التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:07:56 غرينتش


تاريخ الإضافة : 04.07.2008 20:29:13

الأخبار تنشر تقرير منظمة العفو الدولية عن موريتانيا


منظمة العفو الدولية
موريتانيا
لا أحد يريد أن يهتم بأمرنا
عمليات الاعتقال والطرد الجماعي للمهاجرين الذين يمنعون من الدخول إلى أوروبا
AFR 38/001/2008

INTERNATIONAL SECRETARIAT, 1 EASTON STREET, LONDON WC1X 0DW, UNITED KINGDOM
Mauritania: “Nobody wants to have anything to do with us” Arrests and collective expulsions of migrants denied entry into Europe”
قائمة المحتويات
1. مقدمة 3
2. التوجه إلى أوروبا هرباً من الفقر والنـزاع 5
2.2 "نصحني بالذهاب إلى موريتانيا لأنها ليست بعيدة عن أوروبا" 7
3.2 "المهرب ينظم كل شيء، لكنه هو نفسه لا يسافر 9
4.2 "عندما اقتربنا من أوروبا، فحتى الأمواج أُطلقت من عقالها ضدنا 11
3. "أوروبا القلعة" توسع حدودها الخارجية جنوباً 12
1.3 اتفاقيات إعادة الإدخال وبنودها 13
2.3 إنشاء فرونتكس 15
4. انتهاك الحقوق الإنسانية للمهاجرين 17
1.4 "نحن لسنا لصوصاً، ومع ذلك تضربنا الشرطة وتسلبنا 17
2.4 "ألقوا القبض علي، لكن هذا ليس عدلاً لأنني لم أحاول بعد الذهاب إلى أسبانيا" 18
3.4 "إنه أشبه بكونك في السجن. إنه ليس عادياً، ونحن لسنا مجرمين 20
4.4 "لا أحد يريد أن يهتم بأمرنا" : كيف يجري الإبعاد القسري 24
5. الضغط الأسباني الممارس على موريتانيا 27
1.5 اتفاقية الهجرة المبرمة في يوليو/تموز 2003 27
2.5 اتفاقية مارس/آذار 2006 29
3.5 قضية مارين 1 29
6. طالبو اللجوء والمهاجرون 30
1.6 القانون الموريتاني الخاص باللجوء 32
7. المعايير الدولية الخاصة بحماية المهاجرين 34
8. رد فعل السلطات الموريتانية والممثلين الدبلوماسيين الأسبان في موريتانيا 36
1.8 رد فعل السلطات الموريتانية 36
2.8 رد فعل الممثلين الدبلوماسيين الأسبان في موريتانيا 38
9. الخلاصات والتوصيات 38
التوصيات 39
أ) التوصيات المقدمة إلى الحكومة الموريتانية 39
فيما يتعلق بحقوق اللاجئين : 40
ب) التوصيات المقدمة إلى الحكومة الأسبانية 41
ج) التوصيات المقدمة إلى الاتحاد الأوروبي 42
الملحق 1 : أسفار مهاجر 44
موريتانيا: "لا أحد يريد أن يهتم بأمرنا "
عمليات الاعتقال والطرد الجماعي للمهاجرين الذين يمنعون من الدخول إلى أوروبا

"عندما أتى البيض لأول مرة إلى أفريقيا عن طريق البحر، لم يعاملهم أحد كمهاجرين غير شرعيين؛ فلماذا نعامل اليوم عندما نحاول الذهاب بحراً إلى أوروبا كمهاجرين غير شرعيين؟"
عبارة على الجدران كتبها مهاجر في مركز الاعتقال في نواديبو

1. مقدمة
منذ العام 2006، قُبض على آلاف المهاجرين المتهمين بالانطلاق من موريتانيا بقصد الدخول إلى جزر الكناري (في أسبانيا) بصورة غير نظامية، ثم أُعيدوا قسراً إلى مالي أو السنغال بدون أي حق في تقديم استئناف للطعن في القرار أمام سلطة قضائية. وقد احتُجز العديد منهم عدة أيام في مركز اعتقال في نواديبو (في شمال موريتانيا)، حيث أساء أفراد قوات الأمن الموريتانية معاملة بعضهم. ويقول مواطنو دول غرب أفريقيا إنهم اعتُقلوا بصورة تعسفية في الشارع أو في المنـزل واتُهموا، بدون أي دليل كما يبدو، بالعزم على السفر إلى أسبانيا. وقد وقع بعض هؤلاء الأشخاص ضحايا لشبكات الابتزاز وأعادت السلطات الموريتانية العديد منهم قسراً إلى مالي أو السنغال. ومما يزيد من الطبيعة التعسفية لهذه الاعتقالات التي أعقبتها بصورة شبه تلقائية إعادتهم إلى الحدود، أن مغادرة موريتانيا بصورة غير نظامية لا تشكل جرماً بموجب القانون الموريتاني.

وتأتي سياسة الاعتقالات والطرد الجماعي هذه التي تنتهجها السلطات الموريتانية نتيجة للضغط الحاد الذي مارسه الاتحاد الأوروبي على البلاد، وبخاصة أسبانيا، في سعيه لإشراك بعض الدول الأفريقية في محاولته لمحاربة الهجرة غير النظامية إلى أوروبا. وقد وافقت موريتانيا، التي درجت تقليدياً من موقعها على الترحيب بالأعداد الكبيرة من مواطني الدول المجاورة، على التوقيع على اتفاقية مع أسبانيا في العام 2003 تُلزمها بإعادة إدخال ليس المواطنين الموريتانيين وحسب، بل أيضاً مواطني الدول الثالثة الذين "يثبت" أو "يُفترض" أنهم حاولوا السفر إلى أسبانيا انطلاقاً من الساحل الموريتاني. كذلك وافقت موريتانيا على وجود طائرة ومروحية على أراضيها تستخدمان في إطار عملية ينفذها الاتحاد الأوروبي من أجل مراقبة حدوده الخارجية. وعلاوة على ذلك، يُسيِّر أفراد الحرس المدني الأسباني دوريات مشتركة مع السلطات الموريتانية على طول الخط الساحلي للبلاد. وقد صُوِّر هذا التعاون بين الاتحاد الأوروبي وموريتانيا على أنه عملية أمنية وإنسانية ترمي إلى ثني المهاجرين الذين يحاولون الدخول إلى أوروبا ومنعهم، وإنقاذ أولئك الموجودين في البحر على متن قوارب صُنعت على عجل والمعرضين لخطر الغرق. وتكشف المعلومات التي جمعتها منظمة العفو الدولية عن أن هذا التعاون أدى إلى انتهاك بعض الحقوق الأساسية للمهاجرين في موريتانيا.

وترتبط الأسباب التي تدفع الآلاف من الأفارقة الشبان إلى مواجهة ظروف عصيبة وغالباً الموت في محاولة للوصول إلى أوروبا ارتباطاً أساسياً بالفقر وانعدام الأمل بالمستقبل والضغط العائلي، فضلاً عن العنف السياسي والحروب الأهلية التي أثرت بشكل خاص على ليبيريا وسيراليون وكوت ديفوار. وقد واجه الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه هذه الهجرة غير النظامية بتشديد سياستها المتعلقة بإدارة حركة الهجرة.

