التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:13:45 غرينتش


تاريخ الإضافة : 07.09.2011 00:08:43

منظمة "إيرا":عريضة موجهة للفاعلين السياسيين الملتئمين حول ما يدعوه النظام بـ"الحوار"

مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية في موريتانيا

عريضة موجهة للفاعلين السياسيين الملتئمين حول ما يدعوه النظام بـ"الحوار"

1- الحجج

أنشئت مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية في شهر اكتوبر 2008 في سياق اتسم بالأزمة التي أعقبت الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله. وخلال المواجهة بين الطغمة ودعاة العودة إلى الحياة المدنية، لاحظت مجموعة من الأطر العجز الحاصل في معالجة رهانات موريتانيا المعاصرة، أي قضية دولة القانون والتعددية الاجتماعية على خلفية التمييز بالمولد التي تعيد إنتاجها وتحميها مكامن احتكار القوة.
وإبان إعلاننا عن حركتنا اتخذ سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله ومحمد ولد عبد العزيز (المتزعمان لطرفي النزاع داخل المجموعة المهيمنة) خطا تعتيميا تجاه هذه الإشكالية بالرغم من أنها تشكل لب المستقبل الوطني.

وهكذا لاحظنا أن التنافس بين اللانقلابيين والمتمسكين بالشرعية – رغم حضور رجال وأحزاب تقدمية في الفريق الأول- ظل قابعا في حدود خصام حول الشرعية وإعادة تشكيل الزعامة داخل النظام الذي ينتج، بدافع الحاجة، العنصرية والعبودية وما يفاقمهما من إنكار سافر ملازم عضويا للاعقوبة.

لقد رأت المبادرة الانعتاقية النور أساسا لتهز انحسار القيّم ولتفتح ثغرة في جدار التعتيم على الصدع المجتمعي والفئوي بغية إعادة مركزة الحوار حول المطالب، الملحة، المتعلقة بواقعية حق مجتمع الحراطين والزنوج الموريتانيين في مواطنة تامة.

إن مطالب المساواة، الراسية في الحاضر الفوري، والمعجونة في ذاكرة حادة تئن بالألم، ضاعفتها دعاوي إصلاح الأعطاب التاريخية، لتجعلنا، كي - نمنح معنى لتضحيات أجيال العبيد الذين قـُدموا قربانا على مذبح مهام ورفاهية أسيادهم- ننتظر من الدولة أن تعترف بالخطيئة الأولى وتكفر – ماديا ومن خلال تقاسم السلطة- عن قرون من الظلم المفروض على الكائن الأسود في موريتانيا.

2- المشكلة
بمناسبة "الحوار" الذي بادر إليه نظام الجنرال محمد ولد عبد العزيز مع بعض الأحزاب، فإن منظمتنا تدعو كل الفرقاء إلى أن يضعوا في صميم جلساتهم التحديات التي تقوض تجذر الديمقراطية وتمس من صميم التنمية المستدامة وتهيج المجتمع وتهدد السلم المدني.

وستقف مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية بالمرصاد أمام كل مكر بلاغي أو مفاهيمي يؤخر لأجل غير مسمى (في تراتبية الأولويات الوطنية) أو يعمل على تمييع، فضائح الماضي والحاضر المتعلقة بممارسات الاسترقاق متعدد الأشكال، والتمييز الملازم، والفصل العنصري المقام بها بساعد الدولة أو بتواطؤ منها ضد سود موريتانيا.

إن تفسيرا، جديرا بهذا الإسم، على مقاس شعب، لا يمكن أن يغفل أو يراوغ بشأن الإرث الثقيل، خاصة واجب الإفصاح عن الحقيقة وتطبيق العدالة في ما يتعلق بمشروع الإبادة الجماعية الذي ألبس زنوج موريتانيا ثوب الحداد والذي بات مرتكبوه، رغم تحديد هوياتهم، يسنفيدون دائما من حصانة مواقع التأثير والمكافئة في ظل نظام الجنرال ولد عبد العزيز: رئيس الدولة الحالي.

