التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:00:36 غرينتش


تاريخ الإضافة : 08.07.2008 09:55:38

إبراهيم ولد أبتي : في حديث مع الأخبار حول الدستور والقانون

المحامي والحقوقي البارز إبراهيم ولد أبتي

المحامي والحقوقي البارز إبراهيم ولد أبتي

اعتبر الحقوقي والمحامي البارز إبراهيم ولد أبتي أن موريتانيا تمر بظرفية صعبة لأن أطراف التجاذب الحالي كل واحد منها "يرقب الطرف الآخر كأنه ممسك بمسدسه وقد صوبه ليطلق رصاصة الرحمة على منافسه" وانتقد ولد أبتي بشدة الطبقة السياسية التي قبلت الارتماء في أحضان العسكر معتبرا أنها أضرت بعملية التحول الديمقراطي عبر تزوير إرادة الناخبين لصالحها ومشددا على أن البلاد بحاجة إلى مؤسسات جديدة قادرة على الصمود في وجه الهزات والتحديات.

ورحب ولد أبتي الذي كان يتحدث لوكالة أنباء الأخبار المستقلة عن رؤية قانونية للأحداث الأخيرة بعملية التحقيق التي بدأها مجلس الشيوخ الموريتاني في موضوع الفساد منبها إلى أن هذا التحقيق يجب أن يطال جميع مؤسسات المجتمع المدني ومسئولي الدولة مستنكرا "استمرار الفساد وهدر المال العام بشكل أكثر من ذي قبل في ظل نظام يدعي الديمقراطية والشفافية".

وعن مصير ملتمس الرقابة قال إبراهيم ولد أبتي: مصير ملتمس الرقابة هو مصير المفاوضات الجارية بين أصحاب الملتمس ورئيس الحكومة أو رئيس حزب "عادل" كما يحبون أن يسمونه وإذا كانت نتائج ذلك المخاض إيجابية فإن ملتمس الرقابة سيتم التراجع عنه وإذا لم تكن إيجابية فإن النواب سيظلون مصرين على ما نفترض في مسعاهم، وسيقعون في مشكلة وهي أن الدورة تنتهي يوم 11- 07-2008 ولكن يجب ألا ننسى أن النواب لهم الحق في أن يستدعوا الجمعية الوطنية ويكفيهم حصول نصف النواب لانعقاد دورة استثنائية، ويمكن أن يقال إن رئيس الجمهورية هو الذي يستدعي الجمعية الوطنية عبر مرسوم وهنا هل يمكننا أن نتصور أن الرئيس يمكن أن يمنع البرلمانيين من استعمال حقهم الدستوري في استدعاء دورة برلمانية استثنائية ذلك يبقى "علم غيب" ولكن ملتمس سحب الثقة لا يزال معلقا في الهواء.
وحول ما إذا كان ملتمس الرقابة الحالي أصبح ساقطا قال ولد أبتي " من حيث المبدأ نعم أصبح ساقطا لأنه في الأصل مقدم لإسقاط الحكومة هذا هو المفعول الوحيد الذي يستهدفه، والحكومة الآن سقطت لم تعد موجودة إذا من حيث المبدأ حجب الثقة لم يعد له مبرر.
وحول المساعي التي أعلنتها مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ للتحقيق في الفساد المالي في هيئة تسيرها زوجة الرئيس الموريتاني ولد الشيخ عبد الله وما إذا كان التحقيق في الفساد المالي داخل منظمات المجتمع المدني يدخل في صلاحيات مجلس الشيوخ قال ولد أبتي: هذا السؤال في غاية الأهمية لعدة أسباب: السبب الأول هو أن المجتمع المدني الموريتاني لحد الساعة لا توجد عليه رقابة وهو في الحقيقة يجب أن تمارس عليه رقابة لأنه يستلم أموالا لا تخلو من أن تكون أموالا عمومية أو أموالا خصوصية أو أموالا أجنبية والشخص الذي يأخذ أموالا لم يرثها عن ذويه أو من كسبه البدني أو الذهني فمن الطبيعي أن يسأل عن الكيفية التي اكتسب بها هذا المال وما هي الأسباب التي دفعت من أعطاه المال أن يعطيه المال وما هي خلفيات تلك الهبة وكيف استعمل ذلك المال.
ويظهر لي أن هذه بادرة في غاية الأهمية ورجائي أن لا تطال فقط زوجة الرئيس ويجب أن تطال الجميع وهنا نكون قد طبقنا المبدأ الشهير الذي عرف منذ دهر الخلفاء الراشدين. من أين لك هذا؟ وهذا ينبغي أن يمس المجتمع المدني ومسئولي الدولة الذين يقبضون المال حتى نعرف خبره وهدفه وقد سمعت بيانا أصدرته هيئة ختو أظنه مهما لأنه أكد أن ليس لديهم ما يخفونه! هذا نوع من الاستعداد للتعامل مع مبادرة الشيوخ! وينبغي للشيوخ أن يدفعهم هذا إلى الأمام لأنهم وجدوا تجاوبا واستعدادا للتجاوب معهم ويظهر أن هذا التجاوب في غاية الأهمية.

