التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:07:31 غرينتش


تاريخ الإضافة : 26.06.2008 16:01:43

الأخبار تنشر النص الكامل لكلمة زعيم المعارضة السيد أحمد ولد داداه

خطاب أحمد ولد داداه رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية
في المؤتمر الأول للحزب
المنعقد في 22 ،23،24، جمادى الثانية 1429
الموافق
26-27-28 يونيو 2008

أيها الضــــــيوف الكرام،
إخواني أخواتي أعضاء المؤتمر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إنه ليشرفني أن أرحب بضيوف هذا المؤتمر من الشخصيات السياسية الوطنية والدولية، وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين في موريتانيا وممثلي المنظمات الدولية، وهيئات المجتمع المدني وممثلي وسائل الإعلام، الذين يشرفونا بحضورهم معنا اليوم هذا اللقاء الوطني، وأعبر عن سعادتي الغامرة بوجودهم، وبكل المشاركين في المؤتمر الأول العادي لحزب تكتل القوى الديمقراطية.

إن تلاحق التطورات في نضالنا السياسي، وظروف الاضطراب التي طبعت الفترة الممتدة من 2002 إلى 2007 لم تسمح لهذا الحزب المؤسس في يوليو 2001 والذي ورث اتحاد القوى الديمقراطية/ عهد جديد المحظور جورا في 28 أكتوبر 2000 بإطلاق حملة سياسية حقيقية للانتساب وتنصيب الهيئات القاعدية.
وفي هذه السنة فقط، تمكنا بفضل الانفراج الديمقراطي الناتج عن الانتخابات العامة والرئاسية الأخيرة التي تفاعل معها الشعب الموريتاني بحرارة، من تشكيل أقسامنا في المقاطعات واتحادياتنا الجهوية في جو مفعم بالنشاط والحماس.
إن حزب تكتل القوى الديمقراطية قد أكمل تنصيبه اليوم على جميع تراب الجمهورية بإقامة واحد وسبعين (71) قسما، موزعا على خمسة عشر اتحادية، ثلاث منها في نواكشوط ، وذلك على النحو الآتي :

 

الاتحاديات

الأقسام

عدد المنتسبين

 

 

نواكشوط

3

9

45600

 

نواذيبو

1

2

5490

 

الحوض الشرقي

1

10

7028

 

الحوض الغربي

1

6

4914

 

العصابة

1

7

20129

 

كوركول

1

4

7566

 

البراكنة

1

8

17525

 

الترازه

1

12

46565

 

آدرار

1

4

1320

 

تكانت

1

3

2016

 

تيرس زمور

1

4

     2180

 

كيديماغا

1

3

7206

 

إينشيرى

1

1

1161

 

المجموع

15

73

168700


لقد تعثر سير الحزب في الفترة ما بين 2000 و 2005 بسبب الاعتداءات المتكررة على إدارته ورئيسه، ونواب رئيسه وأعضاء مكتبه التنفيذي، وأطره ومناضليه، الذين تم توقيفهم وسجنهم عدة مرات خصوصا في ابريل 2000 وفي دجمبر 2004 من طرف النظام الحاكم آنذاك، الذي ظل يواصل القمع التعسفي ضد الحزب منذ سنة 1992 من القرن الماضي. كما تم وضع الرئيس وبعض أعضاء المكتب التنفيذي رهن الإقامة الجبرية لمدة 15 يوما في تيشيت ووادان سنة 1995، وسجن الرئيس ونائبه الأستاذ محمذن ولد باباه والأستاذ محمدن ولد إشدو لمدة شهر في بومديد في الفترة ما بين منتصف دجمبر 1998 ومنتصف يناير 1999 ، كما تعرض كل من محمد محمود ولد لمات واليدالى ولد الشيخ، على التوالي نائب الرئيس واتحادي نواذيبو للتعذيب.
ونذكّر هنا بالقمع الوحشي الذي مورس ضد مئات من مناضلات الحزب اللاتي استنكرن أمام البرلمان اعتقال القادة في بومديد في يناير 1999.