3- الحلول
• في موضوع العبودية:
من أجل القضاء نهائيا على الظاهرة ومحو آثارها يجدر بنا:
أ: التذكير بأن وجودها واقع معيش على عموم الفضاء الموريتاني ووضع تصريحات ولد عبد العزيز موضع الفرية؛ تلك التصريحات غير المقبولة والمسيئة والتي لم يجد صاحبها حرجا، يوم 5 أغشت 2011، خلال برنامج مباشر على شاشة التلفزة العومية الوحيدة، في نكران استمرار الجريمة، مشجعا بذلك الإدارة (ولاة وحكاما) والهيئات القضائية، وخاصة مسؤولي أجهزة الأمن، على متابعة غريزة الطائفية التي تدفعهم إلى الانحراف جانبا عن القانون كي يحموا ظروفهم بشكل أفضل.
ب- تطبيق مجموع إجراءات القانون 0048-2007 المجرم والمعاقب للممارسات الاسترقاقية خاصة المادة 12 الناصة على سجن وتغريم الولاة والحكام ورؤساء المراكز الإدارية وضباط ووكلاء الشرطة القضائية الذين لا يتابعون الحالات التي يُـبَـلغون عنها.
ج- إنشاء هيئة وطنية (كما كان منتظرا إبان إصدار القانون 0048-2007 من ضمن إجراءات مصاحبة أخرى) لتكون عونا للضحايا وتتكفل بهم وتضمن لهم تكوينات مهنية وتمولهم في سبيل الاستقلالية الذاتية الفردية.
د- تفكيك الحيازة الإقطاعية للأرض؛ مكمن ضعف السلطات العمومية حيث تترسخ السيطرة على السكان من خدام الحراطين الممنوعين من التمتع بالملكية التي هي واحدة من الحقوق الأساسية للإنسان.
ليس من أقل المفارقات أن بـُـناة وصَـنـَـعة موريتانيا يدويا، لا يملكون حقولا تخصهم، وعليهم كي يحيوا أن يزرعوا ويسمنوا سيد الأمس واليوم، وبالرغم من إصلاح عقاري صادر سنة 1983 تحت مبدأ الملكية الفردية والنهائية للأرض فإن القانون العقاري المعمول به، يجسد العلاقة الوثيقة - من سببيتها إلى نتائجها - بين الامتياز بالمولد والأولوية على الساحة.
إن الساكنة الخاضعين لدونية المقام يعتاشون تحت نظام القوت غير المضمون، وبالتالي يفوضون حقهم في التصويت للذين يعملون على إبقائهم في حالة القصّر.. إنها عبودية زراعية خلقتها إقطاعية الناخبين الكبار. وإنه لفي محله قطعا إذا حدانا الأمل في وضع حد لمختلف أشكال الإقصاء التي جُـبل عليها المجتمع الموريتاني، وأن نحطم بمعيار دستوري كل ادعاء يقوم على شجرة نسب مؤداه احتكار الأرض دون إحيائها. إن المزارع الحرطاني يستحق، بأثر رجعي، أن يحصل على حق الأولوية (بدفع المقابل) عن المساحات التي أثمرت على يده وبعرق جبينه.
وإن هذا المشروع، الطموح بلا شك، يمر أولا بإلغاء كل ملكية على الفيافي (أو الأرض المشاعة).
هـ- إن تسوية كل ملفات الرق التي قدمت للقضاء الموريتاني مسألة تفرض نفسها كبرهان على القطيعة. وفي هذا المضمار فإنه ثمة ملفات تنتظر مخرجا (عيشة بنت امبارك، امباركه بنت أساتين، حسنيه بنت ببه، احويجه بنت محمد الأمين، السالكه بنت زايد، ميمه بنت عمر، فطمة بنت معط مولانا، حنه بنت ماريه، الأخوان سعيد ويرك، وآخر حالة هي اعويشيته بنت محمدي: الطفلة البالغة 10 سنوات والمفقودة حتى اللحظة على الرغم من الاتهام بالاشتباه بممارسة الرق الموجه لعيشه بنت صيبوط التي كانت تـُخضعها للخدمة بالتوارث مما يثير مخاوف خطيرة بشأن تطور نكران الآخر من وتيرة لفظية إلى عمليات الاختطاف وربما القتل مع سبق الإصرار.
و- إطلاق سراح السجين بلخير ولد الشيخ جنك المحكوم عليه بسنة من السجن ثلاثة أشهر منها نافذة بسبب أنه - وبعضا من رفاقه- شجب، طبقا للقانون 0084-2007، حالة العبودية الممارسة على اعويشيته.
لـ- إعادة النظر، بمعية الروابط القادرة على إرشاد الضحايا، في برنامج محاربة آثار العبودية البالغة ميزانيته 250 مليون دولار أمريكي، كي نتحاشى أن يـُـستخدم (وأية سخرية!) في إثراء الأسياد.
ر- تنظيم حملة إعلامية حول القوانين الرادعة للممارسات الاسترقاقية مع تكوين سنوي على كل المستويات من التعليم الأساسي والثانوي، تنبثق عنها جوائز وتعويضات جوهرية، يكون من طبيعتها أن تغذي في المجتمع سلسبيل التكافل الطوعي ووعي أفضل لقيمة الإنسان.
ز- إشراك منظمات المجتمع المدني والسياسيين والقوى الوطنية الحية والأعيان ورجال الدين في الحوار المتجدد على مدار السنة، كما يجب أن يتم إشراك كل الفاعلين الملتزمين بشكل رصين بمبادئ المساواة والعدالة.

بخصوص الإبادة الجماعية المجهضة

من أجل تسوية الإرث الإنساني الثقيل المرتبط بالتنفيذ المبتور للتطهير العرقي الموجه ضد السود غير المستعربين في موريتانيا، والطي التام لهذه الصفحة المخجلة من تاريخنا، فإن طرق الخلاص تبدو رائقة ما دام سوء استخدامات السلطة ما يزال لاصقا بالأذهان من خلال شهادات متدفقة وحية.

