التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:00:31 غرينتش


تاريخ الإضافة : 15.07.2008 00:09:14

دبلوماسي سوداني للأخبار: السودان ماض في مسيرة التنمية

اتهام الرئيس السودانى عمر البشير أعاد إلى الأذهان قصة استهداف الرؤساء العرب المقاومين للتدخل الغربى فى بلدانهم

اتهام الرئيس السودانى عمر البشير أعاد إلى الأذهان قصة استهداف الرؤساء العرب المقاومين للتدخل الغربى فى بلدانهم

انتقد القائم بالأعمال في السفارة السودانية بنواكشوط الهجوم السياسي الذي يتعرض له السودان على يد القوى الغربية ،مؤكدا أن الخرطوم تفهم الرسالة التى أراد الغرب إرسالها عن طريق الدفع باتجاه استصدار مذكرة توقيف دولية بحق الرئيس البشير لكنه أكد أن السودان قرر أخذ زمام قراره ولن يتراجع تحت الضغوط.
وقال القائم بالأعمال في السفارة السودانية بنواكشوط السيد أحمد التيجاني سوار للأخبار إن القرار لن يؤثر على مسار التنمية في السودان ولا على جهود الحكومة لنشر العدالة داخل ربوع الوطن أو المسار الديمقراطي الذي توجه الفريق عمر البشير بتوقيع قانون الانتخابات عشية إعلان موقف الجنائية من أزمة دارفور.

الأخبار: كيف تلقيتم خبر مطالبة المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية باعتقال الرئيس عمر حسن البشير؟.
أحمد التيجاني سوار: الخبر بالنسبة لنا لم يكن مستغربا لأن تسلسل الأحداث والمؤامرة كان واضحا، ولابد من إعطاء خلفية عن مشكل دارفور الذي قاد إلى هذا التعقيد، فمشكلة دارفور هي نتاج لمجموع من القضايا والأسباب المتعددة ومن بينها الأسباب البيئية فعندما بدأ التصحر والجفاف يضرب السودان في بداية الثمانينات ظهر مستوى من النزاع بين القبائل الرعوية والقبائل التي تستخدم الزراعة، فكانت هذه الاحتكاكات تعالج في إطار ما يسمى بالإدارة الأهلية والحل الودي، لكن ما لبثت هذه القضايا أن تطورت إلى قضايا سياسية أسهمت فيها عوامل كثيرة متعلقة بشح الموارد والتداخل القبلي الكبير الموجود بيننا وبين دول الجوار وانتشار السلاح في منطقة دول الجوار، لاسيما في دولة اتشاد التي مرت بحروب عديدة أسهمت في انتشار السلاح في المنطقة، كما أن الأمور هنالك تزداد تأزما وتفاقما وبعد ذلك كان الظل الإداري كان قصيرا ومركزيا ولم تكن الحكومة تبسط سيطرتها في كل أطراف السودان، وأصبحت بعض القبائل تتقوى بالسلاح، والقوى الغربية كان لها هي الأخرى دور واضح في هذا التعقيد خصوصا بعد ما أصبح السودان مستقلا بقراره السياسي والاقتصادي في إنتاجه للبترول، فحاولت أن تختطف هذه القضية لمصالحها الخاصة، وأن تدفع ببعض أبناء البلد في أتون هذه الحرب، وأن تسلط الآلة الإعلامية بشكل كبير جدا، وأن تدخل بعض المنظمات المشبوهة، وأن تأجج هذا الصراع وتنقله من المحلية إلى العالمية، فنحن إذا نظرنا إلى الصراع الذي جرى في جنوب السودان والذي امتد من سنة 1955 إلى سنة 2005 تاريخ توقيع اتفاقية السلام؛ نجد أن عمر الصراع في دارفور لم يتجاوز لحد الآن خمس سنوات فقد اندلع هذا الصراع في سنة 2003، نحن إذا نجد أن الدور الإقليمي والدولي له تأثير واضح في أبعاد هذا الصراع وتأجيجه، فنحن نجد أن الحركات التي كانت تطالب بمسألة العدالة في الثروة والسلطة، انقلبت في مطالبها إلى قضايا...، وتذكرون المحاولة التي قامت بها بعض تلك الحركات سعيا إلى نقل المشكل من دارفور إلى المركز في الخرطوم، وبالتالي تتذكرون المحاولة التي قامت بها حركة العدالة والمساواة من أجل تغيير موازين القوى والتأكيد على أن المسألة ليست متعلقة بالثروة والعدالة، وإنما بالحكم وبتنفيذ بعض الأجندة الخارجية، وفي هذا السياق كان هناك عمل كبير من بعض المنظمات التي تدعي العمل الإنساني بأن الأوضاع الإنسانية والأمنية في دارفور تقف وراءها جماعات "الجنجويد" وهذا الأمر أدى إلى استصدار عدد كبير من القرارات المتعلقة بهذا الملف، أما الآن فقد انتقل الحديث إلى ما يسمى بالإبادة الجماعية الذي اتخذه المدعي العام في المحكمة الجنائية منطلقا له، رغم أن الحكومة بذلت جهدا كبيرا في معالجة الأوضاع الإنسانية والأمنية وإقامة مصالحات بين القبائل، وتوقيع اتفاقية سلام مع أكبر حركات التمرد وهي "ٍٍحركة تحرير السودان" بقيادة مني أركو مناوي، وقد زار السودان آنذاك عدد كبير من المسؤولين الدوليين وأنكروا وجود ما يشاع من إبادة جماعية أو تصفية عرقية، وعلى رأس هؤلاء وزير خارجية أمريكا كولن باول الذي لم يستطع إثبات وجود تصفية عرقية أو إبادة جماعية، صحيح أنه كانت توجد أوضاع إنسانية وأمنية خاصة، لكن لا وجود مطلقا للإبادة أو التصفية العرقية، لكن المدعي العام اختار أن يمضي في هذا الطريق بدوافع سياسية واضحة جدا، واختار قبل ذلك أن يستصدر مذكرة اتهام وتوقيف لمواجهة وزير الدولة في الداخلية آنذاك السيد أحمد هارون وزير الشؤون الإنسانية اليوم، إضافة إلى أحد الضباط يسمى علي كوشيه، وظل يلوح بأنه سيرفع هذه القائمة ويتهم قيادات حتى وصل اليوم إلى اتهام الرئيس عمر حسن أحمد البشير بأنه هو المسؤول عن الإبادة الجماعية والتصفية العرقية، وغيرها من الدعاوي التي نعتقد أنها لم تكن أبدا على المستوى المذكور في لائحة الاتهام، لذلك نحن لم نتفاجأ، وإنما نعتقد أن هذا السيناريو مرسوم ومخطط ويراد به إخضاع السودان وتطويعه، وإدخاله في المنظومة الدولية المتعلقة برهن السياسة والإدارة الوطنية، وهذا ما لا يريده السودان لأنه يملك قراره السياسي وموارده، وقد فجر طاقاته وأصبح دولة مهمة لها مستقبل كبير، فآخر قرار صادر عن البنك الدولي والمؤسسات الاقتصادية يثبت أن السودان أصبح الآن ثامن دولة من حيث النمو الاقتصادي، وبالتالي فإن جوهر المشكل ولبه هو امتلاك السودان لقراره السياسي وإرادته واستقلال مواقفه.