وفي هذا الصدد، يساور منظمة العفو الدولية درجة شديدة من القلق إزاء السياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، وبخاصة أسبانيا. وهذه الدول تعمل على نقل سياسة إدارة حركة الهجرة من الداخل إلى الخارج عن طريق الضغط على البلدان الأصلية للمهاجرين أو الدول التي يمرون عبرها – وبخاصة بعض دول المغرب وجنوب الصحراء الأفريقية – كي تدير بنفسها عملية تدفق المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا انطلاقاً من أراضيها. وقد أصبحت هذه الدول "شرطي أوروبا" بحكم الواقع.

وعموماً، تعارض منظمة العفو الدولية استخدام الاعتقال للحد من الهجرة. إذ يتمتع المهاجرون بحق الحرية وحق عدم التعرض للتوقيف التعسفي. وتتبنى المنظمة الرأي القائل إن اعتقال المهاجرين لا يكون شرعياً إلا عندما تستطيع السلطات الإثبات بأنه ضروري ومتناسب مع الهدف المراد تحقيقه، وأن البدائل لن تكون فعالة، أي استناداً إلى الأسس التي يحددها القانون وعندما يكون هناك خطر موضوعي في هروب الشخص المعني. وبصفة خاصة، يجب اشتراط إخضاع هذا الاعتقال لمراجعة قضائية وأن يقتصر على أقصر مدة زمنية ممكنة. ويجب إتاحة فرصة فعلية للشخص المعني للطعن في قرار اعتقاله.

وعلاوة على ذلك، فإن حقوق بعض اللاجئين وطالبي اللجوء، الذين ينتمي أغلبيتهم إلى دول غرب أفريقيا وليبيريا وسيراليون بشكل خاص، معرضة أيضاً للتهديد، وتُنكر عليهم أحياناً في موريتانيا. فمثلاً، قُبض على عدة لاجئين لفترات زمنية قصيرة وأُعيد اثنان منهم على الأقل قسراً إلى مالي. وقد وُضعت إجراءات للبت في اللجوء في العام 2005، لكنها لم تُنفذ بعد. فمكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هو الذي يظل يعترف بوضع لاجئ، لكن يمكن الطعن في قراراته من جانب مؤسسات جديدة أنشأتها السلطات الموريتانية. وإضافة إلى ذلك ليست هناك آلية لتقديم الاستئناف في حالة الرفض.

ويستند هذا التقرير إلى بعثة لتقصي الحقائق أرسلتها منظمة العفو الدولية إلى موريتانيا في مارس/آذار 2008 تمكن مندوبو المنظمة خلالها من إجراء مقابلات، بشكل خاص، مع أشخاص احتُجزوا في مركز الاعتقال في نواديبو، إنهم مهاجرون حاولوا – أو كانت لديهم النية لمحاولة – الوصول إلى أوروبا، ولاجئون أتى معظمهم من دول غرب أفريقيا. كذلك التقى المندوبون بكبار المسؤولين في السلطات الموريتانية، بمن فيهم وزير الداخلية في حينه يال زكريا وبالممثلين الدبلوماسيين لأسبانيا في موريتانيا. ويتضمن هذا التقرير بواعث القلق الرئيسية لدى منظمة العفو الدولية فيما يتعلق بمعاملة المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء في موريتانيا ويقدم توصيات إلى السلطات الموريتانية والاتحاد الأوروبي، وبخاصة الحكومة الأسبانية، تدعوهم إلى التأكد من التمسك بحقوق هؤلاء الأشخاص وفقاً للمعايير الدولية الراهنة.

2. التوجه إلى أوروبا هرباً من الفقر والنـزاع
ازداد سيل الهجرة من دول جنوب الصحراء الأفريقية إلى أوروبا بشكل كبير منذ التسعينيات. وتأتي هذه الظاهرة نتيجة الحروب الأهلية والأزمات الاقتصادية التي عصفت بالعديد من هذه الدول، وبخاصة في غرب أفريقيا. وقد أصبحت بوابة أوروبا، ساحل شمال غرب أفريقيا (وبخاصة ساحل المغرب وموريتانيا) نقطة المرور المفضلة للمهاجرين القادمين من جنوب الصحراء الأفريقية.

1.2 "وعدت عائلتي بالذهاب إلى أوروبا"
ترتبط الأسباب التي تدفع آلاف الأفارقة الشبان لموجهة الظروف العصيبة وغالباً الموت في محاولة الوصول إلى أوروبا ارتباطاً أساسياً بالفقر وانعدام الأمل بالمستقبل والضغط العائلي، فضلاً عن العنف السياسي والحروب الأهلية التي أثرت بشكل خاص على ليبيريا وسيراليون وكوت ديفوار. وشدد العديد من المهاجرين الذين التقت بهم منظمة العفو الدولية على المدى الذي يعتمد فيه الأهل عليهم لانتزاعهم من براثن الفقر، أو لمجرد سد الرمق في غمار الأزمة الاقتصادية المستشرية وارتفاع معدل البطالة.

ومعظم المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى جزر الكناري انطلاقاً من موريتانيا هم من الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس). والأغلبية العظمى هم من السنغال أو مالي، لكن منظمة العفو الدولية التقت أيضاً بمواطنين من غامبيا وغينيا وساحل العاج وغانا وليبيريا وسيراليون. والسبب في كون الأغلبية الساحقة من المهاجرين في موريتانيا مواطنين في الدول الأعضاء في إيكواس، هو أنهم يستطيعون الدخول إلى البلاد بدون تأشيرة، شريطة حيازتهم مستندات إثبات الشخصية.

قال مهاجر سنغالي التقت به منظمة العفو الدولية في مطلع مارس/آذار 2008 في مركز الاعتقال في نواديبو إن : "والدتي عجوز ولدي شقيقتان : لقد وعدت عائلتي بأن أذهب إلى أوروبا لكسب بعض المال.

وأشار العديد من المهاجرين إلى أن العائلة بأكملها تكاتفت حتى تستطيع مغادرة البلاد ومحاولة الوصول إلى أوروبا. وقال مهاجر من ساحل العاج لمنظمة العفو الدولية في مركز الاعتقال في نواديبو :

"لم أغادر البلاد بسبب الحرب، بل بسبب الفقر. لقد باع والدي جهازي الراديو والتلفاز وكل مقتنياتنا الشخصية تقريباً حتى أستطيع المغادرة. وقال ’يا بني أفعل ذلك من أجلي‘. وهذا ما أعطاني الإرادة للقيام بذلك." ومنذ توقيفه من جانب السلطات الموريتانية في بداية مارس/آذار 2008، حاول هذا الشخص الاتصال بوالده. "لقد بكى والدي عندما سمع بأنه تم إلقاء القبض علي. وقال إن الحظ لم يحالفنا وطلب مني بألا يثبط ذلك من عزيمتي وبأن أحاول مرة أخرى. وأنا أعرف بأنني سأعاد إلى السنغال، لكنني سأعمل هناك لفترة للحصول على بعض المال ومن ثم سأعود إلى نواديبو لأحاول مرة أخرى. وأعرف أنه بدوني سيُقضى على عائلتي. فأنا أملها الوحيد."