وحول لجنة للتحقيق من مجلس الشيوخ قال:"هذه اللجنة توجد إرادة لتشكيلها ولكن لتشكيلها لا بد من ترتيبات تمر عبر طريق مكتب مجلس الشيوخ ثم جمعية عمومية للشيوخ من أجل المصادقة على مبدأ تشكيل لجنة ثم تحديد الأشخاص المشكلين للجنة ومن حيث المبدأ هذه بادرة في غاية الأهمية ولكني أريد أن تطال جميع الناس دون انتقائية.
وعن إمكانية تغيير الدستور الموريتاني في ظل شائعات قوية عن إرادة سياسية بهذا الخصوص تروج على نطاق واسع ويتداولها الإعلام قال ولد أبتي: الدستور لا يمكن تغييره إلا بطريقين إما بتصويت من الغرفتين وإما عن طريق الاستفتاء إذا لا بد أن يقدم مشروع دستور ويظهر أن الظرف السياسي حاليا غير موات لأي تعديل دستوري لأن العنصر الأساسي المفتقد هو الثقة ما بين رئيس الجمهورية والبرلمانيين وفي ظل غياب هذه الثقة من الصعب تعديل الدستور بأي من الطريقتين لأنه لا بد من تحضير لذلك ونحن الآن ليست لدينا حكومة من أجل إعداد مشروع دستور جديد والدعوة لاستفتاء لأنه الآن لا توجد حكومة أو تعديل عن طريق البرلمان لأنه كما يبدو يوجد خلاف شديد بين غرفتي البرلمان ورئيس الحكومة.

وحول ما إذا كانت ثمة سبل قانونية تمكن البرلمانيين من تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية وليس مجرد استخدام الوسائل السياسية قال ولد أبتي:"في الحقيقة الرد على هذا السؤال صعب مع أنه سؤال جيد وذكي وأظن أن ثمة صعوبة لأنه من أجل تقليص صلاحيات الرئيس ليس لدى البرلمانيين صلاحيات في هذا الصدد مراوغات البحث عن هذه الصلاحيات عن طريق زوجته أو عن طريق أبنائه في إطار فضيحة مالية أو فضحية أخلاقية الله تعالى أعلم ما إذا كان هذا متوفرا وأنا شخصيا لا أتمنى أو أحبذ أن يكون متوفرا.