إخواني أخواتي أعضاء المؤتمر

إن هذا القمع جاء فقط لأننا ناضلنا للدفاع عن فكرة معينة من أجل موريتانيا، وفي مواجهة المساس الخطير بالوحدة الوطنية الذي بلغ أوجه في ذلك العهد الاستثنائي. هذا المساس الذي خلف جروحا حسية ومعنوية كان أثرها علينا فادحا ومباشرا.
ولا يمكننا أن ننسى هجوم الشرطة على مقر اتحادية نواكشوط سنة 2000 والذي تسبب في جرح عدد من المناضلين من بينهم المناضل الكبير المرحوم محمد ولد هارون ولد الشيخ سيديا، الذي تعرض ساعده الأيمن لعجز جزئي ظل يلازمه حتى وفاته قبل أقل من سنة. ولا يحصى عدد المناضلين الذين تعرضوا للقمع والتحرش والإقصاء.
إن الاعتداءات البوليسية المتكررة والمضايقات الإدارية والإقصاء، والمقاطعة الاقتصادية، كانت هي نصيبَ الحزب أثناء هذه الفترة. إنها الأساليب التي كان النظام يتعامل بها لمعاقبة نضال حزبنا الذي كان يعمل من أجل:
-تقوية لحمة الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي.
- إرساء ديمقراطية حقيقية في البلد.
- الممارسة الفعلية للحريات الخاصة والعامة.
- العمل بنظام التصريح المسبق لتأسيس الأحزاب والجمعيات والنقابات والاجتماعات والتظاهرات العامة.
- حرية الصحافة كأساس للديمقراطية.
- إنشاء لجنة وطنية مستقلة لانتخابات حرة وشفافة وصادقة لإقامة دولة مدنية.
- تكافؤ الفرص أمام كل المواطنين في جميع مجالات الحياة الوطنية.
- إرساء مجتمع عصري يكون العمل والكفاءة هما وحدهما معايير الامتياز فيه.
وأغتنم هذه الفرصة لأحيي شجاعة وصمود ووفاء كل مناضلينا من قادة وأطر رجالا ونساء من كل الفئات أحياء وأمواتا، الذين استرخصوا التضحيات لتحقيق أهداف حزبنا النبيلة. وأؤكد هنا وفاءنا للنضال من أجل أهدافنا المشتركة وتصميمنا على الكفاح من اجل دولة موريتانية تضمن للجميع العدالة والمساواة والانعتاق والرفاه. وهذا ما جعلنا نختار شعار "الوفاء والصمود" لمؤتمرنا هذا .
إن إخلاصنا للقيم والمبادئ المؤسسة لحزبنا تفسر تمسكنا بضرورة القضاء على الإرث الإنساني، وذلك بتنظيم عودة مشرفة ومنصفة للمبعدين والعائدين والقضاء على ممارسات ومخلفات العبودية، والسعي إلى تحقيق تطلعات الموريتانيين في الحرية والرفاه الاجتماعي.

وقد تجنبت إدارة حزبنا المجابهة، وقبلت بالمشاركة في انتخابات 2001 التشريعية وفي رئاسيات السابع من نومبر 2003 إثر دخول البلد في مرحلة زوبعة سياسية جاءت بعد محاولة انقلاب 8 يونيو 2003 ـ قمنا بذلك من أجل الحفاظ على السلم المدني والوحدة الوطنية، اللذين تعرضا لامتحانات صعبة بسبب عدم توفر حكام البلاد على رؤية سياسية واضحة للمصلحة الوطنية، ورفضهم التخلي عن الأحادية السياسية المكرسة بصورة سطحية عن طريق الرشوة فقط.
وبدون مفاجأة سمحت تقنيات التزوير المألوفة لدى أوساط وزارة الداخلية والولاة والحكام بانتصار كبير لرئيس الدولة آنذاك ولحزبه، لكنه لم يكن في النهاية انتصارا حقيقيا، إذ هز الثامن من يونيو أركان العرش وهيبته وحرمة الملك الذي تخلى عنه حزبه وأنصاره.