وقال مهاجر آخر من ساحل العاج قبضت عليه السلطات الموريتانية في نواديبو لمنظمة العفو الدولية، "لقد قُبض علي الآن، ولا أستطيع العودة إلى الوطن مفلساً. وربما سأشيخ هنا، وهذا بيد الله. وإذا عاد السلام إلى ربوع ساحل العاج، فإنني مستعد للعودة، لكن فقط إلى مكان لا تراني فيه عائلتي، لأنني سأشعر بالخزي والعار إذا التقيت بهم."

وسلط العديد من المهاجرين الضوء أيضاً على الدور المؤثر الذي يؤديه أولئك المهاجرون الذين نجحوا في الوصول إلى أوروبا والذين يتصلون بعائلاتهم فوراً لإبلاغهم بنجاحهم. وقال أحد الموريتانيين الذي حاول مرتين الوصول إلى جزر الكناري لمنظمة العفو الدولية إنه : "حالما يصل المهاجرون إلى جزر الكناري، يتصلون بعائلاتهم على هواتفهم الجوالة وهذا يشجع العديد من الشبان الصغار على المغادرة."

كما التقت منظمة العفو الدولية بمهاجرين فروا من بلدهم بسبب النـزاع السياسي والحرب الأهلية، لكنهم لم يطلبوا بعد اللجوء إلى موريتانيا لأن هدفهم هو الوصول إلى أوروبا. وأبلغ مهاجر ليبيري محتجز في مركز الاعتقال في نواديبو وفد منظمة العفو الدولية بالقول : "لقد غادرت بلدي هرباً من الحرب الأهلية؛ وذهبت إلى ساحل العاجل في العام 2004، ثم جئت إلى هنا لمحاولة الوصول إلى أوروبا والعيش بأمان.

2.2 "نصحني بالذهاب إلى موريتانيا لأنها ليست بعيدة عن أوروبا"
منذ العام 2006، أصبحت موريتانيا نقطة المغادرة المفضلة لدى المهاجرين الذين يريدون الذهاب إلى أوروبا. ومنذ وقت طويل، حاولت أغلبية المهاجرين من غرب أفريقيا الوصول إلى أوروبا من شمال المغرب، مستخدمة زوارق صيد صغيرة لعبور مضيق جبل طارق، حيث لا يتجاوز طول المعبر 15 كيلومتراً. وبعد العام 2002، أرغم تعزيز المراقبة على طول ساحل البحر المتوسط المهاجرين الراغبين في الوصول إلى أوروبا على تغيير خط سيرهم، وتحديداً بمحاولة الوصول إلى الجيبين الأسبانيين ستة ومليلية في شمال المغرب. ومخر العديد منهم العباب على متن زوارق صغيرة مسطحة القعر تعرف بالأسبانية بكلمة باتيرا من مينائي دخلا والعيون (في الصحراء الغربية) ومن بلدة طرفايا المغربية (التي تبعد مسافة تقل عن 100 كيلومتر من فويرتافنتورا في جزر الكناري التي لا تستغرق رحلة الوصول إليها أكثر من 8 إلى 10 ساعات بحراً).
وفي أعقاب الحوادث التي وقعت في أكتوبر/تشرين الأول 2005 في ستة ومليلية وتشديد الرقابة على طول الحدود المغربية، وبخاصة بين الصحراء الغربية وموريتانيا، اضطر المهاجرون إلى إيجاد طرق أخرى أطول وبالتالي أكثر خطورة ومحاولة الوصول إلى أوروبا عن طريق البحر عبر جزر الكناري. لذا انطلق آلاف الأشخاص من موريتانيا (التي تبعد حوالي 800 كيلومتر عن الجزر الأسبانية) وحتى من السنغال (التي تبعد 2000 كيلومتر عن جزر الكناري). وبما أن الرحلة أطول وأكثر خطورة، اعتمد المهاجرون وسائل نقل جديدة مبحرين على متن مراكب أشد صلابة من الباتيرا تدعى كايوكو.

وهناك عامل آخر كان له تأثير في قرار المهاجرين بالذهاب إلى أوروبا انطلاقاً من موريتانيا، وبخاصة نواديبو – البلدة التي تقع في أقصى شمال البلاد وبالتالي الأقرب إلى جزر الكناري – هو افتتاح طريق جديد في نهاية العام 2005 بين نواديبو ونواكشوط عاصمة موريتانيا، ما قصَّر كثيراً من الوقت والطبيعة العشوائية للرحلة.

وأدى تعزيز التدابير من جانب السلطات الأسبانية والمغربية لثني المهاجرين عن التوجه إلى أسبانيا والافتتاح شبه المتزامن لطريق أسهل وأكثر أماناً يتيح الوصول إلى نواديبو إلى تحول هذه المنطقة إلى نقطة استقطاب لأعداد كبيرة من المهاجرين القادمين من غرب أفريقيا التواقين إلى التوجه إلى أوروبا. وقال أحد المهاجرين الليبيريين لمنظمة العفو الدولية : "لقد غادرت ليبريا متوجهاً إلى ساحل العاجل في العام 2004. وفي الطريق التقيت بسائق شاحنة نصحني بالذهاب إلى موريتانيا لأنها ليست بعيدة عن أوروبا؛ يمكنك أن تجد عملاً هناك وتدخر مبلغاً كافياً للعبور".

ومنذ نهاية العام 2005، حدثت زيادة هائلة في عدد المهاجرين الذين غادروا موريتانيا متوجهين إلى جزر الكناري عن طريق البحر، وكان هذا الأمر موضع اهتمام كبير من جانب وسائل الإعلام، وبخاصة من جانب وسائل الإعلام الأسبانية.

وتتفاوت الأنباء حول عدد المهاجرين الذين يصلون إلى جزر الكناري من موريتانيا. وتمثل رد فعل الاتحاد الأوروبي الذي جوبه بتدفق سيل المهاجرين إلى جزر الكناري مصحوباً بالصور التي تبثها وسائل الإعلام العالمية للجثث العائمة في المياه وللمهاجرين الذين يعانون من الجفاف والجوع ويهيمون على وجههم، بالبحث عن بعض الوسائل لثني هؤلاء المهاجرين عن القيام بالرحلة وإنقاذ الأرواح البشرية. كذلك مارس الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه الضغط على موريتانيا للاضطلاع بدور أكثر فعالية في السيطرة على حركة الهجرة إلى أوروبا.

3.2 "المهرب ينظم كل شيء، لكنه هو نفسه لا يسافر"
للتمكن من مغادرة موريتانيا على متن زورق والتملص من السلطات الموريتانية والأسبانية، يضطر كل من يود الهجرة إلى استخدام مهرب ودفع مبلغ كبير من المال قد يصل إلى عدة آلاف من اليورو. والمهربون أشخاص يعرفون المنطقة وأي من السلطات يرشون؛ وقد يكونون صيادين أو أشخاصاً يخططون هم أنفسهم للهجرة أو ممن فعلوا ذلك أصلاً. وتستند الهجرة غير النظامية إلى شبكة معقدة من العلاقات والتعاملات يصعب استيعاب مداها لأنها دائمة التغير في مواجهة ردود فعل السلطات.