الأخبار : أي رسالة أراد الغرب أن يوجهها إلى السودان؟

أحمد التيجاني سوار: قبل صدور القرار طالعنا الناطق الرسمي باسم الخارجية الأمريكية وأعطى القرار بأن المدعي العام سيصدر قرارا باتهام قيادات كبيرة في السودان بالقيام بإبادات جماعية، فالغرب إذا كما أسلفت يريد للسودان أن لا يخرج من بيت الطاعة وأن يظل في إطار المعونات، وأن يظل في إطار السيادة المنقوصة، وأن يظل رهينا لإشارات الغرب، وأن لا يمتلك حرية القرار ولا القدرة على إنتاج الغذاء، ولا إمكانية تفجير طاقاته وموارده، وهذه بالتالي هي الرسالة التي أراد الغرب توصيلها إلينا، ونحن لدينا من المرونة والحكمة لأن نتعامل مع هذا الملف، ونحن جزء لا يتجزأ من المجتمع الدولي والمنظومة الدولية، ونحن نتعاون مع الجميع، لكننا لا نقبل في أن تنتهك سيادتنا ولا أن تنزع إرادتنا في أن ننهض بثروات بلادنا، وبالتالي فإن رسالة الغرب في هذا الإطار لا جدوائية لها باعتبار أن السودان يعمل في إطار نهضة البلاد، ولا يعمل في إطار خارج هذا؟

الأخبار: ما هو الموقف الذي ينتظره السودان من الأفارقة والعرب والمسلمين؟

أحمد التيجاني سوار: السودان جزء لا يتجزأ من محيطه العربي والإسلامي والإفريقي، ونحن نقدر تماما من الاتحاد الإفريقي مواقفه القوية التي عبر فيها عن رفضه لدعوي محكمة العدل الجنائية، وإدراكه لمخاطر هذه الدعاوي، والآن تتداعى جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب إلى دعم السودان في مواقفه العامة، وقد تلقى السودان العديد من الاتصالات على مستوى رؤساء الدول الصديقة والشقيقة تستنكر هذه الدعوى، ونعتقد أن السودان لم يكن عضوا ولا موقعا على اتفاقية روما ولا محكمة العدل الجنائية، وبالتالي هو ليس معنيا بذلك الأمر، والسودان أيضا دولة ذات سيادة والرئيس يمارس صلاحياته وله الحصانة الكاملة، وهذه بالتالي أول سابقة في التاريخ الحديث يتهم فيها رئيس دولة كاملة السيادة مثل هذه الاتهامات غير الحقيقة وغير ذات جدوى، والموضوع في جوهره موضوع سياسي يسعى إلى تركيع السودان وإخضاعه للإرادة الدولية التي تظهر بجلاء اختلال ميزان القوى، حيث تطبق العديد من القرارات على بعض الدول بينما تستثنى منها دول أخرى، والولايات المتحدة نفسها لم تكن موقعة على محكمة العدل ولها الكثير من الانتهاكات في العراق وغيره، ومع ذلك لا تطالها هذه المحكمة فالمسالة سياسية في الأساس وهي واضحة لكل أحد.