وهكذا سببت الانقلابات والمحاولات العديدة وعدم استقرار تسيير الدولة، والاستيلاء على الخيرات العامة من طرف مستشاري الرئيس والمقربين منه وكبار المسؤولين، أزمة أخلاقية عميقة تزامنت معها أزمة سياسية حادة.

وتسارعت الأحداث السياسية والعسكرية والاقتصادية والمالية ابتداء من دجمبر 2003 مؤدية إلى الانقلاب الذي أطاح بالنظام في 3 أغشت 2005. والذي استقبل فيه المواطنون وخاصة حزبنا هذا التحول بالفرح، لأنهم رأوا فيه بصيص أمل ينهي الأحكام الاستثنائية .
إن المصلحة الوطنية كانت تتطلب مرحلة انتقالية قصيرة لتسهيل إقامة مؤسسات ديمقراطية، عبر انتخابات عامة ورئاسية حرة وشفافة وذات مصداقية، غايتها خلق ظروف دستورية وشرعية وإدارية، تؤمن التناوب السياسي، وتخرج الجيش من شرك السياسة، ليتفرغ في إطار نظام ديمقراطي ودولة قانون، لمهمته النبيلة المتمثلة في الدفاع عن الاستقلال الوطني والحوزة الترابية للبلد.

إن حزب تكتل القوى الديمقراطية قد ساهم مع التشكيلات السياسية الأخرى المعارضة، وبدعم دؤوب من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، بمواكبة المسلسل الانتقالي الذي دام تسعة عشر شهرا (19) وأتاح فرصة لمراجعة شاملة للّوائح الانتخابية وتنصيب لجنة مستقلة للانتخابات، والمصادقة على نظام انتخابي جديد وتنظيم انتخابات كانت أقرب إلى الشفافية من تلك المنظمة سنتي 1992 و2003 لكنها مع ذلك، لم تخل من اختلالات تتمثل في التزوير وعدم حياد المجلس العسكري؛ وبمناسبة هذا المؤتمر فإن الواجب يحتم علي أن أعترف بأن هذه الانتخابات ـ وإن كانت شفافة تقنيا ـ فإنها لم تكن حرة، نظرا للضغوط، واستغلال النفوذ الذي مارسته شخصيات عسكرية ومدنية تشغل أعلى المناصب في هرم الدولة.
فدعاية بعض الأحزاب وتشجيع الترشحات المستقلة في الاستحقاقات البلدية والبرلمانية والرئاسية، واستخدام وسائل الدولة التي وجهت لتمويل حملات المرشحين المستقلين، كل هذا أظهر أن الحياد المعلن كان خداعا، لوجود آلية لدعم العديد من الترشحات المستقلة، المنسقة كلها من مركز واحد يحدد الأهداف والتكتيكات ويصرف الأموال ويوزع أشخاص الحملة.
ورغم هذه العقبات التي زرعت في طريقه، فإن حزب تكتل القوي الديمقراطية شارك في جميع الاستحقاقات الانتخابية وحصل علي أكبر النتائج، مما أهله لأن يكون القوة السياسية الأولي في البلد.
لقد حصد مرشح الحزب في الرئاسيات نسبة 47% ونيف من الأصوات المعبر عنها، وقبل فورا انتصار المرشح الذي تبناه النظام، مجنبا موريتانيا بذلك، انزلاقات واضطرابات سياسية، عاشتها بلدان أخرى في مناسبات مماثلة، وهكذا أمسك مرشحون مستقلون زمام السلطات التنفيذية والتشريعية على رأس هرم رئاسة الجمهورية والحكومة.
وفي كل الأحوال، فلا شيء يجمع هؤلاء الأشخاص الذين لا رؤية تجمعهم ولا تجربة نضال سياسي مشترك ولا أهداف محددة.
وفي نشوة انتصارهم عمد عشاق القصور والتبذير والاستئثار بمستوى عيش جدير بدولة بترولية، إلى توزيع المصادر العامة التي بقيت تخضع لتسيير رئيس الدولة، وتناسوا المشاغل الأساسية للسكان الذين يواجهون ظروف حياة صعبة في المدن والأرياف، مخصصين جل وقتهم للتفكير والتحليل حول نزاعات مجموعاتهم الداخلية التي تجمع جزئيات سياسية، طموح كل واحدة منها ثمن ولائها.
وإذا كنا دعمنا الإجراءين الذين أعلن عنهما رئيس الجمهورية في تنظيم عودة المبعدين وقانون تجريم العبودية، فهذا لا يعني بأي شكل أننا انتظرنا حتى 2007 للمطالبة بهذين الإجراءين.
وفي هذه الأثناء، فقد عبرنا عن تحفظنا على الطريقة التي عولجت بها هذه القضايا الأساسية، والتي تم تناولها بطريقة تولي الاهتمام بالشكل أكثر من الفعل. إن وفدنا الأخير الذي قيم حالة المواطنين العائدين من السنغال، والموجودين في البراكنة والترارزة، كشفت حجم النقص في الإعداد والارتجالية، التي طبعت تسيير هذا الملف. والإحباطُ اليوم كبير لدى مواطنينا الذين قبلوا بالعودة إلى وطنهم في هذه الظروف، ونغتنم هذه الفرصة لنوصي المؤتمر بأن يعبر عن تضامننا الجدي مع كل العائدين من أجل مساعدتهم على تحمل الحالة الصعبة التي يعيشون فيها.
إخواني أخواتي أعضاء المؤتمر