وبحسب المعلومات التي جمعتها منظمة العفو الدولية، يتضمن هذا النظام المعقد مستويات مختلفة من المسؤولية والأشخاص؛ أولاً هناك "المهرب" الذي ينظم العملية بأكملها. ويعمل مع (الوسطاء) الباحثين عن المهاجرين [الذين يُعرفون محلياً بـ "coxeurs"] والذين يترتب عليهم إيجاد المهاجرين الذين يودون السفر إلى أوروبا. وأحياناً قد يتحول المهاجرون المرتقبون أنفسهم إلى باحثين عن مهاجرين يفتشون عن مهاجرين آخرين يتوقون للذهاب إلى أوروبا بواسطة بعض الوسائل غير النظامية. وهناك أيضاً "قباطنة" زوارق الصيد الصغيرة الذين يقبضون مبالغ كبيرة من المال للمشاركة في هذا النوع من العبور. وأخيراً هناك بعض ممثلي قوات الأمن الموريتانية الذين يوافقون، مقابل مبالغ كبيرة من المال، على السماح بعمليات المغادرة نفسها التي يُفترض بهم منعها. ومع ارتفاع عدد المهاجرين المحتملين، أصبحت أنشطتهم مربحة للغاية.

وأوضح أحد المهاجرين الموريتانيين الذي حاول الوصول إلى أوروبا عدة مرات لمنظمة العفو الدولية كيفية عمل الشبكة:

"أولاً ينبغي على المهاجرين العثور على وسيط يفتش عن أشخاص يريدون المغادرة. ويجد الوسيط الزبائن للمهرب، لكنه لا يسافر هو نفسه أبداً؛ ويدون في دفتره المبلغ الذي دفعه كل شخص؛ وينظم المهرب كل شيء، لكنه هو أيضاً لا يسافر؛ ويبحث عن قبطان من بين الصيادين الذين يصطادون أكبر كمية من الأسماك، ثم يعرض عليهم عقد صفقة."

وفي بعض الحالات، يخون الوسطاء أو المهربون المهاجرين أو يشون بهم أو يخدعونهم، وبخاصة الأضعف بينهم، لاسيما النساء أو بعض المهاجرين الناطقين بالإنجليزية (بصورة رئيسية القادمين من ليبيريا أو سيراليون أو نيجيريا) غير الملمين بالمنطقة والذين لا يتجرؤون على الشكوك والمطالبة بإعادة مالهم إليهم. وقد جمعت منظمة العفو الدولية شهادات عدة مهاجرين يعتبرون أنهم تعرضوا للخيانة أو السلب على أيدي الوسطاء أو المهربين.

وروى شخص غامبي عمره 24 عاماً القصة التالية للباحثين التابعين للمنظمة في مركز الاعتقال في نواديبو في مارس/آذار 2008.

"غادرت غامبيا في العام 2005 هرباً من الفقر. وأنا هنا منذ عامين أعمل كعامل لادخار ما يكفي من المال للصعود على متن زورق. لقد عانيت كثيراً كي أدخر هذا المبلغ وقدره 200,000 أوغياس (حوالي 550 يورو). وفي أغسطس/آب 2006 أعطيت المال لوسيط سنغالي قال لي : ’إنها مجرد مسألة وقت، لا تقلق، سأضمن لك الخروج‘. وانتظرت وقتاً طويلاً، لكن الوسيط قال لي إن القبطان اختفى مع الزورق ونقودي. وطلب مني 50,000 أوغياس أخرى (حوالي 140 يورو). فأعطيته إياها ومساء أمس (3 مارس/آذار 2008) أخذني إلى حيث كان من المفترض أن استقل أنا ومجموعتي الزورق، لكن الشرطة الموريتانية كانت لنا بالمرصاد. اعتقد أن المهرب وشى بنا. ومنذ ذلك الحين، يظل جهاز هاتفه الجوال مغلقاً. وسأُعاد بعد بضعة أيام، لذا لن أتمكن من المطالبة باستعادة مالي. لقد خسرت كل شيء."

وأوضح مهاجر قام بعدة محاولات للذهاب إلى أوروبا لمنظمة العفو الدولية أن بعض المهربين يخدعون المهاجرين المرتقبين بإعطاء وعد لعدد كبير من الأشخاص بتأمين مكان لهم على متن الزورق ذاته مع علمهم بأنه لن يكون هناك متسع لهم جميعاً. "ويفعل البعض الشيء ذاته الذي تفعله شركات الطيران. فيحجزون عدد من الأماكن يفوق المتوافر منها. ويطلبون المال من 100 شخص، لكنهم يعرفون أن 75 فقط، وربما أقل من ذلك حتى، سيتمكنون من المغادرة لأن الزورق لا يجوز أن يحمل فوق طاقته. لذا يضربون موعداً خطأ لبعض الأشخاص أو يشون بهم إلى السلطات". ولدى سؤاله عن "المعايير" التي يعتمدها المهربون لتحديد من الذي سيتمكن فعلاً من الصعود على متن الزورق، قال الشخص نفسه : "يأخذون المهاجرين الأكثر تصميماً، أولئك الذين يمكن أن يسببوا مشاكل لهم إذا لم يرحلوا، ولهذا السبب فإن الذين يفوتهم الزورق هم غالباً النساء أو المهاجرون الناطقون بالإنجليزية [الذين لا يفهمون اللغات المحلية]".

وفي مركز الاعتقال في نواديبو، التقت منظمة العفو الدولية بامرأتين من ساحل العاج تعتقدان أن مهربهما قد "خانهما". وقالت إحداهما : "طلب منا المهرب أن نلتقي عند مفترق طرق. وفيما بعد أتى في سيارة لاصطحابنا وأخذنا إلى منـزله حيث كان بعض الأشخاص الآخرين ينتظرون أصلاً. وقال إنه مضطر للخروج وطلب منا أن ننتظره. وبعيد ذلك، أتى عشرة من أفراد الشرطة لاعتقالنا. وقالت لي الشرطة إنني سأعاد إلى مالي. لقد تعبنا في أفريقيا، تعبنا أكثر مما يجب. ونحن فقراء، ليس لدينا شيء ... فماذا سنفعل الآن، سيلقون بنا على الحدود، سوف نموت، ولا سبيل أمامنا للعودة إلى مالي".

وقد ألقت السلطات الموريتانية القبض على بعض الأشخاص المتهمين بالتهريب أو الذين يُفترض أنهم مهربون. والتقى وفد منظمة العفو الدولية بالبعض منهم في السجن بنواكشوط ونواديبو. وأُدين بعضهم بينما ينتظر آخرون محاكمتهم. ويتمكن العديد من المهربين تجنب التوقيف، نتيجة وجود صلات لهم بأشخاص نافذين كما يبدو، بينهم وفقاً لبعض المزاعم، أشخاص داخل قوات الأمن. لكن آخرين، لا يتمتعون بالقدر ذاته من الحماية، قُبض عليهم واتُهموا بأنهم متواطئون مع المهربين. وبالنسبة لمنظمة العفو الدولية أكدت الشهادات التي جمعتها من بعض المحتجزين أن الشبكة الموجودة بالنسبة لأولئك الذين يحاولون الوصول إلى جزر الكناري بوسائل غير نظامية معقدة، وأنها تشمل أشخاصاً على مستويات مختلفة جداً من المسؤولية وأن السلطات يجب أن تتخذ خطوات لتجنب اعتقال الأشخاص في أوضاع لا إنسانية نتيجة لإدانة بسيطة.

