التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:09:27 غرينتش


تاريخ الإضافة : 17.02.2012 22:14:31

نداء من أجل اتحاد المغرب العربي

لا شك أن التحولات العميقة التي حملتها سنة 2011 على مستوى المنطقة العربية قد حملت تغيرات جذرية، ووضعت الكثير من الأسس الارتكازية للقطع مع عقود القهر والاستبداد والحكم المطلق. ولا شك أن الرؤى تجاه التجربة الاندماجية قد أضحت أمرا ملحا، ليس – فقط – على مستوى ضمان استمرارية توهج الحلم المغاربي المشترك، ولكن – أساسا – بهدف ابتكار أساليب بديلة لتجاوز أنماط تدبير هذا الملف حسب ما توارثناه عن الأنظمة التحكمية السابقة.

إننا من موقعنا، كجامعيين وكمثقفين وكفاعلين في حقول المجتمع المدني المغاربي، وانطلاقا من الظروف العامة التي تجتازها المنطقة في سياق تداعيات الربيع العربي، من أجل تأكيد مشروعية حلمنا المغاربي، باعتباره أفقا مشرعا على تمهيد المجال للفعل المستقبلي المبادر في مستوياته المتشعبة وفي تفرعاته المتكاملة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. فلا يمكن التأصيل لقيم الانتقال الديمقراطي الحقيقي خارج هذا الأفق، ولا يمكن التأسيس لمنطلقات التنمية الاقتصادية في ظل نزوعات الانغلاق القطري الراهنة، ولا يمكن الارتقاء بالموارد البشرية في ظل الاستنزاف الكبير الذي تتعرض له موارد المنطقة من جراء السباق المحموم نحو التسلح، وفي ظل انفراط عناصر الثقة المتبادلة بين دول المنطقة، وتواري قيم المواطنة المغاربية الوحدوية والراشدة. فالاندماج الإقليمي يشكل حلا مركبا لتجاوز الدوران في الحلقة المفرغة المترتبة عن تنافر نزوعات الدول القطرية المغاربية لمرحلة ما بعد رحيل الاستعمار، كما أنه يشكل سبيلنا لتجاوز العديد من إكراهات المرحلة، مثل الفقر والبطالة وأزمات المنظومة التعليمية، وتراجع وظيفة البحث العلمي وتدهور البيئة والموارد الطبيعة وتزايد مخاطر الإرهاب والتطرف ...

لا يمكن اعتبار تجديد الحديث عن اتحاد المغرب العربي ترفا فكريا، ولا لغوا سجاليا، بقدر ما أنه ضرورة تاريخية، تحسن الإنصات لنبض تحولات الداخل وتسترشد بمكتسبات تجارب التكتلات الاندماجية الأخرى. إنها روح العصر التي تفتح الطريق أمام استشراف المستقبل من أجل التقدم وإسماع صوتنا في الساحة الدولية، في أفق تعديل موازين القوى تجاه شركائنا بالخارج وتعزيز قدراتنا التفاوضية في كل الملفات العالقة، سياسيا واقتصاديا وثقافيا واستراتيجيا.

وتأسيسا على ذلك، فإننا نرفع أصواتنا عاليا، مطالبين باستئناف مسار الوحدة المغاربية عبر الدعوة لعقد قمة مغاربية يمكن أن تشكل أرضية لترسيخ الركائز الاندماجية التالية:

أولا- تنقية العلاقات السياسية بين دول المجموعة عبر برنامج إجرائي لتطبيع هذه العلاقات وإضفاء بعدا شموليا واستعجاليا عليها.

ثانيا – وضع تصورات مشتركة لسبل النهوض باقتصادنا الإقليمي تكون مدخلا للتوافق على استراتيجية موحدة للتعامل مع شركائنا الرئيسيين والقوى الكبرى المؤثرة في المنطقة.

ثالثا – تعزيز التوافق الاقتصادي بالتوافق السياسي في إطار رؤى تكاملية تتوخى الجمع بين التكامل الاقتصادي وبين ضرورة بلورة الإرادة السياسية للتخلص من كل إرسابات الماضي التي رهنت تاريخ المنطقة خلال العقود الماضية.

رابعا – بلورة سياسات مشتركة للدفاع عن المصالح الاستراتيجية الكبرى لدول المجموعة، من قبيل الأمن الإقليمي والدفاع المشترك ...

خامسا – تعزيز الثقة في قدراتنا الذاتية، استنادا إلى منطق وحدة الكيان الاجتماعي والمصير المشترك، قصد تجاوز كل الخلافات الآنية أو المتوارثة عن العقود الماضية. في هذا الإطار، لابد من اكتساب القدرة على حل مشكلة الصحراء بما يضمن المصالح العليا لتكتلنا المغاربي، اعتمادا على إمكانياتنا وعلى تطلعاتنا الذاتية التي يمكن أن تشكل خير زاد في مشروعنا الوحدوي الطموح.

سادسا – العمل على تجاوز الإجراءات التقنية المرتبطة بضرورات التطبيع السياسي والاقتصادي، بهدف وضع أسس ترسيخ الثقة كنهج مركزي موجه لعلاقات الأخوة والتضامن التي تجمع شعوب المنطقة.

لكل ذلك، فإن املنا كبير في إمكانياتنا، وثقتنا في المستقبل تشكل سندنا الرئيسي لبلورة وعينا الجماعي لإعادة الاشتغال على أفق النضال الوحدوي الذي جسدناه خلال معركة النضال المشترك ضد الاستعمار. إنها رؤيتنا الموحدة، ومصدر إلهام لكل الطاقات الحية والمتطلعة إلى الانخراط في العصر، وتأهيل منطقتنا لاسترجاع مكانتها الريادية داخل محيطها الإقليمي العربي والدولي الواسع، وتجسيدا لحلمنا الجماعي الذي حملناه كمرجع للتفكير وللسلوك وللمبادرة، بالأمس واليوم.
الدار البيضاء 16 فبراير 2012


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!