التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:17:41 غرينتش


لماذا تحول النواب الموريتانيون من مثلين للشعب إلى وكلاء للجنرالين ؟


عبد الله ولد محمد الأمين
ما أشبه المبررات التي استند عليها النواب الذين سعوا إلى حجب الثقة عن حكومة الوزير الأول السيد يحيى ولد أحمد الواقف بحجة الحفاظ على الديمقراطية والوقوف في وجه المفسدين، بما يصنعه الشيطان عندما يرتل آيات من الإنجيل، حتى يضل الناس عن الحق، على حد تعبير شكسبير، فقد كان ملتمس الرقابة الذي تقدم به هؤلاء النواب يوم 29ـ 6 ـ 2008 نموذجا واضحا على كيفية الاستغلال السيئ للديمقراطية ومؤسساتها الدستورية في البلاد المتخلفة لتقويض جوهر الديمقراطية ذاتها؛ فهؤلاء النواب الذين رضوا أن يترشحوا في الانتخابات التشريعية 2006 باسم المجلس العسكري الانتقالي الذي أطاح بنظام ولد الطايع، لم يكن بوسعهم إلا أن يكونوا أدوات طيعة في يد الجنرالين عزيز وقزواني ومن يقف وراءهم من الناقمين على رئيس الجمهورية السيد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، ينفذون أوامرهم في طاعة عمياء كما لو كانوا " جنودا مرتزقة " يخوضون صراعات سياسية بالوكالة ضد مصالح أمتهم والشعب الذي يزعمون أنه انتخبهم بإرادته وفق أجندة الحنرالين الخفية التي لم يشتركوا في وضعها ولا يعرفون خلفياتها الحقيقية ولا أهدافها البعيدة، وقد كان رئيس الجمهورية السيد سيدي محمد ولد الشيح عبد الله ذكيا في الخطاب الذي وجهه إلى الأمة متحديا غطرسة الجنرالين حتى يعيد التوازن بين السلطات الدستورية الذي هو صمام الأمان لاستقرار مؤسساتها الدستورية وعدم طغيان مؤسسة على أخرى، وأن يبعث رسالة واضحة إلى الجنرالين ووكلائهم في البرلمان في آن واحد، وهو أنه إذا اضطر فلن يتردد في ممارسة صلاحياته الدستورية الواسعة التي تخوله حل البرلمان وإقالة الجنرالين معا .
ولعل محاولة هؤلاء النواب لتشكيل لجنة للتحقيق في أموال مؤسسة ختو بنت البخاري في هذا الوقت بالذات هو أكبر دليل على مدى تحولهم من ممثلين للشعب إلى وكلاء لهذين الجنرالين المتغطرسين

ترى لماذا استفاق ضمير نوابنا المحترمين في أقل من شهرين، بعد أن أمضوا سنة كاملة غارقين في سباتهم العميق، ولم يتفطنوا للمبررات التي ساقوها في ملتمس الرقابة على حكومة ولد الواقف عندما كانت تلك المبررات قائمة بصورة أوضح أيام حكومة الزين ولد زيدان ؟

الجواب عن هذا السؤال من شأنه أن يمط اللثام عن سر النجاح الكاسح الذي حققه نواي الجنرالين : عزيز وقزواني: "النواب المستقلون " في الانتخابات التي أشرف عليها المجلس العسكري في نهاية المرحلة الانتقالية، لقد نجح هؤلاء النواب حسب خطة الجنرالين حتى يكونوا وكلاء عنهما في الغرفة التشريعية، وأرادا أيضا تشكيل حكومة تأتمر بأوامرهما، حتى يحكمان قبضتهما على جميع السلطات ومصادر النفوذ في موريتانيا: الحكومة البرلمان الجيش ورجال الأعمال

ومن تأمل تاريخ "نواب" الجنرالين يجد أنهم لا ينتمون إلى أي إيديولوجية سياسية أو منظومة خلقية أو نسق فكري محدد، ما عدا إيديولوجية السلطة والمال، فهم يستمدون شرعيتهم من السلطة وليس من الشعب، وقد نجحوا في الانتخابات التشريعية بشراء الذمم ولم ينالوا ثقة الشعب، لأنه لا يمكن لأحد أن يثق بنواب يبدلون ولاءاتها الحزبية بالسرعة ذاتها التي يبدلون فيها ملابسهم، لأنهم يفتقرون إلى البعد الاجتماعي، ولعل أوضح دليل على استطاعة هذا الشاب المغمور المسمى سيدي محمد ولد محم أن يصبح نائب مدينة أطار بإرادة الجنرالين وأموالهم غصبا عن منافسه أحمد ولد سيدي باب الزعيم السياسي والقبلي ذي الشهرة السياسية والعراقة الاجتماعية والتاريخية والانتماء الصميم إلى أبناء شمس الدين .




Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!