ومن القضايا المحددة التي تناهت إلى علم منظمة العفو الدولية قضية شخص غاني قبضت عليه شرطة نواديبو في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2007. وتم القبض عليه في أعقاب إخطار من جانب السلطات المغربية بأن المهاجرين الذين قُبض عليهم وهم يحاولون الوصول إلى جزر الكناري اتهموه بأنه مهرب. وظل محتجزاً مدة ستة أيام في مركز الشرطة في نواديبو قبل إرساله إلى مقر قيادة الأمن الوطني في نواكشوط. وقرر عضو النيابة الذي جُلب المهرب للمثول أمامه في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2007 أنه لا تتوافر أدلة كافية لتوجيه تهم إليه وترك الأمر للشرطة. وبرغم أن الشرطة كان يجب أن تخلي سبيله بموجب افتراض البراءة الذي يكفله القانون الموريتاني، فقد أُعيد قسراً إلى السنغال عبر روسو البلدة الحدودية التي تقع بين السنغال وموريتانيا. ومنذ ذلك الحين عاد إلى موريتانيا، لكنه خسر وظيفته وهو الآن مفلس.

وقال عدة أشخاص لمنظمة العفو الدولية إن بعض أفراد قوات الأمن الذين يتحملون مسؤولية المراقبة الساحلية يمكن أن يسمحوا، مقابل مبالغ كبيرة من المال، للمهاجرين بالمغادرة حتى ولو كان ذلك يعني أنهم سيتعقبونهم لاحقاً. وقال شخص حاول الذهاب إلى أوروبا عدة مرات لمنظمة العفو الدولية أنه في أماكن معينة من الساحل "في الليل لا يوجد إلا ثلاثة جنود يتولون الحراسة بين منتصف الليل والساعة السادسة صباحاً. ويطلبون 250,000 أوغياس (حوالي 700 يورو) لإغماض أعينهم لمدة ساعة؛ وتشكل الهجرة مصدر دخل رئيسياً للجنود. ولدى العديد منهم سيارات مرسيدس في نواديبو برغم حقيقة أنهم لا يكسبون إلا 35000 أوغياس (حوالي 100 يورو)".

كذلك علمت منظمة العفو الدولية أن بعض أفراد قوات الأمن يبيعون المحركات أو الوقود للمهاجرين كما يُزعم. ويقال إن هذه المحركات تأتي من زوارق الصيد التي تحتجزها الشرطة وتصادرها. ومن الواضح أنه من المستحيل أو الخطورة بمكان على المهاجرين أن يشتكوا من هذا السلوك. فعلى سبيل المثال علمت منظمة العفو الدولية أنه في يناير/كانون الثاني 2007 تعرض مهاجر غيني للضرب في معسكر الاعتقال في نواديبو لأنه قال إن أحد رجال الشرطة وافق على السماح له بالسفر بحراً مقابل 200,000 أوغياس (حوالي 550 يورو). ونتيجة للضرب، كسرت يده وترتب نقله إلى المستشفى.

4.2 "عندما اقتربنا من أوروبا، فحتى الأمواج أُطلقت من عقالها ضدنا"
تحدث المهاجرون الذين التقت بهم منظمة العفو الدولية عن الأوضاع التي سافروا فيها بحراً طوال أيام، معرضين أنفسهم للخطر في محاولة للوصول إلى جزر الكناري على متن قارب صغير، قوارب صيد محملة فوق طاقتها، غالباً بدون معدات للنجاة في حال تحطم الزورق وبقليل جداً من الطعام والملابس التي تقيهم من البرد والمطر. وهذا العبور محفوف جداً بالمخاطر لأن التيار البحري يتجه جنوباً. لذا فإن اتجاه الزورق من جزر الكناري إلى القارة الأفريقية أسهل من سيره في الاتجاه المقابل. وقال مهاجر من أصل سيراليوني نجح في العبور إلى جزر الكناري في سبتمبر/أيلول 2007 قبل أن تعيده السلطات الأسبانية إلى موريتانيا بعد عدة أيام، لمنظمة العفو الدولية إنه : "عندما غادرنا ساحل موريتانيا، كان البحر هادئاً، لكن عندما اقتربنا من أوروبا، فحتى الأمواج أُطلقت من عقالها ضدنا. وكان ارتفاعها ثلاثة أو أربعة أمتار، وكان الأمر أشبه بتسلق جبل. وأحدق بنا خطر شديد وكنت خائفاً لأنني لا أحسن السباحة".

وقال مواطن غاني عمره 24 عاماً في مركز الاعتقال في نواديبو لمنظمة العفو الدولية :
"وصلت إلى موريتانيا في العام 2004 وعملت في الميناء منذ ذلك الحين. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2007، عند قرابة الساعة السادسة صباحاً، شاهدت بعض الأشخاص يستقلون زورقاً متجهاً إلى أسبانيا. فتبعتهم وصعدت على متن الزورق؛ وكان هناك أكثر من 100 شخص على متنه. وهدد القبطان بأن يلقي بي في البحر إذا لم أدفع له على الفور. وكان بحوزتي 1400 يورو، فأخذ مني 1000. وكان العبور طويلاً جداً؛ وقد استغرق تسعة أيام. ولم ارتد إلا سروالاً وقميصاً وكان الطقس بارداً جداً في الليل. كما أنني كنت خائفاً جداً من السقوط لأنه كان علينا أن نبقى جالسين ورؤوسنا منحية وتكاد تصل إلى ركبنا. وإذا أراد أي شخص أن يبول، نستخدم قنينة بينما يمسك بنا اثنان من المهاجرين. وكان الأمر لا يقل صعوبة للنساء العشر اللاتي كن معنا؛ وقد اضطررن إلى استخدام دلو. وبكينا خلال العبور. وكان ارتفاع الأمواج يزيد عن أربعة أمتار وكنا خائفين. وصلّينا طوال الوقت. وبحلول نهاية اليوم الرابع، لم يبق لدينا عملياً أي شيء نأكله أو نشربه. لقد استنفدنا كافة مؤننا حتى أن بعضنا اضطر لشرب بعض من مياه البحر. وأُصيب عدة أشخاص بالمرض، ومن ضمنهم النساء. وبعد قضاء تسعة أيام في البحر وصلنا إلى تناريف حيث كانت الشرطة الأسبانية بانتظارنا لإلقاء القبض علينا."

وخلال عمليات العبور هذه، غرق عدد كبير من الأشخاص يستحيل تقديره. وخلال اجتماع رسمي مع وفد منظمة العفو الدولية في مارس/آذار 2008، قال وزير الداخلية الموريتاني في حينه يال زكريا إنه : "في كل يوم نعثر على جثث على الساحل، لقد ابتلع المحيط آلاف الأشخاص". وقال مهاجر نجح في العبور على متن زورق صيد صغير في سبتمبر/أيلول 2006 لمنظمة العفو الدولية إن : "الرحلة استغرقت خمسة أيام. وقد اكتشفتنا مروحية أسبانية واستدعت الحرس المدني. ووصلت الشرطة الأسبانية على متن زورق ونزل أفرادها على متن زورقنا بينما كنا لا نزال في البحر. وخلال العبور، تقيأ أحدنا. وكان عمره 25 أو 26 عاماً من غينيا بيساو وكان يسافر مع شقيقه الأكبر. وكنا نعتقد أنه نائم لأنه في الزورق كل رجل مسؤول عن نفسه والشاطر ينجو بنفسه. فأنا لا أعرفك وأنت لا تعرفني. وحاول الأسبان إيقاظه وأدركوا أنه مات. فوضعوه في كيس بلاستيكي كبير وأخذوه معهم".

