التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:09:29 غرينتش


تاريخ الإضافة : 29.12.2011 22:20:59

خطاب رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية



السادة والسيدات أعضاء المجلس الوطني لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته؛

طبقا لأحكام المادة الـ 20 من النظام الداخلي للاتحاد، نلتئم اليوم في الدورة العادية الثالثة لمجلسنا الوطني، والتي تنعقد في ظرف سياسي متميز، يستدعي منا كهيئة عليا أناطت بها نظم الحزب ووثائقه الأساسية رسم معالم سياساته العامة، قراءة استشرافية واعية لمكونات المشهد السياسي، تقوم على تحليل موضوعي ناضج للمناخ السياسي، في أوجهه الوطنية والإقليمية والدولية، وتشكل مرجعا ونبراسا هاديا للمكتب التنفيذي، خلال الفترة ما بين دورتي المجلس؛ وذلك هو ما يجعل جدولَ الأعمال المقدمَ إليكم في هذه الدورة ثريا ومتنوعا، يجمع إلى تقارير أنشطة ما بين الدورتين، عددا من البيانات وأوراق العمل ذات الصلة العميقة باهتمامات المناضلين، ونواقص المرحلة الفارطة، واستحقاقات المراحل المستقبلية.
أيها السادة والسيدات؛
تنفيذا لتوصيات مجلسكم الموقر، الواردة في الوثيقة الختامية للدورة الأخيرة، أعد المكتب التنفيذي خطة عمل حزبية طموحة، قاد تنفيذها إلى بلوغ العديد من الأهداف الحزبية والوطنية، ومن بين تلك الأهداف:

1. تطبيع المشهد السياسي الوطني: فطبقا لتوصيات المجلس بسلوك أنجع السبل لإنجاز حوار سياسي وطني يجمع أغلب ألوان الطيف السياسي الموريتاني، ساهم الحزب كشريك رئيسي وفاعل، في إنجاز الحوار الوطني الجامع، والذي أفضت نتائجه إلى تطبيع المشهد السياسي بين الفرقاء، بفضل الاتفاق على إدخال إصلاحات دستورية و قانونية وتنظيمية غير مسبوقة، في تاريخ البلاد، إيذانا بعهد إجماع ديمقراطي جديد، تشكل فيه أحزاب المعارضة المقاطعة للحوار الاستثناء الذي يؤكد صحة القاعدة.

2. تفعيل دينامكية التواصل مع الهيآت القاعدية للحزب: وذلك ما تكفلت به حملات التحسيس، ومهرجانات التعبئة، واللقاءات السياسية، والتي انتُدبت لها قيادات من المكتب التنفيذي والمجلس الوطني، وغطت كافة الاتحاديات والأقسام، واستهدفت- بشكل مباشر- كافة المناضلين في هيئات الحزب القاعدية، ودارت مضامينها حول تفعيل الهيئات الحزبية، وواقع الوظيفة العمومية ومواجهة معضلة البطالة، وواجب المحافظة على السلم الاجتماعي، ومحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، وحصيلة جهود محاربة الفساد وآفاقها المستقبلية، فضلا عن مشاغل الساحة وفي مقدمتها نتائج الحوار الوطني بين الأغلبية وبين بعض أحزاب المعارضة الديمقراطية. وقد مكن برنامج التواصل الواسع مع الهيئات القاعدية من تصفية العديد من الرواسب العالقة منذ عملية الانتساب والتنصيب، واستكشاف وتحديد الحالات ذات الصفة المستعصية، وتشكيل لجنة خاصة لدراسة واقتراح الحلول المناسبة لكل حالة، على حدة، وقد قدمت اللجنة مقترحات يجري تطبيق الإجراءات المناسبة لتنفيذها.

ولقناعتنا الراسخة بأن الأحزاب لا تكون إلا كما تكون هيئاتها القاعدية، فقد تم خلال هذه الفترة، وطبقا لتوصيات مجلسكم الموقر، تجهيز مكاتب كافة الاتحاديات والأقسام، في جميع المقاطعات علي امتداد التراب الوطني، ضمانا لاستمرارية التفاعل الدائم بين المركز و الهيآت القاعدية، وإطلاعا للمناضلين والمناضلات أينما كانوا علي مستجدات المشهد الوطني. وفي حدود علمنا، فنحن الحزب السياسي الوحيد الذي يملك مقرات عملية وحيوية في جميع مقاطعات الوطن، ويؤمن تفاعلا ديناميكيا فعالا بين المركز والهيئات القاعدية، كما أن لحزبنا الريادة في لامركزية العمل الحزبي.