ط- وضع لجنة تـُـعنى بالحقيقة والعدالة، تكون مستقلة بغية تسليط الضوء على ادعاءات التعذيب والتقتيل والترحيل القسري والسلب وباقي الابتزازات لتحديد المسؤوليات الفردية والمنصوصة قانونيا.
ظ- التشاور من أجل إشراك التشكيلات السياسية والمدنية التي تخوض، منذ أمد، كفاحا هدفه الاعتراف بمحاولة التطهير العرقي وورثة الضحايا والناجين بحثا عن المواءمة الأمثل بين جهود إصلاح الأضرار المدنية وواجب العقوبة الجنائية.
ع- وضع قافلة وطنية للسلام والمصالحة تجوب -على مدى عقد- كافة التراب الوطني، إبان السنة الدراسية، من أجل الإخبار والشرح والإقناع حول حجة "أبدا لن يتكرر هذا" كآلية يقظة وكوقاية من أية انتكاسة.
غ- التعويض للضحايا والناجين وضمان دفع التعويضات للأرامل واليتامى بما يتناسب مع التضخم والغلاء.
ي- تنظيم أيام لإحياء الذاكرة وإقامة صلوات وترحمات دورية في إنال واجريده والعزلات وكل مكان يرمز للهمجية، مع إشراك الناجين (اعتبارا لحقهم في ذات الذكرى).. كل ذلك يجب أن يشفع بتغطية إعلامية.
ف- إعلان يوم 27 نوفمبر يوما وطنيا للشهداء.

بخصوص موضوع تمتين أواصر الوحدة
ترميم وتمتين أواصر اللحمة يتطلب إجراءات جادة وملموسة تستطيع طمأنة كل المواطنين الموريتانيين بتجرد تام من ألوانهم ولغاتهم، وهكذا من المهم أن:

ق- نبرهن على إنصافنا في توزيع الثروات الوطنية بين مكونات المجتمع من أجل أن نبعد الامتيازات الخفية والمهيكلة كمحاباة الأقارب والجهوية والقبلية والعرق والمولد.
ك- إعادة هيكلة أجهزة الدولة خاصة سلك القضاء الذي لا يعكس اليوم إلا وجه الظلم الدميم وعبء تاريخ وحيد آن الأوان كي نتخلص منه، والتوزيع المتوازن والدقيق لوظائف صنع القرار والتأثير ولكل مواقع المسؤولية العمومية في القطاع المدني والقوات المسلحة وقوات الأمن بوصفها فرصة أخيرة لعلاج مجتمع متعدد الأعراق ومتعدد الثقافات مريض اليوم، بل وفي حالة موت لتراجعه وتهربه وهروبه من التشخيص المميت لارتشائها.
ص- القيام على عمليات التسجيل الإحصائي الحصري الحالي بغية إعادة تعريف المعايير المعقولة وأهداف تحديد الهوية. إنه لمن المستعجل أن نضع تصورا لسجل جديد ثابت يجمل فحواه وجهة نظر متفق عليها بين الأحزاب السياسية والمجتمع المدني. وعلى الاستمارة أن تعترف للحراطين برقعتهم كمكونة وطنية على حدة انطلاقا من تاريخهم وأصولهم التي تؤول تركيبتها إلى تميز ممتد موضوعيا عبر القرون.
ض- ترقية قيم المواطنة كوسيلة وحيدة أساسية لتجذير الديمقراطية من خلال المسلمة الثورية: "شخص واحد، صوت واحد".
م- ضمان حق الحصول على الأوراق المدنية وعلى الجنسية المتعددة لكل المواطنين الموريتانيين دون تمييز في العرق أو اللون.
ن- تحسين ظروف حياة المساجين المعرضين أكثر فأكثر لرعب الاختلاط في خرق تام لآليات حماية المعتقلين الموقعة والمصدقة من طرف موريتانيا.
ف- فتح كل مراتب التعليم العمومي دون أي تمييز أمام كل أبناء موريتانيا، ومن ثم مراجعة الصورة السيئة للمدرسة العسكرية والمدرسة الوطنية للإدارة التي أصبحت محمية حصريا تقريبا على مجتمع باذخ وأورستقراطي من أبناء وأحفاد الاستغلاليين تحت حماية النظام والمتصعلكين.
ق- وضع لجان تفتيش لمسابقات الوظيفة العمومية ومناقصات صفقات الدولة خدمة للتنوع الوطني بصفة تحبط كل الانحرافات.

خاتمة
إن العرض، أعلاه، يواصل المهمة، ذات المدى الطويل، لنجذر في أذهان الموريتانيين أن زمن الإكراه والتفضيل واللاعقوبة قد ولى. وبزغت، من الآن فصاعدا، وبصفة حتمية عنيدة، ساعة التقاسم والتساوي في الأنصبة، بين المواطنين الراشدين، تحت رعاية الدولة.

نواكشوط بتاريخ............................


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!