3. "أوروبا القلعة" توسع حدودها الخارجية جنوباً
خلال السنوات العشر الماضية تقريباً، تشددت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشكل كبير في سياسة إدارة حركة الهجرة. وكان الهدف الحد من عدد المهاجرين غير النظاميين الذين يصلون إلى أراضيها، وبخاصة من خلال تعزيز القيود التي تفرضها على حدودها الخارجية. وبعد فشلها في احتواء ظاهرة الهجرة هذه، قررت في النهاية نقل سياستها في محاربة "الهجرة غير النظامية" إلى الخارج.

لذا مورس ضغط على دول المغرب العربي وجنوب الصحراء الأفريقية لإشراكها في محاربة الهجرة غير النظامية وتحويل هذه الدول إلى "شرطي أوروبا" الفعلي.

وخلال السنوات القليلة الماضية أعد الاتحاد الأوروبي سياسته المتعلقة بحركة الهجرة بحيث ترتكز على محورين رئيسيين : بنود إعادة الإدخال والعمليات المشتركة لوكالة فرونتكس.

1.3 اتفاقيات إعادة الإدخال وبنودها
أصبحت فيما بعد اتفاقيات وبنود إعادة الإدخال التي أُدرجت في اتفاقيات التعاون والشراكة أحد الأسلحة المفضلة لدى الاتحاد الأوروبي ضد الهجرة غير النظامية. وينص هذا النوع من الاتفاقيات على تعهدات متبادلة بين طرفين موقعين تتعلق بإعادة مواطنيهما أو مواطني أية دولة ثالثة دخلوا إلى أراضي أحد الطرفين بصورة غير نظامية.

ولا تعارض منظمة العفو الدولية من حيث المبدأ اتفاقيات إعادة الإدخال التي ليست غير قانونية بحد ذاتها. بيد أن المنظمة تشدد على أن أية اتفاقية لإعادة الإدخال يجب أن تتقيد تماماً بالواجبات المترتبة على الدول الأطراف في الاتفاقية حيال حقوق الإنسان. ويجب أن تتضمن نصوصاً واضحة تحمي حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء. وينبغي أن تشمل حقوقهم في الحرية وعدم التعرض للاعتقال التعسفي؛ والحماية من التعذيب أو غيره من ضورب سوء المعاملة؛ وحقوقهم في الاستفادة من إجراءات مرضية للبت في اللجوء والحماية من الإعادة إلى بلد أو إقليم يمكن أن يتعرضوا فيه لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.

ومن أجل اجتثاث سيل الهجرة، سعى الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه إلى إقناع البلدان الأصلية للمهاجرين والدول التي يمرون عبرها بالموافقة على عقد اتفاقيات أو بنود لإعادة الإدخال ضمن إطار السياسات المتعلقة بالمساعدات الإنمائية التي تنتهجها.

وإزاء المقاومة التي أبدتها بعض الدول – غير المتحمسة للموافقة على إعادة إدخال مواطني دول ثالثة إلى أراضيها – لجأ الاتحاد الأوروبي إلى ما أسماه في مارس/آذار 2006 المفوض الأوروبي المعني بالقضاء والشؤون الداخلية فرانكو فراتيني "رافعات" (عصي) أو "جزر".

وفي إطار السياسة التي انتهجها الاتحاد الأوروبي لتعميم التوقيع على اتفاقيات إعادة الإدخال أو اتفاقيات التعاون التي تتضمن بنود إعادة الإدخال التي عُقدت مع دول الجنوب، فإن اتفاقية كوتونو التي وُقعت في العام 2000 مع الدول الأفريقية ودول بحر الكاريبي والمحيط الهادئ، تمثل تاريخاً مهماً. فالمادة 13 من الاتفاقية تتضمن فعلياً، بنداً قياسياً لإعادة الإدخال ينص على أن كل دولة طرف "تقبل بإعادة وإعادة إدخال أي من مواطنيها الموجودين بصورة غير قانونية في أراضي" دولة طرف أخرى "بناء على طلب تلك الدولة وبدون مزيد من الشكليات". كما يفتح هذا النص المجال لإمكانية اعتماد "أي من الأطراف إذا دعت الضرورة" ترتيبات لإعادة إدخال مواطني دول ثالثة وأشخاص عديمي الجنسية".

وفي اجتماع المجلس الأوروبي الذي عُقد في إشبيلية في يونيو/حزيران 2002، ذهب الاتحاد الأوروبي شوطاً أبعد بالقول إنه في المستقبل، سيُدخل بصورة منهجية في اتفاقيات التعاون والشراكة التي يعقدها "بنداً حول الإدارة المشتركة لحركة الهجرة وحول إعادة الإدخال الإلزامية في حال الهجرة غير القانونية".

لذا أصبح هذا النص، على مستوى المجموعة الأوروبية، سلاحاً ضرورياً ضد الهجرة غير النظامية. بيد أن الاتحاد الأوروبي غالباً ما واجه مشاكل في إبرام اتفاقيات إعادة الإدخال مع دول الترانزيت (المرور المؤقت)، بشكل خاص، التي قاومت الضغط الذي مارسه الاتحاد الأوروبي في محاولة فرض إعادة إدخال مواطني الدول الثالثة إلى أراضيها.

ومن جانبها، قدمت بعض الدول الأعضاء بمعظمها، وعلى رأسها فرنسا وإيطاليا، لكن أيضاً أسبانيا، التزامات أصلاً في هذا المجال، ووقعت على اتفاقيات لإعادة الإدخال مع عدد معين من دول أوروبا الشرقية والمغرب العربي وغرب أفريقيا.

2.3 إنشاء فرونتكس
بموازاة اتفاقيات إعادة الإدخال هذه، أنشأ الاتحاد الأوروبي في أكتوبر/تشرين الأول 2004 وكالة أوروبية لإدارة التعاون الميداني بشأن الحدود الخارجية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تعرف باسم فرونتكس. وهدف هذه الوكالة تعزيز الأمن على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي بتنسيق إجراءات الدول الأعضاء وتسهيل تطبيق تدابير المجموعة المتعلقة بإدارة هذه الحدود.

وقد أجرت فرونتكس عمليات لإدارة حركة الهجرة على طول كل الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي (لاسيما في موانئ بحر البلطيق وحدود النمسا وهنغاريا وسلوفاكيا ورومانيا وكذلك سواحل ليبيا واليونان وإيطاليا).

وفيما يتعلق بغرب أفريقيا، نفذت فرونتكس في أغسطس/آب 2006 عملية لمراقبة الهجرة غير النظامية من غرب أفريقيا إلى جزر الكناري. وهذه العمليات التي أُطلق عليها تسمية هيرا واحد واثنين وثلاثة جرى إعدادها بناء على طلب أسبانيا ولديها هدفان رئيسيان: نشر مجموعتين من الخبراء من الدول الأعضاء الأخرى لمساندة السلطات الأسبانية في جزر الكناري التي تجري مقابلات مع المهاجرين الوافدين فضلاً عن تسيير دوريات بحرية مشتركة على طول ساحل غرب أفريقيا. ويجب أن يكون الهدف الأول المساعدة على تحديد البلد الأم للمهاجرين المعنيين من أجل تسهيل عودتهم ويجب في الوقت نفسه إعداد معلومات بشأن معرفة هوية أولئك المسؤولين عن تسهيل عبور البحر. ويتم تنظيم الدوريات البحرية المشتركة بالقرب من ساحل غرب أفريقيا من أجل منع الزوارق غير الصالحة للإبحار من مواصلة رحلتها الخطرة.