3. مؤازرة برنامج رئيس الجمهورية: حيث يمثل هذا البرنامج عقدا ملزما بين الاتحاد من أجل الجمهورية ومناضليه، وهو عقد نلتزم في الحزب بتنفيذ كامل تعهداته، في آجالها المقررة، وتعمل حكومتنا الرشيدة على ترجمة هذا الالتزام وتجسيده ضمن خُطة عملها الشاملة، وخُططٍها القطاعية التفصيلية. وهكذا يعمل حزبنا، بلا كلل، من خلال جهازه السياسي النشط، كما من خلال أغلبيته في غرفتي البرلمان، على مؤازرة ودعم برنامج رئيس الجمهورية والدفاع عنه في مواجهة سوء الفهم والنيات المبيتة من بعض الأطراف في المعارضة.

4. مواكبة العمل الحكومي: فحيث أن الحكومة هي أداة تجسيد السياسات العامة للحزب الحاكم، فإننا نعمل على دعمها واستقرارها والدفاع عن مشاريعها التنموية؛ كما نضطلع بدور الناصح الأمين لها، تنبيها ومشورة وإمدادا بالمعلومات. ولقد كان على رأس المهمات التي كلفت بها البعثات الحزبية في الداخل، استكشافُ المشاكل الحقيقية المطروحة للسكان، وترتيبُها حسب الأهمية والحجم والاستعجال، لتتم إحالة تقارير مفصلة حول تلك الانشغالات إلى مفاصل الجهاز التنفيذي للحكومة، بغية إيجاد الحلول المناسبة لها، كما كلفت بعثات الحزب إلى مختلف المناطق، بشرح برنامج الحكومة المسمى"أمل 2012" للتخفيف من الآثار السلبية الناجمة عن نقص الأمطار هذه السنة.

وإن الحديث عن هذا البرنامج ليمنحني الفرصة لتهنئة الحكومة على إعداده، مطالبا إياها بالتنفيذ الصارم كما ونوعا وتوقيتا لمقتضياته، وطالبا من الهيآت القاعدية لحزبنا، وخصوصا في المناطق المتأثرة بنقص الأمطار، التحلي باليقظة والقرب من السكان تحسسا لآلامهم وعملا علي التخفيف منها والتنبيه عليها عبر القنوات الحزبية التقليدية.

5. تعزيز عمل ائتلاف الأغلبية: حيث يمثل هذا الائتلاف القطب السياسي الأكبر في البلاد، ويضم (33) حزبا سياسيا، فقد عمل حزبنا، من داخل هذا الائتلاف، وبشكل يناسب حجمه ومكانته، على المساهمة في اضطلاع هذا القطب السياسي الكبير بدوره الريادي في المشهد الوطني، إعلاميا، وسياسيا، وتعبويا، وقد تجسد ذلك في الدور المتميز لهذا القطب بشكل عام، وحزب الاتحاد بصفة خاصة، في الحوار الوطني بين الأغلبية وبعض أحزاب المعارضة؛ كما شهد حزبنا انضمامات نخبوية وجماهيرية عريضة إلى صفوفه.

6. تنشيط عمل الفريق البرلماني: حيث عملنا خلال الفترة الماضية علي تنشيط علاقة الحزب- قيادة وقواعد- مع المنتخبين عموما، ومع فريقي الحزب بمجلس الشيوخ والجمعية الوطنية خصوصا؛ وهذه مناسبة كي أهنئ الفريقين البرلمانيين، ومن خلال رئيسيهما، علي الدور الهام الذي يضطلعان به، تحت قبة البرلمان، دفاعا عن المشروع المجتمعي للحزب، وعن البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية، وأداء لدورهم التشريعي و الرقابي بكفاءة و مسؤولية؛ رغم الشطط والاستفزاز من زملائهم في بعض أحزاب المعارضة. وسيتم خلال الأيام المقبلة، نقاش مشاريع قانون تخص مضامين الاتفاق السياسي الأخير بين الأغلبية و المعارضة، وكلي ثقة في أن فريقينا البرلمانيين، سيضطلعان بدورهما المعهود في تمحيصها والدفاع عنها، باعتبارها فاتحة عهد ديمقراطي جديد.

7. تفعيل السياسة الإعلامية للحزب: حيث واصلت وسائل إعلامنا دورها في الإبلاغ المبكر عن نشاطاته؛ كما واصلت التصدي بكل اقتدار للحملات التي تشنها المنابر المغرضة، وتستهدف الحزب، أو تحاول النيل من حكومته، وقد تم ترشيد الإمكانيات المادية المتاحة -علي تواضعها- وكان التركيز علي إنعاش الموقع الالكتروني للحزب، الذي يزداد رواده وزواره يوما بعد يوم؛ كما تم اعتماد مقاربة إعلامية نشطة و منفتحة علي وسائل الإعلام المستقلة الوطنية والدولية، بالإضافة إلي صياغة و نشر عشرات البيانات التي توضح موقف الحزب من مستجدات المشهد السياسي الوطني، والوضع الإقليمي والدولي. وربما أغاظ هذا الحضور الإعلامي المتنامي، بعض الخصوم السياسيين، فلجأ إلي أساليب غير مهنية، لا نملك إلا أن ننبه إليها، ثم نضرب عنها الذكر صفحا.

