التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:00:36 غرينتش


تاريخ الإضافة : 12.07.2008 16:04:11

"حي سالم" : آمال "الثائر" واكراهات الواقع !!

الشيخ "سالم" وهو يتحدث لمراسل وكالة أنباء الأخبار المستقلة عن أوضاع الحى الفقير

الشيخ "سالم" وهو يتحدث لمراسل وكالة أنباء الأخبار المستقلة عن أوضاع الحى الفقير

"أنا لست ككل الموريتانيين ،أنا أؤمن بالوطن الذي انتمى إليه ،أنا مجبول على حب الخير للناس،سل كافة أفراد الحي -وقد خبروني زمنا طويلا-هل تخلفت يوما عن حاجة أحدهم؟،هل استغنيت على حسابهم؟ لقد وزعت عليهم القطع الأرضية بالتساوي ولم استفد منها غير حقي رغم أنني رخصتها وهم غافلون ؟! .. لكن ليس لدى ما أفعله الآن وقد داهمتني الشيخوخة وأرى أنني وكافة أفراد الحي محكوم علينا بالنسيان رغم التنبيه المستمر للإدارة والمنظمات المعنية بحقوق المستضعفين !!

السيدة "يغنيه" وهى تتفقد كوخها بعد شهور من مغادرة الحى الفقير تحت ضغط السنة الدراسية

السيدة "يغنيه" وهى تتفقد كوخها بعد شهور من مغادرة الحى الفقير تحت ضغط السنة الدراسية

هكذا بدأ الشيخ السبعيني "سالم ولد بلال" حديثه لمراسل وكالة أنباء "الأخبار" المستقلة في حيه الفقير الذي أسسه بالضاحية الجنوبية للعاصمة نواكشوط وتحديدا أطراف مقاطعة "الميناء" المعروفة ب"الدار البيضاء" حيث يعيش آلاف السكان في ظروف بالغة الصعوبة.

عبرنا إليه "أكوام الأوساخ" التى راكمتها سنوات الفوضى في العاصمة نواكشوط ،كانت الجرأة وحدها تدفعنا إلى المغامرة واجتياز الطرق الملتوية المؤدية إلى الحي المعزول ،وعلى الطريق الرابط بين "الميناء" و"حي سالم" كانت مشاهد الرجال وهم داخل "أكوام القمامة" يبحثون عن مصدر للعيش أهم دليل لنا على أن المنطقة يسكنها بشر.

أحد السكان الحى وهو يبحث فى أكوام القمامة  عن  مصدر رزق لأطفاله وسط أجواء من الفقر بالغة الصعوبة

أحد السكان الحى وهو يبحث فى أكوام القمامة عن مصدر رزق لأطفاله وسط أجواء من الفقر بالغة الصعوبة

وعند أطراف "الحي" كانت "يغنيه" تدلف إلى باب كوخها الوحيد تحضيرا للعودة من جديد إلي الحي الذي هجرته أثناء السنة الدراسية حرصا على تعليم بناتها الصغيرات في إحدى مدارس العاصمة الابتدائية ،أما الآن فقد حان موعد العودة إلى الأهل حيث تحلوا الحياة رغم بساطتها كما تقول.

تحاول "يغنيه" وهى تتجول بين "منازل" الجيران أن تشرح لنا كيف تعيش مع صغيراتها القادمات من مدينة "روصو" الحدودية قبل سنوات ،وكيف تزاوج بين الكدح في "سوق المغرب" (قلب العاصمة نواكشوط) والسكن في "حي سالم" رغم بعد المسافة التى تقطعها يوميا (حوالي 16 كلم) تقطع على الأقل خمس كيلومترات منها مشيا على الأقدام.
أما "سالم" الذي استقبلنا في منزله المتواضع فقد شكل نقطة التقاء للجميع داخل "الحي" بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والجهوية وذلك باعتباره أبو الحي الذي يفصل في خصومات الجميع ويلجأ إليه الجميع عند الحاجة بعد الله عز وجل كما تقول "يغنيه " وهى تسرد فضائله وكيف شكل نقطة ارتكاز لمن عرفوه.

وثيقة من البلدية سنة 1996 تؤكد فقر "سالم" لكنه اليوم لم يعد بحاجة اليها فكل شواهد الحى تؤكد ذلك

وثيقة من البلدية سنة 1996 تؤكد فقر "سالم" لكنه اليوم لم يعد بحاجة اليها فكل شواهد الحى تؤكد ذلك

في منتصف التسعينات وتحديدا سنة 1995 كان "سالم ولد بلال" العائد من السينغال قد بدأ خطواته الأولى باتجاه تأسيس علاقات اجتماعية في ضواحي مقاطعة "الميناء" تعوضه عما خسره في الغربة اثر أحداث الثمانينات بين الجارتين السينغال وموريتانيا.

حط الرحال في "الكبة" (أحد أحياء الضواحي) وفيها بدأ رحلة الكدح من أجل العيش رغم الفاقة الشديدة ،فاقة يشهد نائب عمدة البلدية (الميناء) سنة 1996 "موسى أمادو جالو" أن صاحبها من بين الفقراء بالغي الفقر وفق تعبير الوثيقة التى استعرضها لنا "سالم" ضمن أرشيف من الذكريات.