بعد تسلمه مقاليد السلطة بستة أشهر، بقي رئيس الدولة ووزيره الأول غير مبالين بالإنذارات المتكررة التي وجهتها أحزاب المعارضة الديمقراطية والتي لفتت انتباههما إلى تدهور القوة الشرائية للعائلات والقلق الذي يثيره الارتفاع المفاجئ لأسعار المواد الغذائية ومخاطر ظهور أزمة غذائية.
ورد هؤلاء بالازدراء على الإنذار الذي أطلقه المهرجان الحاشد في 31 أكتوبر 2007 المنظم من طرف المعارضة الديمقراطية، وأنكروا علنا وجود أزمة اقتصادية وغذائية، وخدعهم سوء توقعهم وفوجئوا بثورة الجياع ـ التي انطلقت من الحوض الشرقي الذي كانوا يحسبونه خزانا انتخابيا لمرشحيهم المستقلين- قبل أن تعم كافة التراب الوطني. لقد كانت هذه هي الصدمة الأولي التي تعرض لها النظام وكانت رسالة عنيفة تنذر بوجود تذمر شعبي عارم.
لقد رد الشعب بمظاهرات غير منظمة وبدون تأطير سياسي على الغلاء الفاحش.
وشكلت الخطة الاستعجالية التي وضعت في نومبر 2007 ردا خجولا وغير متناسب مع حجم المشاكل، وفشلت فشلا ذريعا في تحقيق ما وضعت له.
وبما أن نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج فإن حزب تكتل القوى الديمقراطية قد ذكّر في 27 مارس 2008 الحكومة بضرورة العمل العاجل من أجل مواجهة شبح المجاعة .

وفي 5 إبريل 2008 أعلن رئيس الجمهورية في خطاب إلي الأمة خطة للتدخل الخاص قبل اكتمال فترة البرنامج الاستعجالي الأول وفي غيبة إنجاز دراسة موضوعية تحدد حاجيات المواطنين في مجال المواد الغذائية وعلف الحيوان ومستوى الدعم والمساعدة اللذين يتطلبهما الوضع.
وبعد مرور شهرين ونصف من انطلاق برنامج التدخل الخاص فإن قيادة البلاد ما تزال تجهل تماما ظروف تمويل وتنفيذ هذه الخطة. كما لم تقدم حتى الساعة أي حصيلة مالية.
إنه الارتجال والممارسة الفردية لحكم غير متقاسَم ومتجاهل للبرلمان.
وإن نُظُم التسيير والممارسات الحالية تعود بنا إلى الوراء إلي ما قبل 3 أغشت 2005 حيث لا يوجد تأثير مضاد قادر على كبح جماح جشع نظام لا يراعي أية شكلية ويخضع لإرادة جهات مؤثرة أخرى، مما جعل البلد في وضعية لا تطاق، وحتم على المؤتمر إثارة نقاش واسع لبلورة إستراتيجية نضال للشهور والسنوات القادمة.
هذه الإستراتيجية يجب أن تنبثق عن خطابنا السياسي الذي يحدد قيمنا ومواقفنا السياسية الأساسية.
إخواني أخواتي أعضاء المؤتمر