8. توسيع دائرة العلاقات الخارجية للحزب: فخلال الفترة الماضية استطاع الحزب توسيع علاقاته الخارجية، وتعزيز مصداقيته لدى نظرائه، وقد وقع اتفاقيتي تفاهم مشترك مع كل من الحزب الشيوعي الصيني، وحزب التنمية والتضامن الحاكم بجمهورية مالي الشقيقة.

وإذ يهنئ الحزب الأشقاء في المغرب وتونس ومصر على تنظيم انتخابات ديمقراطية شفافة، ليعلن انشغاله بالوضع في سوريا الشقيقة، ويؤكد دعمه لمبادرة الجامعة العربية لخروج هذا البلد من الأزمة، ويهيب بحكماء اليمن للتطبيق الكامل لبنود اتفاق الرياض لنقل السلطة، كما يتمني لليبيا الشقيقة استعادة الأمن و الاستقرار والازدهار، مستبشرا خيرا بالخطوات التي اتخذها المجلس الانتقالي والحكومة المؤقتة علي طريق المصالحة الوطنية الشاملة.

أيها السادة والسيدات؛
تشهد السنة المقبلة 2012 انتخاباتٍ تشريعيةً ومحليةً بالغةَ الأهمية، ستكون أولَ امتحانٍ انتخابي بمقياسٍ وطني للحزب، في ظل مسطرة انتخابية جديدة، تطبيقا لنتائج الحوار الوطني، وفي هذا الأفق سيتم العملُ – بحول الله- علي مواصلة السياسة التشاورية مع الهيآت الحزبية، تكريسا وتثبيتا لقواعد الديمقراطية الداخلية؛ كما سيتم العمل على استكمال جاهزية الهيئات القاعدية- المقاطعية والبلدية- (الأقسام والفروع) بما يضمن تنظيما أمثل لصفوف المنتسبين والمناصرين، وهو ما سيتجسد قريبا-بعون الله- في اعتماد آلية للمتابعة خاصة بكل اتحادية.

وينبغي في هذا الصدد العمل بجد واجتهاد على تسريع وتيرة إنجاز البرنامج الانتخابي لرئيس لجمهورية، مع التركيز على أبعاده الاقتصادية والاجتماعية، عن طريق زيادة الاعتمادات المالية المرصودة لتلك الجوانب، ومراجعة الخُطط المرسومة في ضوء مستجدات أزمة الغلاء التي تجتاح الأسواق الدولية، بهدف الحد من تأثيراتها على المواطنين عامة، وعلى الشرائح الأقلِّ حظا؛ فلا شيءَ أكثر إقناعا في الحملات الانتخابية من الوعود المنجزة، والإنجازات الماثلة للعيان، كما أنه على الحزب، أفرادا وهيئات، أن يعلموا أن وقت الجد قد حان، وأن ازدواجية التفكير لم يعد لها مكان، فعلينا جميعا أن نحسم أمرنا، ونرتب أولوياتنا، ونبتعد عن الخلافات الجزئية التي تفقدنا أكثر مما تكسبنا.

أيها السادة والسيدات؛
إن حجم التحديات التي نراهن على رفعها، ومستوى طموحاتنا غير المحدودة لشعبنا، يحتمان قيام وتوطيد علاقة تكاملية راسخة بين الحكومة والحزب، تترجم بوضوح شراكة حقيقية في كل المستويات، وتضمن التمكين للمشروع المجتمعي لحزب الاتحاد، وتنفيذ البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية.

وفي الختام، أعود لأجدد الشكر للحضور، على ما تجشموه من عناء، للمشاركة في هذه الدورة العادية للمجلس الوطني، موجها شكرا خاصا إلى الأمناء الاتحاديين والأمينات الاتحاديات على أدائهم خلال الفترة الماضية، كما أوجه شكري كذلك إلى قادة الرأي والبرلمانيين والفاعلين السياسيين ورجال الأعمال على الاستجابة الدائمة لنداءات الحزب، رغم الظروف التي قد لا تكون مواتية في كل الأحوال، طالبا المزيد من العطاء، والاقتراب أكثر من هموم المواطنين عموما، والمناضلين خصوصا، مؤكدا أن الحزب لن يكون إلا حيث تكون هيئاته القاعدية، ومعتذرا في ذات الوقت عن تأخير هذه الدورة عن وقتها المحدد أصلا.
أتمنى لأعمالنا التوفيق والنجاح، وعلى بركة الله، أعلن افتتاح الدورة العادية الثالثة للمجلس الوطني لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية.

والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!