التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:10:45 غرينتش


تاريخ الإضافة : 03.12.2011 11:24:12

مشاكل الضمان الاجتماعي في موريتانيا

محمد ولد بتار

محمد ولد بتار

لقد تمكنت الطبقة العمالية من خلال نضالها من تحقيق بعض المكاسب من أبرزها أنظمة الضمان الاجتماعي
وتختلف تلك الأنظمة باختلاف البلدان , وذلك حسب موازين القوة الطبقية بين الشغيلة وأرباب العمل وحكوماتهم.

وخلافا للأضاليل التي ينشرها دعاة الوفاق الطبقي ليس الضمان الاجتماعي تضامنا من الأغنياء مع الفقراء ولا منة من الدولة , بل مجرد قسم من أجرة العامل إنه القسم غير المباشر من الأجرة , أي من قيمة قوة العمل , الذي يتلقاه العامل لمواجهة الطوارئ , أي الحالات التي ينعدم فيها الأجر عند ما يلحق قوة عجز مثل الشيخوخة والمرض البطالة . وكذا الأجل إعادة إنتاج قوة العمل نفسها أي إعالة الأبناء , وهذا الأجر غير المباشر يضفي عليه طابع اجتماعي يمنحه صبغة تضامنية داخل الطبقة العاملة

وقد شهدت أنظمة الضمان الاجتماعي ازدهارا عبر العالم بعد الحرب العالمية الثانية , وببلدان العلم الثالث نسبيا بعد الإستقلالات الوطنية وذك بفضل جهود العمال وحلفائهم من حركات التحرر من جهة وقوي الرأسمالية من جهة أخرى (خوف هذه الأخيرة من ثروات عمالية ) .

وسنأخذ الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كمثال بوصفه مؤسسة من مؤسسات الضمان الاجتماعي في موريتانيا الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي هو الجهة المسؤلة عن ضمان عمال القطاع الخاص والعقدويين في الدولة فقد تأسس هذا الصندوق حاملا معه مجموعة من العيوب هي السبب الحقيقي لما يعانيه هذا الصندوق اليوم

1 اغتصاب حق العمال في تسيير أجورهم

وضع هذا القانون الصندوق تحت وصاية وزارة الشغل وكان من المنطق أن يضعه تحت وصاية وزارة التشغيل ولكن علي ما أعتقد وضعه تحت وصاية هذه الوزارة التي ليست لديها مؤسسة للعيش سواه , وبوضع هذا القانون لتلك المؤسسة أي مؤسسة الصندوق تحت وصاية وزارة الشغل يكون قد جعل تحكم العمال في قسم من أجورهم ( أموال الضمان الاجتماعي ) مستحيلا وبما أن المجلس الإداري ثلاثي الأطراف ( وفي الحقيقة طرفان لأن الدولة ورجال الأعمال طرف واحد في الجوهر ).

وبالتالي فأموال العمال يتدخل في تسييرها وطريقة إنفاقها من لا يحق لهم ذلك فالبورجوازيون لا يسمحون لأحد حتى بمعرفة حساباتهم ( السر البنكي ) و بالأحرى التدخل في تسييرها .
كما أن كيفية اتخاذ القرارات وقابليتها للتنفيذ وتعيين المدير ومساعده بمرسوم كلها آليات تجعل القرار منفلتا من أصحابه الشرعيين أي العمال

2 تمويل الصندوق

إن ما يدفعه أرباب العمل عن أجرائهم للضمان الاجتماعي ضعيف إذ يبلغ نسبة 13% من كتلة الأجر بينما يبلغ في بلدان شبيهة مستويات أكثر ففي المغرب مثلا تبلغ تلك النسبة 18.65% وفي مالي 21% وفي تونس 22.5% .

الصندوق الوطني مجبر علي المشاركة ماليا في بعض المؤسسات كسوكوجيم شركة النقل الجوية التي لا تعود علي الصندوق بفوائد في أقلب الحالات

الأخطار المهنية:

وهي عبارة عن حوادث الشغل والأمراض المهنية ويعتبر حادث شغل مهما كانت طبيعته كل حادث يفاجئ العامل بسبب آو بمناسبة العمل سواء وجد أم لم يوجد خطأ من قبله كما أنه أشار إلي بعض المحددات الأخرى , كذهاب العامل من مقر إقامته أو المكان الذي يتناول فيه طعامه
وكذالك بالنسبة للحوادث الواقعة أثناء سفر يتحمل رب العمل تكاليفه بشرط أن لا يقع قطع المسافة بدافع مصلحة شخصية غير مرتبطة بالعمل , أما الأخطار المهنية فهي محددة علي أساسي طبيعة العمال والوسائل والأضرار وبمجرد تعرض العامل لحادث شغل أو مرض مهني يتوجب علي رب العمل إبلاغ مفتش الشغل والصندوق في غضون 48 ساعة .