إن حزب تكتل القوى الديمقراطية حزب اجتماعي ديمقراطي يعيش ويعمل بين كافة أوساط الشعب الموريتاني، ووفاء لهويته ومن أجل تنظيم الدولة والمجتمع، يهدف إلى إرساء نظام تطبعه قيم الديمقراطية والحرية والمساواة والعدالة والتضامن، ويدافع في جميع الظروف عن الوحدة الوطنية والاستقلال الوطني والحوزة الترابية للبلد.

إن الدولة يجب:
- أن تسهر على تشجيع بناء تنمية لمجتمع حر ومتكافئ، وتوفير حياة كريمة للمواطنين.

- أن تنخرط بصورة واعية في المفهوم العصري للمواطنة، الذي ليس مفهوما عرقيا ولا مفهوما مرتبطا بالعصبية أو بالأرض، وإنما يقوم على فكرة سياسية مجردة، تتضمن حقوقا وواجبات اجتماعية وسياسية وقانونية، يتساوى فيها المواطنون الذين يعيشون في مجال معين.
إن مثل هذا الانخراط الواعي في مفهوم المواطنة هو وحده القادر على الإسهام في تشكيل مجموعة وطنية متضامنة رغم تنوعها. وعلى أساس هذا المفهوم، يجب على الدولة أن تشجع تنمية التضامن الوطني على حساب أشكال التضامن الأخرى (العرقي، والطائفي، والقبلي، والجهوي ...).
- أن تبحث عن الطرق والوسائل لحل إجماعي للمسائل المتعلقة بالإرث الإنساني، وتضع الضحايا في أولويات اهتماماتها.
- أن تسهر بصورة دائمة على ضمان تكافؤ الفرص في التشغيل والصفقات العمومية والنفاذ إلى عوامل الإنتاج (القروض، الأراضي الزراعية والأراضي المخصصة للصناعة أو المخصصة لأغراض سكنية..الخ).
- أن تخلق الظروف والوسائل للقضاء على ممارسات ومخلفات العبودية.
- أن تضع سنويا برنامجا لمحاربة الفقر، يتمثل هدفه الأساسي في تقليص التفاوت المعيشي، حيث تمثل فيه سياسة الرواتب والعلاوات وسيلة مناسبة وضرورية لضمان إعادة توزيع الدخل والثروة بصورة أكثر عدالة. وفي هذا الصدد يتبنى حزب تكتل القوى الديمقراطية مبدأ المراجعة الجذرية لنظام الرواتب الحالي للوظيفة العمومية لأن هذا النظام في صورته الحالية مسئول عن الرشوة التي تنخر الدولة وتهدد مؤسساتها. إن الحد الأدنى لرواتب الوظيفة العمومية يجب ألا يقل عن خمسين ألف أوقية للشهر (50000) صافية من الضرائب مقارنة - مع الظروف الاقتصادية السائدة في يونيو 2008.
وبالنسبة لحزبنا، يتعين على السلطات العمومية أن تدرك أن هدف السياسة الاقتصادية يتمثل في تأمين التشغيل الكامل، وعلى أساس عملة مستقرة وضمان نمو مضطرد في الإنتاج وفي زيادة الرفاه العام.
ولم تتمكن السياسات والإصلاحات الهيكلية المطبقة منذ 1985، خاصة في مجال السياسة النقدية وليبرالية السوق، وتخلي الدولة عن التزامها في مجال النشاطات التجارية، من خفض نسبة الفقر أو وقف الهجرة من الريف أو الحد من تدهور الحالة المعيشية للقاطنين بالوسط الريفي، كما لم تتمكن من تقليص مستوى البطالة لدى سكان المدن وخاصة حملة الشهادات.

