التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:17:18 غرينتش


تاريخ الإضافة : 24.06.2008 12:02:20

من ينصف الحكومة ؟

بقلم : محمد مولود ولد المعلوم*

بعد ما يقارب الشهر ونصف على تشكيل الحكومة بدأ التململ والغضب ينتاب الكثير من المواطنين وبعض السياسيين نتيجة للطريقة التي شكلت بها الحكومة أصلا وما تلاها بعد ذلك من نتائج هزيلة على الأرض حيث أن هذه الحكومة لم تستطع حتى الآن حلحلة أي من الملفات العالقة أو مواصلة تسوية ما شرع في معالجته من قبل-إبان الحكومة السابقة- ، ولم تعمل بما فيه الكفاية لتخفيف حدة الغلاء المعيشي مما زاد المواطن العادي ضجرا واشمئزازا وتحسرا فلا برنامج التدخل الخاص الذي أوشك على نهايته خلص إلى شيء يذكر ولا أدى إلى انعكاسات ايجابية على حياة المواطنين ، ومن جانب آخر فلا جديد على مستوى ملف الفساد والإفساد الإداري سوى محاولة تلميع بعض رموز الفساد السابقين وإمدادهم بمزيد من النفوذ والسلطة في مختلف مواقع ومراكز صنع القرار ..هذه الحالة السيئة جعلت بعض أحزاب المعارضة وكذلك بعض أحزاب الأغلبية تلتقط الفرصة للطعن في الحكومة وشن حملة شعواء للضغط عليها من أجل تحقيق بعض المكاسب أو استعادة بعض المصالح والنفوذ "المفقود" لكي يؤدي ذلك إلى إفشالها وهي تخطو خطواتها الأولى ، خصوصا وأن أي حكومة بحاجة إلى وقت لزرع الثقة وترسيخ أقدامها وتثبيت أركانها في الحكم لاسيما عندما يكون أمامها ارث كبير من الملفات العالقة والتحديات الصعبة .
ومن هنا فان الحملة الدعائية التي شنتها المعارضة على الحكومة-بعيدا عن لغة الأرقام وملابساتها- لها ما يبررها خاصة وأنها الوضع البائس الذي تعيش البلاد يرثى له والأخطاء والهفوات بينة في طريقة تشكيل الحكومة وفي أسلوب إدارتها للأمور حتى الآن ، وهو "خلل في صلب إدارة الحكم" جعل المعارضة تستغل مواضع الضعف في أداء وتسيير الحكومة الحالية وتعلن وجهة نظرها للرأي العام وتعمل على حفر الأنفاق من تحت أقدام الحكومة باستخدام مختلف الوسائل سبيلا إلى إسقاطها أو إفشالها ، وهذا الأسلوب شيء طبيعي في عمل ودور المعارضة أي كان لونها أو شكلها السياسي لكن هل بمقدور الحكومة الصمود في وجه الضغوط ومحاولات الابتزاز ؟
لست من المدافعين هنا عن الحكومة ولكني كمراقب أرى بأن الأسلوب الذي تجابه به الحكومة الحالية دعوات الاستقالة وأساليب الضغط السياسي والانتقادات والاتهامات والاتهامات المضادة ما زال ينقصه قدر من الوعي وسوء الأسلوب والتقدير ، فصحيح أنه عقدت حوارات ومشاورات بين الأطراف المشكلة للحكومة كإجراء لبناء الثقة بينها وتحديد أولويات المرحلة وكذلك عقدت مؤتمرات صحفية وصدرت تصريحات إعلامية تفند الاتهامات المضادة وتنتقد الطرف المقابل ، إلا أن غياب إستراتيجية إعلامية –وليست دعائية- محكمة للحكومة ترد على الحجة بالحجة وتوفر المعلومات الصحيحة للصحافة مازال هو سيد الموقف مما قد يجعلها ضحية لمزيد من الدعاية الرخيصة وسوء الفهم.
وعلى الرغم من أن حكومة ولد الواقف لم تستكمل أشهرها الأولى في الحكم ولم تقدم برنامجها السياسي وضيعت مرحلتها الأولى في الانشغال بالرحلات المكوكية والزيارات المارتونية والحفلات الجانبية ، غير أن عامل الوقت والزمن يمر بسرعة فإذا لم تشرع الحكومة في إدراك ما يمكن إدراكه وإنقاذ ما يمكن إنقاذه بواسطة إجراءات عملية تخفف عن كاهل المواطن غلاء المعيشة وتزرع الثقة والأمل في قلوب الناس ، فإنها ستبقى عرضة لمزيد من الانتقادات والاتهامات والضغوط و"ربما السقوط في أية لحظة" وهي في مراحل اختبارها الأولى ، فالمواطنون يريدون أفعالا لا أقوالا فالكلمات الجميلة والخطابات الرنانة لا تسمن ولا تغني من جوع إذا لم تصاحبها إجراءات على الأرض ترفع الظلم وتؤوي المحروم وتطعم الجائع وتسقي العطشان .
*كاتب ومحلل سياسي


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!