التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:12:48 غرينتش


تاريخ الإضافة : 03.11.2011 10:39:55

الطلاب الموريتانيون في المغرب بين زبونية الوكالة وغياب السفارة.

شيخاني ولد محمد يحي - الرباط  - المملكة المغربية

شيخاني ولد محمد يحي - الرباط - المملكة المغربية

يعيش الطلبة الموريتانيون الباحثون عن التسجيل في المملكة المغربية الشقيقة أوضاعا صعبة منذ أكثر من شهرين، أوضاع تعددت أسبابها تعدد مظاهرها وتجلياتها وزاد من حدتها كثرة الشركاء والعوامل التي تواكب هذا التسجيل كل عام، شركاء يبدو أنهم "متشاكسون" هذه السنة للأسف.

كوني طالبا موريتانيا في العاصمة الرباط عايشت هذا الوضع من البداية إلى الآن (لم أقل إلى النهاية لأنها لا تلوح في الأفق) أود أن أطلع الرأي العام المغربي والموريتاني على جزء من الصورة لعل الحكماء يتداركون الأمر قبل أن "يتجاوز شبيثا والأحص" وثقتي كبيرة أنه ما زال في الرباط من يعول عليه في تنفيذ وصية الملك الحسن الثاني رحمه الله في الطلاب "الموريطانيين".

المعاناة بطبيعة الحال تتحدث عن نفسها على وجه أي طالب يصادفك في رحلة التيه التي تبدأ كل يوم بين مقرات الوكالة و مقر السفارة الموريتانية انطلاقا من دار صغيرة في حي شعبي يؤجرها الاتحاد لاستقبال مئآت الطلاب "ولا تغني دار أبي سفيان عن قريش". وسأحاول تقديم الصورة من خلال هذه الأطراف الثلاثة.

السفارة... في العمارة

لا يحتاج الزائر لمقر سفارتنا في الرباط كبير فطنة لملاحظة مدى الخمول الذي يخيم عليها رغم أن هذه الفترة هي فترة الذروة بالنسبة لنشاط السفارة عادة بسبب توافد أعداد كبيرة من الطلبة بحثا عن التسجيل في المؤسسات العليا المغربية. خمول مرده إلى قلة و ضعف التمثيل الدبلوماسي حاليا وهو أمر أزعج المغرب كثيرا. فالمغرب حسب بعض المطلعين على الكواليس هنا حاول التشبث بالشيخ العافية كسفير في الرباط لأسباب معروفة للجميع ثم بعد ذلك تباطأ في اعتماد خلفه و لم يكن سلسا في التعامل معه بعد "الاعتماد"، مما حدى بالجانب الموريتاني إلى "استدعائه" في ظل تسريبات حول فساد مالي لم تقم البراهين والقرائن بعد ذلك على جديتها إذ لم يتابع قانونيا رغم حاجة "آلهة محاربة الفساد" لقرابين تقدم لها في هذه الآونة. ولكن يبدو أنه رغم الخلافات بين "الطرفين" إلا أنهما متفقان على ترك هذه الخلافات طي الكتمان لأن خروجها للعلن يحرج الإثنين معا.

المتصدرون حاليا للشأن الدبلوماسي في ما يتعلق بملف الطلبة هما القائم "بالأعمال" والملحق الثقافي وبقدر ما تكمن نقطة ضعف الأول في قلة التجربة في التعاطي مع مثل هذه الملفات فإنها تكمن بالنسبة للثاني في "كثرتها". فالقائم بالأعمال الذي كان يتولى في السابق الملف الاجتماعي يعلن دائما أن الحكومة كلفته فقط بالحفاظ على السفارة ريثما تعين لها سفيرا "الحكومة كالت لي انكوم الها السفارة إلين اتمشي الها حد". والملحق الثقافي راكم سنوات من التعامل مع ملفات الطلبة اختلط فيها القانوني بغير القانوني وجرب خلالها مختلف "المداخل" و"المخارج" مما أفقده الكثير من احترام المسؤولين المغاربة.

في ظل هذا الوضع أصبح من الواضح أن سلطات وعلاقات سفارتنا لم تعد تتجاوز باب عمارتها وأن الاعمال التي "تقوم" حاليا بها تنحصر في تحضير الشاي على الطريقة الموريتانية الأصيلة وممارسة "اتمحصير" على الطلاب المساكين الذين لا يجدون وقتا للبسمة في بحر الدموع المتلاطم. باختصار لقد أصبح "نوص" السفارة "طوباتها" أكثر نشاطا من طاقمنا الدبلوماسي.

