التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:10:53 غرينتش


تاريخ الإضافة : 13.01.2012 13:17:23

المشهد السياسي الموريتاني ونذر المواجهة

أحمد محمود ولد محمد / باحث في علم الاجتماع السياسي

أحمد محمود ولد محمد / باحث في علم الاجتماع السياسي

تبدو سماء السياسة الموريتانية هذه الأيام ملبدة بالغيوم التي يخشى أن تنقشع عن عواصف لا أحد يستطيع الجزم بطبيعتها ولا مداها ولا نتائجها في ظل حالة من الاستقطاب الحاد بين معسكرين يحاول كل منهما حشد أكبر عدد من أوراق القوة استعدادا للحظة فاصلة باتا مقتنعان أنها قادمة لا محالة.

وهكذا جاءت أحداث الأيام الأخيرة - مثل إصدار الحكومة الموريتانية لمذكرة اعتقال ضد رجل الأعمال و السياسي ولد الشافعي وتصعيد التواصليين للهجتهم ضد عزيز إيذانا بخروجهم من إطار ما أسموه المعارضة الناصحة التي لم تفد مع عزيز ربما ليجربوا المعارضة الناطحة علها تكون أجدى في تساوق مع أجواء الربيع العربي – لتؤشر على أن فصلا جديدا من فصول المواجهة بين ولد عبد العزيز ومعارضيه قد فتحت صفحاته.

ويظهر أن كلا المعسكرين يراهن على ما يعتبره أوراق قوة عنده في مقابل أوراق ضعف عند الخصم، وبإلقاء نظرة سريعة على الخارطة السياسية لكلا المعسكرين يتبين لنا الآتي:

أولا- معسكر المعارضة: ويتكون من طيف واسع من القوى السياسية وأهمها من ناحية التأثير:

1- حزب اتحاد قوى التقدم وهو حزب طالما مثل صداعا مزمنا لولد عبد العزيز، وإذا كانت كل القوى السياسية الموريتانية قد هادنت في لحظة ما - ولو مؤقتا- نظام ولد عبد العزيز فإن هذا الحزب ما كل وما لان في مقارعته، ورغم أن حزب قوى التقدم ليس بذلك الانتشار الجماهيري المطلوب إلا أنه يستطيع وهو الخبير بذلك – وطالما فعل- إزعاج النظام داخليا وخارجيا خاصة إذا ما أحسن التنسيق مع شركائه المحليين.

2- تكتل القوى الديمقراطية: وهو حزب المعارضة الرئيسي وله امتداد شعبي معتبر وحضور متميز لنوابه في كشف ملفات الفساد، ويستطيع المساهمة في تحريك الشارع عن طريق تحريك قواعده إذا ما تم طرح ذلك الخيار في إطار من التنسيق المحكم بين قوى المعارضة.


3- حزب تواصل وهو حزب له قدرة كبيرة على الحشد والتعبئة من خلال منظماته الشبابية والطلابية ومنابره الدعوية والإعلامية وله خبرة في التعامل مع الأساليب القمعية والمؤشرات تحيل إلى أنه سيكون رأس الحربة في مواجهة النظام على ضوء ما يعتبره عودة إلى ممارسات العهد الطائعي.

4- المصطفى ولد الإمام الشافعي: ربما لا أحد يؤرق ولد عبد العزيز من بين كل معارضيه مثل هذا الرجل الذي يرى فيه البعض صانعا للرؤساء في إفريقيا والذي أعلن صراحة ضرورة إزاحة ولد عبد العزيز وهى دعوة من الطبيعي أن يكون الأخير لا يستهين بها خصوصا مع تمتع ولد الشافعي بشبكة علاقات واسعة عبر المنطقة، وبشخصية المقاتل الشرس التي ورثها عن أبيه الشافعي وأخواله الطوارق، فهل توصل كل من الرجلين إلى قناعة أن موريتانيا لا تتسع لهما معا وأنه لا بقاء لطرف إلا بالقضاء على الآخر؟.


5- الحركة الانعتاقية: وهى حركة أعلن رئيسها بيرام ولد اعبيدى من واغادوغو تنسيقه مع ولد الشافعي للإطاحة بعزيز وتستطيع هذه الحركة حشد الكثير من الأرقاء السابقين في أي حركة للشارع.

تلك بعض أهم تكوينات المعارضة الحالية لولد عبد العزيز وهى معارضة واسعة ومتعددة المشارب لكن أهم نقاط ضعفها تتمثل في غياب التنسيق المحكم بين أطرافها بفعل سيطرة الروح الحزبية على حساب الروح الجماعية بالإضافة إلى تاريخ متراكم من عدم الثقة المتبادل (التكتل / قوى التقدم ، التكتل/ تواصل ، تواصل / قوى التقدم)، ومن نقاط الضعف الأخرى البعد المكاني عن موقع الحدث (ولد الشافعي)، وكذلك الخطاب الحاد المستفز للآخرين (بيرام).

ثانيا – معسكر النظام: أهم الفاعلين في هذا المعسكر هو حزب الاتحاد من أجل الجمهورية كما يفترض أن يلتحق به كل من التحالف الشعبي التقدمي وحزب الوئام.

1- حزب الاتحاد من أجل الجمهورية وهو يمثل حزب السلطة مع ما يستتبع ذلك من نفوذ إداري وسياسي واقتصادي من جهة، ومن جهة أخرى كل عيوب أحزاب السلطة التي عادة ما تنخرها الصراعات وتطبعها الهشاشة وتسودها الفوقية.

2- التحالف الشعبي التقدمي بقيادة مسعود ولد بوالخير وهو حزب لم يعلن حتى الآن انضمامه للأغلبية إلا أنه يبدو أنه أحرق مراكبه لكي لا يبحر مرة أخرى صوب حلفاء الأمس، وذلك من خلال تهجمه المتكرر عليهم ووصفهم بأقسى النعوت، ورغم أن التحالف له حضور جماهيري إلا أن الانشقاقات الأخيرة التي حدثت في الحزب والتي قادها أطر كبار فيها ستؤثر على قدرة الحزب مستقبلا على الحشد والتعبئة.


3- حزب الوئام بقيادة بيجل ولد حميد وهو حزب تمثل قيادته استمرارا لتراث مدرسة ولد الطايع، وللحزب حضور نسبى في ولاية اترارزة.

لكن من وجهة نظر تحليلية، أعتقد أن ولد عبد العزيز يبقى الرهان الأول والأخير عنده هو الجيش، خصوصا وأنه يعرف أن ولاء الموالاة غير مضمون في ساعة العسرة، فهل سيكون الجيش الموريتاني عند حسن ظن ولد عبد العزيز، أم أنه لا أحد يمكن أن يتكهن بنوايا الجيش تلك النوايا التي لا يفصح عنها عادة إلا في الهزيع الأخير من
الليل؟.

سؤال نترك إجابته الآن – على الأقل – للأيام وفى انتظار ذلك ندعو الله أن يحفظ موريتانيا من كل الشرور.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!