وحول مستقبل النظام الرئاسي في موريتانيا وما إذا كانت البلاد بحاجة لنظام برلماني قال ولد أبتي:"يظهر لي أن موريتانيا فقدت فرصة ذهبية لأنها لم تؤسس ولم تقو المؤسسات الدستورية والمرحلة الانتقالية كانت قصيرة ولم تستطع إنتاج مؤسسات ثابتة تصمد أمام كل الهزات وكان من المفترض من أجل تقوية مؤسسة رئيس الجمهورية وتقوية مؤسسة البرلمان التي تعطي الصلاحيات والقوة للحكومة كان من المفترض أن نجد مرحلة انتقالية جديدة تمر عبر تشكيل حكومة ائتلاف وطني فيها كل القوى السياسية وتتفق على بناء قانوني جديد يمنح الرئيس صلاحيات معينة في نفس الوقت الذي تعطي فيه صلاحيات للحكومة وبالتالي تأخذ الحكومة صلاحيات من البرلمان ويكون البرلمان هو المسؤول عن الحكومة وليس الرئيس هو الذي يمكنه أن يقيل ويثبت الحكومة في مكانها واليوم ندرك أننا فقدنا تلك الفرصة.
ولا يمكن تلافي ما نعيشه اليوم إلا إذا رجع كل الموريتانيين إلى رشدهم رئيس الجمهورية الأحزاب السياسية البرلمانيين وقرروا أن يبحثوا عن انطلاقة جديدة تمر حتما عن طريق تشكيل ائتلاف وطني فيها كل القوى السياسية والغرض منها هو أولا تأسيس مؤسسات دستورية تصمد أمام التحديات والعواصف وتعمل ثانيا على إيجاد برنامج الحكم الرشيد من حيث تسيير المال العام والمحافظة على المال العام؛ ففي موريتانيا كثير من الثروات والخيرات ولكن للأسف الشديد البطش هو المستمر ولم نجد بعد من ينسينا هدر المال العام وعدم احترام المال العام ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا إذا وجدنا مؤسسات دستورية قوية تحافظ على البلاد فالبلد اليوم يفقد البوصلة ولا ندري أين نسير.
وشدد ولد أبتي على أنه من المهم إعطاء صلاحيات للحكومة كما أرى من ناحية أخرى أن مجلس الشيوخ هو مجرد (ابزازيل لغجل) أي أنه مؤسسة زائدة وبلا فائدة تمثيلية في نطاق المؤسسات الديمقراطية لأن الطريقة التي ينتخب لا تعبر عن تمثيل شعبي معتبرا أن إلغاء مجلس الشيوخ وزيادة عدد النواب في الجمعية الوطنية وإعطائها صلاحيات أوسع كالوصاية على رقابة فعلية للعمل الحكومي ومنح الحكومة صلاحيات حقيقة وتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية.
لأنه من الضروري دائما أن لا يشعر الرئيس بتركز السلطات في يديه وبالتالي يشعر الرئيس أكثر بالقبضة الحديدية لأن الذي أضاع هذا البلد إنما هو النظام الدكتاتوري الذي تحكم لمدة طويلة لأنه يضر الحريات العامة ويضر المال العام بالتالي إعطاء صلاحيات أوسع للحكومة وجعل الرقابة عليها تتم من طرف غرفة واحدة هي الجمعية الوطنية ويمكن أن نستغني عن مجلس الشيوخ لأن تجربة انتخابه مثلت مدرسة للرشوة الانتخابية.
وحول الأطروحات التي تتحدث عن مساعي البعض لمنح المؤسسة العسكرية دورا دستوريا قال المحامي ولد أبتي:"أقول لك إن الخطأ الكبير هو أن رئيس الجمهورية ومن معه هم الذين قبلوا تحكم العسكر بهم أولا من خلال انتخابهم وتنصيبهم إذا هم الذين أخطئوا ويستدركون الآن أنهم أخطئوا وأرجوا أن يكونوا قد أدركوا أنهم زوروا الانتخابات من اجل تنصيب شخص لا يستحق الرئاسة".
المسألة الأخرى هي أن موريتانيا غير مستعدة لاستنساخ التجربة التركية أو الجزائرية في هذا السياق حيث يتحكم العسكر في كل شيء والواضح أن الخطأ أولا ارتكبه العسكر وارتكبه المدنيون معهم حيث قبلوا تزوير الانتخابات لصالحهم.
وحول نظرة الحقوقي لمستقبل النظام الديمقراطي الذي علقت عليه آمال كبيرة وهو الآن يتأرجح قال إبراهيم ولد أبتي : نحن عند ما جاء تغيير أغشت 2005 اطمأننا كلنا للالتزامات التي قطع المجلس العسكري على نفسه بالحياد ولكن الذي أصاب التجربة الموريتانية في مقتل هو انعدام حياد المجلس العسكري وهذا ما لم يلق استنكارا يذكر وهذا أضر بالتجربة الموريتانية ولو ظل المجلس محايدا في العملية الانتخابية نكون تجنبنا المأزق الحالي الذي يعيشه البلد حاليا.
وجميع الموريتانيين أحزابا ومؤسسات يجب أن يستدركوا الأوضاع ويتخذوا من الإجراءات والمواقف ما ينقذوا به التجربة الموريتانية التي أتلفها العسكر وأتلفها من تحالف مع العسكر من أجل تنصيبه والمعركة ليست سهلة ولا أدري ما الذي تخبئه "تحينه" لنا الأيام القادمة ما هو لأننا ننظر الآن إلى جميع الأطراف كل طرف كأنه يريد أن يطلق رصاصة من مسدسه باتجاه الآخر. ومن الله نستمد الفرج.




Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!