التاريخ: 20.09.2024 التوقيت:04:22 غرينتش
تاريخ الإضافة : 13.09.2011 09:26:36
مصادر قضائية:فصل القضاة عودة إلى عهد ولد الطائع
الأخبار/خاص
و اعتبرت مصادر قضائية في حديث مع "الأخبار" صباح اليوم 10 سبتمبر 2011 أن القرار الذي ينوي المجلس الأعلى للقضاء اتخاذه يعد نوعا من محاكمة القناعة الشخصية للقضاة، وهو طعن في استقلالية القضاء، إذ يمثل إشهارا لسلطة العقاب أمام كل من تسول له نفسه الحكم بما يخالف إرادة الحكومة، و يشكل هاجسا لدى القضاة في ضرورة مراعاة رأي السلطات التنفيذية، و يجعل القضاة ينظرون إلى الأحكام خوفا من العقاب.
وأشارت المصادر إلى أن قرار التأديب يعد حكما في الملف؛ لأن التشكلة التي وضع الملف أمامها الآن إما أن تحكم بتجريم المتهمين فتدور في فلك السلطة التنفيذية، وإما أن تبرئهم فتواجه مصير سابقتها وهو الفصل والتأديب.
وقالت المصادر إن القضاة إما أن يتم الطعن فيهم بقضايا تتعلق بالرشوة، وفي هذه الحالة تبنغي معاقبتهم بالمتابعة القضائية، وإما أن يتعلق الأمر بقضايا الأحكام، وفي هذه الحالة فلاينبغي العقاب على القناعة ومحاولة التأثير على استقلالية القضاة بالتخويف والفصل؛ لأن المشرع خول لمحكمة أعلى من هذه المحكمة الطعن في إجراءاتها، وهو الهدف من تراتبية القضاء.
تاريخ العقوبات
لكن انزعاج الدولة حينها من القرار أدى بها إلى فصل قاضي التحقيق وعلقت عمل محمد سيديا ولد محمد محمود رئيس الغرفة المختلطة بمحكمة الاستئناف ورئيس الغرفة المدنية بالمحكمة العليا حاليا، وتحويل سيد ابراهيم ولد محمد محمود من وكيل جمهوية بروصو إلى قاض بلعيون, كما لم ينج رئيس الغرفة الجزائية بالمحكمة العليا المعروف باستقامته من التحويل كذلك.
وقد أطلق المحامي محمدن ولد إشدو على هذه القضية اسم "احنش ولد اصطيله".
إن التنظيم القضائي في فترة ولد الطائع يختلف كثيرا عما هو عليه الآن؛ لأن دورالاستشاريين بالمحاكم في النظام القديم يقتصر على الاستشارة والرأي فقط، وهو ما يفسر اقتصار العقوبة على رؤساء المحاكم حينها لأنهم من يتخذ القرار بالحكم دون غيرهم، أما الآن فالقضاء تداولي، والمسؤولية فيه جماعية، وتصدر الأحكام فيه بالتصويت، وهو ما يجعل دور رئيس المحكمة مماثل لدور المتشارين.
خلاف شخصي
وتعود هذه الخلافات إلى رفض ولد النيني حين كان وكيلا للجمهورية بمقاطعة كيهيدي سجن بعض المعتقلين الذين حكمت المحكمة ببراءتهم، إثر طلب السيد ولد الغيلاني المدعي العام حينها بعدم الإفراج عنهم، مشيرا إلى أنه لايمكن أن يسجن احتياطيا من تمت براءته من طرف المحاكم، وهو ما أثار غضب ولد الغيلاني، فطلب منه الدخول إلى نواكشوط.
وتعضد المصادر رأيها بأن المفتش العام المساعد للقضاء الذي تولى التفتيش الميداني للقضاة بعد حكمهم لم يتضمن تقريره رأيا بالفصل، لكن الوزير اعتمد في طلبه فصل القاضي على تقرير قدمه المفتش العام الحالي للقضاء محمد ولد عبدي، المقرب منه، والذي تتماهى مع تقريره رسالة الوزير إلى حد كبير، متجاهلا التقرير الميداني الذي أعده سلفه، وهو ما يؤكد إصرارا على العقوبة حسب المصادر.
و عززت المصادر رأيها بكون المشمولين في الملف يقارب عددهم ثلاثين، وقد تمت تبرئتهم، إلا خمسة، فلماذا الجهات التي برأتهم.
واستغربت مصادر قضائية معاقبة القضاة الخمسة الذين حكموا في ملف المخدرات، رغم أن غرفة الاتهام بحكمة الاستئناف اتخذت قرارا مماثلا بإلغاء الإجراءات المتعبة في ملف المخدرات ولم تدع الوزارة المجلس التأديبي لمعاقبة أعضائها.
ولم يجتمع المجلس الأعلى المكلف بالتأديب منذ المصادقة على النظام الأساسي للقضاء قبل سنوات سوى مرة واحدة، من اجل اتخاذ قرار بمعاقبة القاضي يحي ولد الن على كثرة تغيبه، وتحويله من كيهيدي إلى تجكجه، وهو القرار الذي لم يتم تنفيذه؛ حيث حوله المجلس الأعلى للقضاء الموالي إلى مقاطعة نواكشوط، وهو الآن رئيس محكمة مقاطعة في نواكشوط.
قرار مستغرب
واستغرب مراقبون اللجوء إلى فصل القضاة، في حين أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز عفا عن بعض المشمولين في ملف المخدرات، رغم أن من بينهم من اعترف بضلوعه في الملف كالمواطن الفرنسي "والتر أريك أميكان" وحكم عليه، فكيف تتم معاقبة قضاة قاموا بإبطال إجراءات تبين لهم بطلانها.
واعتبرت نفس المصادر أن اللجوء إلى الفصل يدل على أن النظام لا يريد الإفراج في ملف المخدرات إلا عمن تكرم هو بالعفو عنه، مشيرة إلى أن تحريك ملف المخدرات في هذه الآونة بالذات لا يعدو أحد أمرين:
- إما أن يكون تغطية على عملية كبيرة يتم الإعداد لها هذه الأثناء في الصحاري الموريتانية، وتريد السلطات التنفيذية إظهار صورة ناصعة توحي بأنها صارمة في معاقبة الضالعين في الملف، وهو ما رجحته تلك المصادر.
- وإما أن يكون بهدف التسول الدبلوماسي؛ رغبة في الاستفادة من بعض الأموال الدولية التي ترصدها بعض الجهات لمحاربة المخدرات.
واستغرب البعض اللجوء إلى معاقبة القضاة في هذا الملف رغم أنهم الأقلية المعنية به، بينما يلعب عدد من المسؤولين الأمنيين الكبار وضباط الشرطة دورا بارزا في ملف المخدرات.
قد اتصلت "الأخبار" بمسؤولين في وزارة العدل ورفضوا التعليق على الملف بحجة واجب التحفظ، كما اتصلت ببعض القضاة المعنيين، ورفضوا الحديث بالحجة ذاتها.