التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:17:03 غرينتش


نحن والآخر -نظرة فاحصة-

نحن والآخر -نظرة فاحصة-
الشيخ ولد الطلبه
خريج جامعة القرويين- المغرب
[email protected]
ليس من مألوفي جلد الذات ولا الركون إلى هوة الأنا السحيقة، وهذا هو بالذات صنيعي مع مجتمعي الذي أنظر إليه من زاوية مسح الطاولة.
وإنني على يقين تام وأنا أكتب هذه السطور من أن الكثيرين يوافقونني الرأي ومنهم من يهفو للتفوه بما أقوله ولا يسعفه الحال أو المقال أو هما معا.
الكلمة الفصل في حق مجتمع خبرته لم تكتمل عناصرها بعد، لكن تتجاذب الواحد منا نزعتان؛ أولاهما جاءت نتيجة تربية خاصة وعاطفة جياشة وتلقين محض يجعله يجزم بأنه يعيش في المدينة الفاضلة، أما النزعة الثانية فهي نتاج طبيعي لخروج الشخص من بوتقة المجتمع الضيقة إلى محيط ذي أطياف متنوعة المشارب والأفكار؛ الشيء الذي يجعله يقنع على الأقل بأنه قد يكون في خلق الله الماثل أمامه من يفضل مجتمعه ويتقبل الأمر بروح رياضية كما يقال.
قد يرى البعض أنني تجاوزت الحد وخرجت عن المألوف وهو محق في ذلك لأنني أسعى لحوار ذاتي داخلي لرتق الخرق ووضع حد للشرخ العميق الذي يفصل بين رؤى بني الوطن بموازاة الصورة التي نتبناها والصورة النمطية التي يرسمها الآخر عنا، وأملي من وراء ذلك صون ما تبقى من ماء الوجه.
قد لا أكون بالضرورة مساندا لأحكام الآخرين التي قد يعتريها بعض الإجحاف في حق وطني من أمثال (هويدا طه) و (هيكل) لأنني أعرف وطني حق المعرفة، ولكن بالمقابل لا أستسيغ ما نلوكه من ألفاظ وعبارات مفادها أننا الكل في الكل، وأننا محل نظر الله من خلقه، لأنني ببساطة لا أركن إلى العاطفة وأقدم نداء العقل على نداء القلب، ولا أسلم الأمور هكذا، وأمقت ترديد كل ما أسمع لكوني لست من صنف الببغاوات.
الحقيقة التي لا مراء فيها أن أغلب شبابنا المثقف اليوم لديه رغبة جامحة في تغيير واقع دولتنا التي تفتقر إلى ملامح الهوية الحضارية، ليتسنى له من موقعه تقديم خدمة ما لبلاده ، ولديه رغبة جادة في خلق حوار بناء وإثارة بعض الإشكالات التي تؤرقه لوضع اليد على مكمن الداء، إلا أن استفسارا واحدا من هذا القبيل يعتبر في أدبيات مجتمعنا دربا من التهور والضلال البواح.
وأعتقد أن الشباب الذي لديه حس نقدي ولا يتقبل الأمور قبل تفحصها ولا يأكل القشرة مع اللب هو الذي يخدم المجتمع من حيث يدري ولا يدري المجتمع الذي ينظر إليه بعين الريبة بدافع التعصب.
والرهان هنا إنما يكون على النخبة التي بإمكانها هز الرأس أفقيا وعموديا.
وعلينا السعي لما يخدم الصالح العام بعيدا عن مقص الرقابة، فالزمن لم يعد كما كان والرأي الوازن مقدس، لاسيما إن كان وسيلة لتحقيق المصلحة المشتركة ولو في نظر صاحبه.
وقد يكون التعتيم ملاذ البعض للنأي عن خطوط التماس والابتعاد عن شفرة المحك، لكن هذا الأسلوب لم يعد مقنعا.

فالعالم أصبح قرية واحدة فلا يمكن نكران الواقع، ونحن لا نزال في مؤخرة الركب وليس من الواقعية وضع مقارنة بيننا وأية دولة مجاورة، ويحضرني هنا قول الدكتور محمد المشري ولد بابه في أحد مقالاته: ( إن السفر من مطار محمد الخامس في الدار البيضاء إلى مطار نواكشوط ليس سفرا من مكان إلى مكان بل هو سفر من زمان إلى زمان.(


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!