الاتحاد... تفاحة نيوتن

اتحاد الطلبة و المتدربين الموريتانيين بالمغرب تنظيم يهتم بالطلاب الموريتانيين ويسعى لخدمتهم والدفاع عن مصالحهم المادية و المعنوية كما يعلن قادته. وتتجلى أهم نشاطاته في استقبال ومواكبة الطلبة الجدد بالإضافة إلى قضاء مصالح المقيمين منهم في الأقاليم الداخلية سواء ما تعلق منها بالوكالة أو السفارة مما يعفيهم من تجشم عناء السفر. ويهتم الإتحاد كذلك بتخليد المناسبات الوطنية.

كان الاتحاد أول من أعلن في تصريح بتاريخ:10/10 عن وجود أزمة تعترض تسجيل الطلبة هذا العام مطالبا الأطراف المعنية بتحمل مسؤولياتها. البيان تلقفه الإعلام في البلدين ونفخ فيه من روحه مبرزا الخلاف "السر" بين الرباط ونواكشوط.

خروج العلاقات الدبلوماسية الى حيز التداول الإعلامي والرصد التحليلي أحدث رجة قوية على طرفي "السانتور" جعل مدير قطاع تكوين الأطر في الوكالة أحمد بنزكري الذي تلقى توبيخا من جهات عليا يستنجد بالسفير المغربي في نواكشوط لتحميل السفارة بالرباط مسؤولية ما حدث. فكان البيان الذي تم توزيعه على وسائل الإعلام بتاريخ 10/17 و الذي تحدث خصوصا عن الملحق الثقافي في السفارة كسبب وحيد للأزمة.

بيان السفارة المغربية أرعب الملحق الثقافي و جعله يحاول النجاة بجلده والبحث هو الآخر عن طرف يحمله المسؤولية على طريقة "إللي يغلب صاحبو إجن إعليه" فكان هذا الطرف بالطبع هو الاتحاد حيث حاول إقناع المسؤولين المغاربة أنه هو من سعى للتصعيد ضد الوكالة رغم تأكيد الاتحاد في بياناته أنه يحمل سفارة بلاده فقط المسؤولية.

تلفيقات الملحق الثقافي وبعض "الملحقين" غير الثقافيين ووشاياتهم ولدت ردة فعل من طرف العاملين في الوكالة تجاه الطلاب عموما وطاقم الاتحاد خصوصا. وقد حدثني أكثر من عامل "بسيط" في الوكالة أن لديهم تعليمات من بنزكري بعدم التعامل مع ممثلي الطلاب كما كنت شاهدا على امتناع إحدى العاملات عن التعاطي مع الأمين العام الذي كان يستفسر عن رخص تسجيل بعض الطلاب الذين يقطنون في مدن داخلية بعيدة حبسهم العجز عن الحضور إلى الرباط بعد أن استنزفت جيوبهم الرحلات المكوكية بحثا عن التسجيل.

الاتحاد دفع غاليا ثمن وقوفه إلى جانب الطلاب وبيانه الذي حرك المياه الراكدة وعجل بتحركات لحلحلة الموضوع وهو أشبه بتفاحة نيتون التي "سقطت" ولكن العالم اكتشف بفضلها قانون الجاذبية، فهو مضايق من الوكالة ولولا ضعف السفارة لكان حاله أشد.

الوكالة... وصية الحسن الثاني تحترق

يحكى عن المرحوم الحسن الثاني أنه استشاط غضبا عندما علم بمضايقة بعض الموظفين المغاربة للطلاب الموريتانيين في سبعينيات القرن الماضي متأثرين بالجو المشحون حينها بين البلدين وأوصى بالطلاب الموريتانيين خيرا و قال -و العهدة على بعض الصحف المغربية - أن الأنظمة تذهب وتأتي وتتفق وتختلف ولكن الشعوب باقية والأخوة بينها راسخة. وفي ضوء هذه الإستراتيجية الحسنية والرؤية الثاقبة تم تأسيس هيأة تعنى بتسجيل الطلبة الأجانب في المغرب هي الوكالة المغربية للتعاون الدولي.

مع مرور الوقت بدأ بعض الموظفين في الوكالة يمارس الزبونية على حساب مصلحة البلدين ويمرر الكثير من "الصفقات" تحت بنود مشبوهة تحوي من الغموض الكثير وتطرح من علامات الاستفهام أكثر، من قبيل "توصيات خاصة" و"شخصيات هامة" كما يقرأ بوضوح من بيان السفارة المغربية في نواكشوط. هؤلاء "المتاجرون" يستفيدون حاليا من الأزمة لأن تحييد السفارة الموريتانية قد اضطر الطلاب للبحث عن "وسطاء" يمنحونهم توصيات خاصة بأي ثمن. وكأن ما يهم هؤلاء الموظفين هو أن يشعلو السيجارة ولو أدى ذلك لإحراق الكثير من الأوراق المهمة بين البلدين بل وحتى إحراق وصية المرحوم الحسن الثاني.

هذي حكاية حال لا أريد بها *** تلبيس ما كان قبلي غير ملتبس
لعل من يتولى الأمر يرجع لي *** عهود سلمى إلى أطلالها الدرس


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!