التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:06:44 غرينتش


تاريخ الإضافة : 27.12.2011 10:25:00

أقدم سجين في ألاك للأخبار يتحدث عن ذكرياته في السجن والاستغلال

حمادي ولد عبد الرحمن أقدم سجين في ألاك؛ حيث أمضى  26 عاما خلف القضبان (الأخبار)

حمادي ولد عبد الرحمن أقدم سجين في ألاك؛ حيث أمضى 26 عاما خلف القضبان (الأخبار)

الأخبار (ألاك) حمادي ولد عبد الرحمن من مواليد 1960فى مركز مال الإداري بلبراكنه، أقدم سجين في سجن "ألاك" لم يتلق أي تعليم ما عدى فترة تقل عن الشهر، عمل فى المنازل والحدائق بالعاصمة انواكشوط بين العامين 75-78 قبل أن يعود إلى مرتع صباه بمدينة مال مشتغلا بالزراعة، وراعيا للغنام حتى عام 84، حيث اعتقل بتهمة قتل فتاة فى سنه عمريا، على إثر شجاربينهما انتهى بضربه لها بحجرة فى الرأس تسببت لها فى جرح عالجه الأطباء مدة شهر قبل أن تفارق الدنيا.

زج به في السجن منتظرا تنفيذ حكم بالإعدام صدر في حقه في نفس السنة حتى السادس من نوفمبر الماضي؛ حيث أخلى سبيله بموجب عفو رئاسى، ودفعت عنه الدية لصالح أهل الضحية، ليعمل فى مغسلة بيت متواضع استأجره ب4000أوقية حيث التقت به "الأخبار" وأجرت معه الحوار التالي:

الأخبار: هل من كلمة إثر الإفراج عنك بعد 27 عاما من السجن؟

حمادي: ليست عندي أي كلمة سوى حمد الله تعالى والثناء عليه، وآمل أن أعيش ما تبقى لي من عمر بين أولادي، فيشعرون بعطف الأب وحنانه، وأربيهم تربية حسنة، فلا يكونوا بحاجة إلى أحد.

الأخبار: اعتقلت عام 1984 بتهمة جريمة قتل أثبتها القضاء حينها، هل تعترف بارتكاب تلك الجريمة؟

حمادي: ما حدث أنه جمعني بتلك الفتاة التي كانت في سني عمريا شجار، ولا أتذكر سببه، وقد ضربتها بحجر، ولا أعرف من أين أصابها، ولم أقصد به قتلها إطلاقا، فلم أكن يومها أدرك كل شيء نظرا لحداثة السن، وأرجوا ألا يكون دمها حقا في عنقي.

الأخبار: هل تذكر شيئا عن محاكمتك وعن القاضي الذي حاكمك، والمحامى الذي دافع عنك؟

حمادي: لا إطلاقا.. لا أتذكر أي شيء عنها، ولا أتذكر أنه كان لدي محام، ما أتذكره هو أن القاضي سألني بعض الأسئلة، وكنت أجيبه على كل سؤال بما أعرف وبكل صدق، ولم أكن أدرك إن كانت إجاباتي على تساؤلاته في صالحي أم لا، وانتهت المحاكمة في غضون ساعة.

الأخبار: هل تعتقد أنها كانت محاكمة عادلة؟

حمادي: لم يكن بمقدوري يومها أن أميز بين عدالتها من عدمها، ولكن القاضي كان غاضبا منى جدا، فلقد كان يأخذني في النهار لأخدم أهل بيته بالطبخ وغسيل الثياب وتنظيف المنزل وصنع الشاي، وكنت خبيرا به جدا، وحين يحين أوان النوم يعيدني إلى السجن حتى الصباح، وبعد أيام طلبت منه إبقائي عنده في المنزل أو تركي لحالي في السجن، وإعفائي من الخدمة، فرفض، وقال: لا تناقشني، فأصررت على ما قلت، فأعادني إلى السجن، وأمر بتكبيلي بالحديد بشكل دائم، وكان يأتي ليطمئن على وجود الحديد في أطرافي عدة مرات في اليوم وبعد 5 أيام كانت المحاكمة.

الأخبار: كيف كانت أيامك الأولى في السجن؟

حمادي: كنت خائفا بشكل لا يتصور، وكنت حين أرى عسكريا يحمل سلاحا أظن أنه جاء لقتلي، لم أكن أستطيع التحدث إليهم، وكنت أجد نفسي في عالم لم أتصوره يوما، فرؤية الزي العسكري وحدها كانت كافية لإدخال الرعب إلى قلبي.

الأخبار: كم بقيت على هذه الحالة وكيف خرجت منها؟

حمادي: بقيت عليها قرابة الشهر، وقد خرجت منها بفضل أريحية ومداعبة أحد الحرسيين، يدعى أحمد ولد بابه، وقد كان كبيرا في السن، أريحيا لا يحمل سلاحه أبدا، يمازح السجناء، رحيما بهم، فاكتشفت أن ارتداء الزى العسكري لا يعنى بالضرورة التجهم وبؤس الوجه والغلظة على السجناء، وبدأت حياة جديدة.

