التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:23:34 غرينتش


تاريخ الإضافة : 2007-06-26 13:13:50

مفاوضات منهاتن : نقاط قوة في ميزان البوليساريو


بقلم أ . عبدو سيدي محمد
[email protected]

لاشك أن المتتبع لمسار القضية الصحراوية منذ مطلع الستينيات و حتى الألفية الثالثة يدرك جيدا أنها مسألة تصفية استعمار و حق تقرير مصير لشعب بات و ظل و أمسى و ما
انفك يسعى بشتى الوسائل لنيل مبتغاه الشرعي في الحرية و الاستقلال و لا أريد السرد التاريخي للأحداث بقدر ما أريد تحليلا موضوعيا لفترة حاسمة في تاريخ البوليساريو ( الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الصحراوي ).

فبعد المرحلة العسكرية و الحرب الشعواء التي شنها مقاتلو البوليساريو ضد إحدى أكبر الترسانات العسكرية في المنطقة و المدعومة ماديا و معنويا و لوجستيكيا و مخابراتيا و عسكريا من الجانب الغربي وحتى من الجانب العربي ومع ذلك و بفضل استيرتيجية ( حرب الاستنزاف ) حققت البوليساريو انتصارات باهرة لم تذهل العدو فقط بقدر ما أذهلت أصدقاءه أيضا و سجلت ملاحم بطولية نادرة تسجلها الأيام و يعيدها التاريخ .

المغرب المنهزم ميدانيا بسبب سياسة الاختباء و التقوقع وراء ( الجدار ) لم يجد بدا من البحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه و ينهي الحرب التي كلفت الميزانية ( المثقلة أصلا بالديون ) ملايين الدولارات .

حسابات المغرب بعد وقف إطلاق النار :
في العام 1991 م جاء قرار الأمم المتحدة القاضي بوقف إطلاق النار ونشرات القوات الدولية على الحدود ( المينورصو ) . المغرب و ضع في حساباته أن جبهة البوليساريو المتفوقة عسكريا غير قادرة سياسيا و قد بنيت تخميناته على النقاط الآتية :
أولا : الدور الإعلامي و ألمخابراتي المضاد للبوليساريو
ثانيا : محاولة زعزعة التلاحم الاجتماعي ببث روح التفرقة و العصبية و القبلية وزرع بذور تهميش دور الدولة
ثالثا: استجلاب ذوي الضمائر الضعيفة و النزوات الشخصية الضيقة إلى الساحة السياسية
رابعا : التشكيك في قدرة البوليساريو في الاستمرار في المعركة السياسية و اعتبارها مجموعة من المرتزقة بنشر بعض المعلومات المغلوطة عبر وسائل الإعلام ( الانترنت )عن توريط بعض قادة البوليساريو في قضايا الهجرة السرية و المخدرات و الإرهاب .

البوليساريو و تحديات ما بعد وقف إطلاق النار :
المهتم بقضية الصحراء الغربية يرى التحديات الجمة التي واجتها البوليساريو قبل وبعد و أثناء تنفيذ وقف إطلاق النار فهي (البوليساريو ) منهكة بسبب ظروف الحرب و قساوة الطبيعة و عدم توازن القوى حيث الدعم موجه مباشرة إلى الطرف المغربي و رغم ذلك انتصر الحق و برهنت البوليساريو قدرة مقاتلتيها و مواطنيها على الاستمرارية و الصمود و يمكن حصر التحديات في :

أولا : عدد الجامعيين الصحراويين يفوق عدد الجامعيين في فرنسا .
ثانيا : نسبة إعادة التكوين وصلت إلى 50 % من السكان .
ثالثا : ارتفاع ملموس في نسبة النمو الديمغرافي ( استحداث و توسيع نطاق الدوائر ) .
رابعا : هيكل الدولة الصحراوية بدا واضح المعالم فجبهة البوليساريو لم تعد حركة تحرير هدفها التخطيط و التنفيذ الحربيين بل كيان كامل المعالم من النواحي السياسية و الإدارية و التنظيمية و القضائية و الأرشيفية.

خامسا : شبح البطالة و هجرة الأدمغة ( الخريجين )
سادسا : شح الموارد الاقتصادية بل الأصح انعدامها بالخصوص بعد تقليص المساعدات الغذائية للاجئين الصحراويين مما أدى إلى عدم استغلال الموارد البشرية و انتشار البطالة المقنعة ( اقل دخل في العالم 0.4 يورو للفرد ) .

ومن البديهي أن مرحلة اللا سلم و اللاحرب قد أفرزت تداعيات جمة لا يسمح المقال بسردها إلا أن جبهة البوليساريو لم تنهي المعركة الحربية إلا و هي على استعداد تام للمعركة السياسية التي من شماتها الصبر و التأني و المراوغة و التفاوض و الأخذ و العطاء و المقايضة و التنازل و هكذا تدخل البوليساريو مفاوضات مانهاتن بروح عالية و همة شامخة و يستنبط ذلك المتتبع لقضية الصحراوية و تطوراتها من خلال :

أولا : تصريحات الرئيس الصحراوي العام الماضي بمناسبة الذكرى الثلاثين لإعلان الجمهورية الصحراوية في منطقة اتفاريتي المحررة .
ثانيا : تصريحات الرئيس الصحراوي من نفس المنبر بمنطقة امهيريز المحررة بمناسبة ذكرى انتفاضة الرملة .
ثالثا : مداخلة رئيس الوفد الصحراوي المفاوض و التي سردت الحقائق التاريخية و القانونية لمشكلة الصحراء الغربية .
رابعا : تصريحات وزير الداخلية المغربي المحتشمة إلى درجة التجمد و أن دخولهم "بنية التفاوض " قد يعني بنية (اللون ) الرؤية المغربية للشرعية الدولية و تمسكها بما ليس لها .
خامسا : تصريحات السفير الأمريكي في الرباط أن ( المجلس التشريعي ) لن يدخل المفاوضات باسم الصحراويين بل البوليساريو هي الممثل الشرعي و الوحيد للتفاوض و هذه ضربة دبلوماسية مؤلمة من قعر الدار .

بعد الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان الصحراوي في المناطق المحتلة و على اثر الانتفاضة الشعبية العارمة و الضغوطات الدولية بالخصوص المنظمات الإنسانية غير الحكومية في ظل هذه الظروف من المنطقي أن يسعى المغرب إلى المفاوضات المباشرة للحصول على تنازلات مستقبلية فيما يخص و الاستثمار و الاقتصاد أو باعتبار ما بذله في البنى التحتية في المناطق المحتلة و هذه قد تكون النقطة الأهم في مسار التفاوض و لكن وللأسف الشديد قد غاب عن ذهن المغرب أن جبهة البوليساريو ليست حزبا سياسيا و لكنها شعبا فهي تفاوض باسم كل الصحراويين و بإمكان أي صحراوي أن يفوض و يطالب بالمقابل بتعويضات العقود المنصرمة من الاستغلال البشع للثروات الطبيعة في الصحراء الغربية .



Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!