ولمواجهة خطر المجاعة المستعصي منذ 2007، يصبح من الملح اتخاذ كل الإجراءات لزيادة وتنويع الإنتاج الغذائي، وإعادة تأهيل ودعم هيئات البحث الزراعي والبيطري، وتسهيل النفاذ إلى المُدخلات القاعدية (بذور معروفة بالجودة، أسمدة، صحة نباتية، لوازم زراعية، علف المواشي، وأدوية بيطرية...الخ)، وتقريب الخدمات الزراعية والبيطرية من المنتجين بتحويل عدد كاف من المرشدين الزراعيين ووكلاء التنمية الحيوانية إلى كل بلدية ريفية، وكذلك وضع نظام قرض زراعي فعال، يأخذ في الحسبان حاجيات المنتجين الصغار ويركز على التنويع وعلى مرونة اللوائح وأمن الهيئات.
وتساهم الموارد غير المتجددة ـ عن طريق خلق فرص العمل وأعمالها الملحقة ـ في دعم توازن ميزان المدفوعات. ومع مشاريع تخصيب معادن الكلابه واستغلال الغاز، يصبح من الممكن إقامة مركب صناعي ضخم لمعادن الحديد، تنشأ منه صناعات ميكانيكية متعددة، بحيث يصبح القطاع الصناعي منطلق تنمية صناعية متطورة تدر على موريتانيا فرصا كبيرة.

إن استعمال موارد ميزانية الدولة المحصلة من الثروات الطبيعية غير المتجددة، ينبغي أن تقتطع منه نسبة 10% تخصص لتمويل صندوق يبقى للأجيال القادمة، كما يجب أن تقتطع منه نسبة 10% أخرى، تخصص لأغراض البحث العلمي، ونسبة ثالثة موازية، مخصصة للتأمين الاجتماعي العام.
ويجب أن يكون استغلال الموارد البحرية التي هي موارد طبيعية متجددة، متطابقا مع ما تسمح به الدراسات العلمية الموثوقة، التي يتم إنجازها لهذا الغرض، كما يجب أن يكون النفاذ إلى هذا المورد مخصصا للوطنيين. أما موارد الميزانية التي تجنيها الدولة من مجهود الصيد فيجب أن تمول منها أولا الاحتياجات المالية لرقابة مهنية وفعالة للمصائد.
إن السياسة الاجتماعية لحزب تكتل القوى الديمقراطية تهدف إلى إقامة نظام أمن اجتماعي معمم، ينخرط فيه على حد سواء، أصحاب الرواتب والعمال المستقلين(التجار، الصناع التقليديون، المزارعون، المنمون، الصيادون). ويعتبر الحزب أن:
- لكل مواطن الحق ـ بغض النظر عن حالته الاقتصادية ـ في العلاجات الاستشفائية التي وصلت إليها العلوم الصحية المتوفرة في بلادنا؛ وبناء عليه، فإن إقامة الخدمات الاستشفائية يجب أن تمثل إحدى أولويات السلطات العمومية.
- لكل مواطن الحق في سكن لائق. وإن سياسة السكن والبناء والقانون العقاري، يجب أن تحل بصورة مستعجلة العجز الحاصل في مجال السكن في المراكز الحضرية.
وإنه لمن الضروري أن يتم إصلاح نظام التعليم لكي يصبح قادرا على مجابهة المشاكل المطروحة لعصرنا. وتظل المدرسة العمومية ـ التي يجب أن يتساوى فيها الجميع ـ هي المكان الأمثل لتكوين وتربية الشباب، لكي يكونوا في الغد رجالا أحرارا ومتساوين. إن هذه المؤسسة هي التي تحضّر لمستقبل البلاد ويجب أن تحظى بكامل عناية السلطات العمومية. كما يجب أن يكون النظام المدرسي وصياغة برامج التعليم، مبنية على أسس تظهر من خلالها الكفاءات والإبداعات الوطنية، خلال مختلف مراحل التعليم. ويجب أن يحظى الموهوبون والنابغون بإمكانية إكمال تكوينهم في المدارس العليا. ويجب توفير وسائل التعليم ووسائل الإيضاح بصورة مجانية في المدارس.
كما يجب أن تجد مهنة التدريس وظروف ومداخيل المدرسين ومختلف السلك التربوي، أكبر عناية من قبل السلطات العمومية، ويجب أن يُعترف للجامعة بحريتها واستقلالها من قبل الدولة، التي يجب أن تضمن لها ذلك، كما يجب أن تضع تحت تصرف البحث العلمي والتعليم في الجامعة، الإمكانيات الكافية، وتضع تحت تصرف الطلاب أفضل الظروف المادية والوسائل الممكنة لتسهيل مهمتهم (المكتبات، النفاذ المجاني إلى الانترنت، المطاعم، السكن الجامعي، المراكز الرياضية..الخ).

