أيها المسلمون إن هذا الدين الذي تدينون به وهذه الرسالة التي تحملونها إلى العالم هي رسالة سلام ومحبة و عدل و إحسان رسالة وسط بين الإفراط و التفريط بين الغلو والتقصير وسط في الاعتقاد والتعبد والسلوك و المعاملات سماها الله الصراط المستقيم قال تعالى : و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله...) و قال جل وعلا (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)


أيها المسلمون بعث الله محمدا صلى الله عليه و سلم و الرسل من قبله ليحاربوا الغلو و الظلم والتطرف و التفريط و يردوا الناس إلى الصراط المستقيم بالحكمة و الموعظة الحسنة و الجدال بالتي هي أحسن قال تعالى (ْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) و قال صلى الله عليه وسلم (إياكم و الغلو في الدين , فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين) وقال أيضا(هلك المتنطعون قالها ثلاثا) و التنطع: تجاوز الحدود في الأقوال أو في الأفعال.


أيها المسلمون : إن التطرف سلوك شاذ يظهر عند بعض الشواذ الذين يستبيحون أعراض الناس و أنفسهم و أموالهم يقتلون و يقتلون و يحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون استحوذ عليهم الشيطان، فقد قتل قابيل هابيل و استباح الخوارج دم الخلفاء الراشدين عمر و عثمان و علي رضي الله عنهم وهم أعلم الناس و أورع الناس و اعدل الناس بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

أيها المسلمون : إن الإسلام منهاج حياة شامل متكامل ينظم حياة الناس و علاقتهم بربهم و علاقاتهم فيما بينهم وعلاقة أولياء الأمور بعامة الناس قال تعالى(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) ويقول صلى الله عليه وسلم (على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع عليه ولا طاعة) و يقول (من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصا الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني) وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال (بايعنا بَايَعْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْع وَالطَّاعَة فِي مَنْشَطنَا وَمَكْرَهنَا وَعُسْرنَا وَيُسْرنَا وَأَثَرَة عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِع الْأَمْر أَهْله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان و على أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم ) وقال صلى الله عليه وسلم ( من أهان السلطان أهانه الله) وقال ( من كره من أميره شيئا فليصبر فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية ) وقال ( من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية)
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من نبي بعده

أما بعد أيها المسلمون : يقول رسول في خطبة حجة الوداع (نَّ دِمَاءَكُم وَأَمْوَالَكُم حَرَامٌ عَلَيكُم إِلَى يَوْمِ تَلْقَونَ رَبَّكُم؛ كَحُرْمَةِ يَومِكُم هَذَا، في بَلَدِكُم هَذَا،) و كأنه ينظر إلى حال الناس اليوم واستهانتهم بالقتل و هتك الأعراض و غصب الأموال لقد استهان المتطرفون و الغلاة في هذا العصر بحرمات الأنفس و الأعراض و ألأموال مقتحمين الوعيد الشديد الوارد بشأن تلك الحرمات مثل قوله تعالى (من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنّما قتل النّاس جميعاً ومن أحياها فكأنّما أحيا النّاس جميعاً) وقوله (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض) إن ما يجتاح العالم اليوم من هرج ومرج أمر يستعاذ منه و يجب على كل مواطن ومقيم بهذا البلد أن يسعى جهده في حماية السلم الاجتماعي و الأمن الذي ينعم به بلدنا و لا عذر لأحد منا و قد شاهدنا نتائج الفوضى و انعدام الأمن من حولنا اللهم آمنا في أوطاننا و اصلح ائمتنا وولاة أمورنا اللهم أصلح حالنا و عاقبتنا في الأأمور كلها و أجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة . يستكمل الدعاء