الأخبار: ما هي أبرز ملامح تلك الحياة؟

حمادي: ميز تلك الحياة خروجي من ذلك الانعزال والانغلاق والقبول بالواقع، فلقد أدركت أنه ليس بمقدوري فعل أي شيء يخلصني من السجن، وكنت أعتقد أنه بمجرد انفتاح الحرسيين علي يمكنني أن أطلب منهم تخليصي منه، بدأت أحتك بهم وأصنع لهم الشاي، ولم اعد أحس أنني سجين، بل كانوا يكلفونني أحيانا بمراقبة السجناء وكانوا يتركون سلاحهم بجانبي ويرسلونني لحاجاتهم خارج السجن.

الأخبار: هل فكرت يوما في الهروب؟

حمادي: لا أبدا لم أفكر فيه لأنني أدركت أنه لا يخلصني بشكل نهائي.

الأخبار: كم استمرت هذه الفترة؟

حمادي: استمرت حتى سنة 87 حين اتصل بي القاضي شكرود ولد محمدو وذهب بي خارج السجن إلى البادية؛ حيث كلفني برعي الغنم وجعلني مشرفا عليها يذهب عنى ويتركني في البادية وكان يثق بي جيدا، وكنت ممتنا له لأنه أخرجني من السجن ولو مؤقتا، ولو إلى رعى الغنم، وكنت ألقبه بأبي، وكان يذهب بي إلى أهلي لأسلم عليهم وأمضى عن السجن قرابة العامين ثم أعود إليه لأيام فقط، وذلك أساسا حين ما يتم تعيين وال جديد فيحضرني حتى يتسلمني الوالي مع السجناء ثم يعود بس لأن الوالي حينها كان هو مسير السجن، وبقيت هكذا حتى عام 2005 حيث حول القاضي شكرود عن ألاك.

الأخبار: هل تزوجت خلال هذه الفترة؟

حمادي: نعم وصار لدى ابنان وثلاثة بنات.

الأخبار: هل كنت محرجا من كونك سجين متهم بالقتل حين كانت الأفراح تقام لزفافك؟ ومن دفع عنك المهر؟

حمادي: كنت محرجا كثيرا، لكن زوجتي كانت تقول لي إنني مظلوم وأنها ترضاني حتى ولو كنت فعلا قاتلا، فكان هذا يخفف عنى قليلا، وقد تولى تكاليف العرس القاضي شكرود.

الأخبار: بعد 2005 بقيت في السجن أم أخذك مسؤول آخر معه؟

حمادي: - لا لم أبق في السجن، بل صار يأخذني قادة الحرس معهم، فلقد أخذني رائد يدعى الرقانى من 2005-2006 لأعمل في منزله ويعوض لي مبلغ25.000 ألف أوقية، ثم أخذني الرائد محمد ولد أوديكه الذي كان أيضا يجزل لي العطاء وكان سخيا، لكن في 2007 عين وكيل جديد للجمهورية، وكان يريد أن أعمل معه عند ما سمع بي، فحدث صراع بينهما علي، فعدت إلى السجن حتى إصدار العفو عنى.

الأخبار: هل بذل الأهل طوال كل هذه المدة جهدا لتخليصك من السجن؟

حمادي: الأهل لا يعرفون الإدارة، وهم ضعفاء ماديا، وقد بذلوا جهدا واحدا عند أسرة أهل الشيخ سيديا التي توسطت لدى أهل الضحية حتى قبلوا بالعفو مقابل مبلغ 800 ألف أوقية، تحمل أهل الشيخ سيديا نصفها، لكن خلافا بين أهلي على محاصصة النصف الآخر حال دون إتمام القضية ليتم نسياني من جديد.

الأخبار: خسرت ريعان شبابك، هل تعتقد أنك كنت مظلوما أم أن ذلك كان بما جنيته على نفسك؟

حمادي: كنت دائما وأنا في السجن أتمنى أن أنال ما أستحق إذا كنت قاتلا حقا، أو أن يتم إنصافي ويقتص لي خالقي ممن ظلموني إذا كنت مظلوما، ما تم الآن قد تم، والذي مضى لا يرجع، ويوم الحساب الذي لا ظلم فيه آت لا محالة.

الأخبار: كيف عشت أيام الحرية الأولى من جديد؟

حمادي: قضيت ثلاثة أيام بلياليها لا أفعل شيئا غير حمد الله، ودمعتي لا تتوقف، وأرجو أن يكون في عمري متسع حتى أرى أولادي وهم يكبرون ويستغنون عنى، هذا كل ما أتمناه في الدنيا، وما أزاوله الآن من العمل ليس من أجلى أنا وإنما من أجلهم هم.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!