إن حزب تكتل القوى الديمقراطية يعتبر أن نجاح الإصلاحات السياسية والاقتصادية والثقافية يتوقف على انعتاق المرأة ومشاركتها في الحياة السياسية للبلاد. فيجب أن تحظى المرأة بنفس إمكانيات التعليم التي يحظى بها الرجل، ويجب أن تكون حرة في اختيارها لمهنتها وممارستها لها، كما يجب أن تحظى بنفس التعويض الذي يحظى به الرجل. وعلى الدولة والمجتمع أن يتكفلا بحماية وتشجيع وتقوية الأسرة، من أجل ضمان أمنها المادي وقدرتها على تربية أبنائها. ويجب تحضير الشباب لمسؤولياته المستقبلية تجاه المجموعة الوطنية، ولكي يكونوا بمستوىً يمكنهم من توجيه أنفسهم في جميع المجالات، سواءً تعلق الأمر بالتهذيب، أو بترقية وحماية الشبيبة، حيث ينبغي الإدراك أن وضع الشباب في أفضل الظروف، يجب أن يكون في مقدمة جميع الأولويات.

وفي مجال الدفاع الوطني، يتبنى حزب تكتل القوى الديمقراطية مبدأ واجب الدفاع عن الاستقلال الوطني والوحدة الترابية للبلاد، ويتبنى خيار مؤسسة عسكرية في خدمة الوطن وتشكيل جيش شعبي.

إن الجيش يجب أن يحظى بصورة مستمرة بعناية خاصة، ويحصل على الوسائل الضرورية والمتناسبة مع موارد البلاد التي تسمح له بالقيام بمهمته في الدفاع عن الوطن على أكمل وجه.

وفي مجال السياسة الخارجية ستظل قضية الصحراء الغربية محل اهتمامنا لأسباب يعرفها الجميع، وإيجادُ حل لها أمر ملح، ونتمنى أن تتمكن أطراف النزاع فيها من الوصول إلى حل سلمي ومشرّف، طبقا لقرارات الشرعية الدولية، مثمنين عاليا الجهود المبذولة تحت إشراف الأمم المتحدة، وعلى الخصوص المفاوضات بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو .
كما يظل حزبنا متعلقا باتحاد المغرب العربي الذي نعتبر إنجازه ضرورة ملحة في عالم اليوم، الذي أصبحت التكتلات الإقليمية فيه أمرا لا مفر منه، لضمان الأمن والاستقرار والتنمية.
ونطالب القادة والأحزاب والمنظمات السياسية في الدول المغاربية، بتجاوز التناقضات والتغلب بالحكمة والعزيمة على كل الصعاب، حتى تؤدي مؤسسات الاتحاد المغاربي دورها ويصبح هذا التجمع منظمة إقليمية فاعلة، كباقي المنظمات الإقليمية القارية.
ونؤكد في هذه المناسبة تعلقنا بمنظمة استغلال نهر السنغال التي تضم دولا ترتبط موريتانيا معها بعلاقات تاريخية واقتصادية وثقافية قوية.
وإلى جانب ذلك نتطلع إلى استرجاع موريتانيا دورها التاريخي في الإقليم، وهي التي كانت دولة مؤسسة للمجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، حيث ترتبط مع دولها بعلاقات مثمرة .