وتحت رعاية أسبانيا، شاركت عدة دول أوروبية في هذه العملية، وتحديداً ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وللوكسمبورغ والبرتغال. وتضمنت العملية إرسال خبراء إلى جزر الكناري وتقديم السفن أو المروحيات أو الطائرات، فضلاً عن الأفراد على الأرض. وقد نُفِّذت العملية بالتعاون مع موريتانيا والرأس الأخضر والسنغال (وُقعت اتفاقيات بين أسبانيا وهذه الدول) وهذه العملية التي كان يقصد في البداية تنفيذها لفترة محدودة، جُددت عدة مرات وتظل قائمة حتى الآن. فمثلاً، في إطار فرونتكس، قدمت لوكسمبورغ مروحية إلى موريتانيا. وهي ترابط في نواكشوط وتقوم بدوريات جوية على طول الساحل الموريتاني.

وساهمت فرنسا أيضاً في هذه العملية. وقال مدير الإدارة المركزية لشرطة الحدود ضمن وزارة الداخلية لمنظمة العفو الدولية إن فرنسا أعارت طائرة فالكون من أجل بعض خطوط الطيران فضلاً عن تقديم خبرة تتعلق بالوثائق المزورة. وقال تحديداً إنه "بفضل معرفتنا بغرب أفريقيا واللغة الفرنسية وخبرتنا في الوثائق المزورة الواردة من هذه الدول؛ يقضي ممثلونا مدة تتراوح من شهر إلى شهرين هناك لمساعدة المسؤولين الأسبان في إجراء مقابلات مع المهاجرين، والبحث عن معارفهم والتنديد بالمسؤولين عن ذلك."

وعلى أية حال، تعتبر فرونتكس أن عملية هيرا حققت نجاحاً. وبحسب التقرير السنوي 2006 لفرونتكس فإنه : خلال المرحلة التشغيلية من هيرا 2، تم اعتراض سبيل 3887 مهاجراً غير قانوني على متن 57 زورق كايوكو (زورق صيد صغير) بالقرب من الساحل الأفريقي وجرى تغيير وجهتها. وخلال عمليتي هيرا واحد واثنين، أمكن منع ما يقرب من 5000 مهاجر غير شرعي من الإبحار في رحلة محفوفة بالمخاطر كان يمكن أن يدفعوا حياتهم ثمناً لها". ولا يتضمن التقرير أية معلومات حول المكان الذي تم فيه تحويل وجهة الـ 3887 مهاجراً ولا حول ما إذا كانوا بحاجة إلى حماية دولية.

وكان جزء من عملية هيرا في جزر الكناري يهدف إلى التعرف إلى هوية المهربين من خلال المقابلات التي أُجريت مع المهاجرين الذين يصلون إلى هناك. وذكر التقرير السنوي 2006 لفرونتكس أن خبراء فرونتكس والسلطات الأسبانية تعرفت على هوية 100 بالمائة من المهاجرين غير النظاميين ويضاف أنه "من خلال المعلومات التي جُمعت خلال المقابلات، أمكن اعتقال عدة وسطاء لاسيما في السنغال وإحباط مغادرة أكثر من ألف شخص". ولم يحدد التقرير الأساس الذي استند إليه الرقم 2000 مغادر.

4. انتهاك الحقوق الإنسانية للمهاجرين
تحدث عدد من المهاجرين الذين التقت بهم منظمة العفو الدولية في مركز الاعتقال في نواديبو عن كيفية معاملة قوات الأمن لهم بخشونة أو إهانتهم عند إلقاء القبض عليهم. وقد سُلب معظمهم بعض الأشياء التي كانت بحوزتهم وقال العديد منهم إنهم اعتُقلوا بصورة تعسفية في الشارع أو المنـزل، عندما لم يكونوا يجرون أية استعدادات لمحاولة الوصول إلى أوروبا بصورة غير نظامية. ومن الممكن أن يكون بعض هؤلاء الأشخاص موجودين في موريتانيا بصورة غير نظامية، لكن آخرين صرَّحوا أن أوراقهم كانت نظامية وأن قوات الأمن عمدت إلى مصادرتها أو تمزيقها عند القبض عليهم.

وأياً تكن الملابسات المحيطة بهذه الاعتقالات، لا يوجد أي أساس قانوني لاعتقال المهاجرين الذين لا يتهمون بأكثر من مجرد الرغبة في الوصول إلى أوروبا عبر وسائل غير نظامية. وفي الواقع لا تشكل مغادرة الأراضي الموريتانية بوسائل غير نظامية جرماً من أي نوع كان بموجب القانون الجنائي المعمول به في البلاد. والإشارة الوحيدة لمغادرة أراضي البلاد ترد في المرسوم 64-169 الصادر في 15 ديسمبر/كانون الأول 1964 الخاص بنظام الهجرة في موريتانيا ولا تنطبق إلا على المهاجرين الأجانب العاديين الذين عندما يودون مغادرة الأراضي الموريتانية، ينبغي أن "تختم السلطات الإدارية في مكان الخروج بطاقات إثبات شخصيتهم الأجنبية". والتقاعس عن التقيد بهذا الإجراء الشكلي لا يمكن تصنيفه في خانة الجرائم. وموظفو الأمن القومي المسؤولون عن مركز الاعتقال في نواديبو يعلمون هذا المبدأ القانوني الأساسي. وقد أشار أحد كبار ضباطهم بوضوح لمندوبي منظمة العفو الدولية إلى أن السعي لمغادرة البلاد بطريقة سرية "لا يشكل جرماً بموجب القانون". كما أقر بذلك عضو النيابة في نواديبو عندما أبلغ مندوبي منظمة العفو الدولية بأن : "هؤلاء المهاجرين لم يرتكبوا أي خطأ، لأنه على الأقل في الوقت الراهن، لا تشكل مغادرة البلاد بصورة غير نظامية جرماً".

وتشكل معاقبة شخص على جرم ليس له وجود في القانون انتهاكاً لأحد المبادئ الأساسية للقانون الوطني والدولي. ونعيد إلى الأذهان في هذا الصدد بشكل خاص ما ورد في المادة 6 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الذي ينص على أن : "كل شخص يتمتع بالحرية والأمن الشخصي. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا للأسباب والشروط التي حددها القانون سابقاً وبشكل خاص، لا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفاً".

1.4 "نحن لسنا لصوصاً، ومع ذلك تضربنا الشرطة وتسلبنا"
أبلغ عدة مهاجرين وفد منظمة العفو الدولية أنهم تعرضوا للضرب على يد قوات الأمن الموريتانية التي أخذت الأشياء التي بحوزتهم عند توقيفهم. ولم تُجر السلطات أي تحقيق للتثبُّت من هذه المزاعم.