سالم وهو يبحث فى أرشيفه عن بعض الوثائق والمستندات خلال حديثه مع وكالة الأخبار

سالم وهو يبحث فى أرشيفه عن بعض الوثائق والمستندات خلال حديثه مع وكالة الأخبار

نال "سالم"ثقة السكان المحليين ،ومجاملة السياسيين مع كل موسم انتخابات،طرق أبواب المنظمات الخيرية ،وحاول مع كل الجهات الإدارية التى حكمت المقاطعة أو المعنية بملف السكان أن يجد موطأ قدم له ولأمثاله من المحرومين داخل أرض الوطن الذي عاد إليه مرغما اثر الأحداث الأليمة بين موريتانيا والسينغال لكن دون جدوى كما يقول.

ظلت مآسي الحي الذي ينتمي إليه تشغل باله ،وظلت آلام الفقر تدفعه إلى تكثيف جهوده إلى أن وفق – كما يقول- في الحصول على قطع أرضية من الدولة الموريتانية ليفاجئ أنصاره ورفاقه طيلة سنوات البؤس بأوراق تملكهم للقطع الأرضية دون أن يأخذ منهم مقابل .
كانت تلك بداية التحول حيث شد الجميع الرحال إلى المنطقة الجديدة التى منحت لهم من قبل الدولة الموريتانية وتحديدا على بعد كيلومترات من "الدار البيضاء" لتكون النواة الأولى للحى الجديد الذي أطلق عليه السكان اسم "حي سالم" اعترافا بالجميل ونقشوها على لافتة متواضعة عند بداية الحي لتميزهم عن غيرهم من المرحلين الجدد.

تاريخ الإضافة : 12.07.2008 16:04:11

ظروف قاسية!!

هذا هو المتجر الوحيد داخل الحى الفقير وبداخله ما يقدر ب 3000 أوقية من بعض البضائع الأولية التى يحتاجها سكان الحى

هذا هو المتجر الوحيد داخل الحى الفقير وبداخله ما يقدر ب 3000 أوقية من بعض البضائع الأولية التى يحتاجها سكان الحى

وعن الظروف التى يعيشها السكان يتحدث "سالم" بمرارة عن تدنى مستوى دخل الأفراد ،حيث لا يوجد عامل رسمي واحد داخل الحي وإنما يعتمد الرجال والنساء على الأعمال اليدوية كحمل أمتعة التجار ونقل البضائع في أسواق العاصمة أو جمع "الخردة" وبيعها لبعض المهتمين بها أو العمل كخادمات في بيوت الميسورين داخل مقاطعات نواكشوط الأخرى.

ويضيف سالم ولد يتحدث للأخبار عن معاناة الأسر المقيمة بحيه "والله لا يوجد ولا متجر واحد داخل الحي ولا حتى خزان ماء وإنما نستورد المياه من الأحياء الأخرى وبأسعار غالية ،أما الخدمات الصحية فهي معدومة والمريض بالحي ليلا عليه الانتظار حتى ساعات الصباح فلا توجد وسيلة نقل يمكن استخدامها لإنقاذ المرضى ولا الأطباء مستعدون للتنقل كحالة "يغنيه" التى أصيبت بارتفاع الضغط في إحدى الليالي وبات أولادها وهم يبكون في انتظار الصباح لحملها على عربة حمير إلى العاصمة لتلقى العلاج وغيرها كثير كما يقول.

بطاقات انتساب لإحدى الجمعيات العاملة فى مجال محاربة السيدا وقد سلمت للسكان وهم ينتظرون أن يتسلموا مقابلها مساعدات غذائية بعد أن سلبت من كل واحد منهم مبلغ 1000 أوقية

بطاقات انتساب لإحدى الجمعيات العاملة فى مجال محاربة السيدا وقد سلمت للسكان وهم ينتظرون أن يتسلموا مقابلها مساعدات غذائية بعد أن سلبت من كل واحد منهم مبلغ 1000 أوقية

وعن الأمور الضرورية التى يحتاجها الحي الفقير يقول سالم "أهم حاجة نطلبها من السلطات هي مساحة لبناء مصلى أو مسجد نقيم فيه الفريضة ،ثم خزان ماء،وتعبيد الطريق ولو بشكل بدائي يجعل الوصول إلينا ممكنا وخصوصا في الحالات الخطرة ،كالتنقل ليلا أو لنقل المرضى والصغار أيام السنة الدراسية ".. ثم يمسك ذقنه ويفكر طويلا ثم يضيف " وأي شيء لا نحتاج ونحن يا ولدى لا يوجد في الحي ولا متجر واحد ".
يرفض "سالم" ومعه نساء القرية "القروض المشروطة" أو تقديم طلب للجهات المعنية من أجل إنشاء تعاونية ويضيف "ما الذي ستستفيده فقيرة كهذه من تعاونية ستكون فيها مجبرة على أمرين (جوع الأبناء في انتظار الحصاد أو أكل المال العام والعياذ بالله !!).
أما المساعدات المباشرة فهي حلم طالما راود سكان "حي سالم" لكنهم لم يحصدوا سوى وعود المنظمات غير الحكومية كجمعية "التنمية الاجتماعية ومحاربة السيدا" التى استصدرت لهم بطاقات عضوية بمبلغ 1000 أوقية عن كل شخص مقابل وعود بالمساعدات قال إنها ضلت الطريق في ظل عالم همه الوحيد التحايل على الضعفاء.




Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!