية" للتكوين الثقافي والمواطني، وكلما كان ذاك التكوين مكثفا وطموحا وصادقا وخاليا من الأغراض السياسية والشخصية كلما ضمن أن تكون مخرجات التعليم متسلحة بثقافة مدنية قوامها "الالتزام الوطني" للطلاب...

و أعني بالالتزام وطنيا وجود جيل من خريجي المؤسسات التعليمية الملتزمين بقضايا الوطن المستعدين بل المبادرين بتقديم التضحيات سبيلا إلي رفع التحديات الكبرى و المزمنة التي تزحف الحراك التنموي بهذا البلد.

ولا يستطيع مكابر أن يغفل أن الغياب و التغييب و التضييق علي التنظيمات الطلابية خلال العهود الاستثنائية ساهم بشكل كبير في تدهور المستوي العلمي و الوعي المواطني للشباب الموريتاني.



7- دور استعادة الثقة بين الطالب و مؤسسات التعليم:

ليس من العسير ملاحظة هشاشة الثقة بين الطالب ومؤسسات التعليم حتى أن البعض يعتبرها"ضياعا للوقت" و"مقبرة للمواهب" و"مصنعا للبطالة".

وهو ما يحتم على التنظيمات الطلابية إعداد برامج خاصة لاستعادة ثقة الطلاب وخصوصا المتميزين وأصحاب المواهب مع مؤسسات التعليم و ذلك بالضغط من اجل إصلاح المناهج وتكريم التميز ومحاربة المحسوبية وتصفية المنحرفين والذي لا يبذلون جهدا حتى لا تكون مؤسساتنا التعليمية بمثابة "حضانة للكبار".

أيها السادة والسيدات:

قد يقول قائل منكم أني قسوت على التنظيمات الطلابية وحملتهم فوق طاقتهم بل حملتهم أوزار أصحاب القرار، ولكن هيهات فقد تلاحظون أني في كل مرة أقول بأن عليهم المساهمة ما يعني المسؤولية التشاركية.

تلك المسؤولية التي تقع في غالبها على عاتق أصحاب القرار أولا والذين أعلم منهم الوعي الكامل بمعضلات التعليم وامتلاك رؤية ثاقبة لمواجهتها.... والشاهد على ذلك ما تم إنجازه في السنوات الأخيرة من العديد من ورشات الإصلاح بقطاع التعليم على المستوى المؤسسي وعلى صعيد البنى التحتية...

و على الرغم من ذلك فلعلها سانحة كي أطالب بتسريع وتيرة إصلاح التعليم فلم يبدأ القرآن الكريم - ونحن في شهر القرآن الكريم تلاوة وتدبرا - بسورة "اقرأ" إلا لأن الإصلاح يجب أن يبدأ أولا بالتعليم وتصحيح البدايات - كما تفقهون - ضمان لسلامة النهايات.




أيها المدعوون الكرام

قبل ختام هذه المشاركة الموجزة أغتنم الفرصة لأوجه نداءين، النداء الأول موجه إلى التنظيمات الطلابية جميعا ابتغاء إعداد "ميثاق تنظيمات طلابية" ينطلق من المبادئ الثلاثة التالية:

1- امتلاك طموح كبير للطالب الموريتاني والمؤسسات التعليمية الموريتانية؛
2- اعتبار المؤسسات التعليمية قدوة لتجليات قيم الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي؛
3- الإبقاء على التنظيمات الطلابية "منطقة منزوعة التسيس".

أما النداء الثاني فأوجهه إلى الأحزاب السياسية وكافة الفاعلين السياسيين من أجل إعداد وتوقيع ميثاق شرف يتعهد بالنأي عن تسييس التنظيمات الطلابية حتى لا يشوش ذلك على بناء الإجماع الطلابي المطلوب لرفع التحديات الجسام التي تواجه الوسط التعليمي...

وهو أمر أحسبه اليوم هينا على الأحزاب السياسية حيث تتعدد و تتنوع المنابر المتاحة والمفتوحة أمام السياسيين لتسويغ وتسويق بضاعتهم الفكرية والسياسية.

خصوصا أنه من المفهوم و المعلوم أتهم إنما كانوا من قبل يلجأون لتسييس التنظيمات الطلابية لغياب وشح المنابر والمنافذ السياسية الأخرى... والآن وقد فتحت الحريات السياسية والإعلامية على مصراعيها فلينصرف السياسيون لشأنهم و ليتركوا الوسط الطلاب وشأنه فلكل منهم "شأن وطني" وهم وطني لا غنى عنه.

مرة أخرى أشكركم جميعا وأدعو لكم بقبول الصيام والقيام
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!