الأخبار: تأتي هذه التصريحات بعد إقرار قانون الانتخابات من طرف البرلمان السوداني، هل تعتقدون أن في الأمر تشويشا على هذا القانون؟

أحمد التيجاني سوار: توقيت القرار له مغزاه، فقد جاء بعد أن أجاز البرلمان قانون الانتخابات الذي يؤسس لديمقراطية كاملة وللتداول السلمي على السلطة، وفي ذات اليوم الذي صدر فيه القرار سيوقع رئيس الجمهورية على قانون الانتخابات، وكما ذكر رئيس الجمهورية فإننا سنقابل هذا القرار بمزيد من التنمية ومزيد من الإصرار على المضي في خط النهوض بالبلد وتنمية المسار الديمقراطي وتعزيز المصالحة الوطنية، ونحن نعتقد أنها هي صمام الأمان ونهضة البلاد، وندرك أن المجتمع الدولي فيه الكثير من الأصوات العاقلة التي ستستجيب لنداء العقل وتعمل على مراجعة هذا القرار الجائر الذي لايستند إلى أي مرجعية قانونية ولا واقعية، لدرجة أن المدعي العام نفسه لم يزر السودان ولم يطلع على الأوضاع.
سبق أن زارت لجنة أمريكية السودان واطلعت على نظم القضاء في السودان، واطلعت على أن القضاء السوداني مؤهل لمحاكمة كل من يتهم بانتهاك حقوق الإنسان، وقد سبق للنظام العدلي والقضائي في السودان أن قدم محاكمات في هذا السياق، وأصدر أحكاما إلى حد أن أعدم بعض المتهمين في هذه الانتهاكات، ولكن القضايا السياسية والإعلامية تهدف إلى إضعاف السودان وإخضاعه وتشويه صورته وتقديمه على أنه بلد ضعيف وغير متماسك وهذا غير صحيح، ففي الحين الذي يواجه فيه العالم كله مشكل الغذاء، يعلم الجميع أن السودان بموارده المائية وأراضيه الخصبة هو الحل الوحيد لمشكل الغذاء العالمي، وأن السودان يمكن أن يسهم في تخفيض أسعار الطاقة وأنه يملك من الموارد الكثير الذي يمكن أن يسهم في إسعاد البشرية ونهضتها، وهذه كلها هي الرد المباشر على مثل هذه الدعاوي.

الأخبار: كيف تقومون التعاطي الموريتاني الرسمي والشعبي مع القرار؟

لاحظنا وجود مستوى كبير من السخط على هذا القرار على المستوى الرسمي وعلى مستوى الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني في موريتانيا، وقد تلقينا العديد من البيانات التي صدرت عن بعض القوى السياسية والعمالية مثل الاتحاد العام للعمال الموريتانيين وبعض الأحزاب وبعض مشايخ الطرق الصوفية والمرجعيات، ونعتقد أن موريتانيا أيضا ستشارك في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي سيعقد السبت المقبل في القاهرة، وبالتالي الموقف الموريتاني هو موقف مشرف، ونحن مطمئنون إلى أن ذلك الموقف سيكون دائما في المقدمة، ونحن وموريتانيا نجد بيننا من أوجه التشابه والتلاقي الكثير، فنحن وموريتانيا مجبولون على الحرية وقيم التدين، فما بالك حين يتهم شعب بهذا المواصفات بانتهاك حقوق الإنسان أو الإبادة الجماعية، أو بتهم تتعلق بالاغتصاب الذي يحرمه ديننا وشريعتنا ويعتبر أبعد من تصوراتنا، وبالتالي الموقف الموريتاني داعم ومساند وقد عبر الكثير من فعاليات المجتمع الموريتاني عن هذا الموقف، وقد نشهد في الأيام القابلة الكثير من هذه المواقف قد تكون تظاهرات في الشوارع دعما للشعب السوادني وقد تكون عبر مواقف قانونية، ونحن في السودان سنواجه هذه المسألة بمختلف الوسائل الدبلوماسية والقانونية لنؤكد للعالم أننا شعب محب للسلام وأننا أولى بأبنائنا من غيرنا، وأننا تحكمنا قيم الدين والأخلاق والأعراف، وهذه المحنة التي يخوضها السودان ستسهم في تعزيز الوحدة الداخلية وفي تسريع حل هذا المشكلة المزمنة، و نلفت النظر إلى أن إقليم دارفور جميع أبنائه مسلمون ومن أتباع الطريقة التيجانية، وهم من أكثر الناس تقاربا وتماسكا والمستقبل بإذن الله سيعزز الوحدة الداخلية، وسيفضي إلى السلام بإذن الله في دارفور وفي كل السودان بإذن الله.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!