ومن سلبيات هذه الأخطار في إطار الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن طريقة حسابها تخضع لي تقدير اعتباطي من طرف الطبيب المعتمد لدى الصندوق , ومن سلبياتها أيضا أن صاحبها في حالة حصوله علي التقاعد يؤخذ المبلغان مبلغ الخطر المهني ومبلغ المعاش ويقسم أقلهم قيمة مادية علي اثنان ويمنح لي المستفيد المبلغ الأكبر + نصف المبلغ الأقل


الشيخوخة:

من سلبيات التقاعد في إطار الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أنه لا يراعي في تحديد سن التقاعد الجهد. فالعامل الزراعي و البحار وعمال المؤسسات المنجمية العاملين تحت الأرض مثلا يعملان في أعمال شاقة من 9 إلي 14 ساعة يوميا مما يؤدي إلي شيخوخة هذا النوع من العمال وإنهاك قواهم بسرعة وهذا يقتضي منحهم حق التقاعد قبل سن 60 أو 55 سنة

كما أن اشتراط استكمال 20 سنة من التأمين عند الصندوق علي الأقل. واشتراط كذلك 5 سنوات من التأمين خلال العشر سنوات الأخيرة كحد أدنى كلها أمور تحرم مئات العمال من حقهم في التقاعد لاسيما أن نسبة كبيرة منهم اشتغلت تلك المدة وضاعت حقوقهم لأن أرباب العمل لم يدفعوا اشتراكاتهم
وبالتالي فإن تقاعد الضمان الاجتماعي في موريتانيا مأساة يعيشها مئات العمال الموريتانيين الذين يقضون ما تبقى من حياتهم, بعد أن امتصتهم الرأسمالية طيلة عقود من , في البؤس وشتى أنواع المعاناة

التعويضات العائلية:

يعتبر مبلغ تلك التعويضات مبلغ ضعيف جدا إذ يبلغ 900 أوقية وهي لا تشمل تكاليف تكوين وتربية الأبناء ويتوقف صرف تلك العلاوة عند بلوغ الطفل 21 إذا كان يتابع دراسته, بينما يتوقف منحها في البعض من الدول كهولندة مثلا عند بلوغ الطفل 27
وقد كان علي موريتانيا أن تزيد سن تلك العلاوة لأن 21 سنة صاحبها مازال طالبا ولم يكمل دراسته في الحالة العادية, كما أن عليها زيادة مبلغ التعويض لأن 900 أوقية لا تسمن ولا تغنى من جوع

إلي أين يسير الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ؟

إن الحالة التي يعيشها هذا الصندوق إنما تعكس وضع الحركة النقابية نفسها : واقع ضعفها وبعد أجهزتها عن المصالح الفعلية للطبقة العاملة.
فمنذ إنشائه والدولة ورجال الأعمال يتصرفان في أموال العمال, في حين لا نجد ضمن مطالب منظمات العمال أية مطالب ملموسة ودقيقة ولا نرى أي نقابة جادة فعلا للنضال دفاعا عن مكاسب العمال ومن أجل تطويرها .

إن مصير الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مسؤولية مناضلي طبقتنا , وليس علينا الاقتصار علي انتقاد الأجهزة النقابية .

إن حس الواجب يفرض اليوم جهودا للتصدي لمخططات العدو الطبقي بتنوير الجماهير العلمانية وبناء النقابات علي أسس كفاحية وديمقراطية, وبالتالي فقيام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يقتضي من مناضلي الطبقة العمالية اتخاذ العديد من الخطوات

وتتمثل أولي الخطوات في السعي إلي الإلمام الشامل بمشاكل الضمان الاجتماعي ليتأتى تقديم بديل يخدم حاجة الطبقة العاملة إلي نظام حماية اجتماعية حقيقي.
وفي اعتقادنا تتمثل الخطوط العريضة لهذا البديل في مايلي :

- تعديل القانون المنظم للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
- زيادة اشتراكات المشغلين



- فتح دورات تحسيسية عن الضمان الاجتماعي لصالح المستفيدين
- تسيير ممتلكات الصندوق من طرف ممثلي العمال المنتخبين ديمقراطيا ترشحهم النقابات علي أساس برنامج عمل في مجال الحماية الاجتماعية, ويجب أن يكون هؤلاء الممثلون مراقبين وقابلين للعزل في أي لحظة
- سياسة تشغيل حقيقية الآن انتشار البطالة وهشاشة التشغيل يخلق مشاكل تمويل الضمان الاجتماعي . وهذا يستدعي النضال ضد التسريحات والخوصصة والبطالة والعمل الهش.
- وضع حد لتطفل الأرباح الخاصة علي نظام الحماية الاجتماعية
- ضمان جميع عمال القطاع الخاص



Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!