وقال ثلاثة ماليين في مركز الاعتقال في نواديبو إنهم تعرضوا للضرب وسُلبت منهم مقتنياتهم عند اعتقالهم. وقال أحدهم.

"مساء 4 مارس/آذار [2008]، مشيت ساعتين كي استقل الزورق في مكان ليس بعيداً عن الصحراء. وارتديت ثلاثة سراويل وثلاث سترات وجاكيتاً وانتظرت عند الشاطئ ركوب الزورق الصغير الذي سيأخذنا إلى مركب أكبر كان ينتظرنا في عرض البحر، عندما وصل الجنود. وأمرونا بأن نستلقي على الرمال، وكلما رفعت رأسي، كانوا يضربونني. وفتش الجنود المهاجرين وأخذوا نقودهم ومقتنياتهم الأخرى ومن ضمنها أجهزة الهاتف الجوال".

وسُلب مهاجرون آخرون مقتنياتهم في مركز الشرطة الذي أُخذوا إليه. وقال مواطن سنغالي عمره 19 عاماً من كاولاك إنه في 3 مارس/آذار 2008 كان ينتظر على الشاطئ مع حوالي عشرين مهاجراً آخر الزورق الذي كان من المقرر أن يُبحر بهم إلى أسبانيا عندما :

"فجأة وصل أربعة جنود. فلذت بالفرار، لكنهم شاهدوني وأطلق اثنان منهم النار في الهواء مرة واحدة، ثم مرة ثانية. وأُلقي القبض علينا بجوار البحر. وأخذونا إلى معسكر للجيش في سيارات. وفي الطريق ضربونا وصفعونا وضربونا بحزام. وعندما وصلنا إلى المخيم، جردونا من ملابسنا وفتشونا. وأخذوا 25,000 أوغياس (حوالي 70 يورو) مني وكذلك هاتفي الجوال. نحن بشر، عمال، نحاول إيجاد طريقة لمساعدة أهلنا. ونحن لدينا حقوق. ولسنا لصوصاً، ومع ذلك تعتدي الشرطة علينا بالضرب وتسلبنا، إنه لأمر مقزز".
وزُعم أن بعض أفراد قوات الأمن الموريتانيين أهانوا المهاجرين الذين قبضوا عليهم وأذلوهم. وقالت مجموعة من المواطنين السنغاليين لمنظمة العفو الدولية في مركز الاعتقال في نواديبو إن : "الشرطة ألقت القبض علينا عند الشاطئ بينما كنا نتهيأ للصعود على متن قارب صغير. وانهالوا علينا بالشتائم باللغة الموريتانية وشتموا آباءنا وأرغمونا على الاستلقاء على الأرض مكبلي الأيدي لبعض الوقت، لكنهم لم يضربونا".

ويُحظَّر عموماً التعذيب وسوء المعاملة بموجب جميع الصكوك الدولية لحقوق الإنسان التي تحمي حقوق المهاجرين بشكل خاص (انظر الجزء 7 : المعايير الدولية لحماية اللاجئين).
2.4 "ألقوا القبض علي، لكن هذا ليس عدلاً لأنني لم أحاول بعد الذهاب إلى أسبانيا"
تشير المعلومات المثبتة إلى أن بعض أفراد قوات الأمن يجرون فعلاً اعتقالات تعسفية للمواطنين الأجانب، لاسيما مواطنو دول المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا. وزُعم أن هؤلاء الأشخاص، الذين قُبض عليهم في الشوارع أو المنازل، بدون أي دليل كما يبدو، اتُهموا بأنهم يعتزمون مغادرة موريتانيا بصورة غير نظامية للسفر إلى أوروبا. وقال بعض هؤلاء الأشخاص المحتجزين في مركز الاعتقال في نواديبو بانتظار إعادتهم إلى مالي أو السنغال، لوفد منظمة العفو الدولية إنهم موجودون بصورة قانونية في موريتانيا وأنه في وقت اعتقالهم، مزقت قوات الأمن أذون الإقامة التي كانت بحوزتهم. وتخشى منظمة العفو الدولية من أن تكون هذه الاعتقالات التعسفية أحد الآثار السلبية للضغط الذي يمارسه الاتحاد الأوروبي على الحكومة الموريتانية.

وقال بعض الأشخاص المحتجزين في مركز الاعتقال في نواديبو إنهم اعتُقلوا في المنـزل عند منتصف الليل. وقال شخص مالي عمره 41 عاماً ومقيم في نواديبو منذ سنتين : "لقد قُبض علي بالأمس في غرفتي. لا أدري لماذا. وقد نمت على الأرضية في مركز الشرطة وجئت هنا [إلى مركز الاعتقال] هذا الصباح. وبرغم ذلك لدي وظيفة ولدي مركبة بعجلتين. أنا لست مهاجراً غير قانوني، فأنا أعيش هنا منذ عامين وكل أوراقي سليمة. وليس لدي نية بالتوجه إلى أوروبا؛ أنا رب عائلة ولا أدري ماذا سيحدث، فهم لا يخبروني أي شيء. ماذا سيحدث لي ولعائلتي إذا أعادوني إلى مالي. وتبلغ قيمة عربتي 20,000 أوغياس (حوالي 55 يورو) ولا يمكنني تحمل خسارتها".

وأبلغ آخرون قُبض عليهم ثم أُرسلوا إلى مركز الاعتقال في نواديبو منظمة العفو الدولية أنه تم القبض عليهم في الشارع لمجرد أنهم يرتدون جاكيتتين أو سروالين. ويبدو أن قوات الأمن الموريتانية تفسر هذه الحقيقة البسيطة بأنها دليل على أنهم يستعدون للمغادرة إلى أوروبا، برغم أن الطقس قد يكون بادراً في نواديبو، وبخاصة في المساء ويتذكر شخص مالي من مواليد العام 1987 قائلاً : "كنت أعيش هنا في منـزل أصدقائي وأقوم بأعمال عرضية مؤقتة، وبخاصة غسيل السيارات. ومساء أمس [2 مارس/آذار 2008] كنت أسير وحيداً؛ وكان الطقس بارداً وكنت أرتدي سروالين وجاكيتاً عندما ألقت الشرطة القبض علي. وأنا لا أتحدث لغتهم، لكنني فهمت أنهم يتهمونني بالعزم على المغادرة إلى أوروبا. لقد صادروا بطاقتي الشخصية وأحضروني إلى هنا. وأنا أعرف بأنني سأعاد إلى مالي، لكن هذا ليس عدلاً لأنني لم أكن أنوي الإبحار."

كذلك أخذت منظمة العفو الدولية إفادة شخص إيفوري في مركز الاعتقال في نواديبو قال إنه قُبض عليه في 1 مارس/آذار 2008 عندما كان في سيارة أجرة. "قبض علي في سيارة أجرة أفراد الشرطة الذين كانوا يبحثون عن المهاجرين. وقالوا إنه إذا أعطيتهم نقوداً فسيُفرجون عني. فرفضت وأُخذت إلى مركز الشرطة. وقلت إنني أبيع أجهزة هاتف جوال، لكنهم اتهموني بالاستعداد للمغادرة. فإذا كنت أكسب المال وأستطيع المغادرة، أقبل أن يعتقلونني كمهاجر غير قانوني. لكنهم لم يقبضوا علي وأنا في


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!