إننا باقون على مواقفنا المعهودة من قضايا امتنا وقارتنا، فموقف حزبنا يظل ثابتا من قضية الأمة العربية الأولى، أعني قضية فلسطين التي مرت علينا الشهر الماضي ذكرى اغتصابها، ذكرى النكبة المشئومة.
وباسمكم جميعا أجدد وقوفنا الحازم مع شعب فلسطين الشقيق ودعمنا اللامحدود له لاستعادة حقوقه ومقدساته وإقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية خاصة بالنسبة لعودة اللاجئين وتعويضهم عن ممتلكاتهم.
ونعتبر أن ما يجري في فلسطين وخاصة الحصار البشع على غزة جريمة ضد الإنسانية، مطالبين بان يُرفع فورا، كما يرفع الحصار والتنكيل الذي تمارسه إسرائيل في الضفة الغربية أيضا.
وبهذه المناسبة، يظل حزبنا على موقفه من المطالبة بأن تقطع الحكومة الموريتانية علاقاتها مع إسرائيل وأن ينفذ رئيس الجمهورية ما تعهد به للشعب الموريتاني في الحملة الانتخابية الرئاسية العام الماضي في هذا الشأن.
ونطالب بتحرير الأراضي العربية المحتلة من قبل إسرائيل في الجولان السوري ومزارع شبعا اللبنانية، كما ندعو الدول العربية والمجتمع الدولي وعلى رأسه مجلس الأمن لتحمل مسؤولياتهم في إعادة الحق إلى أهله وكبح جماح العدوان الإسرائيلي المستمر وإنهاء الاحتلال، حتى يتحقق السلام والأمن في المشرق العربي وفي الشرق الأوسط كافة .
وفي هذه المناسبة، لا بد أن نندد باحتلال العراق العظيم وتدميره وتهجير شعبه وتأجيج الحرب الأهلية بين طوائفه، التي ظلت مضرب مثل في التلاحم والتعايش السلمي منذ آلاف السنين، كما نعلن تأييدنا للمقاومة العراقية الباسلة التي كبدت الاحتلال من الخسائر، ما فاق كل تصور.
ونوجه نداء من هذا المنبر، للوقوف إلى جانب شعب العراق العظيم وصيانة وحدته واستقلاله وحفظ ثرواته من النهب.
وفي إفريقيا يظل حزبنا متعلقا بوحدة القارة، تحت مظلة الاتحاد الإفريقي الذي حقق ـ رغم التحديات ـ الكثير من النجاحات، خاصة بإسهامه في حل النزاعات التي تعصف بالقارة.
وكم يؤسفنا أن تظل مناطق عديدة في إفريقيا تعاني من الأزمات التي يعود معظمها إلى انعدام الديمقراطية، وغياب الحكم الرشيد والشفافية، وما الوضع اليوم في زيمبابوي إلا مثال صارخ للديكتاتورية والاستبداد.
ومن المؤسف أن زعيما قاد حرب التحرير، وناضل لاسترجاع ثروات بلاده، وعلى رأسها أراضيها الزراعية، يرفض حكم الشعب ويئد الديمقراطية والحرية.
إخواني أخواتي أعضاء المؤتمر
مع تمنياتنا النجاح التام لأعمالنا، أعلن افتتاح المؤتمر العادي الأول لحزب تكتل القوى الديمقراطية.

عاش حزب تكتل القوى الديمقراطية،
عاشــــــت مـــوريـتانيا







Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!